إمكانية أو إستحالة وضع "منهج" للتعامل مع القرآن
فى الرد على الأستاذ شعبان

فوزى فراج في الأحد ١٩ - أكتوبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

فى الرد على الأستاذ شعبان

إمكانية أو إستحالة وضع "منهج"  للتعامل مع القرآن

 

كتب الأستاذ أحمد شعبان تعليقا على الحلقة رقم 24 من  تساؤلات من القرآن الى أهل القرآن  , وجاء به ما يلى:

كل عام وحضرتك والأسرة الكريمة بكل خير 
حقيقة أسعد دائما لرؤيتي أي تعليق لك على الموقع ، وذلك لأن آرائك دائما تحترم
ولقد ترددت كثيرا بمشاركتي في هذا الموضوع ، وذلك لأن مداخلتي سوف تأتي كنصيحة مخلصة من أخ لأخيه
وكأن ترددي من الخوف من إساءة فهمي " حقيقة " . 
أنت على علم تام بما تبلورت به إحتياجاتنا على الموقع ، وتتمثل في وضع قواعد فكرية نستعين بها في تقريب رؤأنا
وأصدقك القول أخي بأن مثل هذه التساؤلات التي أشرت تستخدم فعلا من قبل المنكرين ، والتي لم يكن لها إجابات شافية حتى الأن
لذا أصبح من الضروري أن تطرح هذه التساؤلات مثلما فعلت حضرتك على هذا الموقع ، ورغم أن الفائدة من مناقشتها عظيمة على الأقل أنها تدربنا على التفكير الجماعي ، وعسى أن نصل إلى الإجابة عن بعضها ولكن يجب أن نرجئ ذلك إلى أن تتغير آلياتنا التي نستخدمها
نتفق على قواعد محددة ، بعد معالجة كل القواعد المحتملة ، حتى لا تعود الاختلافات حين مناقشتنا للقضايا الفرعية والتي منها الإجابة عن التساؤلات
في الأخير أرجوا أن تهتم حضرتك بوضع تلك القواعد وأنت قادر على ذلك. لنرى شبكة العلاقات داخل القرآن الكريم لكل شيء ، والتي ترشدنا للإجابة على التساؤلات 
أقول هذا من منطلق الصدق والأمنيات الطيبة بإزدهار هذا الموقع وأهله جميعا ، ورفعة الإسلام
قد أكون مخطئا في وجهة نظري ، فعذرا أن عرضتها

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

فقمت بالرد على تعليقه بما يلى:

كل عام وأنتم بخير,ومعذرة لتأخرى فى الرد على سيادتك, شكرا على تعليقك وعلى مرورك, فى الحقيقة لن أتمكن من الرد عليه فى تعليق مماثل لأهمية ما أثرته, ولذلك فأنى أعدك بالرد عليه بإسهاب فى مقالة فى أقرب فرصة أن شاء الله.
مع شكرى وتفديرى مرة أخرى

وكما وعدت , فسوف أقدم هذه المقالة كرد على تعليقة, وربما ونحن بصدد ذلك قد أتعرض لعدد أخر من الاشياء التى أرى أن لها علاقة مباشرة بالموضوع.

أولا, لا يمكن أن يخطر ببالى أن أسيئ الظن بما يقول الأستاذ أحمد شعبان, كما أننى أشكر له إخلاصه فى تقديم النصائح. وأعلم علم اليقين مدى رغبته فى أن يكون هناك منهاجا واضحا ومحددا للتعامل مع القرآن , وقد قرأت له كل ما كتبته من قبل بهذا الشأن, كما قرأت للأخرين ممن يوافقونه على ذلك.

 أن التساؤلات التى عرضتها خلال الفترة منذ إفتتاح الموقع والتى وصلت الى أربع وعشرون حلقة حتى الأن, قد أثمرت المناقشات فى بعضها عن الوصول الى تفسيرات  او إجتهادات  من الأخوة والأخوات, مما إقتنعت أنا شخصيا به تماما, وكان بها من الفائدة لى على الأقل, وللكثيرين من قراء الموقع, ما يستحق لهم من الشكر والثناء على مجهودهم وعلى ما كرسوه من وقت للتفكير وللتدبر فى آيات الله البينات, وما أعتقد أنه كان نتيجة إيجابية لا يمكن تجاهلها. كما أن بعضها لم يثمر عن إجابات مقنعة لى على الأقل , وربما كانت مقنعة للبعض الأخر, غير أن الوقت الذى بذلناه فى تدبر تلك التساؤلات, لم يكن وقتا مهدرا , فإن عملية التفكير الجماعى والتركيز على نقطة تساؤل ما, لا يمكن أن تعتبر تضييعا للوقت, حتى عند عدم الوصول الى نتائج, فإنها تترك تلك التساؤلات فى مكان خلفى من العقل ( العقل الباطنى)  تنتظر الوصول الى إجابة, حتى وإن لم يكن صاحبها متيقنا من ذلك.

