الاحاديث النبوية وأهل القرأن
الاحاديث النبوية وأهل القرأن

في الإثنين ١٥ - ديسمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

الاحاديث النبوية وأهل القرأن

 راسلوا الكاتب-ة  مباشرة حول الموضوع


شامل عبد العزيز
s_rajebo@yahoo.com
الحوار المتمدن - العدد: 2496 - 2008 / 12 / 15

قرأت كتيب بقلم الدكتور اسماعيل احمد ادهم عضو اكاديمية العلوم الروسية ووكيل المعهد الروسي للدراسات الشرقية بعنوان( من مصادرالتاريخ الاسلامي) وهو عبارة عن مذكرة علمية أنتقادية يبحث في ماهية الحديث والرواية ونشأتها وحلقات تطوُرهما من عصر الرسول الى القرن الثالث الهجري ويخرج من ذلك بأدلة قاطعة على انتحال الاحاديث والاسانيد وهو فصل من كتاب ( حياة محمد ونشأة الاسلام) الطبعة الاولى والمطبوع في مطبعة صلاح الدين الكبرى.
ليس تصحيحاً لمُسمى الكتيب الذي ألفه الدكتور ولكن من باب المعلوم لدى المسلمين ان يكون أسم الكتيب وهو الاحق ( من مصادر التشريع الاسلامي) والسبب هو ان للمسلمين مصدرين أساسيين للتشريع . الاول وهو القرأن والثاني هو الحديث مع العلم ان الادلة بعد ذلك وباتفاق المسلمين هما الاجماع والقياس اللذان يستندان بدورهما على القران والسنة. وطبعا هذا الرأي الذي اقول انا به منقول عن علماء المسلمين في كتبهم لايوافق عليه اهل القران ولكنهم يوافقون على ان الاحاديث منتحلة متنا وسنداً اي ان اهل القران يوافقون على الجزء الذي يتطابق مع ارآهم ويرفضون الباقي . وبما ان الكتيب يبحث في ماهية الرواية وانتحالها فانه سوف يكون مطابقا لمبدا اهل القران.
في الكتيب فعلا أدلة قاطعة على مايقول الدكتور وعلى مايقول اهل القران بان الاحاديث منتحلة.
طبعا ليس الغرض من المقال هو استعراض نشأة الحديث وان اهل القران ارآهم صحيحة بصدد ذلك ولكن في نهاية ماقاله الدكتور سوف تبرز لنا اسئلة من خلال الطرح مهمة جدا وعلينا الالتفات اليها وسوف نوردها في اخر المقال؟
بعد ان يستعرض الدكتور ظهور الاسلام في فلوات جزيرة العرب وانه بدأ في مكة ولم يدم طويلا حتى انتشر في جزيرة العرب ثم لم يلبث بعد ذلك ولعوامل اجتماعية واقتصادية ان غزا سوريا ومابين النهرين ولم يأت اواخر القرن الاول الهجري حتى كان الاسلام قد ملك ناصية المشرق من الصين الى الاطلنطي.
أقترنت نشأة المدنية الاسلامية بخلافات داخلية فتحت ابواب الانتحال امام رجال ذلك الجيل فانغمر التاريخ الاسلامي بعشرات الالوف من الروايات الكاذبة بل والمئات المولفة من الاحاديث المختلقة على الرسول وكان لهذا الانتحال اسباب عديدة فكثيرا ماكان الدين يدفع رجاله لانتحال الروايات التاريخية والاحاديث النبوية لاثبات بعض وجهات النظر الديني يسوقنا الى هذا النظر في الخلافات الدينية التي استعرت نارها خلال القرنين الاول والثاني للهجرة بين انصار علي وانصار معاوية وماعقب ذلك من نضال بين السنة والشيعة والمعتزلة.
ان السياسة والخلافات التي قامت بين بني أمية وبين بني هاشم الى صدر الدولة العباسية كان لها يد لاتنكر في الانتحال و هذا الانتحال كان لغايات دينية ومأرب سياسية.
هكذا غابت حقائق التاريخ الاسلامي في طيات الاقاصيص التي ابتدعتها العقول خلال القرنين الاول والثاني للهجرة واختلط فيها قليل من الحقائق بكثير من الاوهام.
اذن يستنتج الدكتور ان الحديث مختلق جله ان لم يكن كله. وان السيرة معظمها أقاصيص.
ان الحديث بما فيه من الروايات المستفيضة له قيمة دينية اذ يقوم عليه جانب كبير من التشريع الاسلامي واصوله.
فكيف اذا كان منتحلا وتتطرق اليه الشكوك ؟ هذا معناه انه يجعل جانبا من اصول تشريع الاسلام ينهار..........؟؟
