شهد عام 2017 العديد من الهجمات الدموية حول العالم، والتي أدت إلى إصابة مئات المدنيين أو مقتلهم، في هذا التقرير نستعرض عددًا من هذه الهجمات التي تُعد الأكثر دموية، والتي وقعت في دول عربية وغربية بالإضافة إلى روسيا، بعيدًا عن دول تشهد معارك واشتباكات، تسفر بصورة شبه يومية عن قتلى ومصابين؛ مما يزيد من صعوبة حصر الهجوم الأكثر دموية فيها.
وبحسب حصرنا؛ فقد تصدَّر هجوم الروضة في مصر -والذي أسفر عن مقتل 309 مدنيين- الهجمات الأكثر دموية في العالم لعام 2017، وتضمنت الهجمات أيضًا: الهجوم المسلح الأعنف في تاريخ أمريكا، والهجوم الأعنف في بريطانيا منذ عام 2005، بالإضافة إلى الهجوم الأعنف في الصومال منذ عام 2007.
الهجمات في سوريا والعراق وليبيا واليمن.. حكاية يومية مستعادة!
في دول مثل: سوريا، والعراق، وليبيا، واليمن يصعب تحديد الهجوم الأكثر دموية ضد المدنيين، خاصة وأن القتلى والضحايا يتساقطون بشكل شبه يومي خلال الصراعات والاشتباكات الواقعة في هذه البلاد العربية، ففي ليبيا مثلًا، سقط آلاف الضحايا المدنيين؛ وفي العراق قُتل نحو 40 ألف مدني خلال معركة استعادة الموصل فقط، بحسب صحيفة الإندبندنت البريطانية.
وفي دولة مثل سوريا، قُتل نحو 100 ألف مدني -99617 مدنيًّا- في الفترة منذ انطلاق «الانتفاضة السورية» في منتصف مارس (آذار) 2011، وحتى منتصف يوليو (تموز) 2017 بعد تحولها لحرب، تسبب النظام السوري في مقتل أكثر من 80% منهم، بحسب توثيق المرصد السوري لحقوق الإنسان. وتجدر الإشارة إلى أن المرصد أعلن أن هذا الرقم هو ما استطاع توثيقه، فيما يتوقع أن العدد الحقيقي قد يزيد على الرقم الموثق بـ85 ألف قتيل آخرين.
ومن أكثر الهجمات الدموية التي وقعت في سوريا أيضًا الهجوم الكيماوي الذي نفذه النظام السوري بغاز السارين، في أبريل (نيسان) 2017، في خان شيخون، والذي أدى إلى مقتل 87 مدنيًّا مُعظمهم من الأطفال والنساء.
أما عن اليمن، فقد وثقت الأمم المتحدة مقتل ما لا يقل عن 5144 مدنيًّا خلال الفترة بين مارس 2015 و30 أغسطس (آب) 2017، مشيرة إلى أن التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية تسبب في مقتل أكثر من نصفهم.
ويُضاف أيضًا إلى هذه الدول، دولة ميانمار، التي يتعرض فيها مسلمو الروهينجا إلى هجمات إبادة بين الحين والآخر، من حكومة ميانمار، وجماعات بوذية متطرفة، أودت بحياة المئات، بشكل يصعب فيه تحديد الهجوم الأكثر دموية. ففي خلال 72 ساعة -فقط- في شهر أغسطس 2017، وقعت عدة هجمات متتالية ضد مسلمي الروهينجا، «أسفرت عن مقتل ما بين ألفين إلى 3 آلاف مسلم من أقلية الروهينجا» بحسب ما أعلنه المجلس الروهينجي الأوروبي، في 28 أغسطس 2017.
اقرأ أيضًا: قتل وتشريد.. ماذا يحدث لمسلمي الروهينجا في ميانمار الآن؟ 5 أسئلة تشرح لك
الهجوم على مسجد الروضة في مصر.. 309 قتلى ما بين طرفة عين وانتباهتها!
في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) 2017، وأثناء استماع المصلين لخطبة الجمعة، شنّ مسلحون هجومًا على مسجد الروضة في شمال سيناء، استخدموا فيه رشاشات آلية، ليسقط 309 قتلى، ما بين شاب ومسن وكهل وطفل، بالإضافة إلى إصابة أكثر من 120 آخرين، وذلك قبل أن يفر المسلحون عقب الهجوم، دون تدخل أمني مباشر من الدولة، ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها الرسمية عن الهجوم، حتى الآن.
اقرأ أيضًا: المتصوفون في سيناء.. «ذكر الله» تحت الحصار!
وفي مساء يوم الهجوم، أعلنت القوات المسلحة المصرية أنها استهدفت بؤرًا إرهابية لمنفذي الهجوم «الغاشم»، وفي يوم الأربعاء الموافق 29 نوفمبر 2017، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إنه: «يلزم الفريق محمد فريد حجازى (رئيس أركان الجيش) خلال ثلاثة أشهر، باستعادة الأمن والاستقرار في سيناء» مضيفًا: «أنت -رئيس أركان الجيش- والشرطة المدنية… وتستخدم كل القوة الغاشمة، كل القوة الغاشمة».