إننى كما قلت فى تلك الحلقة من التساؤلات ( ومما لا جدال فيه أن التدبر والوصول الى تفسير لتلك التساؤلات سوف يغلق الباب نهائيا أيضا أمام بعض أعداء الإسلام الذين لن يسعدهم شيئا سوى أن تبقى تلك التساؤلات بلا إجابة محددة لكى تصبح ذخيرة فى ترساناتهم التى لا يترددون فى إستعمالها كلما حانت لهم الفرصة.) وقد يعتقد البعض أننى بعرضى لتلك التساؤلات خاصة ما لا نصل فيه الى إتفاق عام على الإجابة او على التفسير, إنما سيكون بمثابة إضافة للذخيرة لأعداء الإسلام, وأنا شخصيا لا أشارك ولا أتفق مع هذا الرأى, فهم لن يزيدهم ذلك عداء للإسلام كما لن ينقص من عدائهم أن نجيب على تلك الاسئلة, إضافة الى ذلك, إننى على يقين وثقة تامة من عقيدتى, ولن أدفن رأسى فى الرمال ولا أتعرض لما أراه يستوجب منا أن نتعرض له لتفسيرة وإزالة الغموض عنه, والحقيقة التى لا يمكن أن ننكرها أن هناك الكثير مما يتساءل عنه المسلم فى القرآن, وتجاهلنا لذلك خوفا من أن يستغله أعداء الإسلام لا يختلف عن تجاهل المريض ما يؤلمه خوفا من إكتشاف الحقيقة او ظنا أن ذلك سوف يزول من تلقاء نفسه. إننى مؤمن بالله وبكتابه , وقلت مرات كثيرة أن عدم فهمى لما جاء فى كتاب الله وتساؤلى إن هو إلا نتيجة لجهلى وقصورى العقلى وليس لعيب او نقص او تضارب فى كتاب وكلمات الله عز وجل, هذا ما أومن به ولا ولن يغيره شيئا ولا ولن أحيد عنه.

والأن نأتى الى ما يطلبه الاستاذ شعبان من تكثيف الجهد لإيجاد منهاج واحد لتفسير معانى القرآن , وفى إطار ذلك إيجاد ( قاموس) لشرح او إعطاء معنى يتفق عليه الجميع لكلمات القرآن, وقد طالب سيادته بذلك, وطالب معه البعض, وفى إعتقادهم أننا أن توصلنا الى وضع منهاج (((موحد))) للتعامل مع القرآن وتفسير كلماته فقد توصلنا الى حل لجميع المشاكل او حتى لمعظم المشاكل التى تواجهنا وتواجه المسلمين . وأجد نفسى مع تعاطفى وتفهمى لتلك الرغبه, مختلفا تماما مع كل من يدعو الى ذلك , إذ يجب أن لا نترك أحلامنا تسيطر علينا وتلقى بغشاوة على واقعنا, فالحلم شيئ جميل مخدر للعقل, غير أن الواقع هو شيئ أخر مختلف تماما, وكلما طال بنا الوقت بعيدا عن الواقع, كلما كانت الصدمة أكبر لدى العودة اليه , والعودة الى الواقع دائما واقعة  ولامحالة فيها.

لقد طلب الاستاذ شعبان فى تعليقة منى أن أضع القواعد عندما قال (أرجوا أن تهتم حضرتك بوضع تلك القواعد وأنت قادر على ذلك. ) ومع شكرى له على ثقته بى فأرجو أن أوضح له رأيى فى ذلك فيما سوف يأتى لاحقا.

