" لكل نبى عدو"
الجزء الثانى
البخارى الوجه الآخر
إنتهى الجزء الأول بالسؤال الآتى:
ما هو مصير من يكذب بالآيات السابقة؟ ما هو مصير من يتمسك بالأكاذيب التى تفترى على اللــه كذبا؟
1- عند الموت
" وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُlde;ُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ ۗ وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ ۖ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ " الأنعام 93
2- عند الحشر
" وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمَّاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنْطِقُونَ " الأنعام 83-85
3- عند العرض أمام اللــه
" وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ ۚ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ " الزمر60
4- عند رؤيتهم النار
" أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ * بَلَىٰ قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ " الزمر58- 59
5- عند وقوفهم على النار
" وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ" الأنعام27
6- عند دخولهم النار
" وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَرًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا ۚ قَالُوا بَلَىٰ وَلَٰكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ * قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ۖ فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ " الزمر 71-72
7- وهم ىفى النار
" تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ * أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ * قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ * رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ * قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ" المؤمنون 104-108
" الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا ۖ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ * إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ* فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ " غافر 70- 72
" حَتَّىٰ إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ * لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ ۖ إِنَّكُمْ مِنَّا لَا تُنْصَرُونَ * قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ * مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ " المؤمنون 64-67
كل ذلك بسبب التكذيب لآيات اللــه وتمسكا بأحاديث كاذبة، ألم نقل منذ البداية انه الخوف عليكم من عذاب يوم عظيم؟
ثم ما هو الدافع للتمسك بأكاذيب إفتراها رجل من أواسط آسيا ومات منذ أكثر من الف عام؟ ثم - وهذا هو المُضحك – ان الذين يحملون لواء الدفاع عن البخارى يجهلون حقيقته بل حتى لا يعرفون إسمه الحقيقى.
تعالوا بنا نتعرف على الشيخ ابن برذوية .. المجوسى الأصل.
البخارى الوجه الآخر
وهى عادة سيئة ان يقدس الناس ما لا يعرفون وان يعبدوا ما يجهلون، وفى ذلك يقول تعالى:
" وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ ۗ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ " الحج 71
الذين يقدسون صحيح البخارى إلى درجة تكذيب الآيات القرءآنية التى تخالفه هم لم يقرؤا البخارى ولم يعرفوا شيئا عن مؤلفه إلا من خلال أساطير كتبها من يعبد البخارى دون ان يعلم شيئا عنه.
والذين يقدمون النذور لضريح البدوى بالملايين لا يعرفون شيئا عن حقيقة البدوى بل حتى لا يعرفون إسمه الحقيقى وهو " احمد بن على بن إبراهيم " ولوهتف احدهم " مدد يا أحمد بن على بن ابراهيم لضحك منه الجميع، ولكن المعتاد ان يقول مدد يا بدوى لأنهم اطلقوا هذا اللقب عليه بعد موته ثم عبدوا الإسم الذى لم يعرفه المدعو " احمد بن على بن إبراهيم " فى حياته.
وفى تلك النذور التى بالملايين للشخص الذى يعرفه الناذرون يقول تعالى:
" وَيَجْعَلُونَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ ۗ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ " النحل 56
وصدق اللــه العظيم " بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ ۖ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ ۖ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ " الروم 29
فى مقدمة صحيح البخارى طبعة دار الشعب هذه السطور...
إعلم ان البخارى رضى اللــه عنه ولد ببخارى يوم الجمعة أو ليلتها ثالث عشر شوال سنة 194 وتوفى ليلة السبت ليلة عيد الفطر سنة 256 عن إثنتين وستين سنة إلا ثلاثة عشر يوما. روى عنه انه قال: خرجتُ كتاب الصحيح من زهاء ستمائة الف حديث فى ستة عشرة سنة وما وضعت فيه حديثا إلا إغتسلت وصليت ركعتين. وفضائله أكثر من ان تُحصى يأتفر من عدد الرمل والحصى وعدد أحاديث صحيحة سبعة الاف ومائتان وخمسة وسبعون وبإسقاط المكرر اربعة الاف.
