بقلم: وفاء إسماعيل |
الثلاثاء, 09 ديسمبر 2008 16:20 |
وفاء إسماعيل - من الواضح ان السيد وزير الداخلية المصري قد ضاق صدره بكثرة الجرائم التى ارتكبها ومازال يرتكبها رجاله من ضباط الشرطة فى كل مكان ، ولولا قيام الصحف الإعلامية خاصة المستقلة والمعارضة بتسليط الضوء على تلك الجرائم التى ترتكب بحق أناس ليس لهم سند او (ظهر ) كما يقولون ولا حول لهم ولا قوة إلا بالله .. ماكان اهتم السيد وزير الداخلية بهذه المشاكل التي سببت له صداعا فى رأسه ، ولا كان توعد بمحاسبة الضباط وعناصر الشرطة الذين تورطوا فى انتهاكات ضد مدنيين .. وهذا الأمر يشكر عليه ان نفذ ، ولكنى لا اعتقد ان اى من الخارجين عن القانون من هؤلاء الذين أجرموا فى حق مهنتهم وحق البلد والمواطن المصرى سوف يردعهم وعيدك يا سيادة الوزير .. لان هؤلاء استفحل شرهم وتعودوا على العنف وباتوا أشبه بوحوش ضارية لن يردعهم تهديد ولا وعيد ، خاصة ان هذا التهديد وهذا الوعيد مجرد كلام لا ينفذ على ارض الواقع ، فكم من الجرائم ارتكبت ومرتكبيها طلقاء وأحرار لا يخضعون إلى اى حساب أو عقاب ، والناس ضاقت ذرعا بتكرار تلك الممارسات واضطروا للجوء الى نشر شكاواهم فى الصحف وعبر مواقع الانترنت نتيجة تجاهل الأجهزة المعنية لتلك الشكاوى التي أصبحت لا تعد ولا تحصى ..أونتيجة عجز الجهات المعنية عن تطبيق القانون على هؤلاء الذين اعتبروا أنفسهم فوق القانون وخارج إطار المحاسبة .. ونعود لتصريحات وزير الداخلية والتي نجد فيها ما يدل على أن سيادته ابرع وزير داخلية فى استخدام " قانون الطوارئ" لإرهاب الناس أكثر من براعته فى تطبيق كافة القوانين الأخرى التى ينص عليها الدستور و التى تؤكد على حقوق المواطن المصري فى بلده ، واحترام أدميته وكرامته ... فقد نشر فى صحيفة المصريون الأحد : 7 ديسمبر 2008م ان:
1 - أكد العادلي في اجتماع عقده الأسبوع الماضي مع مساعدي الوزير ومديري الأمن على مستوي الجمهورية ومديري الإدارات من الأمن العام وأمن الدولة وكذا مدير الإدارات العامة للمباحث على ضرورة انتهاج أسلوب مغاير فيما يتعلق بمشاكل البدو، حتى لا يتم استغلال ذلك في إثارة البلبلة من قبل تجار المخدرات الذين يستغلون انشغال الأمن بالتصدي للبدو لممارسة أنشطتهم، وكذا تصاعد عمليات التسلل عبر الحدود.
