أعاد العمل المسلح الذي أسفر عن مقتل وإصابة العشرات، خلال عرض عسكري للحرس الثوري في منطقة الأحواز الإيرانية، للأذهان سلسلة التفجيرات التي وقعت في الفترة بين 2005 و2006، وأسفرت عن مقتل 28 شخصا و225 جريحا.
وصباح السبت، سقط 24 على الأقل من الحرس الثوري الإيراني ومدنيين، وأصيب أكثر من 60 آخرين، خلال هجوم مسلح، استهدف عرضا عسكريا في منطقة بندر عباس، بإقليم الأحواز (جنوب غربي إيران).
وبدأ إطلاق النار من قبل عدة مسلحين (قتل إثنين منهما وأصيب ثالث واعتقل الرابع) من وراء المنصة أثناء العرض، قبل أن يتهم "الحرس الثوري"، جماعة "الأحواز" المعارضة، بالوقوف وراء الهجوم.
و"الأحواز"، هو إقليم يقع في جنوب غربي إيران، ويقطنه أغلبية عربية، (حوالي 12 مليون عربي وفقًا للتقديرات)، يواجهون صعوبات في الحياة والتعليم ويتهمون النظام الإيراني بممارسة الاضطهاد والتطهير العرقي بحقهم.
واحتلت إيران، إقليم الأحواز في 1925، بسبب غناه بالموارد الطبيعية من النفط والغاز، إذ يضم حوالى 85% من النفط والغاز الإيراني، بالاضافة إلى خصوبة أراضيه التي يصب فيها نهر كارون (35% من المياه في إيران)، وهي المنتج الرئيس لمحاصيل مثل السكر والذرة، وتساهم الموارد المتوافرة في الأحواز بحوالي نصف الناتج القومي الصافي لإيران، وفقاً لـ"معهد العربية للدراسات والتدريب".
في المقابل، يسعي أهالي الأحواز، إلى الاستقلال عن إيران، وإقامة الدولة الأحوازية، حيث أعلنوا رفضهم لحلول سابقة من ضمنها حلا أمريكيا لعلاج قضيهم ضمن الأقليات الموجودة في إيران.
ويتهم العرب الأحوازيون، النظام الإيراني بإقصائهم، وتهميشهم من الحياة السياسية والاجتماعية في الأحواز، بدوافع عنصرية؛ بسبب عروبتهم.
وعلى الرغم من إعلان اللجنة التنفيذية لإعادة الشرعية لدولة الأحواز، رفضها العمل العسكري والمسلح العلني، مشترطة "ضمان الدعم القانوني والسياسي والإعلامي العربي والدولي"، إلا أن حركات أخرى تأسست لمواجهة إيران عسكريا.
على رأس هذه الحركات، كانت "حركة النضال العربي لتحرير الأحواز"، التي تأسست عام 1999، من قبل مجموعة من "عرب الأحواز" المقيمين في أوروبا، لتعلن نشاطها المسلح ضد إيران منتصف 2005.
كتائب "الشهيد محي الدين آل ناصر"، هي الجناح المسلح الذي تم الإعلان عنه للحركة الأحوازية، قبل أن تكشف أن خطتها هي استهداف المراكز الاقتصادية الحساسة والحيوية التي تمول المخططات والمشاريع العدوانية للدولة الفارسية في الأحواز والدول العربية.
هجمات 2005/2006
الهجمات ضد إيران، في الأحواز، بدأت فعليا مع اندلاع مظاهرات 15 أبريل/نيسان 2005، واستمرت لمدة 4 أيام، وحينها قالت وزارة الداخلية الإيرانية إن "هناك قتيل واحد في هذه الاضطرابات"، بينما صرح مسئول في مستشفي الأحواز بأن عدد القتلي كان يتراوح بين 15 و20 قتيلا.
وفي 12 يوليو/تموز 2005، وقبل أيام من الانتخابات الرئاسية، انفجرت أربع قنابل في الأحواز، مما أسفر عن مقتل 11 شخصا على الاقل، وجرح أكثر من 87 آخرين، وذلك بالقرب من مقر الحاكم العام، ومكاتب الحكومة.
