الرسل فى القرآن
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد :
هذا كتاب الرسل فى القرآن .
معانى كلمة الرسل فى القرآن :
معناها العام هو الذين يعملون شىء مكلفين به من قبل الأخرين يستوى فى هذا إبلاغ رسالة بغيره من الأعمال والمعانى هى :
1-الذين كلفوا بإبلاغ رسالات ربهم وهى الوحى وقد ذكرت بهذا المعنى بقوله بسورة إبراهيم "قالت رسلهم أفى الله شك"وقوله بسورة آل عمران "ولكن الله يجتبى من رسله من يشاء "وهو المعنى الأكثر ذكرا فى القرآن . &l.
2-الذين كلفوا بتوصيل رسالة بشرية وهدية ومن هذا رسول ملكة سبأ لسليمان (ص)حيث بعثت معهم بهدية لسليمان (ص)ليبلغوه رسالتها وهى طلبها للسلام وفى هذا قال بسورة النمل "وإنى مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون ".
3-الذين كلفوا بعمل هو إماتة من يريد الله وقد ورد فى قوله بسورة الأنعام "حتى إذا جاء أحدهم الموت توفته رسلنا "فرسالتهم هى الإماتة .
اصطفاء الرسل :
هو اختيار الله بعض أفراد من نوع ما للقيام بمهمة معينة أى يميز الله أفرادا على غيرهم ليؤدوا التكليف الذى يكلفهم به والدليل هو :
-أن الله اختار أدم (ص)ونوح(ص)وآل إبراهيم (ص)وآل عمران (ص)من الناس فجعلهم هم المصطفين وفى هذا قال بسورة آل عمران "إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ".
-أن الله اختار مريم من كل النساء فجعلها مصطفاة وفى هذا قال بسورة آل عمران "وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين ".
-أن الله اختار من الملائكة رسل وترك بقيتهم وكذلك من الناس وترك بقيتهم دون أن يختارهم وفى هذا قال بسورة الحج"الله يصطفى من الملائكة رسلا ومن الناس "والإصطفاء وهو الإجتباء وهو الإختيار لا يد ولا حيلة فيه لمن اصطفاه الله فالاختيار يقع من الله وقد نفى الله أن يكون لأحد منهم الخيرة أى إختيار الاصطفاء لأنه من عند الله وفى هذا قال بسورة القصص "وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة "وقال بسورة المائدة "الله أعلم حيث يجعل رسالته ".
فالله وحده هو الذى يعرف من اختارهم لأداء الرسالة واختيار الله للرسل أمر لا دخل للخلق فيه ومما يجب قوله أن الله إذا اختار رسولا يجعل عليه الرصد وهو الرقابة والسبب أن يعلم الله أن الرسول أبلغ رسالة ربه وما فعله الرسول من الأعمال بالعدد وفى هذا قال تعالى بسورة الجن "عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم وأحاط بما لديهم وأحصى كل شىء عددا "وإذا كان الاصطفاء بمعنى اختيار الله للرسل هو المعنى الشائع للكلمة فإن لها معنى قرآنى أخر هو الخلق فمعنى اصطفى هو خلق وقد ورد هذا المعنى بقوله بسورة فاطر "ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله "والمعنى ثم أعطينا الوحى الذين خلقنا من عبادنا فمنهم مهلك لنفسه ومنهم مقتصر على نفعه ومنهم سابق بالحسنات بأمر الله والسبب فى كون الكلمة بمعنى خلقنا هو أن المصطفى لا يكون ظالما بمعنى مهلك لنفسه أى كافر بدليل أن الله قال لكل الرسل كما بسورة الصافات "ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون "فكيف يكون الكافر منصور؟بالقطع لا يمكن حدوث ذلك وقد بين الله لنا أن سلام الله وهو رحمته هو على الذين اصطفى وهذا معناه أن كلهم بقى على إسلامه حتى موته وإلا ما جاز أن يطلب الله من رسوله (ص)أن يطلب لهم السلام وفى هذا قال بسورة النمل "وقل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى ".