على كلامهم فإن البخارى عاش ما بين سنة 194 و 256 هجرية اى ولد فى آواخر خلافة الأمين ونشأ فى عهد المأمون ومات فى خلافة المعتمد على اللــه. أى عاصر بداية الضعف العباسى وإضطراب الأمور فى الدولة العباسية وتحكم الغلمان الأتراك فى الخلافة والخلفاء. وكانت أكثر متاعب العباسيين تأتى من الشرق حيث عاش البخارى ونشأ فى محتمع خراسان قلب القوة الفارسية والعقيدة الشعوبية الحاقدة على العرب والإسلام.
ولنتعرف على خراسان فى العصر العباسى وهى المسرح الذى نشأ فيه البخارى بين قومه من الفرس الذين أنشأوا الدولة العباسية املا فى إعادة المجد الكسروى وعقائد المزدكية والمانوية فلما فشلوا إنضموا إلى معسكر المقاومة السرية والعلنية ضد الدولة العباسية. ظلت العقائد الدينية للفرس كامنة فى قلوبهم بعد الفتح الإسلامى تتحين الفرصة للظهور، واسرع الفرس بإظهار عقائدهم من خلال الشعوبيةالتى حملت حقدهم على العرب والإسلام الذى اباد مُاك كسرى وعظمة فارس.
وأتت الفرصة سانحة للفرس حين إتخذ العباسيون من خراسان نقطة إرتكاز لدعوتهم السرية لإسقاط الدولة الأموية. وفى خراسان فى نهاية العصر الأموى إنتشرت الدعوة السرية للرضى من آل محمد وانضم إلى الدعوة السرية كثيرون من الشعوبية الذين يتحينون الفرصة لتدمير الدولة الأموية العربيةوما تمثله من فتوحاتإشلامية, وإنتهز أولئك فرصة فوز العباسيين وقيام ملكهم فأعلنوا عقائدهم المخالفة للإسلام والتى تتمثل فى تأليه البشر، ومن أولئك كان الواندية الذين الذين أعلنوا ألوهية أبى جعفر المنصور وتناسخ الأرواح، ولم يكن ابو جعفر المنصور ممن ينخدع بتلك الشعارات فسلط عليهم الجند فقتلوهم.
واثناء فترة الدعوة السرية للعباسيين كان بعض الدعاة من اتباع المزدكية واشهرهم عنار بن بديل الذى كان فارسيا مزدكيا اسمه خُداش فغير إسمه وخدم كبير الدعاة العباسيين فى الكوفةوهوبكير بن هامان فبعثه داعية له فى خراسان إلا ان خداش حين نزل خراسان اظهر اسمه الفارسى وقرن دعوته لبنى العباس بدعوته لإحياء المزدكية المجوسية، يقول عنه المقدسى فى كتابه " البدء والتاريخ " ومثل لهم الباطل فى صورة الحق فرخص لبعضهم فى نساء بعض " واخيرا أشاع ان هذه هى دعوة محمد بن على العباسى، وقد قتله الوالى الأموى على خراسان.
ولم تمُت الدعوة المزدكية فى فارس بقتل عمار بن بديل أو خُداش وإنما انتهزت الفرصة التى أثارتها ضوضاء أبى مسلم الخراسانى وكثرة اتباعه وجيوشه فانضمول إليه فى الزحام واظهروا عقائدهم فى تأليه الآشخاص ومنهم الرازمية الذين قالوا بالوهية ابى مسلم الخراسانى اثناء حياته وقد قتلهم ابو مسلم، ثم ظهر مجوسى آخر فى حياة ابى مسلم وهو " بها فريد بن ماء فروزين " الذى إدعى النبوة والعروج للسماء وقتله ابو مسلم ايضا وظل اتباعه ينتظرون رجعته.
ونجح ابو مسلم فى إقامة الدولة العباسية وعلا نفوذه فيها فتخلص منه ابو جعفر المنصور بالقتل فأسرع انباعه فى الدعوة لتأليهه والمطالبة بثأره من الدولة العباسية فتكونت فرقة " الآيومسلمية " يقودها المجوسى " سبناذ " وقد حارب العباسيين ولكنهم هزموه وقتلوه. ثم إجتمع الآبومسلمية على قائد آخر هو " استاذيس " الذى ادعى النبوة وهزمه العباسيين أيضا. ثم تزعمت فاطمة بنت ابى مسلم طائفة الآبى مسلمية وادعت الألوهية لنفسها ولإبنها فيروز. وانتهت حركتها بالفشل ايضا وواضح ان العقائد الفارسية حاولت إستغلال الحركةالعباسية فى قوتها قضت على امانى الفرس وطموحاتهم.
