التبرئة".. الظواهري يرد على مراجعات الجهاد

Brahim إبراهيم Daddi دادي في الخميس ١١ - ديسمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

عزمت بسم الله.

 

أنقل إليكم أعزائي القراء هذا المقال الذي كتبه عبد المنعم منيب في الموقع أدناه، لنناقش ما يخططه الظواهري وغيره ممن يُحسبون على الإسلام، والإسلام من أعمالهم براء، فهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، لكن في نظر أولي الألباب هم ممن يفسدون في الأرض ولا يصلحون، لأن الله تعالى لم يجعل خليفة في الأرض ليحßOuml; ليحكم على عباده وخلقه ممن آمن بالله منهم أو كفر به، إنما جعل الله الخليفة في الأرض ليعمرها ويصلح فيها. يقول سبحانه: ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ(55).آل عمران. أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ(20).لقمان.

 

http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1203758162991&pagename=Zone-Arabic-Daawa%2FDWALayout

 

"التبرئة".. الظواهري يرد على مراجعات الجهاد

 

عبدالمنعم منيب

  

غلاف كتاب "التبرئة" 

منذ أيام قليلة نشرت مواقع منظمة القاعدة عبر شبكة الإنترنت كتابا للدكتور أيمن الظواهري يحمل عنوان "التبرئة.. تبرئة أمة القلم والسيف من منقصة تهمة الخور والضعف"، يرد فيه على "وثيقة ترشيد العمل الجهادي" للدكتور سيد إمام، التي أصدرها من داخل سجنه، والتي رأى الخبراء أنها خطوة إيجابية في طريق مراجعات الإسلاميين.

 

من الواضح أن كتاب "التبرئة" كتب بعناية، وتضمن تعميقًا فقهيًّا لردوده على وثيقة سيد إمام وأخذ جهدًا بحثيًّا منظمًا، وقد يستغرب البعض هذا من رجل هارب يهيم في الجبال، لكن هذا يشير إلى صدق ما أفادته المصادر من أن الظواهري يعيش في هروبه عيشة أقرب ما تكون إلى الاستقرار، وليس فيها عناء الهروب الذي يظنه الكثيرون حتى أنه تزوج بعد مقتل زوجته الأولى في إحدى الغارات كما زوج بناته.

 

ولكن حتى لو كان الأمر هكذا فهل يملك الظواهري القدرة البحثية التي تؤهله لكتابة بحث فيه مثل هذه الكثافة من المادة العلمية، وتوثيق هذه المادة من مصادرها الأصلية بشكل أكاديمي منظم؟؟.

 

الماضي يشير إلى أن الظواهري يجيد مثل هذا الأسلوب البحثي، ولا سيما أن القضايا التي تعرض للكلام فيها هي قضايا تمس لب الفكر الذي ظل أيمن الظواهري يتعلمه ويعلمه منذ أكثر من أربعين عاما، فالمفترض أن كل هذه السنوات تجعله حافظا لهذه القضايا عن ظهر قلب، كما أن أقوال العلماء المتعلقة بها لا شك أنه قرأها، وردد النظر فيها مئات المرات طوال هذه السنوات، وإن كان هذا لا يمنع أن تكون لجنة البحوث الشرعية بالقاعدة قد ساعدته بجمع المادة العلمية أو ترتيبها، لكن لا شك عندي أن هذا الأسلوب الذي كتب به الكتاب هو أسلوب الظواهري الشخصي.

 

ضرب الصحوة الجهادية

 

الدكتور إمام قبل وبعد وثيقة ترشيد الجهاد

 

في مقدمة كتاب "التبرئة"، الذي نشره مركز الفجر للإعلام التابع لتنظيم القاعدة عبر شبكة الإنترنت، يقول الظواهري عن وثيقة الدكتور إمام: "الوثيقة تدعو لعدم الاعتراض على الظلم، وعدم الانشغال بالهم العام ولا بأمور المسلمين، وتحل الوثيقة مشكلة أسير اكتفى بما قدم، أو ندم عليه، ويريد أن ينصرف للنظر في شأنه الخاص، وهذا هو موقف كاتبها من قرابة أربعة عشر عاماً، ولكنها لا تحل مشكلة مجتمع ولا شعب ولا أمة".

يرى الظواهري أن وثيقة الترشيد "خرجت في محاولة يائسة للتصدي للصحوة الجهادية وواضح أن الهدف من الرسالة هو كف جهاد المسلمين ومقاومتهم للصليبيين واليهود وأجهزة الحكم العميلة في بلادنا، سواء باليد أو اللسان".

 

لا يفوت الظواهري أن يربط هذا كله بأوضاع المنطقة العربية السياسية، ويحصر الظواهري المستفيدين من هذه الوثيقة في "أمريكا"، ويدعو القارئ للبحث عما سماه "بالعامل الأمريكي في التراجعات".