لماذا يبعث الله الرسل(ص)؟
إن الله يرسل الرسل (ص)للأسباب التالية :
1-أن لا يكون للناس حجة بعد الرسل (ص)والمراد أن لا يحتج الناس عند الحساب على الله بأنه لم يرسل لهم من يعرفهم المراد منهم وفى هذا قال تعالى بسورة النساء "رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ".
2-أن يتلو الرسول الوحى على الناس أى يبين لهم حكم الله وهو البيان وهو نفسه التبشير والإنذار وفى هذا قال بسورة إبراهيم "وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم "وقال بسورة الكهف "وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين ".
3-أن يطيع الناس الرسول فيما أتى به من عند الله وهو إظهار الدين أى إنتصار الإسلام على الأديان كلها وفى هذا قال بسورة النساء "وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله ".
بعث رسول لكل أمة :
لقد أرسل الله لكل أمة فى الشرق أو الغرب رسول لا فرق بين من يسمونهم الساميين وغيرهم وهى تسمية خاطئة وفى هذا قال بسورة يونس "ولكل أمة رسول "وقال بسورة النحل "ولقد بعثنا فى كل أمة رسولا "وقال بسورة فاطر "إن من أمة إلا خلا فيها نذير ".
بعث كل رسول بلسان قومه :
لقد بعث الله كل رسول بوحى مصاغ فى لسان القوم وهى لغة الناس الذى يعيش بينهم والسبب أن يبين لهم حكم الله وهو تيسير حكم الله للذكر وفى هذا قال بسورة إبراهيم "وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم "وقال بسورة الدخان "فإنما يسرناه بلسانك لعلهم يتذكرون ".
بماذا يبعث الله الرسل(ص)؟
يبعث الله الرسل للأقوام بالأتى :
1-الوحى وهو الرسالة أى البينات أى الزبر أى الكتاب المنير وهو أساس مهمة الرسول وفى هذا قال بسورة النحل "وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحى إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون بالبينات والزبر "
2-الآيات وهى المعجزات أى السلطان أى البينات وهذا الشىء هو دليل إثبات أن الرسول مبعوث من عند الله وذلك عند البشر وفى هذا قال تعالى بسورة غافر "وما كان لرسول أن يأتى بآية إلا بإذن الله "وقال بسورة إبراهيم "قالوا إن أنتم إلا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد أباؤنا فأتونا بسلطان مبين "وهذه الآيات منعها الله عن الناس فى عهد الرسول محمد (ص)منعا تاما فقال بسورة الإسراء "وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون ".
موقف الأقوام من الرسل هو التكذيب والإستهزاء :
عندما دعا كل رسول قومه لعبادة الله وترك عبادة غيره من الآلهة المزعومة أى الطواغيت وفى هذا قال بسورة النحل "ولقد بعثنا فى كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت " وانقسم القوم لفريقين :
الأول من هدى الله والثانى من حقت عليه الضلالة وفى هذا قال بنفس الآية "واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة "وكان موقف الفريق الثانى وهو الفريق الكافر تكذيب الرسل والمراد الكفر بدين الله وفى هذا قال بسورة الأنعام "ولقد كذبت رسل من قبلك "وقال بسورة آل عمران "فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك جاءوا بالبينات والزبر والكتاب المنير "وكان التكذيب هو الاستهزاء بالوحى وقد ورد هذا بعدة سور منها قوله بسورة الحجر "وما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون "وقوله بسورة الزخرف "وما يأتيهم من نبى إلا كانوا به يستهزئون "وقوله بسورة الأنعام "ولقد استهزىء برسل من قبلك ".