بداية, القرآن يتكون من مئة وأربعة  عشر سورة, كل منها تتكون من عدد من الأيات, وكل آية تتكون من مجموعه من الكلمات , وكل كلمة تتكون من مجموعة من الحروف رصت بطريقة تعبر عن معنى الكلمة, أى أن الوحدة الأساسية فى القرآن هى الحروف العربية, والحروف العربية كما نعرف تختلف عن الحروف فى اللغات الأخرى, وتنقص او تزيد عددا من الحروف عنها, غير أن الفكرة فى جميع اللغات واحدة, وهى أن الحروف يتم ترتيبها بطريقة معينة لكى تصف او تعبر عن معنى ما, والمعانى هى الوحدة الأساسية فى كل فكرة, والأفكار هى طريقة للتواصل بين الناس, فمنها ما هو مقبول ومنها ما هو مرفوض ومنها ما هو جيد ومنها ما هو سيئ...الخ. والناس تتعامل مع بعضها البعض من خلال تلك الافكار التى يتم توصيلها عن طريق الكلمات, مسموعة او مقروءة وكذلك عن طريق الصور المرئية المصاحبة للكلمات وبطرق أخرى كثيرة, والسؤال هو هل اللغه العربية لها صفة خاصة تختلف عن جميع اللغات الأخرى؟؟, فمثلا كما ذكرت فى مقالتى ( خلاصة الكلام) أن هناك من المسلمين ممن لا يتحدث العربية حوالى أربعة لكل واحد ممن يتحدث العربية, وأن كنا كما يقول الاستاذ شعبان سوف ننظر الى معانى الكلمات العربية فى القرآن وأن كل كلمة لها معنى واحد مهما إختلف معناها فى سياق الجملة, فكيف نستطيع أن نوصل ذلك الى الأكثر من ثمأنون فى المئة من المسلمين الذين لا يتحدثون العربية , وأن كان ذلك من الأهمية فى فهم وتطبيق العقيدة الإسلامية كما يرى سيادته, فهل عاقب الله عز وجل كل هؤلاء بأن خلقهم فى مجتمعات وبلدان لا تتحدث العربية رغم أنهم أمنوا بالله وأمنوا بكتبه ورسله وأشهدوا العالم على أنهم مسلمين , كيف يمكن أن يدرك أحدهم معنى كلمة ( دين ) بكلا المعنيين الذى أشار لهما الاستاذ شعبان مهما حاولنا أن نشرحها لهم, وهذا مجرد مثال فقط على التركيز على اللغة العربية وتجاهل جميع اللغات الأخرى التى يعيش ويتعايش بها حوالى 80% من المسلمين, هل من الممكن أن يتحول ذلك الى نوع من ( العنصرية) , لأن العنصرية ليست فقط فى لون الجلد!! هل من الممكن أن يتهمنا الأكثرية من المسلمين بأننا نمارس تلك العنصرية "اللغوية", هل من الممكن أن نقول أن القرآن جاء باللغة العربية فأن كنتم ياسادة ياكرام لا تتحدثون العربية فهذه مشكلتكم أنتم وليست مشكلتنا, وإن كان لديكم شكوى فقدموها الى خالقكم الذى خلقكم هكذا, والأمثلة على ذلك لا تنتهى...................

 

ثم نأتى الى ما ذكر كثيرا على هذا الموقع ومواقع اخرى من أن الحروف العربية لها معانى!!!! فهناك من يقول أن حرف ( الخاء ) معناه كذا وكذا, وحرف ( العين) معناه كذا وكذا,وهذا الحرف يعنى شد خفيف وهذا الحرف يعنى ضغط قوى وهذا الحرف يعنى تردد وهذا الحرف يعنى  مش فاهم آيه ومش  عارف أيه............. وبوضع هذا الحرف مع ذلك نستنتج أن معنى الكلمة التى يتكون منها الحرفان بناء على ذلك هو كذا وكذا..........ومع إحترامى لمجهود هؤلاء, إلا أننى لا أتفق معهم بل أعتبر أنه هراء يمكن إثباته فى أى وقت بأمثلة لا تعد ولا تحصى بكلمات تشمل تلك الحروف ولا تعنى ما وصلوا اليه من قريب او بعيد. ثم نضيف الى ذلك, هل اللغة العربية هى اللغة الوحيدة فى العالم التى تتمتع بتلك الصفات وتلك الخواص التى تكون بها الحروف ذات معنى ومغزى, ورغم أنى لست خبيرا فى اللغات ولا أتحدث سوى لغة واحدة أخرى , لم اسمع أن الأنجليزية مثلا يمكن أن يطبق عليها اى شيئ مماثل, لم اسمع من يقول أن حرفى ال ( D , R ) فى كلمة مثل (Door) لهما صفات تتماثل او تقترب من معناهما فى كلمات مثل (doer , Dare,  Dire,, Dear), وطبعا هناك عشرات الألاف من الأمثلة الأخرى, فإما أن اللغة العربية هى لغة خاصة جدا جدا جدا ( مما يعطيها صفة العنصرية أيضا), تختلف عن لغات العالم أجمع , وإما أن من ينحو نحو ذلك على خطأ تام فى تصورة وفى الإلتجاء الى تلك النظرية, بالطبع أزيد على ذلك ما قلته من قبل وما سوف اقوله وسوف أظل اقوله , وهو التساؤل عما بشأن ال 80% من المسلمين الذين لا يعرفون من العربية حرفا واحدا, بل كيف لنا أن نقول أن الإسلام رسالة عالمية بعد ذلك, وكيف يمكن أن يمتد الإسلام الى ما وراء ذلك أن كنا نعتقد ونؤمن بخصوصية ( عنصرية) اللغة العربية وحدها!!!!

