ميدل إيست آي»: شقيق الملك سلمان يصر على معارضته وقد لا يعود للسعودية

في السبت ٠٨ - سبتمبر - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

كشف موقع «ميدل إيست آي» البريطاني أن الأمير أحمد بن عبد العزيز آل سعود، شقيق العاهل السعودي، متمسك بالتصريحات التي أطلقها خلال حواره مع متظاهرين خارج مسكنه في العاصمة البريطانية لندن بضرورة تحميل الملك وولي عهده مسؤولية ما يجري في المنطقة.

وقال الكاتب البريطاني ديفيد هيرست في التقرير الذي ترجمته «عربي21»: «إن الأمير أحمد بن عبد العزيز يفكر في عدم العودة إلى بلاده بعد التصريحات التي أطلقها، وأظهر فيها أنه نأى بنفسه وببقية أفراد عائلة آل سعود عن الأعمال التي يقوم بها ابن شقيقه محمد بن سلمان»، وفق مصدر مقرب من الأمير.

وكان الأمير قد ووجه من قبل محتجين يرددون عبارة «يسقط، يسقط آل سعود، العائلة المجرمة». فأقبل عليهم الأمير وسألهم: «لماذا تقولون ذلك عن آل سعود. وما شأن كل عائلة آل سعود بهذا؟ هناك أفراد معينون هم الذين يتحملون المسؤولية، ولا ينبغي أن تحملوا ذلك لأي شخص آخر».

وعندما سأله المتظاهرون عمن يتحمل المسؤولية، أجاب الأمير: «الملك وولي العهد، وآخرون في الدولة».

وخلال ساعات من انتشار الفيديو كالنار في الهشيم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، نشرت «وكالة الأنباء السعودية» الرسمية تقريرًا ادعت فيه أنها تنقل عن الأمير أحمد القول إن «التأويل» الذي يفيد بأنه كان ينتقد الملك «غير صحيح». وقالت وكالة الأنباء السعودية إن الأمير أحمد إنما قصد أن يقول ببساطة: «إن العائلة الملكية مسؤولة بسبب مواقعها داخل الحكومة».

وقال المصدر المقرب من الأمير في تصريحه لموقع «ميدل إيست آي»: إن الأمير «ملتزم بما قاله بادئ ذي بدء»، لافتًا إلى أن التقرير الصادر عن وكالة الأنباء التي تتحكم بها الدولة في السعودية كان مزورًا، وأن الكلمات التي نقلتها الوكالة لم تكن كلماته، وذلك بحسب ما أكده المصدر.

وبعد ظهور مقطع الفيديو انتشر هاشتاج باللغة العربية على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» نصه: «نبايع أحمد بن عبد العزيز ملكًا».

وأشار هيرست إلى أن الحادثة تعد الأولى التي يخالف فيها عضو في عائلة آل سعود بهذه المرتبة والأقدمية ما كان متعارفًا عليه من التزام الصمت والنأي بشكل متعمد بالعائلة عن حكم الملك سلمان. ولفت إلى أنه وفي حال أكد الأمير أحمد عدم عودته إلى السعودية، فسيكون عمله ذلك أكبر تحد علني لحكم الملك سلمان.

وقال هيرست: «تصريحات الأمير أحمد للمحتجين اليمنيين حول موقف العائلة الملكية تشير بوضوح إلى تلك الأيام التي كانت فيها القرارات الكبيرة، مثل قرار شن الهجمات الجوية على اليمن، تتخذ بشكل جماعي من خلال التشاور بين كبار أعضاء العائلة، إلا أن ذلك لم يعد معمولًا به في عهد الملك سلمان وابنه محمد، ولي العهد».

وأشار إلى أنه ليس خافيًا أن الأمير أحمد مستاء من السلطات والصلاحيات الواسعة التي باتت بيد ابن شقيقه محمد بن سلمان. فقد كان أحمد واحدًا من ثلاثة أعضاء من هيئة البيعة عارضوا تعيين ابن سلمان، بل امتنع الأمير أحمد عن مبايعة ابن شقيقه عندما نصب وليًا للعهد.

ورفض أحمد حضور حفلات استقبال رسمية دعا إليها شقيقه الملك سلمان. وعندما مات شقيقهما عبد الرحمن بن عبد العزيز لم تعلق سوى صورتين في حفل التأبين الذي دعا إليه أحمد: صورة الملك عبد العزيز مؤسس المملكة، وصورة الملك الحالي، وكان واضحًا غياب صورة ولي العهد، لدرجة أنه عندما انتشرت على نطاق واسع لقطة فيديو صورت بهاتف نقال لتلك المناسبة، بذل مدونو الحكومة جهدًا كبيرًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي للادعاء بأن اللقطة كانت مزورة.

ورأى أن الشقاق بين الأخوين بلغ مبلغًا لدرجة أنه عندما بعث أحمد بتهنئة إلى الملك سلمان بمناسبة العيد في شهر يونيو (حزيران) علق المراقبون بأن المبادرة «أشارت إلى حدوث تغير في معارضته» لولي العهد.

