منذ إلقاء القبض عليه في مايو الماضي وهو يقبع بمفرده في ظلام دامس داخل زنزانة "حبس انفرادي" لم تر عينيه نور الشمس إلا قليلا إذا ما تسللت أشعتها عبر نوافز "الزنزانة"، ربما لا يكترث إذا ما رأى نورا قط، لطالما أن عينيه لم تلتق أسرته منذ زمن طال عليه وعليهم منذ أن لبث في السجن قبل 5 أشهر، إلا بضع مرات لدقائق معدودة.
هكذا بات حال الناشط السياسي الدكتور "شادي الغزالي حرب"، أستاذ الجراحة المساعد بكلية طب القاهرة، الذي ينتمي لعائلة الغزالي حرب، المعروفة بتاريخها السياسي، وكانت الشرطة قد ألقت الشرطة القبض عليه لاتهامه بنشر أخبار كاذبة من شأنها التأثير على الأمن القومى للبلاد، والانضمام لجماعة أسست خلافا لأحكام القانون.
تلك الحالة التي يمر بها "شادي" داخل السجن، هو ما نقله محامو المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وسجلوه في دعوى قضائية أقاموها، اليوم، أمام محكمة القضاء الإداري حملت الرقم 511 لسنة 73 قضائية شق عاجل، ضد كل من وزير الداخلية والنائب العام ورئيس قطاع مصلحة السجون، وذلك للمطالبة بإنهاء حالة الحبس الانفرادي للدكتور شادي الغزالي حرب.
تضمنت الدعوى القضائية المطالبة بالسماح لأسرة الناشط السياسي "شادي الغزالي حرب" بالتراسل معه وإدخال الكتب والصحف له على نفقته الخاصة، إضافة لممارسته حقه في التريض وأداء الفرائض الدينية بمسجد السجن.
وقالت الدعوى إنه ما يتعرض له "شادي الغزالي حرب" مخالف للدستور والقانون والعهود والمواثيق الدولية التي صدقت عليها جمهورية مصر العربية، وأن استخدام الحبس الانفرادي بدون أسباب ولمدد مفتوحة هو شكل من أشكال التعذيب.
كانت قوات الأمن ألقت القبض على الناشط السياسي شادي الغزالي حرب، في 15 مايو الماضي، وباشرت نيابة أمن الدولة العليا التحقيقات معه على ذمة القضية رقم 621 لسنة 2018 حصر أمن دولة عليا واتهمته بالانضمام إلي جماعة أسست على خلاف أحكام القانون.
ومنذ إلقاء القبض على "حرب" وهو قيد الحبس الانفرادي في محبسه بسحن القناطر، بحسب المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وكانت النيابة قد جددت له حبس 15 يوما، في 25 سبتمبر الماضي، لاتهامه بنشر أخبار كاذبة من شأنها التأثير على الأمن القومى للبلاد، والانضمام لجماعة أسست خلافا لأحكام القانون الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها.
كما أسندت النيابة إلى المتهمين بهذه القضية ومن بينهم "شادي الغزالي حرب" نشر أخبار كاذبة عن الأوضاع السياسية والاقتصادية بالبلاد بقصد تكدير السلم العام في إطار أهداف جماعة الإخوان الإرهابية، والترويج لأغراض الجماعة التي تستهدف زعزعة الثقة في الدولة المصرية ومؤسساتها.
وشادي الغزالي حرب، هو أحد أبرز نشطاء ثورة 25 يناير، وكان عضوا بحزب الدستور، وهو ابن طارق الغزالي حرب، ومن عائلة "أسامة الغزالي حرب" الذي تولى رئاسة لجنة العفو الرئاسي للإفراج عن الشباب المحبوسين، التي أمر بتشكيلها الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وتخرج "شادي الغزالي حرب" من كلية طب جامعة القاهرة، وحصل على زمالة كلية الجراحين الملكية بلندن ودكتوراه الجراحة من جامعة القاهرة، ويشغل حاليا أستاذ جراجة مساعد بكلية طب القاهرة.
وبحسب عمه "صلاح الغزالي حرب"، في مقال منشور له بجريدة المصري اليوم، فإن "شادي" اهتم مبكرا بالسياسة والشأن العام، متأثرا بالجو العام فى الأسرة، وقد تجلى ذلك فى مشاركته فى الإعداد لثورة 25 يناير، وكان الهدف المعلن وقتها أنه تعبير عن رفض فكرة توريث الحكم.
ويضيف أنه بعد مرور الأحداث وتسلل بعض المُموَّلين من الخارج مع أعضاء جماعة الإرهاب المتأسلمة، والانقضاض على الثورة، حتى تم استرداد البلاد فى 30 يونيو، بعد تدخل القوات المسلحة، عاد «شادى» إلى عمله بقصر العينى، ولكن حماسه للتغيير لم يفتر، واستمر فى التعبير عن رأيه عبر وسائل التواصل الاجتماعى.
ويستطرد :"وهنا بدأت ألاحظ أن بعض الإعلاميين- عمداً أو جهلاً- تعمد الإساءة فى كل مناسبة لكل شباب «25 يناير»، التى اعترف بها الدستور، لأسباب غير مفهومة، مما أدى إلى رد فعل مماثل، فكانت تعليقات «شادى» المتجاوزة أحياناً، والمنفلتة أحياناً أخرى، مدفوعاً بحمية الشباب واندفاعه، وقد اعترضت على ذلك، وحاولت إقناعه بأن الحوار الواعى والرصين هو البديل الصحى، ولكن عناده أدى إلى القبض عليه واحتجازه فى أحد السجون رهن التحقيق، بتهمة إثارة الرأى العام، وكما علمت- مع الأسف- فقد أودع فى السجن الانفرادى".
وناشد صلاح الغزالي حرب الرئيس عبد الفتاح السيسي سرعة الإفراج عن الشباب المتهم فقط بالحماس الزائد والتعبير الخاطئ عن آرائهم، مضيفا :"أرفض تماماً رد الفعل القاسى الذى لا يتناسب مع الخطأ، خاصة ونحن نستقبل مرحلة رئاسية جديدة، أعلن فيها الرئيس فتح صفحة جديدة مع الذين لم تلوث أيديهم بالعنف".