نعود الى وضع المنهج والتفسير للقرآن الذى يطالب به أخى أحمد شعبان وأخرون معه, من الذى سوف يقوم بذلك ؟؟, هل هو كاتب هذه المقالة الذى لديه من التساؤلات أكثر مما لدى أحد أخر عن ما لم يستطيع أن يفهمه تماما وما يطلب من الأخرين أن يساعدونه فى فهمه وتدبره ؟؟؟, من ؟؟؟؟, صبحى منصور الذى لم يقل شيئا واحدا حتى الأن إتفق عليه الجميع رغم كل ما لديه من علم يشهد له الجميع به بلا إستثناء ؟؟؟؟؟, من ؟؟؟؟, لجنه من أعمدة الموقع كما يطلق عليهم أحيانا, وهم لم يستطيعوا أن يديروا هذا الموقع الصغير دون خلافات فيما بينهم ؟؟؟؟, من ؟؟؟؟, خلاصة من عمالقة المسلمين المخلصين لدينهم ومن ليس لهم أغراض او مكاسب شخصية ,فإن كان ذلك, فأين هم ومن هم ؟؟؟؟, من ؟؟؟؟, لو كانت هناك مسابقة ولو وهمية بين المسلمين من هذا العصر والعصور السابقة لوضع هذا المنهج, فمن له من الكفاءة والعلم والمعرفه بالقرآن يستطيع أن يضع هذا المنهج , الإئمة الأربعة  الشافعى ومالك وبن حنبل وأبوحنيفه؟ من؟؟؟؟, الصحابة أبو بكر وعمر وعثمان وعلى؟؟؟؟ , من؟؟؟؟, الرسول ( ص) , اليس الرسول الذى إستأثرة ربه بتبليغ رسالته هو أقرب وأعلم والأكثر كفاءة بهذا العمل من جميع المسلمين منذ عهده حتى الأن وما بعد الأن!!!, فلم لم يفعله, لماذا لم يضع هذا المنهاج بإفتراض الأهمية البالغة كما يدعى البعض لهذا المنهاج, لماذا حتى لم يقم بتفسير القرآن, هل أمرة الله بأن يفعل ذلك وخالف أمرة!!!!!, ام نسى أن يفعله!!!!,أم كان مشغولا بأشياء أخرى أكثر أهمية فلم يجد لديه الوقت الكافى,هل لم يكن النبى (ص) أهلا لتفسير القرآن, هل لم يكن أهلا وكفؤا لوضع ذلك  المنهج للتعامل مع القرآن, هل أمرة الله بذلك سواء بتفسيره او وضع منهج للتفاعل او التعامل او تدبره غير أنه لم يعر ما أمره الله به إلتفاتا, او نسى ذلك او تناساه, من غير المعقول أن يعتقد اى بنى أدم أن أى من تلك الأشياء قد حدثت, او أن أى منها له ظل من الحقيقة, إذن لماذا لم يفعل الرسول ذلك, هل ترك الرسول ذلك الأمر لمن يأتى من بعده سواء من الصحابة او الأئمة, من مالك او البخارى او أحمد أو الشافعى, هل قال الرسول عليكم بأى واحد من هؤلاء فهم من تم تكليفهم بشرحه او من تم تكليفهم بوضع منهاج له, هل قال الرسول عليكم بالإنتظار حتى يأتى أهل القرآن وعلى رأسهم صبحى منصور ومعه فوزى فراج وأحمد شعبان وشريف هادى وحسن عمر وعثمان وغيرهم لكى يأتوا بهذا المنهاج, وكل من إعتنق الإسلام قبل ذلك لا حظ  لهم .  أم من الممكن أن  او من المحتمل أن يكون الله عز وجل قد خطط ذلك بمعرفته وأنه لم يأمر الرسول بأن يفعل ذلك, بل أن كلمة من المحتمل لا تفى بالغرض , بل يجب أن تكون من المعروف او مما يجب أن يثق به كل مسلم ,أن الله لم يأمر الرسول بذلك لغرض إلهى يعرفه هو , فهل من الممكن أن يكون ذلك لأن الله أراد لكل مسلم على حدة بأن يفهم وأن يجتهد فى القرآن كيفما يسمح له مجهوده الذى مما لاشك فيه أنه يختلف عن كل أنسأن أخر فلا يوجد إثنين على وجه البسيطة يتفقان على كل شيئ, كل حسب إمكانياته العقلية والمعرفيه وفوق بل وأهم من كل شيئ كل حسب إيمانه وتقواه, ولا يعرف مخلوق عن إيمان كل منا وعن تقوى كل منا وعن صدق كل منا وعن نوايا كل منا شيئا, لكنه هو العليم الحكيم الذى يعرف ذلك بكل دقة وبكل تفصيل وهو وحده من سوف يحكم على ذلك. إذا, عندما يجتهد كل منا ويقدم ما لديه سواء فى الإجابه عن سؤال ما, او فى تقديم وجهة نظر, فليس لدى اى منا السلطة او القدرة على أن يكون ما نقوله هو القول الأول والأخير, وليس لأى منا السلطة على الحكم على أراء الأخرين, من الممكن أن نعترض او نختلف, ولكن ليس لأى منا أن يعتبر أن رأيه هو الرأى النهائى, او أن يتحدث بثقة لا متناهية وكأنه الوحيد الذى يعرف تفسير هذه الآيه او تلك , ومعنى هذه الآيه او تلك ,أو الغرض الذى جاءت بسببه هذه الآيه او تلك, فكل منا سيكون مسؤلا عن ما يفعل وعن مايقول وليس عن ما يعتقده الأخر او ما يقوله. لأن  ذلك كان من إرادة الله بأن لا يكون للقرأن تفسيرا واحدا, بمعنى أن الله عز وجل له المقدرة على أن يحاسب كل أنسأن وفق ما أهتدى اليه ووفق ما وصل اليه بنية طيبة الى فهم نفس الأية او نفس التوجيه فى القرآن  وهى مقدرة إلهية ليس لأى بشر منا أن يتخيلها بعقله المحدود.