ويُعد هجوم الروضة، الهجوم الأكثر دموية ضد المدنيين في مصر، ليس فقط خلال عام 2017، وإنما أيضًا منذ أكثر من أربع سنوات مضت، وتحديدًا منذ فض قوات الأمن المصرية اعتصامي رابعة والنهضة، في 14 أغسطس 2013، والذي أسفر عن مقتل ما لايقل عن 904 مدنيين، وفقًا لمنظمة هيومن رايتس ووتش التي وصفت ما حدث بـ«أسوأ واقعة قتل جماعي غير مشروع في تاريخ مصر الحديث».
الهجوم الأعنف في الصومال خلال العقد الأخير!
في 14 أكتوبر (تشرين الأول) 2017، وقع في الصومال هجوم هو الأعنف ضد المدنيين، خلال الـعشر سنوات الأخيرة، وتحديدًا منذ عام 2007، إذ انفجرت شاحنة محملة بالمتفجرات بالقرب من مدخل أحد الفنادق الواقعة في قلب العاصمة الصومالية مقديشو، وقُتل -أيضًا- شخصان، إثر انفجار ثانٍ بالقرب من نفس المنطقة، وأسفرت تلك الهجمات عن مقتل ما لا يقل عن 230 مدنيًّا، وإصابة نحو 200 آخرين، ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها فورًا عن الهجوم، وجدير بالذكر أن حركة الشباب المناصرة لتنظيم القاعدة تشن هجمات في الصومال.
وعقب الحادثة، وصلت مساعدات طبية لعلاج المصابين من دول عدة مثل: أمريكا، وكينيا، وقطر، وجيبوتي، بالإضافة إلى تركيا التي حملت عددًا من المصابين إليها، استقبلهم نائب رئيس الوزراء التركي، وتجدر الإشارة إلى توطيد تركيا علاقاتها بالصومال بشكل كبير، ففي نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، أسست تركيا أكبر قاعدة عسكرية خارجية لها في الصومال.
اقرأ أيضًا: آخرها في الصومال.. القواعد العسكرية التركية تتمدد في الدول العربية
أعنف هجوم إطلاق نار في تاريخ أمريكا
في أكتوبر 2017، وقع أسوأ هجوم إطلاق نار استهدف مدنيين في تاريخ أمريكا الحديث، إذ بدأ هذا الهجوم مساء الأول من أكتوبر، عندما أطلق ستيفن بادوك (64 عامًا) النيران بطريقة عشوائية على حشد يبلغ عدده 22 ألف فرد، يحضرون حفلة غنائية في منتجع خليج ماندلي بمدينة لاس فيجاس الأمريكية، وأسفر الهجوم عن مقتل 59 شخصًا، وإصابة أكثر من 500 آخرين، قبل أن يصيبه أحد أفراد الأمن، وعند اقتحام غرفته وجدته الشرطة مقتولًا، لتميل رواية الشرطة إلى أنه انتحر.
وأعلن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، تبنيه الهجوم، مصرحًا بأن بادوك اعتنق الإسلام قبل شهور من تنفيذ الهجوم، ولكن وعلى عكس الهجمات السالفة التي تبناها التنظيم، بدا هذا الإعلان ضعيفًا و«غير مقنع» للإدارة الأمريكية، ولم تعتد الشرطة الفيدرالية به، واستبعدت تنفيذ تنظيم الدولة الهجوم أو تدبيره، وأفادت بأنّ الهجوم نفذه مسلح، «وليس عملًا إرهابيًّا»، ونفت أن يكون باندوك غيّر ديانته إلى الإسلام، وهو نفي أكده أيضًا «إريك باندوك» شقيق المنفذ، والذي أضاف: «كان معتادًا على الذهاب إلى مدينة لاس فيجاس في سيارته الجيب ليلعب القمار».
اقرأ أيضًا: «هجوم لاس فيجاس».. لماذا يتبناه «تنظيم الدولة» بالرغم من أنه ليس الفاعل؟
مقتل 22 في «هجوم مانشستر» .. الهجوم الأعنف في بريطانيا منذ 2005
في الساعات الأخيرة من مساء يوم 22 مايو (أيار) 2017، ومع انتهاء حفل غنائي للمغنية الأمريكية أريانا جراند، حضره نحو 21 ألفًا في مسرح مانشستر ببريطانيا، وفي أثناء مغادرة الجمهور للحفل الغنائي، وقع تفجير في بهو المسرح أسفر عن مقتل 22 شخصًا، بينهم أطفال -بحسب ما أفادت الشرطة البريطانية- وإصابة 59 آخرين، بينهم 12 طفلًا، دون سن 16 عامًا، ليُعد الهجوم الأعنف في بريطانيا منذ عام 2005، وقد تبناه تنظيم الدولة.