 

مؤكدًا أنها جاءت بالأساس لصالح الحكام، وليس لصالح شعوب الأمة الإسلامية ضاربا المثل بمصر فيقول "هل هناك أمل في التغيير السلمي في مصر؟ بل هل هناك أمل في مجرد التظاهر السلمي في مصر؟. هل الوضع في مصر يتحسن أم يتدهور؟".

 

وفي هذا الإطار يقدح الظواهري في المواقف الشخصية لسيد إمام فيقول "أما كاتب هذه الوثيقة فقد أعلن عن تراجعه في كتابه (الجامع) منذ عام 1994، وانصرف لحياته الخاصة باسمه الحقيقي في اليمن في تعايش غريب مع أجهزة أمنها، ثم بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 اعتقلته السلطات اليمنية بأوامر أمريكية، ورحل لمصر، وتصور الأمريكان أنه قد يكون مفيداً في حملتهم الصليبية الجديدة"، التي هي بالطبع ضد العالم الإسلامي.

 

يخصص صاحب "التبرئة" بابا لملاحظات عامة على مجمل الوثيقة، وفي الفصل التالي يرد على رمي سيد إمام الجهاديين بالجهل فيورد أسماء عدد كبير من العلماء المعاصرين الذين أيدوا بفتواهم المعاصرة أراء التيار الجهادي أو جوانب منه.

 

وفي الفصل الرابع يرد على قول سيد إمام بسقوط الجهاد لعدم القدرة: يقول الظواهري إن الذي يحدد القدرة من عدمها المجاهدون ذوي الخبرة وليس سيد إمام الذي اعترف بتركه الجهاد منذ أكثر من 15 عاما". كما ينتقد الظواهري إغفال سيد لفريضة الإعداد للجهاد في حالة عدم القدرة الحقيقية.

 

وأثناء ذلك كله يدندن الظواهري من حين إلى آخر حول فكرة المؤامرة بشأن الوثيقة فيقول "سلطك الجلادون على ضحاياهم المعتقلين من سنين، بعد أن نكلوا بهم وعذبوهم واعتدوا على حرماتهم، فجاءوا بك لتوبخهم وتقرعهم؛ أنتم أخطأتم، أنتم انحرفتم أنتم ضللتم... ثم تبتسم في وجوه الجلادين، فيكافئونك بشيء من فتات الدنيا، حسبنا الله ونعم الوكيل".

 

ويأتي الفصل الخامس الذي يفرده الظواهري للتوسع في ذكر آراء علماء وأدلتهم في أن موانع الجهاد التي ساقها سيد إمام إنما تعتبر فقط عندما يكون الجهاد فرض كفاية أما عندما يكون فرض عين فلا اعتبار لهذه الموانع. وفي الفصل السادس يرد الظواهري على شروط الجهاد والتغيير (خاصة في مصر) التي اشترطها سيد في وثيقة الترشيد.

 

أما الفصل الخامس عشر والذي يكاد يكون أطول الفصول ففيه يرد على اتهام الوثيقة لأسامة بن لادن بأنه خان بيعته للملا محمد عمر. والفصل الثامن عشر يتكلم تفصيلا عن عمليات جماعة الجهاد المصرية وأبعادها المختلفة وما شابها من خطأ أو صواب وإنجازات وإخفاقات حسب رأي الظواهري.

 

وينهي الظواهري كتابه بالفصل التاسع عشر، حيث يفجر مفاجأة غريبة بقوله: "ذكر كاتب الوثيقة قصة سيدنا عبد الله بن حذافة السهمي -رضي الله عنه- مع ملك الروم وأنه قبل رأسه، فأطلقه الملك بهذه القبلة مع ثمانين من أسرى المسلمين".

 

فهل يريد كاتب الوثيقة من إيراده لهذه القصة أن يرسل رسالة ما؟ هل يريد أن يقول إني لا أعبر عن حقيقة ما في قلبي؟ وإن كل همي هو تخليص أكبر عدد من الأسرى، حتى وإن ظهر مني تعظيم لأكابر المجرمين واحترام لهم، وإرضاؤهم ببعض ما يريدون، وبالتالي فلا تأخذوا كل ما في وثيقتي على محمل الجد". ثم يقول "هل يمكن أن يكون هذا التفسير صحيحاً أم هو ضرب من الخيال المحض؟".

 

المخابرات الأمريكية والأمن المصري

 

الظواهري

 

أما من حيث أفكار الكتاب فالكتاب لم يأت بجديد بشأن الفكر الجهادي، فهو قد أشار في عدة مواضع لعدم وجود مانع من مراجعة الفكر الجهادي وترشيده ولكن بصدق وليس بدوافع من المخابرات الأمريكية ومباحث أمن الدولة المصرية، لكنه مع هذا لم يراجع فكر الجهاد، ولم ينقده في شيء بل برر كل شيء حتى دون أن يقيد بعض الاطلاقات في المفردات التي أصبحت تقليدية وجامدة في هذا الفكر.