دعونا الأن نرجع الى الواقع , وننظر بطريقة واقعية وأمينة مع أنفسنا على الأقل لما يحدث من حولنا سواء على هذا الموقع او غيره, هناك من يتصور أن "أهل القرآن "  أى مجموعتنا, هى مجموعة جديدة أو فريدة من نوعها فى توجهها او فى مفاهيمها فيما يتعلق بالإسلام, او أننا أول من نادى وأمن بتلك المبادئ من أن القرآن هو المصدر الأول والوحيد لتعاليم الإسلام, والواقع أن ذلك أبعد عن الواقع بسنوات ضوئيه, من المستحيل أن نتصور أن (أهل القرآن) هم اول من أمن بالقرآن فقط على مدى 14 قرنا ولم يخطر ببال احد من عشرات المليارات من المسلمين طوال تلك الفترة أن يتساءل وأن يجتهد وأن يفكر فيما نفكر فيه تماما, اعتقد ,وأنا أتحدث عن نفسى,أنه من السذاجة بل من البلاهة أن أظن ذلك, أن الكثير مما يقال على هذا الموقع للأسف يقترح بشكل مباشر او غير مباشر أن الدعوة الى القرآن الكريم كمصدر واحد او أوحد للتشريع للمسلم والمسلمين لم يتواجد قط طوال 14 قرنا, وأنه إكتشاف حديث سواء من أحمد صبحى أو غيره, أى بمعنى أصح أن كل تلك المليارات من المسلمين لم يمارسوا الإسلام بطريقة سوية, إلا عن طريق المشايخ والأئمة أصحاب الأحاديث تبعا للفئات التى قسمت الإسلام الى شيعة وسنه وصوفيه ومعتزله....الخ الخ الخ. أى بمعنى أخر أنهم جميعا ضلوا عن السبيل, وأن إن لم يرحمهم الله عز وجل , فمصيرهم جهنم وبئس المصير, أعتقد أن من يظن ذلك يجب أن يفكر مرتين او أكثر!!!!! إن كل منا ممن يعتبر نفسه من أهل القرآن, لو لم توفر لنا التكنولوجيا الحديثة مثل الإنترنيت ما يسمح باللقاء وتبادل الأفكار على مثل هذا الموقع, لكنا رغم ذلك لازلنا من أهل القرآن سواء اتخذنا لنفسنا هذا الإسم او المسمى أم لا , لكنا لازلنا لا نؤمن بقتل المرتد لأننا فهمنا ذلك من القرآن, لكنا لازلنا لا نؤمن برضاعة الكبير او التبرك ببول النبى وشرب بول الإبل,او رجم الزانى ,  لكنا لازلنا لا نؤمن بتلك الأحاديث التى تثير السخرية والضحك خاصة عندما تتعارض مع القرآن, لكنا لازلنا نؤمن بأن القرآن هو المرجع الوحيد الذى نرجع اليه كلما تساءلنا عن شيئ لم نستقر عليه. نعم إن التفكير الجماعى وتبادل الأفكار الذى أتاحه لنا التقدم العلمى لا يمكن الجدل حول منافعه, غير أنه لم يكن السبب الرئيسى الذى أدى الى إنتمائنا الى ما نعتقده أو الى أهل القرآن, ربما يكون قد ساعد البعض فى معرفة الطريق الصحيح وربما يكون قد غير من رأى البعض من المنهج السلفى الى المنهج القرآنى, ولكنهم بالتأكيد كانت لديهم الرغبة ولديهم الإستعداد للدخول عبر هذا الباب, فلو لم يكن لديهم تلك الرغبة فى داخل وعمق داخلهم, لما كان مثل ذلك الموقع او عشرات من مثله قد غير رأيهم قيد أنملة, والدليل على ذلك أنه هناك من مئات الملايين ما لم يغيروا من تفكيرهم رغم تواجد هذا الموقع وأمثاله وتواجد هذه الأفكار ومثيلاتها.

