للمرة الثالثة خلال 15 شهرًا فقط، أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تغيير مستشاره للأمن القومي؛ حيث قام باختيار المحامي جون بولتون بدلًا من الجنرال هربرت مكماستر. لطالما كانت خطوة تغيير مستشار الأمن القومي هي خطوة مؤثرة للغاية في السياسة الأمريكية، فهو يملك صلاحيات قد تفوق وزراء الدفاع، والخارجية، أو حتى جميع الوزراء، كما أن نفوذه قد يكبر نفوذ نائب الرئيس نفسه، ليعتبر بذلك صاحب النفوذ الأكبر في البلاد بعد الرئيس مباشرةً.
لماذا أقيل مكماستر؟ وما هو الدور الروسي في تغيير مستشاري الأمن القومي للولايات المتحدة الأمريكية؟ ولماذا ينال مستشار الأمن القومي نفوذًا لا يحصل عليه أي من الوزراء أو المسؤولين؟ كل هذا وأكثر هو ما سنحاول كشفه خلال هذا التقرير.
على خُطَا ريجان وأيزنهاور.. ترامب يريد تحقيق رقم قياسي
منذ استحداث منصب مستشار الأمن القومي عام 1953، جرى العُرف بين الرؤساء الأمريكيين على اختيار مستشار واحد فقط للأمن القومي خلال كل فترة رئاسية؛ أي أنه عادةً ما يختار الرؤساء مستشارين اثنين للأمن القومي خلال مدة رئاستهم للولايات المتحدة الأمريكية، التي لا يمكن لها أن تزيد عن فترتين فقط.
الجدير بالذكر أن هذا العُرف سرى على جميع رؤساء أمريكا منذ عام 1953 وحتى الآن، باستثناء ثلاثة رؤساء فقط، ترامب رابعهم، هم دوايت أيزنهاور، ورونالد ريجان، وباراك أوباما، بالإضافة إلى ترامب.
وفي الوقت الذي اتخذ فيه الرئيس الأمريكي، أيزنهاور، خمسة مستشارين للأمن القومي خلال فترة حكمه بين 1953 وحتى 1961، جاء ريجان لينال الصدارة في عدد مستشاري الأمن القومي، وذلك برصيد ستة مستشارين للأمن القومي في فترة حكمه التي تراوحت بين 1981 و1989.
أمَّا فيما يتعلَّق بالرئيس السابق باراك أوباما، فقد عيَّن ثلاثة مستشارين للأمن القومي طوال فترة رئاسته بين عامي 2009 و2017. غير أن الرئيس الحالي، دونالد ترامب، قام خلال 15 شهرًا فقط بتعيين ثلاثة مستشارين للأمن القومي، بالإضافة إلى رابعٍ، هو كيث كيلوج القائم بأعمال مستشار الأمن القومي، تولى المنصب فترةً مؤقتة وصلت إلى سبعة أيام فقط إلى حين تعيين بديل للجنرال مايكل فلين.
ويبدو أن الإحصائيات تشير إلى أن الرئيس الحالي، دونالد ترامب، يسعى إلى تحقيق رقم قياسي جديد في عدد مستشاري الأمن القومي للولايات المتحدة الأمريكية خلال فترة رئاسته؛ قد يكون ذلك نابعًا من إرادته كسر أرقام سابقيه مثل رونالد ريجان، ودوايت أيزنهاور، خاصةً في ظل المخاوف بشأن انتخابه لفترة رئاسية جديدة؛ حيث الأمر الواقع، وخاصةً فضيحة التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لمساعدة ترامب على الفوز، تشير إلى عدم رضا في الرأي العام الأمريكي بأداء ترامب، بل وسعي الكثيرين إلى إزاحة ترامب عن الحكم، ومحاكمته، خاصةً في ظل الفضحية الأخيرة التي عُرفت باسم فضيحة «كامبريدج أناليتيكا» والتي هي أيضًا مرتبطة بالتدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، وذلك بالاستعانة بموقع التواصل الاجتماعي الأشهر، فيسبوك، الذي عملت شركة «كامبريدج أناليتيكا» البريطانية من خلاله لتغيير سلوك الناخبين في الانتخابات الأمريكية، وتوجيههم إلى انتخاب ترامب بدلًا من مرشحة الحزب الديمقراطي أمام ترامب، هيلاري كلينتون.
