حرب الخمور

رضا البطاوى البطاوى في الجمعة ٢٤ - أكتوبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

حرب الخمور
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين واصطفى وبعد :
يدور هذا الكتاب حول حرب الخمور أى المخدرات .
الخمر والمخدرات :
من الأخطاء الشائعة التفرقة بين كلمة الخمر وكلمة المخدرات فى المعنى فهى ألفاظ تعنى حجب العقل عن التصرف السليم ،والخمر كلفظ معناه الساتر الذى يقيم حائل بين شىء وشىء أخر فمثلا الخمار وهو غطاء الرأس والصدر ساتر يحول بين نظر الرجل وجسد المرأة العارى ممثلا فى شعرها ورقبتها وأعلى الصدور والخدر كلفظ معناه &Ccedicedil;لساتر بين شىء وشىء أخر فمثلا يطلق على النساء ربات الخدور أى صاحبات الأماكن المحجوبة عن أعين الغرباء والمراد بالخمر أى المخدرات فى كتابنا هذا هو كل مادة تؤدى لوجود حائل بين الإنسان وبين استخدام عقله فى التصرفات ولا يهم إذا كانت هذه المادة فى شكل شراب أو فى شكل مسحوق ناعم أو فى شكل أقراص أو فى شكل بلورات أو فى شكل كرات صغيرة أو فى شكل مادة تدخن أو فى أى شكل أخر يخترعه أهل الخمر ويدلنا على هذا أن كلمة الخمر فى القرآن لم تختص بالشراب وإنما جاءت عامة فى المواضع الأربعة الشهيرة وهى :
قوله تعالى بسورة البقرة "يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما "فهنا ذكرت الخمر دون توضيح لشكلها وقوله بسورة النساء "يا أيها الذين أمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون "فهنا ذكرت نتيجة تعاطى الخمر وهى السكر وقوله بسورة المائدة "يا أيها الذين أمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون "فهنا ذكرت دون بيان لشكلها وفى قوله بسورة النحل "ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا "فهنا سميت سكر دون توضيح لشكلها وحتى آية سورة يوسف "إنى أرانى أعصر خمرا "لا تدل على أن الخمر هى شراب وإنما عصير والعصير يتخذ أشكال مختلفة كالشراب فى حالة العنب وكالقطع المتجمدة وذلك فى نبات الحشيش عندما يشق فيخرج منه عصير ما يلبث أن يتجمد وكالبلورات فى حالة العنب عندما يحدث للشراب حالة ترسيب .
الخمر فى القرآن :
وردت المعلومات التالية عن الخمر :
أن الناس يصنعون من ثمار النخل وهى البلح وثمار العنب السكر وهو الخمر وفى هذا قال تعالى بسورة النحل "ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ".
أن الله نهى المسلمين عن تناول الخمر قبل الصلاة بوقت كافى حتى لا يسكروا ومن ثم يعلموا ما يقولون فى الصلاة وفى هذا قال بسورة النساء "لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ".
أن الناس سألوا النبى (ص)عن حكم الله فى تناول الخمر ولعب الميسر فكان الرد فيهما إثم عظيم وفوائد لبعض الناس وأذاهما للناس أعظم من فوائدهما وفى هذا قال بسورة البقرة "يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما ".
أن الله كما حرم الخمر بالآية السابقة حرمها فطلب من المؤمنين إجتنابها كليا بقوله بسورة المائدة "يا أيها الذين أمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون ".
أن الخمر تنتج من العصر وهو الضغط على المادة وفى هذا قال تعالى بسورة يوسف "إنى أرانى أعصر خمرا ".
أن الله أعد للمسلمين فى الجنة أنهارا من الخمر اللذيذة التى لا تسكر ولا تضر متناولها وفى هذا قال بسورة محمد "وأنهار من خمر لذة للشاربين ".
حقائق عن الخمر :
1-أن الخمر أى المخدرات تسبب السكر وهو حالة تعنى عدم دراية السكران بالأقوال والأفعال التى يرتكبها طوال فترة السكر .