القول بأن القرآن بفسر بعضه, وهو المنهح المبدئى الذى ذكر على موقعنا الكريم,  وأننا يجب أن نفسر القرآن بالقرآن أو من القرآن, هو قول ذا معنى قد يبدو لأول وهلة منطقيا , كما أن له نغمة لا يستطيع الكثيرون أن يعترضوا عليها, ولكن دعونا أن نكون واقعيين مع أنفسنا, وأن نكون صادقين معها, هل قام أى كاتب او باحث بتفسير شيئ واحد من القرآن , شيئا واحدا كان محل نقاش او تساؤل أو جدل, وحاز الموافقة من ( الجميع ) بالإجماع, والجميع هنا هم العشرات فقط او على أكثر تقدير المئات من القراء والكتاب والمعلقين معا ( وليس ألف وثلاثمئة مليون), شيئا  واحدا, مجرد شيء واحد!!!!!!!!!!!!!!!  إن أبسط الآيات التى يعرفها السواد الأعظم من المسلمين ويحفظونها عن ظهر قلب, عندما تعرضت للتفسير, أختلف عليها الكثير من رواد الموقع, وكانت بعض الإختلافات بسيطة وبعضها ليست بتلك البساطة بل ربما كانت إختلافات بينة وشاسعة, هل هناك فى القرآن ما يشير "صراحة"  الى هذا المنهج, أى تفسير القرآن بالقرآن؟؟ هل هناك توجيه من الله عز وجل بأن نلتزم بهذا المنهج لتفسير القرآن بالقرآن؟ أود أن أعرف بل أتمنى أن أعرف منكم جميعا إن كانت هناك آية تقول بصراحة مباشرة لا يختلف فيها إثنين .   هل من الممكن كما يقال أن يتجرد كل إنسأن من كل ما يعرفه تماما, تماما, تماما, وأن يدخل الى القرآن وكأنه "صفحة بيضاء", ليس فى ذاكرته او مخيلته شيئا لكى يبدأ عملية التفسير لكلمة ما أو آية ما , وأن يبجث عن تفسيرها من سياق القرآن أو الآيات الأخرى, هل هذا شيئ ممكن بشريا وإنسأنيا ومنطقيا؟؟؟ هل ينسى او يتناسى كل إنسأن ما لديه من علم او معرفه , كل ما سمعه وكل ما قرأه طوال حياته لكى يكون حياديا فى تفسيرة, فيغلق الباب وراء كل تاريخة الفكرى ومحصلة معلوماته التى جمعها او تجمعت رغما عنه فى رأسه؟؟ هل هذا فى طاقة أى مخلوق؟؟؟ ..................لماذا لا ننظر الى ما حدث على هذا الموقع فقط عندما تعرضنا لموضوع الصيام, عند محاولة فهم وتفسير كلمة ( الذين يطيقونه), عندما تعرض الموقع الى مناقشة الصيام, وإن كان التدخين يفطر الصائم ام لا, وأود هنا أن أقول بأن من يؤمن بأن التدخين يفطر الصائم , ليس عليه أن يفعل شيئا سوى أن ينتظر حسابه أمام الله لأنه أساء فهم ما يفطر, ومن صمم على ان التدخين لا يفطر الصائم, فأرجو ان تكون لديه الشجاعة والإيمان بما يقول و أن يشعل سيجارة أمام الناس يوميا فى نهار شهر رمضان, مجرد سيجارة واحدة وأن يقول لهم ان التدخين لا يفطر الصائم, أما غير المدخنون, فأن يشعل سيجارة ويأخذ نفس واحد أمام الناس فى نهار رمضان مبررا انها لا تفطر, مجرد نفس واحد لن يجعله مدمنا ولن يضر بصحته كثيرا, ولكنه فى سبيل الله وفى سبيل إبراء ذمته امامه , يجب ان يثبت ذلك بالفعل وليس بالقول فقط!!!,  ولا اود أن اذكر تقييم عملية التدخين فى حد ذاتها من حلال او حرام, او ما حدث عندما نوقشت الصلاة, وما قيل عن عدد ركعاتها أو عن طريقة أدائها, ( وسوف أكتب مقالة بهذا الشان إن شاء الله ), وعن التشهد فى الصلاة, بل وعن الشهادة بان محمدا رسول الله, أى منهج فى تفسير وتدبر القرآن كان أو سيكون به إجلاءا للحقيقة فى هذين الموضوعين فقط كمثال , ولا أقول فى عشرات الموضوعات الأخرى مثل الجدل حول ما هو محرم وما هو منهى عنه وما هو محلل وما هو غير ذلك, أو عن الزواج وعن الطلاق , عن الإيمان معناه ومتطلباته, ألم نشهد ان نفس الآية من القرآن يستخدمها البعض ضد البعض, بمعنى انها تعنى شيئا للبعض وتعنى شيئا مخالفا ومناقضا تماما للبعض الآخر!!