وبحسب الكاتب البريطاني فإن الأمير تجنب حتى الآن الخوض في مصير أبناء أشقائه الذين ألقي القبض عليهم واحتجزوا في الريتز كارلتون، وكان بعضهم قد تعرضوا للتعذيب والمعاملة المهينة. ولعله حظي بدرجة من الحماية الشخصية؛ لكونه شقيق الملك، وهذا ما منحه حتى الآن الحرية في السفر إلى خارج المملكة إلى كل من الولايات المتحدة وبريطانيا، ولكن ربما تغير وضعه الآن بعد ما صرح به في لندن هذا الأسبوع.

وتابع: «إضافة إلى التعبير عن استياء العائلة الملكية، فإن لدى الأمير أحمد من الأسباب الشخصية ما يسخطه؛ فهو أصغر الأشقاء السديريين، وقد تم تجاوزه في مناسبتين اثنتين عندما شغر منصب ولي العهد، رغم أنه كان الأحق بذلك المنصب. وكانت المرة الأولى عندما نصب الملك عبد الله شقيقه مقرن نائبًا لولي العهد، ولم يبادر سلمان إلى إصلاح ذلك عندما جاء إلى الحكم، بل قام هو الآخر بتجاوز شقيقه الأصغر عندما عين محمد بن نايف وليًا للعهد، وعين ابنه محمدًا نائبًا لولي العهد».

في شهر يوليو (تموز) طالب أحد أقرباء الأمير أحمد الأباعد، وهو الأمير خالد بن فرحان، من منفاه في ديسلدورف، أعمامه الأمير أحمد، والأمير مقرن، بالإطاحة بسلمان، على اعتبار أن حكمه «غير منطقي، وأرعن وأحمق». وقال هيرست: «لو كان ثمة سبيل إلى إصلاح الوضع الحالي، فإن عائلة آل سعود يمكن أن تتطلع بشكل طبيعي إلى الأمير أحمد، الذي شغل في السابق منصب وزير الداخلية، ليقودها».

أحكام بالإعدام

وفي سياق متصل أشار الكاتب البريطاني إلى أن حدثًا آخر هز المملكة، وقد تمثل «في ثلاث مطالبات متعاقبة من قبل النائب العام بإصدار أحكام بالإعدام».

وقال هيرست: إنه «لم يكن ذلك؛ لأن الأشخاص المعنيين مارسوا العنف، فالمعتقلون ليسوا جهاديين، وإنما ثلاثة دعاة معتدلين من أهل السنة، وهم سلمان العودة، وعلي العمري، وعوض القرني، وجريمتهم أنهم دعوا في تغريدات عبر (تويتر) إلى إصلاح العلاقات بين المملكة العربية السعودية ودولة قطر».

وعلى الرغم من «مضي وقت على اعتقال هؤلاء جميعًا، ولكن لم يكن أحد يتوقع أن يصل الأمر بما يسمى بالزمرة الليبرالية المحيطة بمحمد بن سلمان أن تهدد بقطع رؤوس هؤلاء العلماء».

ونقل الموقع عن عبد الله سلمان العودة قوله: إن والده أحيط علمًا بالتهم الموجهة إليه في جلسة محاكمة سرية جرت داخل محكمة الجنايات بالرياض، مشددًا على أن جريمته الوحيدة هي: «حمل آراء مستقلة، وأنه رفض أن يصبح بوقًا لدى الحكومة». وهؤلاء الثلاثة جميعهم علماء ينتمون إلى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يترأسه الشيخ يوسف القرضاوي الذي يقيم حاليًا في الدوحة.

وكان قد صدر قرار بحظر الاتحاد في عهد الملك عبد الله، ولكن حينما استلم سلمان الحكم دُعي القرضاوي نفسه لزيارة المملكة، وأداء مناسك العمرة في مكة.

وأشار هيرست إلى أن العمري كان قبل إلقاء القبض عليه شخصية إعلامية مرموقة ويتمتع بشعبية واسعة، وكانت قناته التلفزيونية «فور شباب» تحظى بمتابعة جمهور عريض، بل كان وجه العمري يطل على الناس من لوحات إعلانية كبيرة على امتداد الطريق بين جدة ومكة.

واعتبر هيرست أن الأحداث المجتمعة في السعودية من شأنها إحداث هزات عنيفة تجرد المملكة من استقرارها. ورأى أنه فيما لو نفذت أحكام الإعدام تلك، لاعتبر ذلك بمثابة إعلان حرب من قبل ما يسمى بالتيار الليبرالي المحيط بولي العهد على قطاع عريض من المجتمع المتدين والمحافظ.

وعندها سيكون هذا القطاع أمام واحد من خيارين: إما أن يخضع للعلمانية تحت تهديد السلاح، أو ينخرط بأعداد كبيرة في صفوف الجماعات الدينية المتطرفة بحق، والتي ما من شك في أنها موجودة على شكل خلايا سرية تنتشر في مختلف أنحاء المملكة. وأشار هيرست إلى أن محمد بن سلمان حرب على آل سعود أنفسهم، علمًا بأن المؤسسة الدينية المحافظة وعائلة آل سعود هما دعامتا الدولة السعودية. وما من شك في أن الهجوم عليهما معًا يرقى إلى الإطاحة بالأعمدة التي تقوم عليها شرعية الملك.

اجمالي القراءات 2563