2-أن كل ما تسبب فى حدوث حالة السكر هو خمر أى مخدر ولذا فهو حرام .
3-أن أنواع الخمر كثيرة وذلك حسب المادة الرئيسية التى تدخل فى صناعتها .
4-أن المدمنين وأصحاب النفع من وراء تجارة الخمر يسمونها بأسماء غير اسمها الحقيقى وهو الخمر أى المخدرات مثل المشروبات الروحية والمشروبات الكحولية .
5-أن الخمر يشترك فى ارتكاب جريمتها كل من متناول الخمر وساقى الخمر للمتناول وبائع الخمر وشارى الخمر وعاصر الخمر وحامل الخمر والمحمولة إليه الخمر وهؤلاء بعضهم قد يكون صاحب صفتين أو أكثر مما سبق .
6-أن قليل الخمر يتساوى مع كثير الخمر فى الحرمة فالعبرة بوجود الخمر وليس بكميتها .
7-أن كل من يشترك فى جريمة الخمر أيا كانت صفته لا يكون مسلما وقت ارتكابه للجريمة وإنما يكون كافرا .
8-أن بيع الخمر حرام ومن ثم فصناعتها حرام وتناولها حرام .
9-أن كل من يبيع أى مادة سواء كانت محاصيل نباتية أو غيرها لمن يصنع الخمر وهو عالم بأنه سيستعملها فى صناعة الخمر يكون كافرا هو الأخر .
الخمر والمسكنات :
هناك فرق بين الخمر أى المخدرات والمسكنات فالمخدرات هى المواد الضارة بعقل وجسم الإنسان وأما المسكنات فهى مواد قاضية على ألم الجسم وهى تتخذ أشكال دوائية مختلفة وأحكام استخدامها هى:
الإلتزام بأوامر الطبيب الآمر بها .
عدم أخذها دون استشارة الطبيب فى حالة الآلام التى لا معرفة للإنسان بها .
ومن المفارقات الغريبة أن مصدر المسكنات والمخدرات واحدة تقريبا وهذا من حكمة الله حيث يجعل فى الشىء الواحد نعمة ونقمة فمثلا الحشيش يستخرج منه مادة مسكنة تستعمل كدواء ويستخرج منه مادة مخدرة تستعمل كخمر وقد خلق الله هذه المصادر لكى يختبر الإنسان أيستعملها فى ما أمر الله به أم يستعملها فيما حرمه الله وأحكام المصادر وهى النباتات وغيرها هى :
-تستعمل النباتات فى الغالب كطعام .
-إذا صنع من ثمار النباتات عصير يجب ألا يمر عليه يوم إلا وقد شرب .
-تستعمل المواد الخاصة فى النباتات كمسكنات للألم .
-لا يجوز استعمال المواد الخاصة فى غير أحوال الألم .
أنواع الخمر :
تنقسم الخمر وهى المخدرات لأنواع متعددة تختلف باختلاف أساس التقسيم ومن تقسيماتها التالى :
1- تنقسم المخدرات حسب وسيلة التعاطى للأقسام التالية :
-المخدرات المشمومة وهى المستنشقة بالأنف كالهيرويين .
- المخدرات المشروبة وهى التى تتناول بالفم مثل الويسكى .
- المخدرات المبلوعة وهى التى تكون فى شكل قطع كالأفيون أو حبوب كحبوب الهلوسة وتتناول عن طريق الفم .
- المخدرات المحقونة التى تأخذ بطريق الحقن مثل الماكس .
- المخدرات الملبوسة والتى تأخذ عن طريق وضعها فى فتحة الشرج كقطع الأفيون .
- المخدرات المسفوفة التى تأخذ فى شكل مسحوق ناعم يبلع كعقار الهلوسة .
2- تنقسم المخدرات حسب المادة الأساسية للأقسام التالية :
- مخدرات الحشيش وهى الحشيش والحشيش السائل .