إلا ان قوة العقائد الفارسية لم تنتهى حلالركاتها المسلحة ضد العباسيين إذ ما لبثت ان قامت هادرة فى حركة المُقنع الخرسانى الذى ادعى الألوهية واباح الأموال والنساء وجمبع شرائع مزدك وتناسخ الأرواح وحلول اللــه فيه. وبعد مقتله اعتقد اتباعه كالعادة بأنه سيرجع آخر الزمان. وفى عهد المهدى قام الفرس بحركة دينية ثورية اخرى يقودها رجل يسمى عبد الوهاب الذى إستولى على خر اسان ولكن المهدى قضى عليه.
وفى عهد الرشيد تحرك الزنادقة - او الحزمية - باذربيجان ولكن الرشيد قضى عليهم، ثم كانت ثورة الحزمية الكبرى سنة 201 فى عهد المأمون - اثناء فترة الصبا للبخارى – وقد قاد الحزمية زعيمهم المشهور بابك الحزمى الذى يعتقد الحزمية انه المنتظر من نسل فاطمة بنت ابى مسلم الذى سيعيد قيام المُلك الفارسى. وكان بابك يسمى نفسه الحسن أو الحُسين وظل بابك الحزمى يحارب العباسيين من عصر المأمون إلى عشرين عاما من خلافة المعتصم وقتل من المسلمين الآلآف الى ان قتله قائد المعتصم سنة 220 وكان ذلك فى فترة الشباب للبخارى. وبعد بابك ظهرت حركة زندقة اخرى تزعمها مازيار فى طبرستان ولكن قضى عليه المعتصم ايضا.
وهكذا يشكل الفرس الشعوبيون منعطفا بارزا فى تاريخ الدولة العباسية سواء فى مرحلة تأييدهم لها او فى مرحلة ثورتهم عليها، وقد اسمتهم الدولة العباسية زنادقة. والواقع ان خلايا الزنادقة إنتشرت فى بغداد وحول قصور الخلفاء وكان من بينهم الشعراء والمتكلمون والوزراء. وقد كتب ابن القيم قائمة بأسماء علماء الكلام الذين يظهرون الإسلام ويبطنون الزندقة وينفثون سمُومهم فى ارائهم الفلسفية ومنهم ابن طالوت وابن شاكر وابن الأعدى وابن عبد القدوس وعبد الكريم ابن ابى العوجاء.
وعبد الكريم ابن ابى العوجاء بالذات تخصص فى تزييف الأحاديث ويصطنع لها الأسانيد الفخمة وسلاسل الرواة الثقاة ولا يظهر له فيها إسم. وقد إكتشفوا أمره فلقبوه بعبد الكريم الوضاع وقتله والى الكوفة ابى جعفر المنصور وحين اتوا به للقتل قال : ( أما واللــه لئن قتلتمونى لقد وضعت فيكم اربعة آلاف حديث أحرم فيها الحلال واحل فيها الحرام ولقد افطرتكمفى يوم صومكم وصومتكم فى يوم فطركم... ).
ويذكر السيوطى فى تاريخ الخلفاء ان زنديقا آخر أمر الرشيد بقتله فقال للرشيد : ( فأين أنت من الف حديث وضعتُها على الرسول كلها ما فيها حرف نطق به... ). وقد نشطت الدولة العباسية ابان قوتها إلى مواجهة الزنادقة بالسيف والقلم، يقول السيوطى عن الخليفة المهدى انه تتبع الزنادقة والملحدين، وفى سنة 166 جد المهدى فى تتبع الزنادقة وإبادتهم. وأوصى المهدى ابنه الهادى الذى استخلفه بقتل الزنادقة فجد فى امرهم وقتل منهم خلقا كثيرا.
