التعليق على بحث الاستاذ ايمن اللمع (اسم محمد في القرآن الكريم)

شريف هادي في السبت ٠٤ - أكتوبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

الأستاذ الفاضل / أيمن اللمع
بعد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نشكركم على بحثكم وإجتهادكم ، ولي عدة ملاحظات كالأتي
أولا: من الناحية الإجرائية فإن بحثك يحتاج إلي تركيز أكثر ، وليس من اللائق للباحث أن يخرج من الخط الأساسي لفكرته دون إكتمالها ليعرض فكرة أخرى ، ولكن عملية الخروج تحتاج إلي سبب يكون مرتبط بصلب البحث ، ويجب أن تكون بعد إنتهاء الفكرة الجزئية من الفقرة التي أنت بصددها ، مع بيان الارتباط ، وإلا أصبح البحث مهلهل إجراءيا بما لا يليق بالباحث أو بحثه  والدليل على ذلك تلك الفقرة من بحثكم (أما ذكر إسم أحمد فهو ذكر لصفة الحمد ، فالإسم في القرآن الكريم يدل على الوصف والصفة الموجودة في صاحب هذا الإسم ، ولاسيما أسماء الله الحسنى ، فمن الخطأ القول بأن تفسير الآية :{ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً }[مريم : 65] ،هل تعلم من تسمى بأسمائه ، فهنالك الكثير من تسموا بأسماء الله ، ولكن السؤال هنا عن الصفة التي يحملها هذا الإسم.) ، فأنت تتكلم عن إسم النبي (محمد) عليه السلام ، فخرجت دون داعي لشرح قوله تعالى (هل تعلم له سميا) .
ثانيا: كان يجب عليك أن تتعرض للفرق بين الاسم والمسمي ، ذلك أن الاسم دائما ما يستخلص من عين المسمي وقد عبرت عنه سيادتكم تعبير (ركيك) بقولكم أن الاسم يدل على الوصف والصفة ، وعلى كل فإن إسم (أحمد) الذي ورد على لسان عيسى عليهما السلام ، يحمل صفة ليس فقط للرسول عليه السلام ولكنه يتعداه لأمته كلها ، لأن أحمد على وزن (أفعل) وهي صيغة تفضيل لكثر الحمد الحادث منه ومن أمته ، بل قد يتبادر لذهنك أن (أفعل التفضيلية) تقترن بـ حرف الجر (من) يقال ، الولد أزكى من أقرانه ، والفتاة أجمل من باقي الفتيات ، فلما يقول الحق على لسان عيسى عليه السلام (ومبشرا بنبي يأتي من بعدي اسمه أحمد) يتبادر لذهنك سؤال (أحمد ممن؟) ونقول أن أمة الدين الخاتم هي أحمد الأمم لله رب العالمين ، ولتنظر إلي فاتحة الكتاب وهي عمود صلاة المسلم تجد أنك بعد ذكر إسم الله تقول (الحمد لله رب العالمين) ، وأظن أنه لا توجد أمة أخرى على وجه الأرض تتقدم لله بالحمد خمس مرات في اليوم واللية بخلاف حمد الذكر إلا أمة الإسلام ، فأستحقت من الله ، أن يكون رسولها عليه السلام أسمه أحمد مستخلص من عين مسمى أمته والتي تحمد الله كثيرا.
ثالثا: قولكم (أي أن النبي الذي سيأتي من بعدي محمود(كثير الحمد) فهو أحمد في ذاته ومحمد و محمود من قبل الآخرين ، وكانت صفته بين الناس قبل البعث الصادق الأمين، وكان هذا حمداً له.) هو كلام مبعثر أنتقلت فيه فجأة من الحديث عن الإسم (أحمد) إلي محمود فجأة وبدون مقدمات ، ثم أنك لم تبين كيف أصبحت صفة قبل البعث (الصدق والأمانة) حمدا له بعد البعث؟
رابعا: يجب أن تفرق تماما بين الوصف والصفة ، فباب الوصف أوسع من باب الصفة ، لأن الوصف شرح للصفة ، يعني يمكن أن نقول أن الله سبحانه وتعالى هو (الأول) ولكن يمكن أن نصفه سبحانه بأنه (قديم بلا إبتداء) ، بالنسبة لإسم الرسول في القرآن (أحمد) هو صفة له ولأمته ، أما الإسم (محمد) وهو على وزن (مفعل) فإنه يحمل وصف لصفتين ، الأولى هي صفة (أحمد) والثانية هي صفة (محمود) فهو وأمته (أحمد الأمم) ، وهو محمود لتبليغ الرسالة ، فيكون إسم أحمد وصفا لجماع صفتين.
