قامت كوبا، اليوم، تكريما فى مدينة «سانتا كلارا» بوسط البلاد لذكرى الزعيم الأرجنتينى الثائر إرنستو «تشى» جيفارا، الذى قتل قبل خمسين عاما فى أدغال بوليفيا. حيث ترأس راؤول كاسترو، مراسم الاحتفال الذى ينظم للمرة الأولى فى غياب شقيقه فيدل كاسترو الذى توفى فى نهاية 2016، فى المدينة الواقعة على بعد نحو 300 كلم شرق العاصمة الكوبية، ودفنت فيها رفات قائد الثورة واثنين من رفاقه.
ويعد التغيير الآخر هذه السنة أن آخر حركتى تمرد يساريتين فى القارة، «القوات الثورية المسلحة الكولومبية» (فارك) و«جيش التحرير الوطنى» التى تستوحى مبادئها من «تشى» تحديدا، تقومان إما بتسليم السلاح أو التفاوض حول السلام فى كولومبيا.
وستجرى اليوم الاحتفالات فى بوليفيا بحضور أبناء «تشى» والرئيس البوليفى إيفو موراليس الذى اتهم وكالة الاستخبارات المركزية «سى آى إيه» هذا الأسبوع «باضطهاد وتعذيب واغتيال» جيفارا خلال الأشهر الـ11 من حركة التمرد التى قادها فى بوليفيا.
وتشى جيفارا، المولود فى الأرجنتين يوم 14 يونيو 1928، كان بمثابة بقعة ضوء وسط ظلام حالك، كرس حياته فى تحرير العالم من الطبقية، آمن وهو فى الـ25 من عمره بأن الثورة هى الحل كى لا ينام العالم بثقله على أجساد الفقراء، وذلك بعد رحلة فى دول أمريكا اللاتينية، رأى خلالها ظلما فى عيون المزارعين والبسطاء.
الرحلة اللاتينية أوقدت نيران الثورة بداخل جيفارا، لم يكن يخشى الموت، ففى إحدى رسائله إلى والدته، قال: «لا تحزنى يا أمى إن مت فى غض الشباب، غدا سأحرض أهل القبور وأجعلها ثورة تحت التراب».
ثم بعد ذلك، انتقل إلى كوبا، فى الخمسينيات، إذ كانت مدينة مكسيكو تحتضن الأخوين المتمردين راؤول وفيدل كاسترو، وانضم إلى حركة «26 يوليو»، وحاز على لقب «عقل الثورة»، ونجحت الحركة فى إسقاط نظام الرئيس الكوبى فولغينسيو باتيستا.
وتقديرا لدوره فى الثورة، منح الجنسية الكوبية، ثم جرى تعيينه مديرا للمصرف المركزى، ووزيرا للصناعة، لكنه لم يبق فى كوبا، حيث قال إن «الثورة تتجمد، والثوار ينتابهم الصقيع حين يجلسون فوق الكراسى، وأنا لا أستطيع أن أعيش ودماء الثورة مجمدة داخلى»، فاستقال من جميع المناصب التى شغلها، ورحل إلى القارة السمراء «إفريقيا».
تكرر الفشل مرة ثانية فى بوليفيا، فبعد أن كون ما أسماه «جيش التحرير الوطنى»، رفض مواطنو بوليفيا التعاون معه، وألقت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية القبض عليه، واستجوبته بإحدى القرى النائية، بعدها أمر الرئيس البوليفى بقتله.
وجرى إعدام «تشى» جيفارا الذى كان فى التاسعة والثلاثين من العمر، فى التاسع من أكتوبر 1967، على يد جندى بوليفى، لكن فى كوبا يتم إحياء هذه الذكرى سنويا فى الثامن من أكتوبر، يوم أسره فى قرية فى الإنديز.