كارثة مومباى وكارثة الدويقة .. استقالات مسئولة هناك و"شماعات القدر" هنا
الثلاثاء، 2 ديسمبر 2008 - 11:30
كتبت آية شعيب
قدم وزير الداخلية الهندى شيفراج باتيل ومستشار الأمن القومى "أمر كيه نارايانان" استقالتيهما بعد هجمات مومباى، بعد أن أسفرت تلك الهجمات عن سقوط نحو 200 قتيل . الهند التى كان يتم تصنيفها، حتى وقت قريب، كدولة نامية مثل مصر تماما، تبدو فيها قيمة المسئولية واضحة، فسواء كان وزير الداخلية ومستشار الأمن القومى الهنديان مسئولين حقا عن كارثة مومباى لإهمالهما أو لعجزهما عن منع الكارثة، فالنتيجة المنطقية هى المحاسبة الذاتية والمبادرة بدفع ثمن العجز والفشل، تماما مثل المبادرة بإعلان البرنامج الانتخابى عند الترشح فى الانتخابات العامة أو أداء اليمين قبل تولى المنصب العام، وهو ما يدفعنا للتساؤل عن عدد المسئولين الذين بادروا بدفع ثمن فشلهم أو إهمالهم عندنا؟
أليست الهند مثل مصر كانت إلى وقت قريب دولة نامية؟ أليست الهند هى الضلع الثالث مع مصر وتشيكوسلوفاكيا السابقة فى قيادة دول عدم الانحياز؟ يبدو أن الربط بين مصر والهند وتشيكوسلوفاكيا لم يعد صالحا الآن بحكم اختفاء تشيكوسلوفاكيا واختفاء الروح المصرية.
رغم ذلك تدفعنا استقالة وزير الداخلية ومستشار الأمن القومى الهنديين إلى التساؤل: كم مسئولا مصريا كان عليه الاستقالة بعد كارثة الدويقة مثلا؟
أو من آخر مسئول سياسى قدم استقالته عندنا؟
فاروق حسنى وزير الثقافة آخر مسئول مصرى أعلن استعداده لتقديم استقالته، عام 2005 على خلفية حريق مسرح قصر ثقافة بنى سويف، لم يتم قبول استقالته وتمت إقالة مصطفى علوى رئيس هيئة قصور الثقافة، على أساس أنه المسئول التنفيذى عن الكارثة، ومنذ ذلك الحين يعيش المصريون وتنعم مصر بالرخاء والسلام والأمان الاقتصادى والاجتماعى، وللأسف العكس هو الصحيح.
يفصل بين تاريخنا الحاضر وتاريخ آخر الإقالات الفعلية للمسئولين السياسيين 3 سنوات أيضا، عندما تمت إقالة وزير الشباب والرياضة د.على الدين هلال عام 2005 بعد فضيحة صفر المونديال، وفى 22فبراير2002 أصدر الرئيس المصرى حسنى مبارك تعليماته إلى حكومة الدكتور عاطف عبيد بإجراء تحقيق عاجل فى حادث قطار الصعيد الذى راح ضحيته ما يقرب من 400 مواطن أثناء توجهه إلى الصعيد، وقبل رئيس الوزراء المصرى عاطف عبيد بعدها استقالة وزير النقل إبراهيم الدميرى كما قبل استقالة رئيس هيئة سكك الحديد أحمد الشريف.
كان الحادث، والذى يعد أكبر كارثة سكك حديد تشهدها مصر، قد أثار غضبا عارما فى مصر وطالبت عدة شخصيات سياسية باستقالة وزير النقل، وهذا يجعلنا نسأل: لماذا لم تقف تلك الشخصيات السياسية سالفة الذكر نفس الوقفة بعد الدويقة؟ .
وفى12 مارس 2002 فاجأ حسنى مبارك الرأى العام بإقالة وزير الصحة والسكان الدكتور إسماعيل سلام وعين بدلا منه الدكتور محمد عوض تاج الدين رئيس جامعة عين شمس، بعد تعرض سلام لحملات صحفية انتقدت بشدة سياسته فى إدارة شئون الوزارة، كما شهدت أسعار الدواء فى تلك الآونة ارتفاعا كبيرا وتقلبا فى الأسعار، واختفاء الأنسولين المدعم من قبل الحكومة، فهل يعنى ذلك أن الإعلام فاعل وأن الصحافة هى السلطة الرابعة المؤثرة فى الحياة السياسية؟
إذا كان ذلك صحيحا فأين قرارات الاستقالة والإقالة ردا على المخالفات والفضائح بالجملة فى مختلف المؤسسات والوزارات وثيقة الصلة بالمصالح الحيوية للناس؟! لقد غمرنا الحزن على ضحايا انفجارات مومباى بالطبع، لكننا شعرنا بالفخر على البعد لنجاح أصدقائنا القدامى فى الهند فى تفعيل قيمتى المسئولية والمحاسبية، اللتين عبرت عنهما مواقف السياسيين الهنود، وإن كان حزننا على كوارثنا وسياسيينا أكبر.