سر العداء التاريخي بين بن سلمان وأبناء الملك عبدالله

في الثلاثاء ٠٦ - نوفمبر - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

لماذا ركزت حملت اعتقالات فندق ريتز كارلتون – الرياض العام الماضي بشكل واضح على أبناء الملك "عبدالله"؟

قدمت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية إجابة على السؤال، في تقرير نشرته، الإثنين، بمناسبة مرور عام على الحملة التي شنها ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" تحت شعار مكافحة الفساد، وأكد معارضوه من داخل الأسرة السعودية المالكة أنها لم تكن سوى أداة لترسيخ سلطته منفردا عبر نزع كامل السلطة عن باقي الفروع غير السلمانية بالأسرة.

وفي هذا الإطار، أوضحت الصحيفة أن العلاقة بين "بن سلمان" وبين الملك السعودي الراحل "عبدالله بن عبدالعزيز" شهدت توترا وصل إلى حد إصدار الملك قرارا بمنع "نجل ولي العهد آنذاك" من دخول وزارة الدفاع.

وتعود الواقعة إلى استياء الملك "عبدالله" من ولي عهده (الملك الحالي) "سلمان بن عبدالعزيز"، بسبب توجهه نحو تقليد ابنه "محمد" مناصب حساسة في المملكة، رغم صغر سنه، وقلة خبرته.  

وكان "سلمان بن عبدالعزيز" قد بدأ بتهيئة ابنه للعب أداور كبيرة منذ أن كان أميراً على منطقة الرياض، حيث عينه "مستشارا" وهو لا يزال في العشرينات من عمره.

ونقلت الصحيفة الأمريكية عن مصدر دبلوماسي غربي سابق أن الملك الراحل "عبدالله" قام بتشكيل محكمة ملكية للنظر في قيام "بن سلمان" باستثمارات كبيرة في سوق الأسهم، ما أفضى إلى إدانة "بن سلمان" وتوجيه اللوم له.

وأضاف المصدر أن حالة من الغضب الشديد أصابت الملك الراحل لاحقا بعدما علم بفصل "بن سلمان" لعدد كبير من الضباط في وزارة الدفاع، باعتباره مستشارا أعلى لوزيرها، ليصدر أمره بمنع نجل ولي العهد من دخول الوزارة.

اعتقالات الريتز 

ولما رحل الملك "عبدالله" وصعد "بن سلمان" ليصبح حاكم السعودية الفعلي، جمع منصب "وزير الدفاع" بالعديد من المناصب الأخرى، وطالت موجة اعتقالاته الكبيرة أبناء الملك "عبدالله"، في إطار ما بدا أنه حملة انتقام.

ولايزال 45 شخصاً من هؤلاء رهن الاعتقال بريتزكارلتون بأمر من ولي العهد السعودي، بينهم الأمير "تركي بن عبدالله بن عبدالعزيز"، وهو طيار مقاتل وحاصل على درجة علمية متقدمة في هذا المجال من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا.

كان "تركي" بمثابة الحاكم القوي لمدينة الرياض، ثم المدير التنفيذي لمؤسسة الملك عبدالله، التي تمول أعمالاً خيرية حول العالم، إلى أن اتهمه "بن سلمان" بعقود فساد تتعلق ببناء مترو الرياض.

وبعد مرور عام على الاعتقالات لم توجه سلطات المملكة أي تهمة بشكل رسمي للأمير "تركي" حتى الآن، كما ألقت القبض على مساعده ومدير مكتبه "علي القحطاني"، الذي توفي أثناء الاعتقال في ظروف غامضة، بحسب الصحيفة الأمريكية.

تصفية المنافسين 

وبحسب الصحيفة الأمريكية فإن العديد ممن لهم علاقات بالعائلة السعودية المالكة يرون أن تركيز حملة "بن سلمان" على عائلة "عبدالله" كان جزءا من مساعيه لتهميش منافسيه والاستيلاء على السلطة من جانب، وعلى صندوق مؤسسة الملك عبدالله، الذي يشرف عليه ابنه الأمير "تركي"، من جانب آخر، حيث تقدر قيمته بنحو 20 مليار دولار.

وإلى جانب التوترات العائلية التي تسببت بها حملة اعتقالات الريتز بين أجنحة آل سعود، أكد المؤرخ البريطاني "روبرت لاسي" أن "بن سلمان" قام بعمليات تصفية أخرى ضد عائلات سعودية ثرية، بعضها يعود لمنافسات إقليمية تاريخية لعبت دورا في تلك الاعتقالات.

وأضاف "لاسي": "هذه العائلات هي التي ساعدت عبدالعزيز (مؤسسة السعودية) في توحيد البلاد وبناء الدولة في عشرينات وثلاثينات القرن الماضي، واليوم يعاملون كمجرمين".

وتوقعت "واشنطن بوست" أن تجبر جريمة اغتيال الكاتب الصحفي "جمال خاشقجي" ولي العهد السعودي على الإفراج عن معتقلي الريتز، لاسيما من أبناء العائلة السعودية، أملا في إعادة تلميع صورته.

ويرى المعارض السعودي المقيم في لندن "يحيى عسيري" أن إفراج "بن سلمان" الأخير عن الأمير "خالد بن طلال" يأتي في سياق الضغوط التي يتعرض لها من أجل الإفراج عن المعتقلين في السعودية، سعيا وراء ترميم الشرخ داخل الأسرة الحاكمة.

بينما نقلت الصحيفة الأمريكية عن أحد المقربين من العائلة السعودية أن "بن سلمان" يعتقد أن سطوة المعتقلين تكمن في مالهم، وإذا تم تجريدهم منه فإن ذلك يعني سلب قوتهم، مشيرا إلى أن العديد من معتقلي الريتز وافقوا على تسليم جزء كبير من ثرواتهم مقابل الإفراج عنهم.

اجمالي القراءات 3450