-مخدرات الأفيون وهى الأفيون والمورفين والكواديين والهيرويين وغيرها من مركبات الأفيون .
-مخدرات الكوكا وتشمل الكوكايين وعجينة الكوكا وورق الكوكا .
-مدخرات الامفتامينات وهى مواد كيماوية منها الديكسا مفيتامين والامفيتامين.
-مخدرات البابيتورات وهى مواد كيماوية منها الجلو تئميد والميثا كوالون .
-مخدرات الهلوسة وهى مواد كيماوية منها عقار ل 0 س0 ر.
-مخدرات السكر وهى العصائر المستخرجة من النباتات .
3- تنقسم المخدرات حسب الشكل للتالى :
- القطع كقطع الحشيش والأفيون -الأقراص كعقار الهلوسة .
-المسحوق كالهيرويين - كرات كالحشيش والأفيون .
-حقن كالماكس -كبسولات كالمنومات الكيماوية .
وهناك تقسيمات أخرى لا داعى لذكرها .
أسباب تعاطى الخمر :
إن الإدمان وهو الاعتماد على المخدر والرغبة التى لا تقاوم فى تناوله تكون أسبابها هى
1-التجربة التى انقلبت لعادة ويراد بهذا أن الإنسان قد تناول المخدر فى أول مرة على أساس أنه يجرب هذا الشىء الجديد عليه معرفته ونتيجة لشعوره بأحاسيس جميلة مرغوب فيها عند التجريب كرر التجربة بعد ذلك ولم يبتعد عن التكرار .
2-الجهل بحرمة المخدر فبعض الناس تناولوا المخدر أول مرة دون أن يعرفوا تحريم الله له ونتيجة استمرار الجهل استمروا فى التعاطى .
3-المزاح الذى انقلب لعادة والمراد أن الإنسان تناول المخدر لأول مرة على سبيل الضحك والهذار مع أصدقاء السوء ونتيجة لشعوره بتلك الأحاسيس الوهمية الجميلة فى أول تجربة استمر فى التعاطى .
4-الدواء العسل الذى انقلب لسم ويراد بذلك أن الإنسان قد تناول المخدر على أساس أنه دواء فى أول مرة وذلك عندما صدق صاحبه الذى أعطاه له كى يتغلب على الصداع وآلام الرأس أو أى ألم ونتيجة لتكرار الألم تكرر طلب الدواء الذى أصبح بعد التكرار سم يسرى فى الجسد وهناك بعض الأطباء يفعلون هذا الفعل الشنيع .
5-محاولة إثبات الذات والمراد أن الإنسان يرمى من الأخرين بأنه تافه عديم الشخصية أو يخاف من أبويه ولذا يحاول أن يثبت للأخرين العكس فيضطر لمجاراتهم فى تعاطى المخدرات .
6-قتل القلق ويراد بذلك أن الإنسان فى أول مرة يتعاطى المخدر يكون قلقا قلقا شديدا ولا يستطيع أن يسيطر على نفسه فيتعاطى المخدر كنوع من الهرب من معالجة المشكلة التى سببت القلق .
7-الفشل المستمر والمراد أن الإنسان نتيجة عدم قدرته على المقاومة المستمرة للفشل يلجأ للمخدر الذى يعتقد أنه يخلصه من مشاعر الفشل .
8- الانطوائية والمراد أن الإنسان نتيجة عدم قدرته على التعامل مع المجتمع حوله يلجأ للتقوقع حول نفسه ونتيجة الفراغ الكبير الناتج من ذلك يلجأ للقضاء على هذا الفراغ عن طريق تعاطى المخدر .
10-البيئة المنحلة والمراد بها قول الشاعر :
إذا كان رب البيت بالدف ضا رب فشيمة أهل البيت الرقص
فالبيئة التى يعيش فيها الإنسان تتعاطى المخدر فمن الطبيعى أن يتناوله الإنسان .