بسبب انعدام الثقة لدى ترامب.. ارتباك في البيت الأبيض
في الخامس عشر من مارس (آذار) 2018، نشرت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية خبرًا حول قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إزاحة مستشاره للأمن القومي، هربرت مكماستر، وذلك وفقًا لأقوال مصدرها خمسة أشخاص مقرَّبين من الرئيس الأمريكي حينها. وأضافت الصحيفة أن القرار سيتم الإعلان عنه في وقتٍ لاحق، وذلك نظرًا لأن الرئيس يريد لمكماستر الخروج المُشرِّف من البيت الأبيض، وليس الخروج المهين، وذلك لحين الاتفاق على خليفته في المنصب، الذي من المُتوقَّع أن يكون شخصًا قويًا، فيما أكدت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأخبار التي أعلنت عنها «واشنطن بوست».
وذكرت الصحيفة أن ترامب كان نادرًا ما يتعامل مع مكماستر شخصيًا، مشيرةً إلى أن هناك حالة واسعة من الاضطراب داخل البيت الأبيض حول المناصب الكبرى للمسؤولين البارزين هناك؛ حيث إنه من المُتوقَّع أن يلي مكماستر عدد من التغييرات الجذرية الأخرى في البيت الأبيض، مما يُعرِّض الموظفين هناك للخوف وعدم اليقين، وذلك بسبب قرارات الرئيس ترامب الذي يُوصف بـ«المتهوِّر».
غير أن حركة الاضطراب الموجودة في البيت الأبيض أُرجع سببها إلى شخصية ترامب نفسها، مدعومًا بما اعتبره انتصارًا شخصيًا له عندما اتخذ عدة قرارات هامة خلال الفترة الماضية، والتي كان أبرزها فرض رسوم على الصلب والألومنيوم، بالإضافة إلى الموافقة على مقابلة الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونج أون؛ حيث أكد مسؤول في البيت الأبيض أن ترامب يقوم في الفترة الحالية بتقييم فريق، وإجراء تعديلات وتغييرات في دائرته الداخلية، وذلك من أجل الإبقاء فقط على أولئك الذين يحترمون أسلوبه المُتقِّلب غير التقليدي.
إلا أنه في الوقت نفسه، أعلن البيت الأبيض في اليوم نفسه أنه «لا تغييرات» في تشكيل مجلس الأمن القومي الأمريكي، والذي يكاد يكون مستشار الأمن القومي هو الأكثر سُلطة في هذا المجلس بعد الرئيس مباشرةً؛ حيث أعلنت سارة ساندرز، المتحدثة باسم البيت الأبيض، أن الرئيس ترامب لديه علاقة عمل جيدة بمستشاره للأمن القومي، هربرت مكماستر، وذلك في تغريدة على حسابها الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي، تويتر.
قبل أن يعود ترامب بعد أسبوعٍ واحدٍ فقط من تأكيد البيت الأبيض على بقاء مكماستر، لـيعلن عبر حسابه الشخصي على موقع التغريدات الأشهر، أنه من التاسع من أبريل (نيسان) القادم، سيصبح السفير جون بولتون مستشاره الجديد للأمن القومي خلفًا للجنرال مكماستر، مشيرًا إلى أنه شاكر لخدمة الأخير، وإلى أنه سيظل من أصدقاء ترامب.
الأكثر نفوذًا بعد الرئيس.. حساسية منصب مستشار الأمن القومي
لمنصب مستشار الأمن القومي الأمريكي أهمية خاصة قد يتعدى بها أهمية منصب نائب الرئيس، كما أن له أهمية تفوق معظم وزراء الحكومة. وتتمثل أهمية منصب مستشار الأمن القومي في بعدين أساسيين؛ الأول حساسية المعلومات التي تُعرض عليه، والثاني وجود مكتبه داخل البيت الأبيض، أي في مقر إقامة الرئيس وإدارته للولايات المتحدة.
