من ضمن الصلاحيات الممنوحة لمن يشغل منصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، إمكانية إصدار ما يُعرف بالأمر التنفيذي «Executive order» لأي هيئة أو إدراة فيدرالية، دون الوقوف على موافقة الكونجرس (مجلس النواب) عليه، إذ يُعد الأمر التنفيذي الرئاسي مُلزِمًا قانونيًّا وواجب النفاذ، ومعظم الأوامر التنفيذية الرئاسية دائمًا ما تتعلق بمسائل الأمن القومي، وتحتوي على توجيهات للهيئات الفيدرالية المختلفة، والتي يجب عليها أن تُنفذ في الحال ما جاء في الأمر التنفيذي.
وقبل يومين، وعطفًا على ما سبق وأعلنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مايو (أيار) الماضي، من انسحاب بلاده من الاتفاق النووي الذي جرى الاتفاق عليه في لوزان بسويسرا، عام 2015، بمشاركة إيران وأمريكا وخمس دول كبرى، هي: الصين، وروسيا، وألمانيا، وفرنسا، وبريطانيا، بعدما وافقت إيران على الحد من أنشطتها النووية الحساسة، والسماح للمفتشين الدوليين بالعمل في إيران، في مقابل رفع كل العقوبات الدولية المفروضة عليها؛ أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًّا، أعاد بموجبه العمل بالعقوبات الاقتصادية التي كانت مفروضة على إيران قبل الوقوف على الاتفاق.
ضربة قاسية.. ما هي العقوبات التي أُعيد فرضها على إيران؟
العقوبات التي أعلنها الرئيس الأمريكي، تأتي على مرحلتين، دخلت الأولى حيز التنفيذ أمس الثلاثاء، بينما يتم تطبيق المرحلة الثانية من هذه العقوبات في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
وتشمل المرحلة الأولى من العقوبات، والتي دخلت حيز التنفيذ بالفعل:
- حظر تبادل الدولار مع الحكومة الإيرانية، علاوة على حظر التعاملات التجارية المتعلقة بالمعادن النفيسة، وخاصة الذهب، وكذلك فرض عقوبات على المؤسسات والحكومات التي تتعامل بالريال الإيراني، أو سندات حكومية إيرانية، مما يحول دون استخدام إيران للدولار الأمريكي في تجارتها، الأمر الذي يُعد ضربة موجعة لصادرات النفط الإيراني، الذي تشكل إيراداته أحد مصادر الدخل الرئيسي في إيران.
- حظر توريد العديد من المعادن أو شرائها، أبرزها: الألومنيوم والحديد والصلب، بالإضافة إلى الفحم والجرافيت، وكذلك فرض قيود على قطاعي صناعة السيارات والسجاد في إيران.
- حظر استيراد أو تصدير التكنولوجيا المرتبطة بالبرامج التقنية الصناعية، ذات الاستخدام المزدوج، مدنيًّا وعسكريًّا.
- فرض حظر على كل النشاطات التي تتعلق بأي إجراءات مالية لجمع تمويلات تتعلق بالدين السيادي الإيراني.
أما المرحلة الثانية من العقوبات، فتشمل:
- فرض عقوبات على الشركات التي تدير المواني الإيرانية، وكذلك الشركات العاملة في مجال الشحن البحري وصناعة السفن.
- فرض عقوبات شاملة على قطاع الطاقة الإيراني، خاصة قطاع النفط الذي يعد مصدر دخل رئيسيًّا لطهران.
- فرض عقوبات على البنك المركزي الإيراني وتعاملاته المالية.
كيف استقبلت إيران الأزمة؟
وفي تصريح للتلفزيون الرسمي الإيراني، عقب الرئيس الإيراني حسن روحاني، على إعلان الولايات المتحدة إعادة فرض العقوبات على طهران، بأنها «حرب نفسية»، تسعى إلى زرع الانقسام بين الإيرانيين، وأشار إلى أن قرار ترامب بإعادة فرض العقوبات، ما هو إلا «تخلٍ عن الدبلوماسية»، وأنه «لا معنى للمفاوضات مع وجود عقوبات».
الرئيس الإيراني حسن روحاني
وأكد روحاني: أن «طهران تفضل الدبلوماسية والتفاوض، لكن المفاوضات تقتضي الأمانة»، فيما أشار إلى محاولة استغلال الإدارة الأمريكية لموضوع العقوبات على إيران، من أجل التأثير في الداخل الأمريكي قبل الانتخابات النصفية، التي ستُجرى في نوفمبر المقبل.
كيف ستتعامل أوروبا مع العقوبات؟
من جانبه، عقب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، قائلًا: إن «الأعداء يسحبون كل المحطات لاستهداف وجود إيران»، متعهدًا بأن تتغلب إيران على هذه الفترة الصعبة من الضغوط والمشقة، وأضاف: «من الصعب تخيل مفاوضات مع شخص مزق اتفاقًا استغرق التوصل إليه وقتًا طويلًا»، ثم تساءل: «من يصدق أن ترامب جاد بشأن المحادثات؟».
وقد أصدر وزراء خارجية كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا ومسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي بيانًا مشتركًا، يقول: إن الاتفاق النووي ما زال ساريًا، وأنه «حيوي» للأمن العالمي، وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موجيريني: «نأسف لإعادة فرض العقوبات الأمريكية»، مؤكدة بدء العمل بقانون التعطيل، لحماية الشركات الأوروبية، ابتداءً من السابع من أغسطس (آب) الجاري.
الرئيس الأمريكي والمستشارة الألمانية والرئيس الفرنسي
وكانت المفوضية الأوروبية، قد أطلقت في مايو الماضي، عملية معروفة بـاسم «قانون التعطيل»، من أجل الحد من تأثير العقوبات الأمريكية في الشركات الأوروبية التي تريد الاستمرار في الاستثمار بإيران، بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق، إذ يحظر هذا القانون على المؤسسات والشركات الأوروبية الامتثال إلى العقوبات الأمريكية، وكذا يسمح لهذه المؤسسات والشركات بالحصول على تعويضات لأي ضرر ينجم عن هذه العقوبات من الشخص المعنوي أو المادي المسبب له، ويلغي أيضًا الآثار المترتبة على أي قرار قانوني أجنبي يستند إلى هذه العقوبات في الاتحاد الأوروبي.
يأتي هذا التفعيل لقانون التعطيل من أجل حماية مصالح الشركات الأوروبية، بعد تغريدة كتبها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عبر حسابه الرسمي على «تويتر»، يتوعد فيها كل من يتعامل تجاريًّا مع إيران، بأنه لن يتعامل تجاريًّا مع الولايات المتحدة، فيما صرّح مسؤول رفيع المستوى في الإدراة الأمريكية، بأن الإدارة لا تولي اهتمامًا للجهود الأوروبية الساعية لحماية مصالح شركاتها الاقتصادية مع إيران.
وتجدر الإشارة إلى أن شركة صناعة السيارات والشاحنات الألمانية دايلمر، قد أعلنت أمس الثلاثاء، أنها قد تخلت عن خطط توسعة أنشطتها في إيران، بعد إعادة فرض العقوبات الأمريكية عليها. وكانت دايلمر، قد أسست في مطلع عام 2016، وبعد الاتفاق النووي وتجميد العقوبات المفروضة على إيران، مشروعًا مشتركًا مع شركة إيران خودرو لصناعة وتجارة السيارات، من أجل تصنيع شاحنات مرسيدس بنز وتوزيعها في البلاد.