وأعطى الوزير تعليمات للواء هارون حسن مساعد أول الوزير ومدير أمن جنوب سينا: قائلا: "تعامل مع الموقف بحرص مش عاوز مشاكل مع البدو أكسبوهم في صفوفكم واللي يقل أدبه منهم اعتقلوه". فكيف نفسر أوامر سيادة وزير الداخلية التى تدعو الى كسب صفوف البدو الى صف رجال الشرطة وفى نفس الوقت يدعوهم الى اعتقال كل من يقل أدبه ؟ وما هو مفهوم قلة الأدب عند سيادة وزير الداخلية ؟ هل يقصد كل من يمتنع عن تنفيذ أوامر السادة الباشاوات أم يقصد كل من يحاول دفع الضرر عن نفسه ضد أسلوب رجال الشرطة الهمجي و العنيف والمقزز فى كثير من الأحيان لأنه أسلوب متبوع بألفاظ سوقية واهانات لا يقبلها إلا العبيد ، ام يقصد كل من يرفع صوته فى وجه ضابط شرطة حاول انتهاك أعراض الرجال قبل النساء ومحاولات الإذلال التى تكررت من هؤلاء الوحوش تجاه الضعفاء ، وفقط الضعفاء نجدهم أمامهم أسود بينما تجدهم فئران أمام أصحاب السلطة والنفوذ وأسرهم وذويهم ؟ وإذا كان تصريحات سيادته وأوامره قد لفتت أنظارنا الى قانون جديد سنه سيادته يتضمن ان جزاء كل قليل ادب هو الاعتقال فلماذا لا يعتقل كل ضباط الشرطة المشهورين بقلة أدبهم وألفاظهم السوقية وبذاءة لسانهم ؟ أم ان قانون الاعتقال يستثنى منه رجاله ومسموح لهم بذلك طالما الضحية بين أياديهم أناس من عامة الشعب لا حول لهم ولا قوة ؟
إننا نعتبر هذا التصريح وهذا الأمر هو ضوء اخضر لرجال الشرطة لاستخدام القوة والعنف والاعتقال ضد البدو وليس وسيلة لكسب صفوف البدو الى جانب رجال الداخلية يا سيادة الوزير .. فالاعتقال وان كان قاسيا فهو ليس الحل الناجع لكسب صفوف البدو بل تهديد لأمن الأفراد والأسر التى تم تشتيتها وتمزقها نتيجة اعتقال ذويهم دون سبب مبرر .. ولا يحق لك او لغيرك ان تعتقل إنسان بحجة انه " قل أدبه " فليس هناك من يتجاوز الحدود فى الرد على ممارسات بعض رجال الشرطة إلا كل إنسان مظلوم يتم التعامل معه بقسوة ووحشية خارج الأطر القانونية .. وكان من المفترض ان تكون دقيقا فى تصريحاتك لان الاعتقال فى مصر وان كان الورقة الرابحة فى يدك لتمسك زمام الأمور بيد من حديد وأخرى من نار فهو أيضا احد الأسباب التي أدت الى انتشار الفوضى الأمنية فى مصر وهو الذي دفع رجالك الى ارتكاب ما ارتكبوه من جرائم يندى لها الجبين بحق شعب كان ينتظر منكم تحقيق الأمن والأمان له ولكنكم بفضل "قانون الطوارئ" الجائر حولتم مصر كلها الى سجن كبير وتعاملتم مع هذا الشعب كما لوكان سرب من الأغنام تساق بالعصا .. وليتها عصا رحيمة بل عصا غليظة تطلق الرصاص وتقتل الأبرياء وتزهق الأرواح من الخوف والرعب ، وتصيب الرجولة والنخوة بشلل رباعي ، وتسحل الأجساد فى الشوارع ، وتنتهك الأعراض ، وتسطو على ممتلكات الغير بالقوة .. اوليس كل هذا يعتبر "قلة أدب " فمن بالله عليك ياسيادة الوزير الذى يستحق الاعتقال بدو سيناء الذين تعاملتم معهم دائما على أنهم مجرد ثلة من الأشرار المهربين ومشكوك فى انتماءاتهم الوطنية ، والذين حرموا من ابسط حقوقهم كمصريين أم رجال الشرطة الذين أساءوا لسمعة مصر بتصرفاتهم الشاذة والخارجة عن الأدب والحياء والأخلاق ؟
ان أردت كسب ود بدو سيناء أو غيرهم من المصريين فليس أمامك سوى أمر واحد هو تطبيق سيادة القانون على الكل بما فيهم أنت لو أخطأت ، وان يحترم القضاء وأحكامه فى بلد عرف بين بلدان العالم بأنه قضاء مهان وأحكامه غير نافذة ، الحل ياسيادة الوزير ليس فى الاعتقال بل فى عودة جهاز الشرطة بكل أفراده وأجهزته لخدمة المواطن المصري بدلا من استعباده ، وخضوع تلك الأجهزة للقضاء كسلطة تنفيذية فقط تعمل على تطبيق القانون وأحكامه ، ونشر الأمن والأمان فى طول البلاد وعرضها بدلا من تلك الفوضى التى عمت البلاد نتيجة غياب القانون وانتهاك بنود الدستور وحقوق المواطن ، ونتيجة استبدال العدل والرحمة بقانون أعمى وجائر يحكم البلاد على مدى ثلاثة عقود فى ظل حالة طوارئ مهينة ومعيبة لمصر وشعبها .
