لم تسجل محافظة مصرية ارتفاعًا في نسب الطلاق على مستوى الجمهورية مثلما سجّلت محافظة الإسماعيلية، حيث بلغت نسب الانفصال بين الزوجين بالمحافظة 68% -طبقا للإحصائيات الرسمية الصادرة عن إدارة شئون الأسرة بالنيابة الكلية بالإسماعيلية والمقيدة من واقع السجلات الرسمية..
وبدورهم كشف عدد من المأذونين والمتخصصين في الشؤون الأسرية وخبراء في علم الاجتماع، أسباب ارتفاع نسب الطلاق بالمحافظة، حيث أكدوا أنّ تدخل الأهل بين الزوجين وانعدام المسئولية لدى الطرفين أو طرف واحد منهما والصورة الذهنية المغلوطة لدى الزوجين عن الزواج والتي تصدرها وسائل الإعلام وراء ارتفاع نسب الطلاق والتفكك الأسري.
وكشفت إحصائية رسمية صادرة عن النيابة العامة بالإسماعيلية أنّ عدد حالات الطلاق بالمحافظة وصل خلال السنوات الثلاثة الأخيرة لنحو 11529 حالة طلاق منها 24% حالات خلع بواقع 2750 حالة خلع بقرار المحكمة.
وتقول وفاء قطب مأذونة الحي الغربي بالإسماعيلية: "نسب الطلاق في الإسماعيلية مرتفعة جداً وبالنسبة والتناسب أمام كل حالتين زواج هناك حالة طلاق والأمر منتشر بين فئات المجتمع المختلفة".
وتابعت: "والأدهى من ذلك أن هناك كثيرًا من حالات الطلاق غير مقيدة بالسجلات الرسمية فهناك انفصال تام بين الزوجين دون وقوع طلاق موثق لمجرد محافظتهم فقط على الشكل الخارجي للأسرة، وهناك حالات طلاق لزواج عرفي غير موثقة أيضاً، والحقيقة أن 98 % من المطلقات تنازلوا عن حقوقهم الشرعية من أجل الحصول على الطلاق".
وأرجعت قطب أسباب ارتفاع الطلاق بالمحافظة إلى تدخل الأهل بين الزوجين، فأهل الزوج والزوجة هم في مجتمع الإسماعيلية المتحملين لتكاليف الزواج ومن هنا تأتي قناعاتهم أنهم أوصياء على أبناءهم ويعتبرون الزواج صفقة تجارية يمكن أن تنفض في أي لحظة إذا حدث ما يعكر صفوها، حتى بات أسهل كلمة يطلقها الأهل "كل واحد ياخد اللي جايبه وكل واحد فينا من طريق".
وأضافت: "هناك أسباب أخرى منها انعدام مسئولية الزوجين أو طرف منهم وعدم تفهم الزوجين طبيعة العلاقة الزوجية، وذلك بسبب انعدام الوعي وتصدير وسائل الإعلام صورة مغلوطة عن العلاقات الزوجية وهو ما يجعل الزوجين لديهم نظرة غير حقيقية عن الزواج وسرعان ما يصيبهم الملل ويطالبوا بالطلاق أو يبدأون بالبحث عن علاقات أخرى عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومن هنا يقع المحظور ".
من جانبه قال الدكتور عبد المعبود عبد المقصود مدير مركز الدراسات والبحوث الاجتماعية بجامعة قناة السويس إنّ المركز أعد دراسة بحثية عن نسب الطلاق بالإسماعيلية خلال الفترة من 2013 حتى 2017 وتبين زيادة النسبة بصورة مطردة وسريعة خاصة خلال الخمسة سنوات الأخيرة.
وأضاف: "ففي عام 2013 كانت نسبة الطلاق 40% وإرتفعت في عام 2015 لتصل لـ 55% وفي عام 2017 وصلت لـ 68% ، لذا نحن أمام كارثة إجتماعية أمام كل 100 حالة زواج تتم هناك 68 حالة طلاق تتم في نفس الوقت".
وأشار إلى أن الدراسة أكّدت أن العامل الاقتصادي ليس له علاقة بالطلاق، فالطلاق يحدث بين فئات معدومة ومحدودة وفئات مرتفعة، وتبين أن أعلى نسبة طلاق تقع بين العاملين بهيئات حكومية معروف عنها منحها مرتبات عالية بالمقارنة بالجهات الأخرى مثل هيئة قناة السويس وهيئة الكهرباء".
ودعا مدير مركز الدراسات لضرورة إعدادبرامج توعية وتثقيف للمقبلين على الزواج في محاولة لتخفيض نسب الطلاق المستقبلية وهو ما يستدعى تضافر كافة الجهات المعنية الحكومية والتعليمية ورجال الأعمال".
وأكدت الدكتورة صفية فرجاني خبيرة نفسية بمحكمة الأسرة بالإسماعيلية أن نسبة الطلاق مرتفعة بالاسماعيلية مقارنة بكل أنحاء الجمهورية ولعل ذلك يرجع إلى أن المحافظة جاذبة للسكان وهناك تنوع في الفئات السكانية ويحسب عليك نسب طلاق مضافة".
وأضافت: "الاسماعيلية تحديدًا المستوى الاقتصادي فيه تباين ما بين المستوى الاقتصادي المرتفع والمنخفض وهي أكثر فئتين يحدث بينهم الطلاق".
وبدورها قالت الدكتورة سحر سحاني رئيس قسم الاجتماع بجامعة قناة السويس: "الكلية بدأت في دراسة ميدانية عن الطلاق في محافظة الاسماعيلية، وتم جمع البيانات والمؤشرات الأولية تؤكد نفس الأسباب السابقة، وهى تدخل الأهل في الحياة الزوجية، وعدم وعي الزوج والزوجة بأهمية الأسرة.
وأضافت: "وهناك تغيرات تطرأ على الأسرة منها الاستقلال المادي جعلت الزوجين قادرين على اتخاذ قرار الطلاق، و سيتم الاعلان خلال الفترة المقبلة عن نتائج الدراسة والتوصيات التي يجب أن تتخذ في مراكز المقبلين على الزواج".
وتابعت: "إننا في حاجة ماسة لتصحيح مفاهيم وبناء مفاهيم جديدة منها تحمل المسئولية والقدرة على الحوار ، وتفهم طبيعة العلاقات الجنسية وهو ما يحتاج توعية طبية ووسائل الإعلام تصورها بشكل مبالغ فيه".
وقالت الدكتورة ميرفت منصور طبيبة نساء وتوليد ورئيس المجلس للأمومة والطفولة الأسبق: "العلاقات الجنسية الفاشلة تكون سبب رئيسي في التنافر بين الزوجين والطلاق المبكر وهو ما يسترعي ضرورة إقامة ندوات تثقيفية وجلسات مشورة ومناقشات بين الزوجين من خلال جهة معتمدة يحصل منها على شهادة وتكون هذه الشهادة أحد الأوراق المطلوبة لاتمام الزواج عند المأذونين .
وبدورها قالت ماجدة النويشي رئيس المجلس القومي للمرأة بالإسماعيلية: "للأسف تحتل الإسماعيلية المرتبة الأولى في نسبة الطلاق على مستوى الجمهورية وهو ما يثير القلق وهو ما دفعنا للبدء في إقامة ورش عمل مع المتخصصين لمناقشة الظاهرة تمهيدأ لإقامة مركز متخصص لإعداد المقبلين على الزواج".