وعلى سبيل المثال، في حال أراد أي وزير أن يتحدث مع الرئيس فعليه تحديد موعد مع سكرتارية الرئيس أولًا قبلها بساعات طويلة، وربما أيام ليتمكن من الوصول إليه، بينما يختلف الوضع بالنسبة لمستشار الأمن القومي الذي يمكنه مقابلة الرئيس بسهولة، ودون تعقيدات، طالما يتواجدان سويًا داخل البيت الأبيض.
كما يعتمد نفوذ مستشار الرئيس للأمن القومي بشكلٍ كبيرٍ على علاقته بالرئيس نفسه؛ ففي إدارات مثل إدارة نيكسون، أو إدارة كارتر، ظهر تأثير منصب مستشار الأمن القومي بشكلٍ مؤثرٍ على الرئيس، وأكثر نفوذًا من نظرائهم من وزراء الخارجية والدفاع على سبيل المثال.
فقد كان مستشار الأمن القومي للرئيس نيكسون، هنري كسينجر، هو أحد أقرب الأشخاص إلى الرئيس نيكسون نفسه؛ ولكن على الوجه الآخر، في عهد الرئيس جورج دبليو بوش، كانت كوندوليزا رايس هي مستشارة الأمن القومي لبوش حينها، غير أنها لم تكن الأكثر نفوذًا بعد الرئيس، وإنما كان نائب الرئيس ديك تشيني هو الأكثر نفوذًا بعد بوش نفسه، ومن هنا نتأكد أن الأمر متعلِّق أكثر بالإدارة الحاكمة، وشخصية الرئيس الحاكم.
هنري كيسنجر.
ومن هنا، كيف ستبدو العلاقة بين ترامب ومستشاره الجديد للأمن القومي، بولتون؟ لا نعرف ذلك بعد، ولكن أوردت عدة صحف أن الرئيس الأمريكي ومستشاره الجديد ناقشا الأدوار المُتوقَّعة لبولتون خلال الأسابيع القادمة؛ حيث تعهَّد بولتون ألا يبدأ حربًا خلال الفترة القادمة، وذلك وفقًا لما نُشر على شبكة «سي إن إن» الأمريكية، غير أن مصدرًا مُقرَّبًا من بولتون نفى بشدة أن يكون بولتون قد تعهَّد بشيء من هذا القبيل.
روسيا دائمًا هي السبب.. وبولتون كان مرشَّحًا منذ البداية
اسم المحامي، جون بولتون، سفير الولايات المتحدة السابق في الأمم المتحدة، لم يظهر فجأةً ليحصل على منصب مستشار الأمن القومي الأمريكي بدلًا من الجنرال مكماستر؛ فمنذ رحيل الجنرال مايكل فلين، المستشار الأول لترامب للأمن القومي، لم يكن الجنرال مكماستر حينها هو الخيار الوحيد أمام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وإنما اختاره من بين عدة مرشحين آخرين، عمل ترامب على المقارنة بينهم والقراءة والاستعانة بآراء آخرين عنهم كما قيل؛ ليستقر في المرحلة قبل النهائية على أربعة مرشحين هم: الجنرال كيث كيلوج القائم بأعمال مستشار الأمن القومي، والجنرال روبرت كاسلين قائد الجيش الأمريكي في المنطقة الغربية، بالإضافة إلى الدبلوماسي والمحامي جون بولتون السفير السابق للولايات المتحدة في الأمم المتحدة، وكان المدني الوحيد ضمن المرشحين للمنصب، وأخيرًا هيربرت مكماستر، ليفوز مكماستر بثقة الرئيس ويشغل منصب مستشار الرئيس للأمن القومي خلفًا لمايكل فلين.
ويبدو أن روسيا، وتدخُلها في الانتخابات الرئاسية الأمريكية هو السبب دائمًا الذي قاد ترامب إلى التخلِّي عن مستشاريه للأمن القومي؛ ففي حالة الجنرال مايكل فلين، والذي ظل في المنصب حوالي 24 يومًا فقط، تضمنت شهادته في قضية التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية اعترافًا بالتواصل مع الروس قبيل الانتخابات الأمريكية، وقبيل توليه رسميًا المنصب، بالإضافة إلى التواصل مع سيرجي كيسلياك، السفير الروسي في أمريكا، وذلك خلال الحملة الانتخابية لترامب، مما دفعه للإعلان عن تقديم استقالته في منتصف شهر فبراير (شباط) 2017.