إذن... لجأ الفرس الشعوبيون الى الحرب السرية الثقافية فى مقاومتهم للإسلام والدولة العباسية وفطن العباسيون لهذا التطور الخطير فى الحركة الشعوبية وكان من الصعب عليهم ان يقفوا ضد الحرب الثقافية للفرس خصوصا وان العباسيين اصطنعوا الحركة العلمية لتأييدهم ملكهم السياسى، وكان من الأصعب على العباسيين ان يواجهوا الفرس فى ميدان اختراع الأحاديث لأن العباسييناستخدموا نفس السلاح فى تأييد ملكهم بإختراع الأحاديث التى كان فيها جدهم عبد اللــه بن عباس اكبر الرواة الثقات، والرشيد الذى قتل زنديقا بسبب تزييفه للأحاديث هو نفسه الرشيد الذى كان على وشك ان يقتل احد كبار القرشيين لأنه حاول ان ينقد حديثا...يروى ابومعاوية الضرير انه حدث الرشيد بحديث " إحتج آدم وموسى " فقال رجل من قريش : فأين لقيه؟ فغضب الرشيد وقال: النطع والسيف... زنديق يطعن فى حديث النبى.
كان الزنادقة عند العباسيين نوعين بالنسبة للأحاديث: من يخترع احاديث وهو فى خندق المقاومة ضد الدولة، او من ينتقد حديثا يرضى عنه الخليفة العباسى. والزنادقة وهم مُنْبَثّون حول الخلفاء فَهِِموا نقطة الضعف هذه فى الموقف الرسمى للدولة العباسية من قضية الحديث، لذا تخصص منهم طائفة تخففت من العداء السياسى للدولة العباسية وتفرغت لهدم الإسلام نفسه بوضع احاديث تطعن فى شخص النبى وفى الإسلام وتبعثرها فى آلاف أخرى من الأحاديث المحايدة والتى لا مطعن فيها من حيث الظاهر. وكان لابد ان تنجح الطريقة الجديدة وتحظى برضى الدولة. وبذلك عاش البخارى آمنا يتنقل بين أرجاء الدولة العباشسية التى تثور فيها الإضراباط كل حين والتى تأخذ فيها الدولة برقاب العلماء المتحررين فى فتنة القول بخلق القرءآن.
وكان سهلا على الفرس بعد أن منعتهم الدولة العباسية من التصريح بعقائدهم ان يظهروا الإسلام باللسان وان يمارسوا فى نفس الوقت عقائدهم الثابتة فى أوطانهم بعيدا عن بغداد. وذلك ما كان عليه قوم البخارى فى القرنين الثانى والثالث ويذكر البغدادى ان لهم عيدا فى جبالهم يجتمعون فيه على الخمر والزمر ثم يطفئون المصابيح ويمارسون الزنا الجماعى فى حفلات ماجنة، وقد إستمرت هذه الطقوس فى تاريخ القرامطة والصوفية بعد عصر البخارى.
وبعد موت البخارى بقرن من الزمان يقول الملطى عنهم "... زعموا ان نساء بعضهم حلال لبعض وكذلك اولادهم وابدانهم مباحة من بعضهم لبعض..." فهذا عندهم محض الإيمان حتى لو طلب رجل منهم من إمرأة نفسها أو من رجل أو غلام فإمتنع عليه فهو كافر عندهم خارج من شريعتهم، وإذا امكن من نفسه فهو مؤمن فاضل. والمفعول به من الرجال أو النساء أفضل عندهم من الفاعل، حتى يقوم الواحد منهم من فوق المرأة التى لها زوج فيقول لها " طوباك يامؤمنة "، وهكذا يقولون للرجل والغلام إذا أمكن من نفسه وكذلك أموالهم لا يحظرونها من بعض على بعض مباحة بينهم.
وتلك البيئة التى نشأ فيها البخارى تركت إنطباعها عليه وهويرسم صورة مزيفة للنبى استوحاها من مجمعه المجنون بالجنس والإنحلال الخلقى.
من الممكن أن نُبَرِّء البخارى من التأثر بالفساد الذى اشتهر به قومه ومن الممكن ان ندفع عنه تهمة الشعوبية والعداء لبنى الإسلام التى حمل رايتها قومه فى عصره - بل ولا تزال بخارى وشرق إيران أشد المناطق تعصبا للقومية الفارسية وكراهية للعرب والمسلمين – من الممكن ان نفعل ذلك لولا ان كتابه " صحيح البخارى " يكشف عن عقيدته الشعوبية ويعكس ملامح من تأثره بعادات قومه التى رسم من خلالها صورة مزيفة للنبى عليه السلام.
فى الجزء القادم من كتاب " لكل نبى عدو " نتعرض لموضوع " البخارى وتدوين الأحاديث " إن شــاء اللــه تعالى، وباللــه التوفيق.