الكنيسة المصرية تحارب الطلاق بفرض محظورات على الزواج

في الخميس ٢٦ - أكتوبر - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

الكنيسة المصرية تحارب الطلاق بفرض محظورات على الزواج

  • وضعت الكنائس في مصر قيودا جديدة على الزواج لمواجهة الموجة المتصاعدة للطلاق. ووصف شباب من الكنيسة الأرثوذكسية البنود التي تمت إضافتها بـ”القيود المجحفة”، الغرض منها إحكام القبضة على الشباب والسيطرة عليهم وعلى حقهم في الزواج.

قيود مجحفة تكبل المقبلين على الزواج

القاهرة - تعتبر شروط وإجراءات إتمام الزيجات المسيحية للطائفة الأرثوذكسية، الأكثر عددا بين المسيحيين في مصر، من المحظورات التي تحمل شعار “ممنوع الاقتراب”، وهي محصنة ولا تجوز مناقشتها أو المساس بها.

تتعرض الكنيسة لهجوم جرّاء تشددها في حالات الطلاق ورفضها لأي شكل من أشكال الانفصال بين الأزواج إلا في حدود قاسية يصعب تطبيقها، ما جعل بعض الكنائس تُقدم على إجراءات جديدة لتعقيد الزواج، منها منع الزواج بين طوائف مسيحية مختلفة وتحديد أعمار الزواج بالإضافة إلى شهادات تؤكد عدم وجود موانع دينية.

ويرى مراقبون للشأن القبطي أن قرارات بعض الكنائس لها أضرار كثيرة، والكنيسة أرادت أن تعالج مشكلة وتطرح مشاكل أخرى، لأن ذلك سيؤدي إلى ارتفاع نسبة ابتعاد الشباب عنها والعزوف عن الزواج، وقد يلجأ البعض إلى إقامة علاقات غير شرعية للابتعاد عن عقبات الزواج.

تشترط الكنيسة الأرثوذكسية على المقبليْن على الزواج أن يكونا قد نالا سر المعمودية (طقس مسيحي يتطلب تغطيس الطفل في الماء ثلاث مرات على يد كاهن) بها، ويختلف في تفاصيله مع الطوائف الأخرى.

ولا تعترف الكنيسة القبطية بمعمودية الكاثوليك والإنجيليين، وتضع شروطا للقبول بزواج الأرثوذكسي من فتاة تنتمي إلى طائفة أخرى، حيث يتطلب ذلك تغييرها للملة وتعميدها وفقا للطقس الأرثوذكسي.

أما إذا تزوج أحد الأرثوذكسيين سواء كان شابا أو فتاة في كنيسة إنجيلية، فإنه يفقد انتماءه إلى الدين، ولا يُسمح له بممارسة الأسرار المقدسة، فالزواج في كنيسة أخرى أو التحوّل إلى طائفة أخرى بالنسبة إليهم كالتحول من دين إلى آخر.

وتحكي إيزيس حنا (أرثوذكسية عاملة بإحدى صالونات التجميل) أنها وقعت في غرام منير الذي ينتمي إلى الطائفة الإنجيلية، لكن عندما علم أهلها بأمرها وهي وحيدة أبويها، باتوا يحيكون المؤامرات لكي يبعدوا منير عن إيزيس.

وأضافت لـ”العرب”، أن أسرتها حاولت في البداية إبعادها عن لقاء الشاب واتهمته بالإلحاد والكفر، لكن محاولاتها باءت بالفشل، ثم لجأت إلى قسّ تعلمت الفتاة على يديه كي يحذّرها من أن الارتباط غير معترف به في السماء لكن صمّت أذنيها، وتحدت الجميع أملا في تغيير الأفكار البالية وفشلت.

البابا تواضروس: الزواج الصحيح هو الزواج بين اثنين من الأرثوذكس ولا نقبل أي زواج آخر

تؤمن إيزيس بأن الطوائف الثلاث (الأرثوذكسية والبروتستانتية والكاثوليكية) الموجودة في مصر يتبع المنتمون إليها الكتاب المقدّس- بعهديه: القديم (التوراة) والجديد (الإنجيل)- الذي تحدث عن الزواج قائلا “ما جمعه الله..لا يفرقه إنسان”.