مايكل فلين.
وسبق أن قدم فلين اعتذاره لنائب الرئيس الأمريكي مايك بنس؛ عن «تضليله» بشأن اتصالاته بمسؤولين روس، بعد أن أبلغه أنه لم يناقش العقوبات الأمريكية على موسكو مع السفير الروسي سيرجي كيسلياك، في الأسابيع التي سبقت تولي ترامب السلطة. وقال فلين في خطاب استقالته «للأسف، وبسبب تسارع وتيرة الأحداث، فقد أخطرت نائب الرئيس المنتخب وآخرين دون قصد بمعلومات غير كاملة فيما يتعلق باتصالاتي الهاتفية مع السفير الروسي. اعتذرت للرئيس ولنائب الرئيس وقد قبلا اعتذاري».
وكان فلين يشارك ترامب في عدد كبير من وجهات النظر حول قضايا مختلفة، من أهمها توثيق العلاقات مع روسيا، وإعادة التفاوض على الاتفاق مع إيران الخاص ببرنامجها النووي، بالإضافة إلى الرغبة في التخلص تمامًا من تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، كما أنه قد سبق له وصف الغزو الأمريكي للعراق في 2003 بـ«الخطأ الاستراتيجي الفادح»، وهو ما قاله ترامب أيضًا.
ويبدو أن الأمر متعلِّق بروسيا أيضًا في حالة رحيل مكماستر عن المنصب؛ حيث إن إعلان استبدال جون بولتون بمكماستر جاء بعد يومين فقط من غضب الرئيس على مكماستر، وذلك بسبب تسريبه وثائق إعلامية حميمية تتعلَّق بمحادثة ترامب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبل بضعة أيام؛ حيث هنأ ترامب بوتين على إعادة انتخابه رئيسًا لروسيا، وهو ما كان رفضه عدد من مساعدي ترامب، أبرزهم مكماستر. وبرغم نفي البيت الأبيض أن يكون هذا التسريب هو سبب مغادرة مكماستر، إلا أنه من المؤكد أنه عامل كبير في رحيل مكماستر.
لم يتعلق الأمر هنا بروسيا فقط، بل إنه يمتد للشهر الماضي؛ إذ غضب ترامب على مكماستر خلال الشهر الماضي، وذلك بعد أن أكد الأخير أن الأدلة التي تدل على تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية الأمريكية «لا تقبل الجدل»، وذلك في أعقاب نشر أكثر من 10 لوائح اتهام من مكتب روبرت مولر؛ حيث انتقد ترامب مستشاره للأمن القومي، هربرت مكماستر، على موقع التغريدات الأشهر، تويتر.
وبالإضافة إلى هذا وذاك، اشتكى ترامب عدة مرَّات من أن جلسات مكماستر الإعلامية طويلة للغاية، وأنه يُدلي بمعلومات غير ذات صلة.
مهندس حرب العراق
إذا أردت السلام فاستعد للحرب.
كانت هذه هي الكلمات التي أدلى بها مستشار الأمن القومي الجديد للولايات المتحدة الأمريكية، جون بولتون، والتي اعتبرها تعبر عن استراتيجيته فيما يتعلق بالأمن القومي الأمريكي؛ حيث أكد بولتون أن على الولايات المتحدة أن تستعد للحرب، وذلك من أجل تأمين السلام؛ حيث يتبنَّى بولتون استراتيجية الحروب الوقائية من أجل حماية الأمن القومي الأمريكي.
تعليق بولتون أوضح للكثيرين أن الفترة القادمة قد تشهد سياسة خارجية أمريكية أكثر تشددًا مما هي عليه في الوقت الحاضر.