حسنا, ماذا لو أننا بمعجزة ما , كوننا لجنة من مفكرى الموقع, بمساعدة من مفكرين أخرين من خارج الموقع,  ثم إستطعنا أن نحدد المنهج الواجب إتباعه والمعنى لكل كلمة من كلمات القرآن, .....ثم ماذا بعد ذلك !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!, هل نكون بذلك إستطعنا أن نقضى على كل مشاكل العالم الإسلامى, من الذى سوف يتبع ذلك المنهج دون مناقشة ودون إعتراض مطلقا, من؟؟؟, أهل القرآن هنا, كم من المسلمين فى العالم سوف يتبع ذلك المنهاج ويرجع الى قاموسنا القرآنى كلما صادفهم ما يدعو الى ذلك, فلننزل الى عالم الواقع, كم من ال 1300 مليون مسلم سوف يسارع لتبنى ذلك المنهج , وكم من الزمن سوف يمر عليهم قبل ان يجد البعض - فى هذا الجيل او الجيل القادم او حتى بعد أجيال أخرى- ما سوف يعترضون عليه وما سوف يرفضونه لسبب أو أخر, هل فكر كل من الأئمة السابقين ان هناك من سوف يأتى من بعدهم كى يعترض و يعدل ويغير ما كتبوه من إجتهادات وتفسيرات .............الخ, والدليل على ذلك هو ...................نحن الآن!!