وقد تحول التكذيب أى الإستهزاء لخطة عمل تمثلت فى التالى :
الإيذاء وهو محاولة إلحاق الضرر بالرسول ومن معه من المسلمين وقد كان رد الرسل (ص)على الأذى هم ومن معهم هو الصبر أى طاعة الله رغم المتاعب والآلام حتى مجىء نصر الله وفى هذا قال بسورة الأنعام "ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا "وقد أبلغنا الله أن الأذى وهو البأساء والضراء مست المسلمين وكل رسول لهم وفى هذا قال بسورة البقرة "أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا "وقد وصل الأذى إلى درجة أن تريد كل أمة قتل رسولها وفى هذا قال بسورة غافر "وهمت كل أمة برسولها ليأخذوه "أى ليقتلوه، كما وصل إلى التهديد بالطرد من البلاد فى حالة عدم عودة الرسول ومن معه لملة القوم وفى هذا قال بسورة إبراهيم "وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن فى ملتنا "ومن الأمم من نفذ التهديدات ومنها من لم ينفذ التهديدات ومن الأمم المنفذة لبعض التهديدات بنى إسرائيل حيث قتلوا بعض رسلهم وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة مخاطبا إياهم "أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون ".
الحوار بين الرسل والأقوام :
بين الله لنا التالى أن مجمل الحوار الذى دار بين الرسل والأقوام تمثل فى التالى :
قال الرسل :اعبدوا الله واتقوه وأطيعون فردت الأقوام :إنا كفرنا بما أرسلتم به وإنا لفى شك من الذى تدعوننا إليه مريب وقال الرسل :هل فى الله شك ؟خالق السموات والأرض يدعوكم ليعفو عن سيئاتكم ويبقيكم لموعد محدد وردت الأقوام :إن أنتم إلا ناس أشباهنا تحبون أن تبعدونا عما كان يعبد أباؤنا ،هاتوا سلطان مبين أى معجزة صادقة تدل على صدقكم فقالت الرسل لهم :نحن بشر أشباهكم ولكن الله يتفضل على من يريد من عباده وما كان لنا أن نحضر لكم سلطان إلا بأمر الله وعلى الله فليتوكل المسلمون وقالوا :وما لنا لا نعتمد على الله وقد أرشدنا طريقنا ولنصبرن على ما أذيتمونا وعلى الله فليعتمد المعتمدون وقالت الأقوام للرسل :لنطردنكم من بلادنا أو لترجعن إلى ديننا وفى هذا قال بسورة إبراهيم "ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله جاءتهم رسلهم بالبينت فردوا أيديهم فى أفواههم وقالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به وإنا لفى شك مما تدعوننا إليه مريب قالت رسلهم أفى الله شك فاطر السموات والأرض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى قالوا إن أنتم إلا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد أباؤنا فأتونا بسلطان مبين قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم ولكن الله يمن على من يشاء من عباده وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون ومالنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا ولنصبرن على ما أذيتمونا وعلى الله فليتوكل المتوكلون "و"وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن فى ملتنا "وقد اتفق الكافرون فى كل عصر على إتهام كل رسول بتهمة الجنون وتهمة السحر وفى هذا قال بسورة الذاريات "كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون ".
عداوة الرسل :
إن رسالة الرسل تدعو لعداوة البعض والسبب أنها تسلب هذا البعض ما أخذه دون وجه حق وقد بين الله لنا التالى :
أن كل رسول له عدو أى محارب كاره له وان أعداء الرسل ينقسمون لفريقين :
الأول شياطين الإنس وهم كفار الإنس والثانى شياطين الجن وهم كفار الجن وهذا يعنى أن كل رسول للبشر هو رسول للجن لأن ليس معقولا أن يعادوا من ليس مرسلا لهم وأن الشياطين وهم كفار كل نوع يزينون لبعضهم البعض زخرف القول وهو سيىء الحكم وفى هذا قال بسورة الأنعام "وكذلك جعلنا لكل نبى عدوا شياطين الإنس والجن يوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا "وقال بسورة الفرقان "وكذلك جعلنا لكل نبى عدوا من المجرمين ".
تمنى كل رسول :
وضح الله لنا أن كل رسول إذا تمنى أى قال الوحى حدث التالى ألقى الشيطان فى أمنيته أى زاد الشيطان فى قوله والمراد حرف الكافر فى قول الرسول لذا فإن الله يفعل التالى ينسخ ما يلقى الشيطان أى يمحو ما يقول الكافر ويحكم آياته أى يبين أحكامه وفى هذا قال بسورة الحج "وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبى إلا إذا تمنى ألقى الشيطان فى أمنيته فينسخ الله ما يلقى الشيطان ثم يحكم الله آياته "وهذا يعنى أن كل وحى نزل على رسول تعرض للتحريف فى عهد الرسول ذاته ولكن الله يحفظه من التحريف بحوله وطوله فى الكعبة حتى يعود الناس له عند انقطاع الوحى.