نعود مرة اخرى.......
الحديث معناه الرواية وهو ماورد عن الرسول من قول وفعل وتقريرويشير الدكتور بقوله: ليس هنالك حد فاصل بين الحديث والسيرة
فالحديث يتناول ماقاله الرسول
والسيرة تتناول حياته وافعاله
هنالك صعوبة في هذا التفريق بين المدلولات وذلك لتشابك الخيوط والتداخل ولكن اذا تعمقنا في الدراسة فاننا سوف نجد اقتناعا باعتبارهما شيئا واحداً.
يعلم كل مطلع على علم الحديث مقدار الارتباط القائم بين الحديث والاسناد .
يبدأ الحديث وجوده من الشخص الذي دونه ويرتقي في جوف الماضي الى قول قاله النبي او واقعة شاهدها احد الصحابة عنه فحدثها لغيره وهذا نقلها بدوره لاخر حتى وصلت الى مدون الحديث.
بتعبير آخر إن ماقاله النبي او فعله نقله ( ا) الى (ب) شفاها ثم أبلغه (ب) الى (ج) الذي رواه الى(د) الذي هو مدون الحديث.
الحديث اذن هو المتن المتسلسل رواية من (ا) الى(د) متنقلا بين (ب) و(ج).
الاسناد هو التسلسل ذاته يعني انه سلسلة الرواة الذي سار فيها الحديث حتى مدونه.
اذن يقوم الحديث على اساس اولي هو حفظه وانه قام بلا اسناد ثم جُعل له فيما بعد مايعرف بالاسناد اي انهما لم يكونا متواقتين.
ان الطبري هو الذي اعطى في مقدمة كتابه ( تاريخ الامم والملوك) بيانات قيمة في نشوء الحديث وان اول شخص يجب ان نعترف به هو عروة بن الزبير بن العوام الاسدي في جمع الاحاديث وحفظها وان الزبير لايسند الاحاديث الا لنفسه وتحديدا في عصر الخليفة الاموي عبد الملك بن مروان اي بعد وفاة الرسول بمدة اكثر من نصف قرن وفي الدورة التي ظهر خلالها التابعين وتابعيهم كان اكبر راو للحديث لايجد في نفسه حاجة الى ذكر الذين نقل عنهم وصح نقلهم عن النبي. هناك احاديث في الكتب ترتقي في اسنادها الى المحدث عروة بن الزبير. سؤال؟ ماهو المصدر الذي استقى منه عروة الاحاديث لانه لم ينقلها عن النبي راسا لان الزمان تأخر به عن الرسول؟
اذن الاسناد من عمل العصور المتاخرة؟
ان الحديث بدا في تدوينه عمر بن عبد العزيز وان الحديث كان قبله مستمرا على مايعرض فيه من عوارض السهو والاغفال وما يدخل عليه من الشبه والتاويلات وعلى ان بعض الثقاة ربما اخذوا من غير الثقات حتى كانت خلافة عمر بن عبد العزيز.فرأى الحديث معلقا بافراد الرجال وكانت قد فشيت في زمنه اشياء مما يتعمد فيها الكذب فكتب الى ابي بكر بن حزم : ان انظر الى ماكان من حديث الرسول فاكتبه ان خفت على دروس العلم وذهاب العلماء وكان قبل هذا الحديث لايدون الا عند نفر من الصحابة كابن عمر وبعض التابعين كعروة ابن الزبير. ثم امر عمر بن عبد العزيز الزهري عالم الحجاز فدون الحديث حتى انتهى الامر الى مالك بن انس فصنف الموطأ وكذلك الى ابن جريج في مكة والاوزاعي بالشام والثوري بالكوفة وابن دينار بالبصرة فكتبوا الحديث وهذا يدل على ان العصر الاول ماكان يعرف تدوين الحديث وان تدوينه من اعمال القرن الثاني.
اذن الحديث كُتب بعد وفاة النبي بمائة سنة او اكثر وبعد ان فشت في الدولة الاسلامية دعايات سياسية واخرى دينية كان اختلاف الاحاديث والروايات بعض وسائلها الى الذيوع والانتشار.
أن اقدم مصدر لحياة الرسول ماكتبه عبد الملك بن هشام المتوفي سنة 213 هجرية ومصدر اعتماده على محمد بن اسحاق المتوفي سنة 151 هجرية.
ان ابن اسحاق لايعرف الاسناد وقد أورد كل بحوثه دون ان يجد في نفسه حاجة ماسة الى ذكر من صح رواية عنهم اي ان الاسناد كان في ضمير الدهر ولم يتمخض عنه الفكر بعد.
وبين المقارنة بين حالة الاسناد في الدورة السابقة لعهد مالك بن انس والدورة اللاحقة له يتبين لنا ذلك.