2 - كما ناقش الوزير خلال الاجتماع، حوادث إطلاق النار من قبل ضباط الشرطة والتي أسفرت عن مقتل العديد من المواطنين، والتي اعتبرها الوزير تسيء لجهاز الشرطة، وطرح مدي إمكانية سحب السلاح الميري من ضباط النظام واقتصاره علي ضباط المباحث، نظرًا لالتزامهم وطبيعة عملهم التي تفرض تعاملهم مع المسجلين وتجار المخدرات والهاربين من الأحكام وغيرهم من النوعيات الخطرة.
من يسمع تلك التصريحات يتصور ان وزارة الداخلية استطاعت حماية البلاد من المخدرات والهاربين من الأحكام والنوعيات الخطرة !!!! والبلد من شرقها لغربها وشمالها وجنوبها معبئة بكل أنواع المخدرات بل لا أبالغ ان قلت ان أسهل تجارة فى مصر اليوم هى تجارة المخدرات التى يمارسها "عتاولة الإجرام" ولكنهم بثياب شيك يطلق عليهم أصحاب البيزنس ولهم الفضل الكبير فى إغراق البلاد بكافة أنواع المخدرات المنتشرة فى الشوارع والنوادي والمدارس والجامعات والغرز .. وما يجعلنا نضحك الى حد البكاء حسرة وألما ان بعض رجال الشرطة لهم يد فى تسهيل عمليات التهريب ، ولهم دور كبير فى نشر الإدمان بالإضافة طبعا لامتلاك البعض منهم لكميات لا بأس بها لاستخدامها وقت الحاجة لتلفيق قضية مخدرات لهذا أو ذاك ممن لهم خصومة معهم او بتحريض من ذوى النفوذ .. فالبلد الوحيد الذى انتشرت فيه " قضايا التلفيق" هى مصر وباتت ظاهرة وليست حالة فردية... فبالله عليك يا وزير الداخلية
ماهى انجازات رجالك خاصة فى هذا المجال ؟ هل قلت المخدرات فى البلد فى عهدكم الميمون أم أنها زادت واستفحل الأمر ؟ هل قلت نسبة الجرائم فى مصر ام أنها زادت الى حد فاق كل تصور خاصة جرائم التعذيب والقتل والاغتصاب ؟ ماهى انجازات رجال الشرطة الأشاوس الذين كل همهم وشغلهم الشاغل هو تسديد خانات على الورق تثبت قيامهم بواجبهم على أكمل وجه وتؤكد سعيهم الدءوب لكشف الجناة ونكتشف بعد كل هذا ان الأمر لايعدو سوى مسرحية هزلية وان الجناة الحقيقيين طلقاء وان هناك من يتستر عليهم كما حدث فى "جريمة بنى مزار " .. أليس هذا ما يدعوا الى فقدان الثقة فى رجال الشرطة ؟
رجل الشرطة هو أول شخص سيرفض نزع سلاحه من يده ليس بغرض حماية المواطنين بل لحماية نفسه ممن أساء لهم وأهدر كرامتهم واغتصب حقوقهم لان هاجس الخوف يلاحقه دوما أن من ظلمهم سينالون منه حتما ويثأرون لأنفسهم منه .. حاول ياسيادة الوزير دخول اى منزل لضابط شرطة ستجد بيته وقد تحول الى قلعة حصينة ، وعشرات الأقفال على باب شقته خوفا من لحظة انتقام تناله من مكلوم أو مظلوم ، والقلة القليلة هى من تراع الله فى سلوكياتها مع الآخرين .. اما الغالبية العظمى فالله وحده يعلم كم استخدموا أساليبهم القذرة فى الإساءة للآخرين واستغلوا نفوذهم أسوأ استغلال وصل الى حد النصب والسرقة وإرهاب الآخرين .