وعلى سبيل المثال لا الحصر فالظواهري برغم تأكيده على دور الجماهير المسلمة في تغيير الأنظمة الحاكمة وبرغم جعل هذه الفكرة هي التبرير السياسي الوحيد لاستهداف إسرائيل وأمريكا فإنه مع ذلك ظل مصرًّا على ترجيح الرأي الذي يبرر قتل المسلمين وغيرهم من الأبرياء أثناء العمليات المسلحة ما دام هذا القتل جاء عرضا أو لضرورة العملية الجهادية، وهنا يبرز التناقض الفكري عند الجهاديين عامة؛ إذ كيف تهدف لكسب تأييد الجماهير وأنت تقتلهم كل يوم في الشارع بلا مبرر؟؟.

 

لا نلاحظ أي إبداع أو تفكير جديد أو تطوير في الفكر الفقهي والسياسي عند الظواهري رمز القاعدة ورمز كافة الجهاديين في العالم في كتابه الأخير فهو مجرد دفاع عن قلاعهم الفكرية التقليدية.

 

الواقع فإن الجمود ليس هو الحل لا للقاعدة ولأي تيار جهادي؛ لأن الأحداث تتسارع ضدهم وتفرض عليهم استحقاقات سياسية وفقهية عديدة تتطلب اجتهادا وتفاعلا مرنا كي يتم الوفاء بها.

 

من هذه الاستحقاقات قضية أسراهم الذين تعج بهم سجون العالم خاصة أمريكا فهم لم يقوموا بأي عمل ولم يقدموا أي تصور متكامل بشأن حل هذه المشكلة لا على مستوى إطلاقهم من السجون، ولا على مستوى تحسين أوضاعهم فيها ورفع التعذيب عنهم أو رعاية أسرهم اقتصاديا واجتماعيا ولا على مستوى مساندتهم قانونيا وحقوقيا، هذا برغم أن الظواهري خصص لهم قدرا لا بأس به من صفحات كتابه أبرز فيه معاناة المعتقلين المتعددة هم وأسرهم.

 

وأيضا قضية علاقة القاعدة بالجماهير ما زالت من أكبر الاستحقاقات التي لم تلتفت لها القاعدة ومعظم الجهاديين في العالم وتجاربهم في أفغانستان والعراق والجزائر تنطق بإخفاقهم القاتل ليس فقط في كسب ولاء وتعاطف الجماهير بل أيضا في مجرد التعامل معهم تعاملا يتناسب مع حجم حاجة الجهاديين للجماهير، ولم يقدم الظواهري أو أي من قادة الجهاديين أي مراجعة أو تقييم لسلوك المنظمات والأفراد التابعين لهم إزاء الجماهير كما لم يطرحوا حلا لمشكلة النفور الجماهيري المتزايد تجاه القاعدة في العديد من الأقطار التي كانت معقلا من معاقل القاعدة كمصر والسعودية والجزائر والعراق وغيرها.

 

وفي سياق أخر متصل نلاحظ عدم استجابة الظواهري في كتابه لتحدٍّ هام جدا تواجهه القاعدة وهو موقفها المتشدد والمتناقض من الحركات الإسلامية الأخرى، ونلاحظ التشدد في هجومها المستمر على حماس والإخوان المسلمين وكل من يسعى لإحداث التغيير الإسلامي عبر الأساليب السلمية، برغم أنه لا دليل شرعي ولا تفكير سياسي سليم يدعو لمثل هذا الهجوم أو التشدد أو نفي هذا الأسلوب السلمي في العمل الإسلامي، أما التناقض فنلاحظه في هذا الكتاب عندما نلحظ تعاطفه مع كتائب القسام وهجومه على سيد إمام بسبب تكفيره لمن يدخلون الانتخابات أو ينتخبون من أبناء الحركات الإسلامية، ويعلق على ذلك بقوله "ويتجاهل نيتهم الحسنة"، وهنا لا يقال للظواهري اعمل بما تطالب به سيد إمام، ولا تتجاهل النية الحسنة للإخوان وحماس ولكن لا بد أن يعي إن كان في حرب شرسة حقيقية مع أعداء الإسلام كما يقول أن أي حرب تحتاج الائتلاف لا التفرق والتناحر.

 

وبرغم أن الظواهري يفصل كثيرا بشأن واقع مشكلات الأمة الإسلامية فإنه عند الحديث عن كيفية التعامل مع هذه المشكلات نجده يتكلم كلاما مجملا لا تفصيل فيه، فضلا عما به من تبسيط من حيث القول بأن قتال الأمريكيين واليهود سيؤدي للإطاحة بالأنظمة الحاكمة في العالم الإسلامي.

 

وفي كتاب الظواهري الأخير نلاحظ استمرار النغمة السائدة لدى القاعدة وهي التباهي بالانتصارات وعدم الإشارة لأي من أخطاء القاعدة أو إخفاقاتها، فضلا عن أن يقيّمها تقييما سليما ومتوازنا، فإلى متى يتكلم الظواهري في السياسة دون أن يمارسها؟.

 

أنتهى المقال، فما رأيكم زاد فضلكم؟

اجمالي القراءات 18439