خواطر تونسي يحب الحياة البسيطة
من يوقف المد الوهابي؟

محمد البرقاوي في الأربعاء ٢٤ - ديسمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

بسم الله الرحمان الرحيم.

 
السلام عليكم.

صحيح أنني في تسعينيات القرن الماضي كنت طفلا صغيرا بالكاد تجاوزت خمسة عشر سنة و لكنني كنت وقتها أميز قليلا بين الحق و الباطل حسب قدراتي على الفهم وقتها. عندما كنت صغيرا لم يكن المجتمع الذي أعيش فيه مواظبا كثيرا على الصلاة، كما كان يصوم رمضان و يذبح أضحية العيد كعادتين إجتماعيتين أكثر من كونها عبادتين و لكن كان ذلك المجتمع متسامحا جدا و لم يكن يعرف التعصب و لم أسمع وقتها بأن هنالك فكرا تكفيريا ي&l; يبحث في ضمائر الناس و يفرق بين المفكر و زوجه. ما حدث الآن أصبح مختلفا كثيرا عن السابق، حيث أصبح الكثير و الكثير من المجتمع التونسي خاصة و المجتمع العربي عامة يملك تلفازا و جهاز استقبال رقمي جعل العالم كله مجموعة قنوات فضائية متسلسلة و بدأت القنوات الإسلامية في تزايد و كلما تزايدت القنوات الإسلامية زاد الأمل في إحداث نهضة إسلامية بريئة، و لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن. استطاعت القنوات الإسلامية أن تجعل عدد المصلين يتزايد في المساجد و أصبحت النساء محجبات و تضخمت اللحى و قصرت الجلابيب و لكن نفس القنوات قضت على فكرة التسامح و أصبح أساس العلاقات بين الناس يقوم على التكفير و التخوين و إذا دخل الواحد منا أي ساحة حوار ديني أو دنيوي عليه أن لا ينسى أن يقسم بأنه مسلم حتى لا يتهم بالكفر و عليه أن يحلف بجميع أنواع الأيمان و الأولياء الصالحين و الطالحين أنه وطني للنخاع حتى لا يكون عميلا أو جاسوسا للموساد الإسرائيلي. لم أعد أرى نفس الإبتسامة البريئة على وجوه الناس الذين عشت معهم سابقا لأن الإبتسامة حرام و الضحك يقتل القلب. صار البعض يسبح و يستغفر و يستعمل السواك و المسبحة و لكنه أصبح قاسي القلب و يجافي غيره. هل من الإسلام اليوم أن نطبق الشريعة الوهابية المتوحشة الداعية للحقد و قتل غير المسلمين بدعوى أنهم وثنيون و ليس لهم الحق أن يعيشوا، و هل الحياة و الموت بيد الله تعالى أم بيد الإرهابيين؟ هل من التدين الشديد أن تصلني عديد الرسائل و التحذيرات من أن أتمنى عيدا سعيدا لجميع المسيحيين بدعوى أنهم كفار و عليّ أيضا أن لا آكل طعامهم الذي أحله الله تعالى لي و لكن الشيخ كتكوت يحرمه علينا جميعا؟ و أي إنصاف أن يتمنى لي المسيحي الخير و البركة في أعيادي و أكافئه بالهجر و القسوة؟ و بالعودة لبلادي تونس، أصبح معظم الناس يدعون للنكد و أن من ينسى ذكر حركة حماس في نفس من أنفاسه هو إنسان سافل و ناقص دين و أصبحت حماس معلوما من الدين بالضرورة و لها الحق أن تهلك مواطني غزة بغطرستها حتى تبقى وحدها على عرش السلطة. في بلادي تسعى السلطة لترسيخ ثقافة التسامح و نبذ العنف و يسعى المسلمون لتطبيق شريعة بني عبد الوهاب. في بلادي بدأت بذرة التطرف تمد جذورها و أخشى ما أخشى أن تشتد تلك الجذور فتكبر تلك البذرة أكبر و أكبر حتى تتحول إلى غرس شيطاني مخيف يقضي على أبسط أسس العيش المسالم. في بلادي أصبحت جميع محاولات الإصلاح الديني مروقا عن الدين و أنه لا دين إلا دين البخاري و الفقهاء الأربعة و كل من خالفهم وقع في شرك البدعة و ما أدراك ما البدعة، فالبدعة هي التفكير و الأصل هو التقليد. و في بلادي لا أنكر أن الله تعالى من علينا بنعمة الأمن و السلام بشهادة أكثر من زارونا و في بلادي سأدعو ربي أن يستفيق الناس من غفوتهم و يعودوا إلى رشدهم و يعلموا أن دين الله تعالى ليس أفعالا معينة و حركات خاصة و لكن الدين هو شأن خاص بين العبد و ربه و أن الدنيا دنيا الجميع و أنه في الآخرة سيفصل الله تعالى بعدله و علمه بين الكافر و المؤمن.

اجمالي القراءات 16088