الآيات المعجزات والرسل :
الآيات كلمة لها معانى متعددة والمعنى المراد هنا هو المعجزات وهى الأشياء التى يعجز البشر عن عمل مثلها بأى صورة من الصور وهى ليست خارقة من الخوارق لأن كل مخلوق يعتبر عجيبة أى خارقة من الخوارق بلغة القوم وقد بين الله لنا أن كل رسول عندما دعا قومه لعبادة الله وترك عبادة غيره طلب كل قوم منه سلطان مبين أى آية بينة أى معجزة ظاهرة وفى هذا قال بسورة إبراهيم "قالوا إن أنتم إلا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد أباؤنا فأتونا بسلطان مبين "وقد كان رد الرسل هو ليس فى قدرتنا الإتيان بالسلطان أى بالآية إلا بأمر الله وفى هذا قال بسورة إبراهيم "وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله "وقد بين الله لنا أن ليس لرسول أن يحضر آية إلا بأمر الله وفى هذا قال بسورة غافر "وما كان لرسول أن يأتى بآية إلا بإذن الله "وقال بسورة الرعد "وما كان لرسول أن يأتى بآية إلا بإذن الله لكل أجل كتاب "وقد أعطى الله كل قوم من الأقوام السابقة على عهد الرسول (ص)آية أو أكثر ومن أمثلة هذا الناقة لثمود وآيات موسى التسع لآل فرعون وآيات المن وهو السلوى والغمامة وغيرها لبنى إسرائيل وآيات شفاء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى ومعرفة المدخر فى البيوت وصناعة أشكال الطير من الطين ثم جعلها طيور حية لبنى إسرائيل فى عصر عيسى (ص)والسبب فى إعطاء أى إرسال الله هذه الآيات للأقوام هو تخويفهم أى إرهابهم عن طريقها وفى هذا قال بسورة الإسراء "وما نرسل الآيات إلا تخويفا"ولم يصدق أحد من الأقوام بهذه الآيات سوى قوم يونس (ص)حيث أمنوا كلهم وفى هذا قال بسورة يونس "فلولا كانت قرية أمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما أمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزى فى الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين "هذا وقد بين الله لنا أنه منع المعجزات عن قوم محمد(ص)منعا تاما ومن بعدهم والسبب هو أن الأقوام السابقة كفرت بها وفى هذا قال بسورة الإسراء "وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون"
استيئاس الرسل :
يبلغ أمر الأذى بالرسل ومن معهم أعظم البلاغ حتى أنهم يتزلزلوا فى الإيمان فيقولون متى نصر الله ؟وفى هذا قال بسورة البقرة "أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولم يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين معه متى نصر الله "عند ذلك ييأس الرسل من إيمان الكفار ويظنوا أنهم كذبوا فعند ذلك يأتى نصر الله وفى هذا بسورة يوسف "حتى إذا استيئس الرسل وظنوا انهم كذبوا جاءهم نصرنا " .
نجاة الرسل ومن معهم :
عندما يأتى نصر الله يكون فى صورتين :
1- إنجاء المسلمين أى إنقاذ كل من الرسول والذين أمنوا برسالته من العذاب .
2- تعذيب الكفار وهو إهلاك الكفار ويتخذ التعذيب أساليب متعددة منها الإغراق والصيحة والخسف والريح الصرصر وفى الصورتين أتت آيات عدة منها قوله بسورة يونس "ثم ننجى رسلنا والذين أمنوا كذلك حقا علينا ننج المؤمنين "وقوله بسورة الأحقاف "ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى "وقوله بسورة يوسف "حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم كذبوا جاءهم نصرنا فنجى من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين "
واجبات كل رسول :
إن كل رسول عليه واجبات زائدة على بقية المسلمين وقد فرضها الله عليه لحمله الرسالة وهى :
1-إبلاغ الوحى بعد نزوله وفى هذا قال بسورة النحل "فهل على الرسل إلا البلاغ المبين "وهو البيان أى تبيين أحكام الله مصداق لقوله بسورة إبراهيم "وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم ".
