كشفت تقارير صحفية بريطانية أسرارا جديدة عن المطاردة التي كان ينظمها الغرب لمصادرة أسلحة الدمار الشامل الخاصة بنظام صدام حسين في العراق، والتي تشبه مطاردة الساحرات والأوهام.
ونشرت صحيفة "ذا صن أون لاين" البريطانية، حوارا مع العالم الأمريكي، روكو كازاغراندي، مفتش الأسلحة التابع للأمم المتحدة، الذي كان بمثابة شاهد عيان على الأوضاع في العراق قبل 3 أشهر فقط من بداية الغزو الأمريكي لنظام صدام حسين عام 2003. ووصف العالم الأمريكي التفتيش عن أسلحة الدمار الشامل بأنه عملية "هزلية" لا طائل منها.
وقال مفتش الأسلحة النووية السابق: "كانت تعرض علينا معلومات استخباراتية مزيفة ساذجة حول أسلحة صدام حسين غير علمية، أبرزها كان عن مقبرة بيولوجية، لو صحت لقتلت الجنس البشري بأكمله".
وقال كازاغرانداي إنه كلف بمتابعة نظام صدام حسين من يناير 2002، حتى مارس 2003، قبل أشهر من بداية الغزو الأمريكي للعراق، وكان يقود المختبرات الأممية التي تراقب أنشطة العراق المتعلقة بأسلحة الدمار الشامل والأسلحة البيولوجية والكيميائية.
وتابع: "كانت تأتي لنا معلومات استخباراتية من إسرائيل وألمانيا وأمريكا وبريطانيا، لكنها كلها كانت ذات نهايات مسدودة"، مشيرا إلى أن "من أبرز تلك الأمور الطريفة الهزلية، أنه أتتنا معلومات بأن هناك مختبرا سريا لأسلحة الدمار الشامل، وذهبنا لمعاينته ووجدناه مبنى سكنيا مزينا بالسجاد وفيه كبار سن يشاهدون برامج تليفزيونية".. "كما أتت إلينا معلومات حول وجود مرافق لإخفاء صواريخ سكود، فذهبنا ووجدناها مزارع دجاج، حتى أننا رددنا بهزل ساخرين: يبدو أنها مزارع للدجاج الباليستي"، لافتا إلى أن "شكل المباني وطولها وأبعادها المنخفضة، تؤكدها أنها لا يمكن أن تكون أماكن لإخفاء صواريخ باليستية، بل كانت فعليا مزارع دجاج".
وأكد انه "في إحدى المرات وردت معلومات بأن نذهب إلى حرم جامعة، وانتقلنا إلى هذا المبنى، ثم نزلنا إلى الطابق السفلي، وذهبنا إلى إحدى الغرف وستجدون لوحة في الحائط خلفها لوحة مفاتيح، وعند إدخال الرقم سيتحرك الجدار ليكشف عن مختبر أسلحة سري"، موضحا أن "كل ذلك كان هراء.. أفكار غير موجودة إلا في أفلام جيمس بوند، لأننا كنا نذهب للمبنى فلا نجد طابقا سفليا ولا شيئا خلف الطابق أو أسفل منه".
وتحدث العالم الأمريكي، الحاصل على الدكتوراه في علم الأحياء من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، عن انتقال الفريق إلى موقع يعتقد أنه مقبرة ضخمة للأسلحة البيولوجية في شرق العراق.
وقال كازاغرانداي إنه "في حرب الخليج الأولى، نشر العراق حوالي 200 قنبلة بيولوجية على الأرض قرب بغداد، كانت مزودة برؤوس الجمرة الخبيثة وتوكسين البوتولينوم والأفلاتوكسين، ورغم نفي العراق وقتها، إلا أن معلومات لاحقة كشفت الأمر، واعترف نظام صدام بعدها بذلك". وتابع "لكن نظام صدام قال لنا دمرنا كل شيء وعليكم تصديقنا في ذلك وأخذونا إلى موقع قيل إنه مقبرة للأسلحة البيولوجية".
ومضى يقول: "وجدنا حفرة ضخمة بها نحو 180 قنبلة الواحدة بحجم شخص تقريبا، وقالوا إنهم استخدموا قذائف المدفعية لتفجيرها، ووجدنا فعلا العديد من شظايا القنابل التي تتفق مع قصتهم، بالإضافة لثلاث قنابل لا تزال تحتوي على سائل من الأسلحة البيولوجية".
واستطرد "أعتقد أن هذا كان أحد أهم الاعترافات التي قدمها نظام صدام حسين لنا، فتلك القنابل لو تم نشرها بصورة جيدة، لكان من الممكن أن تقتل الملايين، لأنها كانت كافية لقتل كل شخص على هذا الكوكب".
وأشار العالم الأمريكي، إلى أنه قبل غزو العراق بثلاثة أشهر التقى أحد أكثر الشخصيات ذات السمعة السيئة في نظام صدام حسين في تلك الفترة.
وقال المفتش الأممي السابق التقيت بالدكتورة رحاب رشيد طه، الملقبة باسم "الدكتورة الجرثومة"، التي كانت أحد أبرز العلماء العراقيين، وكان موكلا لها مهمة تطوير الأسلحة البيولوجية العراقية.
وعن الاجتماع قال: "كانت مراوغة إلى أبعد حد، لا يمكن أن تخرج منها بمعلومة مفيدة".
كما قال إنه التقى أيضا حسام محمد أمين، مدير دائرة الرقابة الوطنية في نظام صدام حسين حينها، ووصف اللقاء بأنه "محترف للغاية، ومطلع ويفهم حججنا الفنية بسهولة".
وأشار إلى أن ضباط الشرطة والمخابرات العراقية كانوا في حقيقة الأمر يحمون فريق التفتيش الأممي، وتعاونوا بإيجابية مع الفريق بشكل عام، خاصة وسط الرفض الشعبي للفريق الأممي.
وأوضح كازاغرانداي أنه "بعد طول عملية التفتيش، يمكنني أن أؤكد أن صدام حسين لم يكن لديه أي برامج أسلحة نووية".