-
هز مقتل الصحافية دافني كروانا غاليتزيا المجتمع الصحافي في العالم، إذ تعتبر من أكثر الصحافيين نشاطا في ملاحقة الفساد في بلادها مالطا ومنتقدة شرسة لحكومتها، وقد تعرضت على إثر كشفها لملفات الفساد ودورها في تسريبات وثائق بنما، لتهديدات مستمرة وتجميد حساباتها البنكية ومضايقات عديدة.
ضحية البحث عن الحقيقة
فاليتا – اغتيلت الصحافية والمدونة المالطية دافني كروانا غاليتزيا، المعروفة بحملتها ضد الفساد في البلاد ومشاركتها في تحقيق بنما الاستقصائي، في انفجار قنبلة بسيارتها، مما أثار موجة غضب واسعة حول العالم وانتقادات دولية.
كانت التحقيقات الصحافية التي نشرتها غاليتزيا في أعقاب التسريب المكثف لما يعرف “بوثائق بنما”، والتي تورط فيها اثنان من وزراء الحكومة المالطية، قد أجبرت الحكومة على إجراء انتخابات عامة مبكرة في البلاد في يونيو الماضي.
وقالت مجلة “بوليتيكو” الأميركية عن غاليتزيا في وقت سابق، إنها الصحافية التي “هزّت ورسمت وحرّكت” أوروبا بتقاريرها.
وأعرب فيليب ليروث رئيس الاتحاد الدولي للصحافيين عن أسفه قائلا إن “اغتيال دافني كروانا غاليتزيا أصاب المجتمع الصحافي بصدمة”.
وأضاف “إننا نطالب بإجراء تحقيق فوري في حادث مقتلها حيث أن هذا الاغتيال الوحشي يعد هجوما واضحا على حرية الصحافة”.
وأعلنت حكومة مالطا أنها سوف تطلب مساعدة مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي “إف بي آي” لكشف غموض حادث اغتيال الصحافية، وأشارت الشرطة إلى أن السيارة التي كانت تقودها انفجرت بعد وقت قصير من مغادرتها المنزل في بيدنيجا قرب موستا. وذكرت وسائل إعلام محلية أن أحد أبنائها سمع صوت الانفجار فهرع إلى الخارج. وقالت إن الانفجار أدى إلى تناثر بقايا السيارة التي كانت تقودها عبر الطريق وفي حقل مجاور.
وأدان ماثيو كروانا غاليتزيا ابن الصحافية، حكومة بلاده واصفا إياها بـ”دولة المافيا”، وقال “اغتيلت أمي لأنها كانت تقف إلى جانب سيادة القانون في مواجهة أولئك الساعين لانتهاكه”.
وتعتبر غاليتزيا، البالغة من العمر 53 عاما، منتقدة شرسة لحكومة بلادها. واتهم ماثيو الشرطة المالطية بالعجز ووصف الحكومة المالطية بأنها “فوق القانون”.
التحقيقات الصحافية لغاليتزيا بعد تسريبات وثائق بنما أجبرت الحكومة على إجراء انتخابات عامة مبكرة في مالطا في يونيو
وقال في منشور مطول على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، منتقدا الصورة التي تعكسها مالطا للعالم كدولة غربية ليبرالية، “نعم، نحن هنا في دولة المافيا حيث يمكنك الآن تغيير جنسك على بطاقة الهوية الخاصة بك (شكرا لله على ذلك!)، ولكنك قد تُفجّر إلى أشلاء لمجرد محاولتك ممارسة أبسط أشكال الحرية”.
ويعمل ماثيو كصحافي ومطور معلوماتي في الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين. وقد قال في منشوره الذي نشره بعد ساعات قليلة من محاولته إنقاذ والدته من السيارة المحترقة، إنه لن ينسى أبدا “الركض حول السيارة التي كانت أشبه بالجحيم، في محاولة لمعرفة طريقة لفتح الباب”.
وأضاف “لم تكن هذه جريمة قتل عادية، ولم تكن مأساوية. دهس حافلة لشخص حدث مأساوي، لكن عندما تكون هناك دماء ونيران تحيط بك من كل جانب، فتلك حرب”.
ومن جهته، أدان جوزيف موسكات رئيس الوزراء المالطي، الذي اتهمته غاليتزيا في وقت سابق من العام الحالي بارتكاب ممارسات خاطئة، قتل غاليتزيا قائلا في بيان أذاعه التلفزيون “أدين بلا تحفظ هذا العمل البربري على شخص وعلى حرية التعبير في بلادنا”. وتابع “الجميع يعلم أنها كانت منتقدة شرسة لي على المستوى السياسي أو الشخصي كما فعلت مع آخرين أيضا، ولكن ذلك لا يبرر أبدا مثل هذا العمل، ولن أرتاح حتى يتم تطبيق العدالة”.
وذكر تلفزيون مالطا أن غاليتزيا قدمت بلاغا للشرطة منذ نحو أسبوعين بشأن تلقيها تهديدات بالقتل، ولكنه لم يكشف المزيد من التفاصيل.
وجاء مصرع المدونة البارزة بعد 4 أشهر من فوز حزب العمل بقيادة موسكات في الانتخابات المبكرة التي دعا إليها بعد مزاعم المدونة عن علاقته وزوجته بفضيحة وثائق بنما. ونفى الزوجان المزاعم القائلة باستخدامهما حسابات بنكية سرية لإخفاء مبالغ مالية دفعتها لهما الأسرة الحاكمة في أذربيجان. كما استهدفت غاليتزيا أيضا في مدونتها سياسيين معارضين، ووصفت الوضع السياسي في بلدها في آخر مدونة كتبتها بأنه “يثير اليأس”.
وقالت متحدثة باسم مكتب رئيس الوزراء في تصريحات لـ”بي بي سي”، إنه رغم الشائعات بأن دوافع هذا الهجوم قد تكون سياسية، لا يجب القفز إلى النتائج، مشيرة إلى أن مالطا طلبت المساعدة الدولية بما في ذلك من مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي للعثور على القاتل. وفي غضون ذلك، أشارت تقارير محلية إلى أن أسرة غاليتزيا طلبت تغيير القاضي الذي يحقق في الحادث لأنه كان محل انتقادات من قبل غاليتزيا.
كما طالبت منظمات صحافية الثلاثاء بإجراء تحقيق شامل حول “الاغتيال”، وقال الاتحاد الأوروبي للصحافيين إنه شعر “بالهلع” من جراء حادث القتل. وأضاف رئيس الاتحاد موجنز بليشر بيريجارد “إنه يجب التحقيق بشكل سريع وشامل في عملية القتل وملابساتها”.
وكان الاتحاد الأوروبي للصحافيين قد استنكر في فبراير تجميد الحسابات المصرفية للصحافية، كما أدان قضايا القذف التي أقامها مسؤولون حكوميون ضدها.