نظريات الإدمان :
لتفسير إدمان المخدر عدة نظريات فيما يسمونه علم النفس غير الإسلامى منها :
نظرية التحليل النفسى التى ترى أن الإدمان يعود لتوقف النمو النفسى للمدمن فى السنى الأولى من عمره أى ثبوت المرحلة الفمية وهذا الثبوت يؤدى للتركيز حول الفم فى المراحل السنية الكبيرة وذلك يعنى رغبة الإنسان فى تعاطى كل شىء يدخل الفم سواء أكل أو شراب أو مخدر أو غيره وترى أن المدمن يعانى فى السر خوف لا يقدر على مواجهته والتصدى له ولذا يتيح له الإدمان الهروب المؤقت .
النظرية السلوكية :
ترى هذه النظرية أن الإدمان نوع سلوكى عبارة عن "سلوك متعلق بإحدى وسائل التعلم وبما يثبت هذا التعلم ويقويه التعزيز أى ما يحصل عليه الفرد من إرضاء أو ارتياح أو لذة ".
وأما علم النفس الإسلامى فهو يرجع إدمان المخدر لأحد أمرين :
1- الجهل بحرمة المخدر 2- عدم القدرة على مقاومة إغواء الشيطان فى المخدر .
وعلى هذا الأساس تفسر كل أنواع المعاصى مهما كانت فارتكابها يعود إما للجهل وإما يعود لعدم القدرة أى الرغبة فى اتباع إغراء الشهوات الشيطانية .
شخصية المدمن :
إن المدمن فى الإسلام هو مجنون فكل مدمن مجنون إذا كان يعلم بحرمة الإدمان وتعاطى المخدرات والسبب هو أن عاصى لله وقد جعل الله العاصى لا يساوى الأنعام فى العقل وإنما جعله أضل فى العقل فقال بسورة الفرقان "أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم كالأنعام بل هم أضل سبيلا "وصفات المدمن وكلها قد يكون فى المدمن أو بعضها:
سرعة التقلب فهو يأتى بتصرف ما ثم يأتى بعده بلحظات قليلة بتصرف ضد التصرف الأول .
التمركز حول الذات ويراد بذلك أنه يظن نفسه الأول والأقوى فى كل شىء فيتعامل مع الأخرين من منطلق أنه القائد ولذا فهو ينطوى على نفسه كنوع من كبرياء القائد.
الهرب من الفشل فهو لا يقدر ولا يستطيع أن يتحدى مشكلاته واحباطاته ولذا يلجأ لتركها دون حل ودون أى بذل جهد للحل .
الاعتماد على الأخرين فهو من منطلق القيادة عنده يصبح على الأخرين أن يلبوا طلباته وفى الحقيقة هو لا يقدر على أن يقضى طلبات ولذا يلجأ لما تسميه العامة الصيت ولا الغنى .
أنواع المدمنين :
المدمنون أنواع وتختلف أنواعهم بحسب الأساس الذى يقوم عليه التقسيم ومن أمثلة التقسيم :
1- التقسيم حسب نوع الشخصية وفيه تنقسم المدمنون للأنواع التالية :
المدمنون الانطوائيون وهم يحبون العزلة ويخجلون ويهربون من المجتمع .
المدمنون القلقون وهم العديمو الصبر المتعجلون للأمور والذين يسهل استثارتهم .
المدمنون العدوانيون وهم الذين يتصفون بالعناد والكذب وإيذاء الأخرين .
المدمنون اليائسون وهم الذين يسيطر عليهم الحزن والإحساس باليأس وعدم جدوى الحياة .
2-التقسيم حسب وسيلة التعاطى وفيه ينقسم المدمنون للأنواع التالية :
المدمنون أصحاب الفم وهم الذين يتعاطون المخدر عن طريق الفم .
المدمنون أصحاب الفم والأنف وهم الذين يدخنون المخدر عن طريق الفم ويشمونه بالأنف .