ويعتبر بولتون أحد المحافظين الجدد المتشددين في الحزب الجمهوري، وبرغم شغله عددًا من المناصب الهامة خلال فترة حياته السياسية منذ ثمانينيات القرن الماضي في عهد الرئيس الأمريكي السابق، رونالد ريجان، إلا أنه خلال السنوات الثلاث الماضية ظل يعمل محللًا لدى قناة فوكس نيوز، وفي الوقت الذي اعتبر فيه بولتون شخصية هامشية في السياسة الأمريكية خلال الفترة الماضية، إلا أن مسؤولين في البيت الأبيض أشاروا إلى أن اختيار بولتون ليكون مستشار الأمن القومي الجديد جاء بسبب إعجاب ترامب بتحليلات بولتون التي ظهرت على شبكة فوكس نيوز، مما ساعد على إنجاز مهمة اختياره بسهولة.
ويشتهر بولتون، صاحب الـ69 ربيعًا، والذي يملك شوارب ضخمة، لا يحبها ترامب كما أُشيع، إلا أنه بشكلٍ عام، لم يُعرِب ترامب عن أي قلق حول وجهات نظر بولتون المشهورة، والتي قد لا تتوافق مع رؤى ترامب الانعزالية للسياسة الخارجية، والتي دائمًا ما يُروِّج لها ترامب.
الجدير بالذكر أن ما يزعج الخبراء بشأن بولتون أنه على مدار سنوات عمله في الحكومة، كان دائمًا مؤيدًا للحلول العسكرية على الحلول الدبلوماسية فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، قد يثير ذلك عددًا من المخاوف خاصةً في ظل أن ترامب لا يقرأ التقارير الاستخباراتية اليومية عادةً، وإنما يعتمد بشكل رئيسي على الإحاطات الشفوية، ومن هنا قد يلعب بولتون دورًا كبيرًا جدًا في التأثير على السياسة الخارجية الأمريكية.
وخدم بولتون مع عدد من الرؤساء الجمهوريين البارزين، مثل رونالد ريجان، وجورج بوش الأب، وجورج دبليو بوش؛ حيث عينه الأخير مبعوثًا للولايات المتحدة في الأمم المتحدة، مما تسبب في توجيه عددٍ من الانتقادات لبوش حينها، بالإضافة إلى الانتقادات التي تلقاها شخص بولتون من دبلوماسيين؛ حيث وصفوا أسلوبه خلال هذه الفترة بأنه حاد جدًا.
وساعد بولتون في بناء ملف امتلاك صدام حسين لأسلحة الدمار الشامل، الذي كشف لاحقًا أنه كان خاطئًا، فضلًا عن دفاعه بقوة عن غزو العراق، غير أن تأثيره في فترة حكم الرئيس بوش الابن بين عامي 2001 و2009، كان له دورٌ كبير في غزو العراق؛ فقد عمل مع بوش منذ عام 2001، بالإضافة إلى توليه منصب سفير الولايات المتحدة الأمريكية للأمم المتحدة عام 2005، الأمر الذي جعل الكثيرين يُطلقون عليه لقب «مهندس حرب العراق».
وقد كان لبولتون من قبل عددٌ من المواقف الشهيرة، والتي برزت فيها وجهات نظره حول الأمور المختلفة، فقد دافع في مقالات رأي كتبها عن دعوته لاستخدام القوة العسكرية ضد كوريا الشمالية وإيران؛ حيث قال في إحدى المناسبات إن «القصف هو السبيل الوحيد لإيقاف البرنامج النووي الإيراني».
وفيما يتعلق بالأزمة السورية، يقف مستشار الأمن القومي الأمريكي الجديد ضد الرئيس السوري بشار الأسد ويسعى لتغيير في سوريا، مع ثبات موقفه الصارم من إيران.
أمَّا فيما يتعلق بملف الصراع الإسرائيلي الفلسطيني فقد سبق أن صرح بولتون بأن حل الدولتين قد مات، وذلك في إشارة إلى الانسجام الكبير مع توجهات ترامب؛ حيث قال بولتون مرارًا إنه لا يرى مانعًا في نقل السفارة الأمريكية في إسرائيل إلى القدس، وذلك حتى قبل القرار الأمريكي بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وإعلان نية نقل السفارة الأمريكية إليها. وهذا ما سيعني المضي في سياسة ترامب المتعلقة بهذا الصراع. وفي الوقت نفسه، كان لبولتون دور رئيس في إلغاء قرار الأمم المتحدة الذي ساوى بين الصهيونية والعنصرية.