لكن ما يتم على أرض الواقع شيء مختلف، وأفرغ النص من معناه بعد أن شهد شروطا وتصنيفا مذهبيا يجعل الزواج المختلط مستحيلا، خاصة بين الأرثوذكسية والطائفة الإنجيلية (البروتستانتية)، فعقد الزواج الأرثوذكسي ينص على ضرورة “زواج متّحدي الطائفة والملة”، وما غير ذلك يعد مخالفة لقوانين الكنيسة تستوجب العقاب.

ورصدت “العرب” قصصا كثيرة تم وأدها في المهد، بسبب اختلاف الطوائف وأدّت إلى اتجاه بعض الشباب المسيحي إلى تغيير الطائفة ودخول آخرين في عزلة أو عنوسة إرادية فرضتها عليهم لوعة الفراق.

واعتبر البابا تواضروس بابا الإسكندرية وبطريرك الأرثوذكس، “زواج أي أرثوذكسي من ملة أخرى ليس زواجا، فالزواج الصحيح هو الزواج بين اثنين من الأرثوذكس ولا نقبل أي زواج آخر”. ويشرح القس سامي ميخائيل (أرثوذكسي) موقف زواج أبناء كنيسته من الطوائف الأخرى، بالحفاظ على الأسرة الواحدة كي يكون البيت مسيحيا قائما على المبادئ الدينية والعقيدة الواحدة، ما ينشئ تفاهما بين الزوجين.

وأشار القس إلـ”العرب” إلى أنه لو كانت الزوجة أرثوذكسية وزوجها بروتستانتي “لن يصلي معها ولن يدخل مثلها إلى الكاهن من أجل الاعتراف أو التناول (طقس مسيحي) ولن يقوم معها بالكثير من الطقوس التي من شأنها أن تؤثر على الأسر المسيحية”.

وقال إن في الكنيسة الأرثوذكسية لن تتم الزيجة لأي مسيحي، إلا إذا كان الطرفان من أبناء الطائفة الأرثوذكسية، وألا تكون بينهما علاقة قرابة تحرم الزواج مثل الأخوة أو الأمومة. فرضت الكنيسة قيودا أخرى مثل منع الرتب الكهنوتية كالشماس والقس اللذين توفيت زوجتاهما من الزواج مجددا، والراهب والأسقف والمطران والبطريرك. وتمنع الكنيسة أيضا عقد زواج لاثنين، حاول أحدهما قتل زوج أو زوجة الآخر للزواج منها، أو كان أحدهما خاطفا للآخر.

واستحدثت الكنيسة شروطا أخرى لإتمام مراسم الزيجة، مثل عدم ارتداء العروس لملابس مكشوفة، واشترطت ارتداء “برنس” أي غطاء طويل يستر جسدها، وإن رفضت تمتنع الكنيسة عن إتمام طقوس الإكليل.

وأضافت بند الكشف عن تعاطي المخدرات إلى الكشف الطبي العام الذي يجريه المقبلون على الزواج للتأكد من الصحة العامة والقدرة على الإنجاب لاستخراج شهادة “خلو الموانع” للشاب أو للفتاة تمهيدا لتكوين أسرة سليمة.

مينا ثابت (محاسب) كانت بينه والزواج أيام، لكنه فوجئ بأن الكنيسة طلبت إبراز صحيفة الحالة الجنائية وإطلاع خطيبته عليها، وكانت له سابقة بسبب قرض حصل عليه من البنك وتعثر في سداده، ولم تكتمل مراسم الزواج إلى الآن لاعتراض أهل العروس على ذلك.

وأوضح مينا لـ”العرب” أنه ذاق الأمرين بسبب شروط الكنيسة التي قام باستكمالها، ولم يهتم لما كان يسمعه من كاهن كنيسته وأنه لن يعطي لأحد شهادة “خلو الموانع” إلا إذا كان مواظبا على سرية الاعتراف والتناول ومشهود له بالأخلاق والأدب لمدة لا تقل عن سنة، وهو ما ينطبق على مينا وخطيبته.

ولفت إلى أن كليهما اجتاز “كورسات المشورة”، وهي دورات تدريبية يجب اجتيازها للزواج وتدور محاورها حول الدعم الديني والتأهيل النفسي والثقافة الجنسية.

كان المجمع المقدس، برئاسة البابا تواضروس الثاني، قد قرر وضع حل للخلافات الأسرية ومنها دورات إجبارية للمقبلين على الزواج للحد من تفاقم حالات الطلاق ومطالبة الكنيسة بالاعتراف بانفصالهما والسماح لهما بالزواج للمرة الثانية.

اجمالي القراءات 3138