المدمنون أصحاب الأنف وهم الذين يستنشقون المخدر عن طريق الأنف .
المدمنون أصحاب الجلد وهم الذين يأخذون المخدر عن طريق الحقن فى أى منطقة جلدية .
المدمنون أصحاب الشرج وهم الذين يتعاطون المخدر عن طريق وضعه فى فتحة الشرج.
أسباب انتشار المخدرات :
يعود إنتشار أى نوع من الجرائم لأمر من الأمور التالية :
1-ضعف العقوبة المقررة على مرتكب الجريمة مما يجعل المجرم يعود لإرتكابها.
2-ضعف الدولة التسليحى فى مقابل تسلح العصابات وأفرادها وهو أمر قليل الحدوث .
3-فساد سلطة القبض وسلطة القضاء وهذا يعنى أن سلطة القبض لها مصالح فى حدوث الجرائم كما يعنى أن رجال القضاء لهم مصلحة من حدوث الجرائم .
كذلك هى أسباب انتشار المخدرات والأدلة على هذا هى :
أن العقوبة المقررة فى المخدرات إنما هى على تاجر المخدرات وتتراوح ما بين الإعدام والأشغال الشاقة لمدد مختلفة والمفروض فى الإسلام هو حساب الكل فكما يحاسب التاجر يجب أن يحاسب المصنع لها ويحاسب المتعاطى ولكن لا نجد فى القوانين حاليا عقاب للمدمن المتعاطى وإنما نجد بديل له حيث يعالج من أموال الدولة ويجب محاسبة رجال الشرطة ورجال القضاء لسوء استخدام سلطتهم .
من تاريخ المخدرات :
يبدأ تاريخ المخدرات من صناعة أول مخدر وتناوله وقد أنزل الله وحيا على الرسل (ص)يحرم تعاطى الخمر على اختلاف أنواعها ومسمياتها ويحكى أن الحشيش أو حشيشة الفقراء كان أول مكتشف لها شيخ متصوف اسمه حيدر ولذا سموها مدامة حيدر وقد انتشرت انتشارا كبيرا لحد أن أحد حكام بلاد الأندلس كان متعاطيا لها خبيرا بها يعرف تجارها وفى هذا يقول ابن الخطيب فى كتابه نفاضة الجراب فى علالة الاغتراب عن السلطان أبو سعيد البرميخو سلطان غرناطة :
"فلقد حدث صاحب شرطته وهو لا بأس به قال أطريته باجتنباب الناس الخمر فى أيامه فقال لى فى الملأ المشهود :والحشيش ما حالها ؟قلت ما عثرت على شىء منه فقال هيهات أنزل إلى بيت فلان وفلان وعد كثيرا من الساسة والأوغاد والصفاعين – يقصد المهرجين- رسم مكامنهم وينسبهم نسبة الأصمعى أفخاد العرب وبطونها ويصف الناصح والغاش منهم بصفة وربما دعا بعض مشيختهم بالعمومة ،قال وانصرفت إلى ما ذكر فوالله ما أخطأت شيئا عما رسمه ولا فقدت شيئا مما ذكره لغشيانه بيوتهم وانخراطه فى جملة منتابيهم،يقول فهو والله أستاذى فى الشرطة "هذا وقد ظلت المخدرات مقتصرة على المشروبات الكحولية والعصيرية والحشيش والقات إلى أن جاء تصنيع المخدرات الكيماوية وقد قامت حروب الأفيون الأولى والثانية بين الصين وبريطانيا التى كانت تصدر للصين المخدرات من الهند بالقوة وبالعهود المفروضة بالقوة .