2-الحكم وهو تطبيق أحكام الله فى مختلف القضايا الموجودة فى الواقع بين الخلق وسمى الله هذا إقامة الدين مصداق لقوله بسورة الشورى "شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذى أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه "أى إقامة العدل وهو الحكم بالحق بين الناس مصداق لقوله بسورة البقرة "فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه ".
الرسل رجال فقط :
بين الله لنا أن الرسل وهم الأنبياء رجال أى ذكور فقط وفى هذا قال بسورة النحل "وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحى إليهم "وقال بسورة الأنبياء "وما أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحى إليهم "والسبب فى اقتصار البعث على الرجال هو تفضيل الله الرجل على المرأة عن طريق إعطاءه القوامة وهى القيادة وهى التوجيه للحق وفى هذا قال بسورة النساء "الرجال قوامون على النساء "ولا يمنع هذا من نزول الوحى على بعض النساء لسبب ما مثل أم موسى (ص)ومريم (ص)وإن كان الوحى النازل ليس شريعة وإنما وحى لسبب محدد وهو طمأنة القلوب بسبب الأفعال العظيمة التى تحدث معهن.
لكل رسول أزواج وذرية:
لقد جعل الله لكل رسول أزواج أى زوجات يختلف عددهن من رسول لأخر وذرية أى أولاد سواء ذكور أو إناث أو هما معا ولم يكن منهم عقيما وفى هذا قال تعالى بسورة الرعد "ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية ".
التفضيل الإلهى بين الرسل :
لقد فضل أى زاد الله بعض الرسل ميزات أى عطايا هى المعجزات على بعض وهذه هى الدرجات التى رفعها أى زادها الله بعضهم وفى هذا قال بسورة البقرة "تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات ".
عدم التفريق بين الرسل :
طلب الله من رسوله (ص)أن يقول :أمنا بالله وما أوحى لنا وما أوحى لإبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط وموسى وعيسى والرسل عليهم الصلاة والسلام من ربهم ،لا نفرق أى لا نميز بين أحد منهم ونحن له مسلمون وفى هذا قال بسورة آل عمران "قل أمنا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط وما أوتى موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون "كما بين الله لنا أن المسلمين لا يفرقون أى لا يميزون والمراد لا يفضلون الرسل على بعض والمراد لا يؤمنون ببعض منهم ويكفرون بالبعض الأخر وفى هذا قال بسورة البقرة "لا نفرق بين أحد من رسله "وقال بسورة النساء "إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض "
الرسل والملائكة :
طلب الله من رسوله (ص)أن يقول للناس :لو كان فى الأرض ملائكة يمشون مطمئنين أى غير خائفين لبعث الله من السماء ملكا رسولا للناس وفى هذا قال بسورة الإسراء "قل لو كان فى الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا "وهذا القول رد على قول الكفار :أبعث الله بشرا رسولا ؟وقد بين الله للناس أن لو بعث إليهم ملك من الملائكة رسول لجعله رجل أى إنسان مثلهم يجوز عليه ما يجوز عليهم وفى هذا قال بسورة الأنعام "ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون ".
طرق الكلام الإلهى مع الرسل :
إن توصيل كلام الله للرسل (ص)من البشر له طريقين :
1-الوحى وهو الكلام من وراء حجاب ومن أمثلته كلام موسى(ص) مع الله وفيه قال بسورة النساء "وكلم الله موسى تكليما "وقد سماه الله وحيا فقال بسورة طه "وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى "
2-إرسال رسول أى ملك من الملائكة ليوحى للرسول البشرى ما يريد الله وفى هذا قال بسورة الشورى "وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحى بإذنه ما يشاء ".
