يصعب على الإنسان تحديد المكان التشريحي في الجسم الذي يسبّب سوء الحالة النفسيّة، ولكن هذا لا يمنع وجوده وخطورته، فالكثير من الأمراض الجسدية قد تصيب الشخص بناء على حالته النفسية السيئة، وهذا أمر ربما اختبره البعض، حينما يرتفع ضغط الدم بقوة وقت الغضب أو الحزن.
وقد يصل حدّ إصابة الإنسان بمرض السكري نتيجة بعض الضغوطات النفسية، ولكن هل كنت تعلم أن هناك بعض الأمراض الجسدية، تنتج عنها أمراض نفسية؟
ربما ما تشعر به الآن من أعراض نفسية سلبية ليس له علاقة بحالتك النفسية أو العقلية، بل له أسباب جسدية. في هذا التقرير نذكر لك ستة من الأمراض النفسية الأكثر شيوعًا، والناتجة عن أمراض جسدية، فأكمل القراءة، فربما لست مكتئبًا ولكنك مريض فقط.
1- العواقب النفسية لنقص فيتامين «د»
الشعور بالكآبة الدائمة، وعدم الرغبة في فعل أي نشاط يحمّسك على الخروج من تلك الحالة المزاجية الحزينة، وقد يتطور الأمر إلى جلوسك في مكان واحد داخل المنزل، غير راغب في التحرك من الأساس.
وتبدأ في شرح شعورك لكلّ من حولك، وربما تزور طبيبًا نفسيًا أيضًا يصف لك بعض العقاقير المهدئة، ولكن –كما يخبرك الطبيب الأمريكي جيمس جرينبلانت- قد لا تكون مكتئبًا من الأساس، ولكنك فقط مصاب بنقص فيتامين «د».
في أنحاء العالم، ما يزيد عن مليار شخص مصابين بنقص فيتامين «د»، والأشخاص الأكثر عُرضة للإصابة بنقص فيتامين «د» هم من يعيشون بعيدًا عن خط الاستواء، أو الذين يعانون من أمراض جسدية مثل البدانة أو أمراض الكبد أو الاضطرابات الهضمية، وكبار السن.
وأشارت نتائج إحدى الدراسات الأمريكية الطبية، والتي شملت ما يزيد عن 15 ألف شخص بالغ، أن الأفراد ذوي البشرة الداكنة لديهم مستويات أقل من فيتامين «د»، وهذا لأن أجسامهم تحتوي على مستويات عالية من مادة صبغية تسمى الميلانين، تلك المادة تُضعف قدرة الجسم على امتصاص فيتامين «د»، والذي من المفترض أن يفرزه الجسم عند التعرض لأشعة الشمس، وهذا يفسر لك حالات الكآبة والانتحار التي تنتشر في البلدان التي لا يتعرض سكانها للشمس تعرّضًا كافيًا.
هذا بالإضافة – يوضح جيمس- أن فيتامين «د» يساعد الجسم على امتصاص الكالسيوم، والذي ينشط بدوره الجينات التي تنظم الجهاز المناعي وإفراز الناقلات العصبية –مواد كيميائية في جسم الإنسان- مثل السيروتونين والذي يعمل على تنظيم الحالة المزاجية للإنسان، وعندما ينقص فيتامين «د»، ينقص السيروتونين ويصاب الإنسان بالاكتئاب والحزن.
2- نقص فيتامين «ب 12».. الخرف والذهان
الأضرار النفسية والعقلية الناتجة عن الأمراض الجسدية لا تتوقف عند التقلبات المزاجية والاكتئاب والحزن، فالأمر قد يتطور عن ذلك، فالإنسان مُعرض للإصابة بالخرف والذهان، والتقلبات المزاجية المتطورة كالتأرجح ما بين عدم الثقة في النفس وجنون العظمة، وقد يتطور الأمر لرؤية الهلاوس، وكل هذا قد يسببه نقص فيتامين «ب12».
يُصاب الإنسان – كما يوضّح الطبيب الأمريكي روجر سايمون – بنقص فيتامين «ب12»، إذا لم يحصل على كمية كافية منه في نظامه الغذائي، الذي يتوافر في الحليب والبيض واللحوم، ولذلك فإن النباتيين أكثر عُرضة للإصابة بهذا المرض، أو إذا كان الشخص يعاني من مرض مناعي يتسبب في مهاجمة الجهاز المناعي لخلايا المعدة، والعمليات الجراحية لتصغير المعدة تسبب نقصًا في فيتامين «ب 12» أيضًا.
ومن الأعراض الجسدية التي تُخبرك أنك قد تكون مُصابًا بنقص فيتامين «ب12»، هي شحوب البشرة، والشعور الدائم بالدوار، فقدان الشهية ونقصان الوزن، وضعف العضلات، واضطراب ضربات القلب المصاحب بألم في الصدر.
3- اعتلال الدماغ الفيرنيكي
عندما ترى هذا الشخص، يسير مترنحًا وتنتاب عضلات عينه تشنجات غريبة، ثم فجأة يصرخ في أحدهم دون سبب مقنع، تفسيرك الأول للأمر أن هذا الشخص مختلّ أو «مجنون»، ولكن انتظر للحظة، فربما تكون قد شخّصت حالته تشخيصًا خاطئًا، فهذا الشخص قد يكون مصابًا باعتلال الدماغ الفيرنيكي.
مرض اعتلال الدماغ الفيرنيكي ينتج عن نقص حاد في فيتامين «ب1»، وهذا المرض أعراضه النفسية أكثر من أعراضه الجسدية، وبالإضافة إلى الأعراض السابق ذكرها، تسيطر على المريض حالة من اللامبالاة والارتباك وعدم التركيز، وانخفاض القدرة على التصرف تصرفًا سريعًا سليمًا، وإذا أهملت هذه الحالة قد تصل بصاحبها للغيبوبة والموت.
يصاب الإنسان بهذا المرض لعدة أسباب، من أهمها: احتساء الكحول لفترات زمنية طويلة، أو عدم تناول الأغذية المشبعة بفيتامين «ب1»، وينتج أيضًا عن العلاج الكيميائي بالسرطان، وأمراض الكلى ومرض «الإيدز».
4- متلازمة الاضطراب الهرموني.. وليس الاضطراب ثنائي القطب
على مدار العديد من العقود – يوضح الطبيب جاري جودان – شُخصت أكثر من حالة نفسية تشخيصًا خاطئًا، لأن أصحابها لا يعانون من أمراض نفسية، بل ما يعانون منه هو اضطرابات جسدية لها تأثير نفسي سلبي على صاحبها، ومن أكثر الأمراض النفسية التي ظن الأطباء أنها منتشرة في العالم هو الاضطراب ثنائي القطب، ولكن هناك تفسيرًا آخر لتلك الأعراض وهو اضطراب الهرمونات.