وفي 15 أكتوبر/تشرين الأول 2005، انفجرت قنبلتين مركز للتسوق في الأحواز، مما أسفر عن مقتل ستة أشخاص ولإصابة ما يصل إلى 100 آخرين.
وفي 25 يناير/كانون الثاني 2006، قتل تسعة أشخاص على الأقل وجرح 48 في انفجارين، أحدهما داخل بنك "سامان"، والآخر بالقرب من وكالة البيئة التابعة للدولة، وحينها ألغى الرئيس الإيراني السابق "محمود أحمدي نجاد"، خطابا كان من المقرر أن يلقيه في مركز ديني قريب من محل الانفجار.
وفي 27 فبراير/شباط 2006، انفجرت قنبلتان في مدينتي دزفول وعبادان، حيث زرعت القنابل في مكاتب المحافظ، تم الإبلاغ عن وقوع ثلاثة إصابات.
وفي 2 مارس/آذار 2006، انفجرت قنبلة بعد ساعات من شنق رجلين بتهمة تورطهم في تفجيرات سابقة، حيث حطمت نوافذ المبانى في منطقة كيانبارس بالأحواز، ولم ترد حينها أنباء عن سقوط ضحايا.
وعلى إثر هذه التفجيرات، أعدم ما لا يقل عن 19 عربيا أحوازيا بتهمة تنفيذها.
هجمات بعد الربيع العربي
مع اندلاع مظاهرات الربيع العربي في 2011، خرج عرب الأحواز في مظاهرات واسعة، ما أدى إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى والموقوفين.
ففي أكتوبر/تشرين الأول 2013، تم تنفيذ عملية تفجير في المنشآت النفطية الواقعة في مدينة الخلفية داخل الإقليم، بالتزامن مع مفاوضات جنيف المتعلقة بالأزمة السورية.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2015، تم تفجير خط أنابيب إيرانية بالإقليم.
وفي يناير/كانون الثاني 2017، تم تفجير خطي أنابيب في جنوبي إيران الغني بالنفط.
وفي 15 فبراير/شباط 2017، في مدينة الخلفية، اغتيل رئيس جهاز الاستخبارات الإيراني "حسين شريفي" ومجموعة من العناصر التي كانت برفقته.
رد إيراني
وأمام ذلك، وفي 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، اغتيل رئيس الحركة الأحوازية المعارضة "أحمد مولى"، أمام منزله في لاهاي بهولندا، عبر مسدس كاتم صوت وثلاث رصاصات، وحينها اتهمت الحركة إيران بالوقوف وراء عملية الاغتيال.
وبالعودة إلى تفجير السبت، اتهمت إيران الحركة الأحوازية المعارضة، المدعومة من السعودية، بالوقوف وراء الهجوم.
وقال المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني العميد "رمضان شريف"، عقب الهجوم، إن "المنظمة الإسلامية الأحوازية التي تمولها السعودية هي التي تقف وراء الهجوم الإرهابي الذي استهدف الاستعراض العسكري لقوات الحرس الثوري بمدينة الأحواز".
وأشار إلى أن "هذه الجماعة استهدفت سابقا المعسكرات الصيفية السنوية، التي يقيمها قوات الباسيج".
وتتهم إيران بعض دول الخليج بدعم الأحوازيين لزعزعة الأمن والاستقرار في البلاد، وتصف إيران هذه الأحزاب بأنها جماعات وتيارات انفصالية تريد تقسيم إيران على أساس قومي.
يرتبط سكان هذه المقاطعة الإيرانية قبليا وثقافيا وعرقيا بقطاعات من السكان العرب في العراق. وسعى الرئيس العراقي الأسبق "صدام حسين"، إلى تحويل الأقلية العربية الإيرانية ضد الجمهورية الإسلامية، خلال الحرب الإيرانية العراقية (1980-1988)، لكنه لم ينجح في ذلك.
كما سبق أن حظيت قضية "عرب الأحواز"، بقدرٍ من الاهتمام الرسمي العربي في ذروة المد القومي، إذ وُضعت على جدول القمة العربية عام 1964، لكنَّها سرعان ما خرجت من دائرة الاهتمام نتيجة الخلافات والأجندات المحلية التي بدأت تُهيمن على العمل العربي المشترك.