الأسد يطلب مفاوضات مباشرة مع إسرائيل
دمشق تلهث فى طريق الوصول إلى كامب ديفيد
الأحد، 28 ديسمبر 2008 - 19:35
إعداد حاتم عطية
للمرة الأولى أعلنت سوريا منذ أيام قبولها استئناف المفاوضات مع إسرائيل بشكل مباشر عندما صرح الرئيس السورى بشار الأسد، بأن بلاده على استعداد للدخول فى مفاوضات مباشرة مع إسرائيل بمجرد تلقيه إيضاحات حول نقطتين، أولاهما تلقى ضمانات من إسرائيل بالانسحاب الكامل من مرتفعات الجولان، والثانية رعاية الولايات المتحدة للمفاوضات، لتؤكد سوريا بذلك أنها تريد إنهاء 4 جولات من المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل التى ترعاها تركيا منذ مايو الماضى لبدء مفاوضات مباشرة مع تل أبيب.
السؤال الآن بعد إعلان الأسد استعداد بلاده استئناف المفاوضات مع إسرائيل، ما الذى تغير فى موقف دمشق عنه فى عام 2000؟ بعد توقف المفاوضات إثر رفض إسرائيل بسط السيادة الكاملة لسوريا على بحيرة طبرية، إسرائيل أيضا رفضت الاتفاقية التى عرفت باسم "وديعة رابين" 1994، وجمدت التفاوض فى عهد رئيس وزرائها إيهود باراك 1999-2001 بدعوى استغراقها فى القضية الفلسطينية، ثم بدعوى انسحابها من جنوب لبنان فى عام 2000، كما رفضت إسرائيل فى عهد رئيس الوزراء ارئييل شارون 2001-2005 عملية التسوية برمتها، بسبب المواجهات مع الفلسطينيين، وتداعيات الحرب على الإرهاب بعد أحداث سبتمبر 2001، فما الذى سيتنازل عنه الأسد حتى يجلس إلى مائدة المفاوضات مع حكماء تل أبيب؟
بشار الأسد صرح منذ أيام للكاتب الأمريكى ديفيد إجناطيوس، عن أنه أرسل الشهر الجارى وثيقة إلى تل أبيب توضح بعض النقاط على طول حدود عام 1967. وقال إنه لم يتلق أى رد من إسرائيل حول شروطه للتفاوض بشكل مباشر مع إسرائيل، وأضاف" إذا كانت إسرائيل تريد سلاماً شاملاً، فعليها أن تبرم ثلاث اتفاقيات للسلام"، مشيراً فى ذاته إلى اتفاقية مع سوريا وأخرى مع حماس وثالثة مع حزب الله، وفى مقاله بصحيفة واشنطن بوست أشار الكاتب ديفيد إجناطيوس إلى أن المساعى الطيبة للرئيس السورى تدلّ على أنه يحكم السيطرة على زمام الحكم بعد أن باءت محاولات إدارة بوش لعزل سوريا بالفشل، حتى باعتراف كبار المسئولين فى البيت الأبيض.
وأوضح إجناطيوس أن هذا يضع الأسد فى موقع قوة بعد تودد الدول الأوروبية إليه، ودخوله فى مفاوضات بوساطة تركية مع إسرائيل. ورداً على سؤال وجِه إليه فى مقابلة أجريت الاثنين الماضى، حول سعى السعودية لتحسين علاقاتها مع دمشق بسبب استشرافها التزاماً أمريكياً مع سوريا فى الأيام القادمة وخوفها من احتمال أن يغادر القطار المحطة، قال الأسد فى تصريحاته للكاتب إن القطار ربما يكون قد غادر المحطة بالفعل، مستدركاً بأنه مع هذا على استعداد لاستقبال أى مبعوثين، كما يرغب فى إقامة علاقات جيدة مع كل دول المنطقة.