المخدرات فى ألوان كتابية :
من ألوان الكتابة التى تناولت المخدرات كموضوع الشعر والمسرحيات فمثلا يقول محمد الحجر الرعينى الغرناطى المعروف بابن خميس :
دع الخمر واشرب من مدامة حيدر معتقة خضراء لون الزبرجد
هى البكر لم تنكح بماء سحابة ولا عصرت بالرجل يوما ولا اليد
ولا عبث القسيس يوما بكأسها ولا قربوا من دنها نفس ملحد
ولا قول فى تحريمها عند مالك ولا حد عند الشافعى وأحمد
ولا أثبت النعمان تنجيس عينها فخذها بحد مشرفى مهند
وفيها معان ليس للخمر مثلها فلا تسمع فيها كلام مفند
ونسبت القصيدة لمحمد بن على بن الأعمى الدمشقى ويقول الزجال الشعبى عن شم الكوكايين :
شم الكوكايين خلانى مسكين
مناخيرى بتون وعقلى حزين
وخصص محمد تيمور مسرحية الهاوية لمعالجة مشكلة المخدرات فهو يصف آثار شم الكوكايين فى المشهد الرابع من الفصل الأول فيقول "حكمت :مش مخوفنى يا خويه إلا البتاع اللى بياخده ده اللى بتقول لى عليه ده يا خويه لما بياخده ويطلع خلقه يبقى أعوذ بالله من الشيطان الرجيم كان حيخنق الواد شحاته "ويعدد على لسان مجدى أنواع المخدرات فيقول فى المشهد السابع من الفصل الأول "مجدى لأمين :أنا كنت محشش مش معقول منحق تصدق يا شفيق إنى أحشش أنا كلى بجلالة قدرى أحشش لالا يا سى أمين أنا لا أعرف الحشيش ولا المنزول دى حاجات بلدى ما توافقش مزاجى وإذا كان ولابد إنى يعنى قدامى الوسكى والكونياك والبيره وعلى شرط تكون استوت "ويبين وجهة نظر المدمن فى غير المدمن على لسان مجدى فيقول فى المشهد الثامن من الفصل الأول "مجدى:مغفل معلوم مغفل حد يرفض تنشيقة كوكايين أما مش متمدن صحيح يا سلام يا أمين بك على تنشيقة كوكايين مع فنجان قهوة وحياة أبوك تدينى تنشيقة "ويوضح صفة من صفات المدمن فيقول فى المشهد14 من الفصل الأول "ويغادر المرسح وهو يصفر حنشش فين حنشش فين دى بقت بميتين الوقية "وفى النهاية يوضح أن نهاية المدمن هى الموت ويقدم نصيحة للمدمنين فى المشهد الأخير من المسرحية فيقول "يسرى (واقفا بجوار أمين ) :أدى أخرتك يا للى ما بتحاسبش على نفسك ولا على بيتك ولا على شرفك أدى أخرتك يا للى بتمشى فى السكة اللى ما بترجعش منها حد ".
أسباب تحريم الخمر :
لقد حرمت الخمر –أى المخدرات –لأسباب عدة هى :
1- أن مضارها أكثر من فوائدها وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما ".
ومن هذه المضار ضياع أموال المتعاطى فيما لا طائل من خلفه وبالتالى تجويع أسرته وتشريدها وضياع صحته ويقول ابن البيطار فى كتابه الدرة البهية فى منافع الأبدان الإنسانية "أن كثرة تعاطى الحشيش تورث الجنون ".
2-أن يقدر الإنسان على التصرف السليم فى أى عمل فيعرف ما يقول فى هذا العمل سواء كان الصلاة أو غيرها وفى هذا قال بسورة النساء "يا أيها الذين أمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون "فالمخدرات تجعل عقل الإنسان غائب فيتكلم بما لا يعرف صحته من خطله أى حلاله من حرامه .
وفى النهاية نقول أن الخمر وهى المخدرات بكل أنواعها محرمة يجب عقاب متعاطيها بالجلد ثمانين جلدة وعقاب صانعها وعقاب بائعها وكل من يعمل على نشرها بحد الحرابة لأن ذلك إفساد فى الأرض حيث يدمر صحة الناس ويضيع ويشرد أفراد أسر المدمنين والحمد لله رب العالمين .

اجمالي القراءات 17634