ما رأيك فى ذلك الرجل الذى ولد فى قرية فى مصر او السنغال او أوغنده او جبال تورا بورا, أو أندونيسيا, لا يعرف القراءة وتعلم من والديه قواعد الإسلام التى تعلموها هم عن أبائهم وهلم  جرا, هذا الرجل الذى لا يقرأ القرآن ولكنه يقدسه, ويقبله ويعاملة بكل إحترام, هذا الرجل الذى تعلم الصلاة وورثها عن والديه, لا يحفظ سوى عدة سور قصيرة يؤدى بها صلاته,يصلى, ويصوم ويزكى ويعرف ما هو حلال وما هو حرام طبقا لتقاليد قريته الذى ولد بها وعاش فيها ومات ودفن تحت أرضها, هذا الرجل الذى يعمل كل ما وسعه لكى يرضى الله الذى عرفه طبقا لما علموه, يصلى الجمعة خلف أحد مشايخ القرية الذين ربما يضللونه بالأحاديث وما قال الرسول  وما قال البخارى................الخ, هذا الرجل الذى يعرف ما هى الفاحشة طبقا لما تعلمه وما ورثه, هذا الرجل الذى عاش ومات دون أن يخرج من قريته شأنه فى ذلك شأن مئات الملايين من المسلمين حول العالم, وشأن مليارات المسلمين الذين انقضوا من قبل!!!!! هذا الرجل الذى يمثل بصورة حقيقية المسلم البسيط أو الأغلبية الساحقة من مسلمى العالم اليوم وبالأمس وربما غدا , هذا الرجل الذى لا يعرف التطابق فى معانى كلمة ( دين) على طريقة الاستاذ أحمد شعبان, ولا يعرف تفسير كلمة ( آية) ومعانيها المختلفة فى القرآن,أو أنه من الممكن ان نكتب بحثا مطولا او كتابا فى شرح كلمة ( صلاة) بل لا يهمه ولا يعنيه أن يعرف ذلك.........الخ.     طبقا لما نعرفه نحن ( ؟؟؟؟) وطبقا لما نفهمه , هذا الرجل قد خالف تعاليم الإسلام كما نعرفها نحن, فهو قد أمن بالكثير او بكل ما سمعه من حديث عن شيخه, صلى وقرأ التحيات والتشهد طبقا لما يفعله السواد الأعظم بل اكثر من السواد الأعظم من المسلمين الذين يقرأونها اليوم كما قرأها أباءهم من قبل, شهد ان لا إله ألا الله وأن محمدا رسول الله, ...............الخ الخ..أعتقد أن الصورة قد أتضحت تماما لما أريد أن أقول, هذا الرجل عاش مسلما ومسالما ولم يعتدى على احد ولم يرتكب كل ما فهمه وعرفه انه من الفواحش, طبقا لبعضنا هنا, هذا الرجل كافر ومشرك, فهل يعتقد أحد ان هذا الرجل سوف يعاقبه الله العادل عقاب الكافر المشرك, أرجو ان يتولى الإجابة عن ذلك اى إنسان يقول نعم سوف يعاقبه الله على كفرة وعلى أنه صدق تلك الأحاديث التى تخالف القرآن  وعلى انه بقوله فى صلاته التحيات لله والصلوات والطيبات...........الخ, قد أشرك بالله, وانه بقوله وأن محمدا رسول الله , قد كفر وقد أشرك بالله , وسوف أنتظر بفارغ الصبر هذا التعليق!!

والأن دعونا نرى ماذا قال الله عز وجل فى كتابه الكريم, ولنتمعن فيما قال فى بعض الآيات ولنحاول ان نربطها بما جاء أعلاه فى تلك المقالة.

ونرثه ما يقول ويأتينا فردا – مريم 80

وكل انسان الزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا -الإسراء- 13

قل أغير الله أبغي ربا وهو رب كل شيء ولا تكسب كل نفس الا عليها ولا تزر وازرة وزر اخرى ثم الى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون  - الأنعام – 164

الذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش الا اللمم ان ربك واسع المغفرة هو اعلم بكم اذ انشاكم من الارض واذ انتم اجنة في بطون امهاتكم فلا تزكوا انفسكم هو اعلم بمن اتقى -  النجم 32

ذلك مبلغهم من العلم ان ربك هو اعلم بمن ضل عن سبيله وهو اعلم بمن اهتدى -  النجم 30

ومن آياته خلق السماوات والأرض وإختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين . الروم - 22

 

وفى النهاية أود أن أقول بكل تواضع , من الممكن أن يختلف إثنان ويكونا كلاهما على حق, ومن الممكن أن يكون كلاهما على خطأ , وبالطبع من الممكن أن يكون أحدهما على حق والأخر على خطأ كما يحدث فى أغلب الأحوال, بل ويحدث نفس الشيئ حتى عندما يتفقا. وفقنا الله وإياكم الى مافيه الخير ومعذرة على طول المقالة.
اجمالي القراءات 16507