ان ماتركه الربيع بن الصبيح وسعيد بن ابي عروبة في بطون امهات كتب الحديث والسير ترينا الحلقة التي بدأت الاسانيد وجودها منه.
ان الحيرة تاخذك الى ابعد ماتكون عندما تقرأ:
قال ابن اسحاق. او
روى عن ابن اسحاق. او
حدث ابن اسحاق.
واغرب شي تجد: روى عن احد افراد الاسرى. او روى عن ثقة.
هذا اضطراب ونقص ولنا ان نسأل لِما لم يذكر لنا ابن اسحاق اسم من نقل عن اخر. ثم يهمل ابن اسحاق المصادر التي استقى منها معلوماته.
سوف نضرب مثالا لذلك : ان المعاهدة التي عقدها الرسول في المدينة مع اليهود ذات اهمية تاريخية عظيمة. مثل هذه المعاهدة مر عليها ابن اسحاق دون ان يُشير الى المصدر الذي استقى منه معلوماته.
من هذا نعلم ان ابن اسحاق ماعرف الاسناد ولا كان يعرف التقيد بالمصادر التي يأخذ عنها.
ان طريقة ابن اسحاق لم ترق في اعين علماء الحديث فطعنوا به وجرحوه.
هناك سؤال يطرح نفسه؟ في احاديث البخاري نرى انها قد صُبت في قالب منظم فمن اين استقى البخاري معلوماته اذا علمنا ان ابن اسحاق هو المدون الاول والذي كان لايبالي بالاسناد ولم يذكره وان كل الذين جاءوا بعد ابن اسحاق هم عيال عليه فكيف نجد العنعنة عند البخاري المتوفي سنة 256 هجرية؟ سؤال كبير جدا؟
اذا علمنا ان الاسناد من فعل العصور المتاخرةوان القرن الاول والنصف الاول من القرن الثاني كان يجهله ومن الغريب ان نرى المتاخرين من مدوني الحديث يسندون الاحاديث الى رواتها حتى عهد الرسول مع ان القدماء لم يعرفوا الاسناد ولم يذكروا عمن اخذوا وصح اخذهم عن غيرهم.؟
من اين آتى للمتاخرين من المحدثين سلسلة اسماء الرواة حتى عهد الرسول مع ان القدماء منهم لم يرووا لنا عمن اخذوا؟؟
هذه معضلة من معضلات الحديث ولاجواب اللهم الاً القول بان المتأخرين من المحدثين اختلقوا الاسناد اختلاقا ليصبغوا الحديث بصبغة علمية؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ان الاحاديث المروية عن السنين الاولى من حياة الرسول حتى بعثته ليست قائمة على اسناد وليست ذاهبة الى راورأى ماحدث بعينييه .
يعترف علماء الحديث صراحة ان يد الاختلاق أوجدت احاديثا لاعد لها ولاحصر ولكنهم لم يفكروا انه من السهل جدا ان يصل الاختلاق الى الاسناد فيوجد اسانيد ظاهرها صحيح وهي في الحقيقة مختلقة ذلك لان مثل هذا التصور كان يؤدي الى وأد الحديث والشك في صحته؟
هذا النووي في شرحه على مسلم يقول:
وقوم كانوا يتحرون فقط ان يكون الكلام حقا في ذاته فيستجيزون نسبته الى الرسول فقد قال خالد بن يزيد: سمعت محمدا بن سعيد الدمشقي يقول( اذا كان كلام حسناً لم ار بأساً ان أجعل له اسناد)
هذه العبارة هامة لانها تُثبت أن الاختلاق وصل فعلا الى الاسناد فكم من حديث نطمئن اليه بدعوة صحة سنده وفي الواقع ان هذا الاطمئنان ضعف في النظر . فمن يدريني ان الاختلاق لم يصل الى الاسناد؟؟؟
ومن يدريني ان الحديث ليس مختلقا مع اسناده؟؟؟
مسألة هامة كل الاهمية لم تطرأ على بال احد وبقيت سرا في جوف الزمان الى اليوم؟؟؟
الاسئلة؟؟؟
هل ان المسلمين كانوا ومنذ مايزيد عن الف عام وحتى الان يتعبدون بالوهم؟
هل نؤدي شرائع ديننا ونحن لانعلم من اين جاءت النصوص التي تأمر بذلك؟
هل نتعبد على اشياء غير حقيقية واشياء تم درجها ضمن المصالح السياسية والدنيوية من قبل المنتفعين؟
كيف يمضي المسلم قُدما في تنفيذ احكام وشرائع هي من وحي الخيال ويبقى معتقدا انه يتقرب الى الله؟
انها مسالة خطيرة جداً اذا ترسخ في وعينا ان الاحاديث ليست سوى ابداعات اصحابها في سبيل تحقيق غاياتهم مع العلم ان عوام المسلمين اخذوها كما هي دون نقاش ودون اعمال للعقل واعتقدوا انهم ينفذون اوامر الله.
تلك اذن كارثة لاريب فيها؟؟؟؟؟؟

اجمالي القراءات 7831