وعن سؤالٍ حول مستقبل دعم سوريا لحزب الله، أجاب الأسد، أن هذه مسألة يتعين على الإسرائيليين ترتيبها فى مفاوضات منفصلة، حيث إن حزب الله يرابط على الحدود اللبنانية لا السورية، وكذلك حماس على الحدود الفلسطينية، وعلى الإسرائيليين أن ينظروا فى هذين المسارين للتوصل إلى السلام الذى يريدونه.
برر الأسد حميمية علاقاته مع إيران بالدعم الذى تلقته بلاده لحقوقها من قبل طهران، وطالما انتقدت إدارة الرئيس جورج بوش ما اعتبرته دعماً مادياً من قبل سوريا لحزب الله فى لبنان وإيوائها لقادة فصائل المقاومة الفلسطينية وسماحها لعبور أعداد من المقاتلين إلى العراق لقتال قوات التحالف.
إيهود أولمرت رئيس الوزراء الإسرائيلى أول من أيد المفاوضات السورية_ الإسرائيلية غير المباشرة، وأكد على ضرورة استمرارها بشكل مكثف ومعمق ومتواصل، أولمرت يبحث فى تركيا المفاوضات مع سوريا، وقدم لها الشكر على وساطتها، عندما سافر أولمرت إلى أنقرة للقاء نظيره التركى رجب طيب أردوجان، لإجراء مباحثات حول مفاوضات السلام مع سوريا بوساطة تركية، والجانب السورى أبدى أيضاً تأييده لبدء المفاوضات مع إسرائيل، ولكن بوساطة تركيا، وبمجرد بدء الجولة الأولى من المفاوضات غير المباشرة أعلنت الولايات المتحدة ترحيباً حذراً بالمفاوضات السورية الإسرائيلية.
وتقوم المفاوضات غير المباشرة بين سورية وإسرائيل على مبدأ الأرض مقابل السلام. أى إعادة إسرائيل للأراضى السورية الكاملة التى احتلتها فى حرب 67 إلى سوريا مقابل توقيع اتفاقية سلام بين الجانبين، حيث تعهدت إسرائيل بالانسحاب من هضبة الجولان المحتلة، موضحة أن تحقيق السلام مع سوريا قد يتطلب تنازلات مؤلمة، دون أن توضح إسرائيل ماهية هذه التنازلات.
الرئيس الإسرائيلى شيمون بيريز أعلن مؤخراً خلال خطاب ألقاه فى الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الأربعاء الماضى عن المفاوضات السورية _ الإسرائيلية، ودعا الرئيس السورى بشار الأسد لزيارة إسرائيل، من أجل عقد قمة معه ومع رؤساء عرب لإتمام المفاوضات ولإحلال السلام بالمنطقة، ولكن كتلة حزب العمل فى الكنيست الإسرائيلى قد قررت مؤخراً دعم اقتراح قانون يلزم إجراء استفتاء شعبى قبل الانسحاب من هضبة الجولان فى أى تسوية بين سورية وإسرائيل، وفى حال تبنى هذا الاقتراح من قبل الكنيست الإسرائيلى، فسيشكل ذلك اتجاهاً معارضاً لتوصل سوريا وإسرائيل إلى اتفاق سلام.
سوريا تطالب بانسحاب إسرائيلى كامل من هضبة الجولان المحتلة منذ العام 1967 حتى شواطئ بحيرة طبرية، وهو ما ترفضه إسرائيل دوماً، وتطلب إسرائيل من جانبها أن تقوم سوريا بإنهاء تحالفها مع النظام الإيرانى، وأن تتوقف عن تقديم أى دعم لحزب الله أو لحركة حماس.
زعيم حزب الليكود الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، أيد المفاوضات مع سوريا للوصول إلى سلام، لكنه أكد على ضرورة احتفاظ إسرائيل بهضبة الجولان. كما أعرب الكنيست الإسرائيلى "البرلمان" رفضه استئناف التفاوض مع سوريا، ولكن النائب العام فى إسرائيل رفض قرار الكنيست وسمح باستكمال المفاوضات بين سوريا _ وإسرائيل.