قص قصص الرسل (ص)وعدمه :
بين الله لمحمد (ص)أن الرسل فريقين :
1 -رسل قد حكى له عن بعض ما وقع لهم مع أقوامهم .
2-رسل لم يحكى له عنهم شيئا وفى هذا قال تعالى بسورة النساء "ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك "
الوحى والرسل (ص):
إن الوحى كان على مر العصور يحمل رسالة واحدة هى عبادة الله ولم تختلف الأحكام بين كل وحى والأخر إلا فى القليل من الأحيان نظرا لظروف متعلقة بمن نزل عليهم الوحى وفى وحدة الوحى أتت آيات عدة منها قوله بسورة النساء "إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وأتينا داود زبورا ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما "وقال بسورة الشورى "حم عسق كذلك يوحى إليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم "وقال بسورة فصلت "ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك "
ذنوب الرسل :
لا يوجد بشر معصوم من ارتكاب الذنوب وقد أورد الله بعض ذنوب الرسل (ص)وهى :
-ذنب آدم (ص)وهو الأكل من الشجرة المحرمة وفيه قال بسورة "وعصى أدم ربه فغوى ".
-ذنب نوح(ص)وهو طلب إدخال ابنه الكافر الجنة وفيه قال بسورة هود "ونادى نوح ربه فقال رب إن ابنى من أهلى وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم إنى أعظك أن تكون من الجاهلين ".
-ذنب يونس (ص)وهو الظن الخاطىء وفيه قال بسورة الأنبياء "وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه ".
-ذنب موسى (ص) وهو قتل الرجل وفيه قال تعالى بسورة القصص "فوكزه موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان ".
-ذنب داود (ص)وهو الظن الخاطىء وفى هذا قال بسورة ص"وظن داود أنما فتناه "
-ذنب سليمان (ص)وهو الظن الخاطىء وفى هذا قال بسورة ص"ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب قال رب اغفر لى ".
وهذه الذنوب وقع أكثرها بعد الرسالة وكثير من الرسل (ص) كانوا قبل إرسالهم كفارا وأما محمد (ص)فقد ورد عن كفره قبل الرسالة قوله بسورة الضحى "ووجدك ضالا فهدى "وقوله بسورة يوسف "نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين "وقوله بسورة الشورى "ما كنت تدرى ما الكتاب ولا الإيمان "فهنا وصفه الله بالضلال والغفلة وعدم العلم بالكتاب والإيمان وجاء عن ذنوبه بعد الرسالة قوله بسورة الفتح "ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر "وقوله بسورتى محمد وغافر "واستغفر لذنبك "وقد تاب الرسل (ص)من ذنوبهم توبة نصوحا.
من صفات الرسل (ص)
بين الله لنا أنهم لم يخلق الرسل (ص)جسدا أى ذهبا ولم يخلقهم لا يأكلون الطعام ولم يخلقهم خالدين أى باقين لا يموتون وفى هذا قال تعالى بسورة الأنبياء "وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام وما كانوا خالدين " وقد خلقهم الله يأكلون الطعام ويمشون فى الأسواق يبيعون ويشترون وفى هذا قال بسورة الفرقان "وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا أنهم ليأكلون الطعام ويمشون فى الأسواق "والمراد من ذكر الله لهذه الحقائق هو إعلام البشر أن الرسل (ص) بشر مثلهم فضلهم الله بالوحى .
يوم جمع الرسل (ص):
فى يوم القيامة يجمع أى يحشر الله الرسل (ص)ثم يقول لهم ماذا أجبتم أى ماذا كان رد الأقوام عليكم ؟فيكون ردهم هو لا علم لنا إلا ما علمتنا أى لا معرفة لنا إلا الذى عرفتنا فى الدنيا إنك أنت علام الغيوب وفى هذا قال تعالى بسورة المائدة "ويوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب ".
سؤال الرسل (ص):
يسأل أى يحاسب الله الرسل (ص)كما يحاسب الذين أرسلوا لهم وفى هذا قال تعالى بسورة الأعراف "فلنسئلن الذين أرسل إليهم ولنسئلن المرسلين " والحمد لله رب العالمين .