3 - ( كما طالب العادلي خلال الاجتماع من مديري الأمن ومديرين الإدارة العامة للمباحث عدم نشر صورهم بالصحف أو أسمائهم أو أسماء أي ضباط، وقال لهم بالحرف الواحد: "أنتم مش نجوم سيما مش كل يوم والتاني افتح جرنال ألقيكوا بزي الشرطة ولا الممثلين خفوا شويه وامنعوا التعامل مع الصحفيين أو الإدلاء بأي تصاريح خاصة ليهم". )
وهل نجوم السينما وصلوا الى ما وصل إليه رجل الشرطة من نفوذ وسلطة ؟ نجوم السينما راحت عليهم يا سيادة الوزير .. هذا الزمن أصبح زمن " النجوم الذهبية " و "النسور الذهبية اللامعة " و "السيوف الذهبية " زمن البذات العسكرية .. زمن السلطة واقترانها بالمال وما افرزاه من فساد وإفساد.. زمن سحل الإنسان وإهدار دمه فى الشوارع .. نجوم السينما لم تصل يوما سطوتهم ولا قسوتهم الى ما وصل اليه رجال الشرطة .. نجوم السينما يقتلون ويذبحون هم وفلذات أكبادهن وتقطع رؤوسهم بينما رجال الشرطة يرتكبون من الفظائع ما تشيب لها الأبدان ، فالصحف ليست بحاجة الى تصريحاتهم وأقوالهم التى تجد دوما مبررا لكم الجرائم التى ترتكب بفعلهم .. حتى انى سمعت يوما احدهم يبرر تصرف ضابط الشرطة الذى أمر بإطلاق النار على المتظاهرين فى شوارع المحلة فى تظاهرات ابريل فسقط صريعا احد الشباب الذى كان يتابع مايحدث فى الشوارع من منزله بالطابق الثالث ، ورغم ان هذا الشاب لم يشارك فى تلك المظاهرة إلا أن الرصاص انهال عليه من أسفل الى أعلى بطريقة عشوائية تدل على همجية وقسوة من قام بذلك .. ورغم ذلك سمعت فى برنامج الحقيقة احد اللواءات الأشاوس يوقع اللوم على الشهيد الذي لقي حتفه ( لأنه وقف يشاهد ما يحدث من بلكونة منزله) وتلك هى جريمة الشاب الذى راح ضحية تصرف ضابط ارعن مجرد من الضمير لم يفكر ولو للحظة فى شعور أسرة تفقد فلذة كبدها نتيجة تصرفه الأهوج .. واعتقد لو ان سيادة اللواء الذى برر تلك الجريمة الشنعاء كان فقد ابنه فى حالة مشابهة لكان الأمر اختلف عنده .. وربما تحول هذا اللواء الى حيوان مفترس يفترس قاتل ابنه وينهش لحمه .!!! هذا موقف يوضح لنا أن تصريحات رجالك لم ولن تشفى غليل قلوب مليئة بالحسرة والألم .. والأفضل لرجالك أن يتواروا عن الصحف والفضائيات وخيرا فعلت وما أمرتهم به .
4 - ( العادلي الذي كان حادا جدًا أثناء الاجتماع أقسم أنه لن يتهاون مع أخطأ الضباط وسيقدم المخطئ منهم للمحاكمة، ولن يتدخل لإنقاذ ضابط يحاكم أمام القضاء بأي تهمة، حتى لو كانت تهمة بسيطة) نتمنى عليك يا سيادة الوزير ان تكون جادا هذه المرة وان يحاسب كل إنسان مهما كان موقعه .. فالعدل أساس الملك .. ولن يكون هناك عدلا إلا اذا تم إصلاح جهاز الشرطة برمته ، وانزل بنفسك الى الشوارع وأقسام الشرطة فنحن لسنا بحاجة لوزراء يفتخرون بعدد الساعات الطويلة التى يقضونها بين مكاتبهم .. بل بحاجة لوزراء يستشعرون الآلام الناس ومواجعهم ومشاكلهم ، بحاجة لوزراء تخفف الضغط عن الناس وليس وزراء تزيد من أعباءهم وأحمالهم.. الناس أصبحت بركان قابل للانفجار فى اى لحظة وكل قوانين الطوارئ فى العالم كله .. وكل قرارات الاعتقال سواء منك أو من اعلي سلطة فى النظام لن تزيد هذا البركان إلا ثورة واشتعالا .. فانا لم أقابل فى وجهي أحدا الا وجدته حانقا ،لاعنا، غاضبا، وثائرا على ما يحدث داخل البلد من أوضاع يندى لها الجبين .. أوضاع فاقت وتخطت كل الحدود ومن الحكمة ان نتعامل مع هذا الغضب العارم بالحق والعدل وتطبيق القانون ..واعتقد أنى بنصيحتي هذه لم اسىء الأدب فى خطابي لك كى تصدر أمر باعتقالي انا أيضا يا سيادة الوزير .. !!!!!
وفاء إسماعيل
|