الذكرى السابعة للثورة.. مصر قيد الطوارئ وسط إحباط سياسي واقتصادي

في الأربعاء ٢٤ - يناير - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

             الذكرى السابعة للثورة.. مصر قيد الطوارئ وسط إحباط سياسي واقتصادي

خلال ساعات، تحل الذكرى السابعة لثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، وسط أجواء رئاسية ساخنة، وقوانين مكبلة للحريات، وإحباط سياسي واقتصادي غير مسبوق، أعاد الشارع المصري إلى طرح أمنيات العودة إلى نظام الرئيس المصري المخلوع «حسني مبارك».  

وتأتي الذكرى السابعة هذا العام، في ظل قانون الطوارئ، الذي وافق على تمديده مجلس النواب (البرلمان) للمرة الثالثة لمدة 3 أشهر في عموم البلاد، اعتبارا من 9 يناير/ كانون الثاني الجاري حتى أبريل/نيسان المقبل.

وبموجب حالة الطوارئ، يحق للسلطات المصرية مراقبة الصحف ووسائل الاتصال والمصادرة، وتوسيع صلاحيات الجيش والشرطة في فرض الإجراءات التأمينية والتفتيش، والإحالة لمحاكم استثنائية وإخلاء مناطق وفرض حظر تجوال في مناطق أخرى، وسحب تراخيص الأسلحة وفرض الحراسة القضائية.

كما تحاصر أجواء الذكرى، التي من المتوقع أن تمر في صمت، بنود قانون التظاهر، الذي يفرض شروطًا أمنية على حق تنظيم المظاهرات والتجمعات السلمية، منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2013.

ولا توجد تقديرات رسمية عن أعداد المحبوسين على ذمة قضايا تظاهر أو الصادر بحقهم أحكام، غير أن تقارير حقوقية ومحلية ودولية تعدهم بالآلاف.

اللافت أيضا، أن الذكرى السابعة تحل قبل أسابيع من انتخابات رئاسية كان يأمل المصريون أن تكون تجربة ديمقراطية، ربما تحدث تغييرا في هوية ساكن الاتحادية (قصر الحكم)، شرقي القاهرة، لكنهم فوجئوا بأحداث دراماتيكية أطاحت إلى الآن بـ4 مرشحين خارج السباق الرئاسي، لصالح الرئيس الحالي «عبدالفتاح السيسي».

وكان رئيس الأركان الأسبق الفريق «سامي عنان» آخر المستبعدين من إمكانية الترشح في الانتخابات أمام «السيسي»، بعدما أعلن رئيس وزراء مصر الأسبق «أحمد شفيق» انسحابه من السباق، في خطوة قال مراقبون إنها جاءت عقب تعرضه لضغوط.

أيضا، أعلن رئيس حزب «الإصلاح والتنمية»، البرلماني السابق «محمد أنور السادات»، صراحة انسحابه من الترشح للانتخابات، بعد مضايقات له وتهديدات لحملته في حال استمراره، وهناك العقيد في القوات المسلحة «أحمد قنصوة»، الذي كان سبق أن ترشح في أواخر ديسمبر/كانون الأول الماضي للرئاسة، قبل أن يواجه حكماً من محكمة شمال القاهرة العسكرية بالحبس ست سنوات مع الشغل والنفاذ.

ولم يتبق على الساحة إلا الحقوقي «خالد علي»، الذي كشفت حملته أنها تدرس الانسحاب، وأنها تعقد اجتماعا لاتخاذ قرارا بهذا الشأن سيعلن في غضون ساعات.

انتشار أمني

استباقا لأية تحركات للاحتفال بالذكرى، التي تأتي في وقت يقبع فيه نحو 60 ألف معتقل خلف الأسوار، وفق تقارير حقوقية، أعلنت وزارة «الداخلية» المصرية، أمس الثلاثاء، حالة الطوارئ، ونشرت مدرعات وأليات عسكرية في مداخل ومخارج العاصمة القاهرة، وفي الميادين الرئيسية.

وتشمل خطة التأمين، أيضا، تعزيز الخدمات الأمنية على مقار أقسام ومراكز الشرطة على مستوى الجمهورية والسجون من خلال مجموعات شرطية للتصدي لأية محاولة للاعتداء على تلك المواقع، مع تفعيل كاميرات المراقبة بكل المواقع الشرطية وربطها بغرفة العمليات المركزية بالوزارة لرصد الحالة الأمنية.

وحسب صحف مصرية، فإن الوزارة أرسلت خطابات بإلغاء جميع الإجازات والراحات لضباط وأفراد الشرطة، ورفع درجات الاستعدادات الأمنية للقصوى، والتمشيط المستمر لمواقع المنشآت العامة على مدى الساعة بواسطة خبراء المفرقعات، وتكثيف التواجد الأمني بمحيط الميادين الرئيسية، والدفع بمجموعات قتالية مسلحة للتصدي لأى محاولة للاعتداء على المنشآت، مع الدفع بعربات الانتشار السريع بالشوارع لمواجهة أي عناصر تحاول نشر الفوضى.

ويوافق غدا الخميس، 25 يناير/كانون الثاني، ذكرى قيام الثورة التي أطاحت بـ«مبارك» (1981- 2011) بعد نحو 30 عاما في منصبه، كما يوافق عيد الشرطة المصرية.

سنوات عجاف

7 سنوات مرت على اندلاع ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، التي يصفها مراقبون بـ«سنوات عجاف»، لم تحقق أحلام وطموحات المصريين في إقامة حياة ديمقراطية سليمة، وأوضاع اقتصادية كريمة.

أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، «حسن نافعة»، يقول لـ«الأناضول»، إنه لم يتحقق أي شيء على الإطلاق من مطالب الثورة، واصفا الوضع الحالي بـ«الانتكاسة».