وعُرفت أول ضحية للحادث باسم جورجينا كالندر، وهي طالبة تبلغ من العمر 18 عامًا، فيما كانت أصغر ضحية للحادث في المدرسة الابتدائي، وتحمل اسم صافي روز، وتبلغ من العمر ثمانية أعوام، وتحدث شهود عيان عن رؤيتهم صواميل معدنية منتشرة على الأرض، ووجود رائحة متفجرات، لافتين إلى حالة الفوضى والرعب التي شعر بها الحضور عقب وقوع الانفجار، وقد أفادت الشرطة البريطانية أن منفذ التفجير انتحاري، وقد نفذه بعبوة ناسفة، ويظهر هذا الفيديو اللحظات الأولى التي أعقبت التفجير:
اقرأ أيضًا: «الهجوم الأعنف منذ 2005» 5 أسئلة تشرح لك قصة هجوم مانشستر
هجوم رأس السنة الميلادية في إسطنبول
في الساعات الأولى من عام 2017، وأثناء الاحتفال برأس السنة الميلادية، في ملهى «رينا» الليلي بإسطنبول، شن مسلح هجومًا على الملهى الليلي؛ مما أدى إلى مقتل 39 شخصًا، وإصابة 69 آخرين، وتضمن الضحايا أجانب وعرب، من السعودية، والكويت، ولبنان، والأردن، وتونس، وليبيا. وقد تبنى تنظيم الدولة الهجوم معلنًا في بيانه أن أحد مقاتليه نفذ الهجوم باستخدام قنابل يدوية وسلاح رشاش؛ «تلبية لدعوة من زعيم التنظيم أبي بكر البغدادي إلى مهاجمة المصالح التركية»، وفر المنفذ من مكان الهجوم قبل أن تعتقله السلطات التركية بعد نحو أسبوعين من تنفيذ الهجوم.
وقد شهد عام 2017، تقلصًا نسبيًّا ملحوظًا في الهجمات الدموية التي شهدتها تركيا، عن عام 2016. فقد شهد عام 2016 كثافة في العمليات الدموية، أسفرت عن مقتل وإصابة 3079 شخصًا خلال 18 يومًا من أكثر الأيام دموية في تركيا، قُتل فيها ما لا يقل عن 584 شخصًا، وأُصيب 2495 آخرين، فيما كانت محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا، التي وقعت في منتصف يوليو الماضي، الحدث الأكثر دموية، بمقتل 308، وإصابة 1500 شخص.
اقرأ أيضًا: مقتل وإصابة 3079 شخصًا خلال 18 من أكثر الأيام دموية في تركيا 2016
هجوم سان بطرسبرج في روسيا.. عبوة ناسفة بين عربتي قطار
في الثالث من أبريل 2017، قُتل 14 شخصًا وأصيب 49 آخرين، إثر انفجار عبوة ناسفة كانت قوتها من 200 إلى 300 جرام من مادة «تي إن تي»، بين عربتي قطار، بين محطتي «تيخنولوجيتشيسكي إينستيتوت» و«سينايا بلوشاد» في مدينة سان بطرسبرج الروسية، أثناء تواجد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في المدينة، ونفّذ الهجوم شخص قرغيزي القومية، ويحمل جنسية روسية، ويُدعى أكبر جون جليلوف.
ويُعد الهجوم هو الأكثر دموية، منذ سقوط طائرة روسية أقلعت من المطار في سيناء بمصر، ولقي جميع ركابها البالغ عددهم 224 مصرعهم، في 31 أكتوبر 2015، وهو الحادث الذي تبناه تنظيم الدولة، وعلى أثره قطعت روسيا رحلاتها إلى مصر، وهو انقطاع مستمر منذ وقوع الحادثة وحتى الآن.
هجوم إسبانيا.. التجول فوق جثث المدنيين
في 17 أغسطس 2017، دهست شاحنة حشدًا من الناس في شارع «لاس رامبلاس» السياحي الشهير في إقليم برشلونة بإسبانيا، وأسفر الهجوم عن مقتل 14 شخصًا، وإصابة 90 آخرين، وكان الضحايا من 34 جنسية، من بينهم: مغاربة، وجزائريون، وكويتيون، ومصريون، وأتراك.
وتبنى تنظيم الدولة الهجوم آنذاك، إذ صرح التنظيم في بيان له بأن: «منفذ عملية الدهس هو جندي للدولة الإسلامية، ونفذ العملية استجابة لنداءات استهداف رعايا دول التحالف الدولي».
وهي كلمات مطابقة ومكررة لمختلف بيانات تنظيم الدولة التي أعلن فيها مسؤوليته عن عمليات الدهس في عدد من الدول الأوروبية، ومن اللافت أيضًا أن التنظيم استخدم نفس الكلمات في بيانه المرتبط بهجوم برشلونة، مع أنَّ إسبانيا، ليست من بين الدول المشاركة في التحالف الدولي الذي تقوده أمريكا ضد التنظيم في سوريا والعراق.
اقرأ أيضًا: آخرها برشلونة.. سيارات «تنظيم الدولة» تتجول فوق جثث المدنيين في أوروبا