ويرى «نافعة» أن الأوضاع الحالية هي أبعد ما تكون عن ما آمل به ثوار يناير؛ فما تعيشه مصر الآن «يبدو لي أسوأ بكثير مما كان قائما قبل 25 يناير 2011».

ويلفت إلى أن «النظام الحالي يحكم بسطوة الأجهزة الأمنية ولا علاقة له بتحقيق أهداف ثورة يناير، بل بالعكس هو يبتعد كل يوم عن مطالبها».

الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية (حكومي مصري)، «عاطف سعداوي»، يرى أن «أهم إنجاز للثورة أنها أعادت ضبط العلاقة بين المواطن والسلطة؛ حيث كان ينظر للحاكم على أنه إله في الأرض، وبالتالي هي كسرت هذه العتبة المقدسة وأزاحت حاجز الخوف الذي اعتلى المصريين لسنوات طويلة، وأصبح ما يقوم به الحاكم محل مساءلة وربما محل ثورة».

وتابع: «لا ننكر أن هناك الكثير من الإحباطات سواء سياسيا أو اقتصاديا أو حتى اجتماعيا وفكريا وثقافيا».

ويؤكد أن الثورة المصرية تعرضت لإحباطات كثيرة حتى وصل البعض للقول بأنه تمت تصفيتها، لكنه يرفض ذلك الرأي، مؤكدا أن الثورة «فكرة أكثر منها إجراءات سياسية، قد لا نلتفت كثيراً للتطورات الجارية، لكن لو وضعناها بشكل متراكم ربما تنبئ عن تغيير».

والشعار الأهم لثورة يناير «عيش، حرية، عدالة اجتماعية»، لم يتحقق على أرض الواقع، حيث تشهد مصر ارتفاعا مستمرا في الأسعار وتدهورا في الأوضاع المعيشية، مع تراجع حاد في قيمة العملة المحلية، وسط توجه شبه مستمر من الحكومة لطلب الاقتراض من مؤسسات دولية.

الثورة مستمرة

أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية، «سعيد صادق»، يقول إن مطالب ثوار 25 يناير/كانون الثاني بعضها تحقق ومنها تقييد مدة الرئيس لأربع سنوات ولفترتين فقط بعدما كانت مفتوحة.

ويضيف «صادق»، أن ثورة يناير/كانون الثاني فتحت درجة أكبر في التحول الاجتماعي والإعلامي والنقد السياسي حتى 2013، قبل أن يكون أكثر تقييدا.

ويتابع: «الثورة ساعدت على تسييس المجتمع وانفتاح أكبر لثورة اجتماعية، إنما غالبية الأهداف لم تتحقق، وما صاحبها من تدهور اقتصادي وارتفاع في معدلات البطالة جعل كثيرين ينقمون على الثورة باعتبارها تقود لكوارث وليست أداة جيدة للتغيير».

ويلفت إلى أن ثورة 25 يناير/كانون الثاني لم يكن لها قيادة، واصطدمت شعاراتهم بظروف مصر الداخلية من توازنات طبقية موجودة داخل المجتمع ودولة عميقة لم تسمح بذلك، وكذلك ظروف المنطقة المحيطة، وكان من الممكن تحقيقها حال تولي الثوار الحكم.

ويمضى قائلا: «عاشت مصر مرحلة نشاط كبير حتى 2013، لكن سوء إدارة الثورة وانقضاض بعض القوى عليها، وعدم خبرة من ش  شباب الثورة، كلها كانت عوامل كانت سببا لإجهاضها».

ووفق «نافع»، فإن «الثورة لن تعود إلى مسارها الحقيقي إلا عندما تؤمن القوى السياسية أنه بدون وحدة بين اليمين واليسار حول قضية الديمقراطية وأولوية إقامة دولة القانون والمؤسسات سيصعب إعادة الزخم حول الحركة الوطنية أو الحركة المطالبة بالتغيير».

كما أنه لكي تعود الثورة لمسارها فإنه على جماعة «الإخوان المسلمون» أن تقوم بمراجعة مواقفها فكريا وسياسيا بشكل جدي يقنع القوى الأخرى بأنها أصبحت جاهزة لكي تصبح جزءاً من الحركة الوطنية العامة.

وعن كيفية تحقيق أهداف ثورة يناير/كانون الثاني، يقول «سعداوي» إنها تحتاج إلى كثير من العمل والتنازلات سواء من المواطن أو الحاكم، وبدأتها الحكومة ببرنامج إصلاح اقتصادي يتطلب تفهما وصبرا من المحكومين وتحمل تبعاته.

ويؤكد أن «أهم شيء لاستمرار الثورة ونجاحها عدم فقدان الأمل فيها وألا نصل إلى مرحلة اليأس بأن الثورة انتهت؛ فتحقيق أهداف الثورات الكبرى لا يتم بين ليلة وضحاها».

وتخشى دوائر الحكم في مصر، تكرار أحداث يناير/كانون الثاني من جديد، وتظن أن المزيد من القمع والقبضة الحديدية كاف لإجهاض آي آمال بالتغيير.

لكن ثوار ميدان التحرير (الميدان الذي شهد 18 يوما من الاعتصامات حتى تنحي مبارك)، يراودهم الأمل في انتفاضة شعبية من جديد تعيد اللحمة إلى رفقاء الثورة، باعتبار أن الجميع أخطأ في حق الثورة، وأن التجربة المصرية تعرضت لمؤامرات داخلية وإقليمية ودولية، وأن الأمل باق ومشروع في استعادة الثورة، وتحقيق أهدافها «عيش - حرية - كرامة إنسانية».

اجمالي القراءات 2399