خامسا: قولكم (لقد تحول الحمد عند المغالين إلى التقديس والتعظيم) يقر أن إسم الرسول عليه السلام كان أحد أسباب المغالاة فيه تعظيما على خلاف الحقيقة ، فتكون بذلك باحث غير دقيق ، وأدعوك أن تثبت هذه النتيجة أن الاسم تحول إلي تقديس ، بمعنى أن الفهم أو المفهوم الخطأ لمعنى الاسم دعى الكثير من الجهلة إلي تقديس الرسول عليه السلام.
سادسا: قولكم (حتى أنهم فضلوه عن باقي المرسلين ، متجاهلين جملة التنبيهات في القرآن الكريم، والتي تحذر من الوقوع بذلك) ، كان يجب عليك كباحث متمكن عند التعرض لهذه النقطة أن تستوفيها حقها ، بأن تتعرض لنطاق التفضيل ووسائلة ، كما كان يجب عليك ذكر الآيات التي تحمل تنبيهات بعدم تقديس الرسول عليه السلام ، بل وتحذر من ذلك وتعرض شرحا وافيا لفهمك لها.
سابعا: قولكم (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل؛(:) هي جملة موضحة كل الوضوح لبشرية النبي محمد) نتيجة لا يختلف عليها أثنين أن النبي عليه السلام بشر ، حتى الذين غالوا في تقديسه من أقطاب الصوفية والتشيع لم ينكروا هذه الحقيقة ، والمعروف بحثيا عندما يأتي الباحث بفرضية يقينية لا خلاف حولها فهو يقصد من ذلك التعرض لأمور أخرى أو استنباط نتائج وفرضيات أخرى ، وهذا ما لم يحدث منك فكان تزيد على البحث مرفوض.
وما زلنا في البند سابعا أنك تعرض لشرح الآية عند علماء السلف من مفسري المذهب السني ، وأن الآية كانت بسبب معركة أحد وما أزيع عن قتل الرسول في الحرب ولكنك لم تضع فهمك وتصورك للآية الكريمة وهذا خلل خطير في أي بحث ، ودعني أقوم عنك بهذه المهمة لتعرف كيف تكون خطوات الباحث في بحثه
قال تعالى"وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ" آل عمران 144 .
نقول بتوفيق الله سبحانه وتعالى أن للحرب دوائر تدور بمشيئة رب العالمين وقد دارت دائرة (حرب أحد) على المسلمين ، ووقف الرسول عليه السلام يدافع عن نفسه ومعه كوكبة من المؤمنين ولكن يبدوا أنه أصيب في هذه الحرب ، فتهلل لذلك معسكر الكفار وقالوا إن محمدا قد قتل ، فنزل قول الله سبحانه وتعالى مبتدأ بأسلوب الحصر (ما ...و ... إلا) ليثبت بشرية النبي عليه السلام وأنه تجري عليه سنن الله الكونية في خلقه من البشر من موت وقتل ، وهنا رد على فريقين من المسلمين وليس فريقا واحدا.
الفريق الأول: رفض فرضية موت محمد عليه السلام على ما في ذلك من تقديس ومبالغة في حق بشر ، فقال لهم إنه رسول خلت من قبله الرسول أي تذكروا يا من ترفضون موت محمد أنه رسول وكان من قبله رسل كلهم ماتوا فلماذا يكون له الخلد وتأكيدا لهذا المعنى قال تعالى"وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد افان مت فهم الخالدون" الانبياء34.
الفريق الثاني: ظن بالله السوء ، وقالوا كيف يبعث الله رسولا يكون له الموت في ساحة القتال ، أو يهزم في معركة ، وشكوا في نبوة محمد عليه السلام ، وأرادوا الانهزام والانقلاب على عقبيهم ، وكما غالى الفريق الأول في التقديس فقد غالى الفريق الثاني في رفض الحدث (حدث الهزيمة) وأرادوا الانقلاب على عقبيهم ، فكان من الله هذا السؤال الإستنكاري (أفإن مات أو قتل إنقلبت على أعقابكم؟ ) لكي يردهم إلي صوابهم ، ثم ذكر لهم أن عاقبة إنقلابهم على أعقابهم ستصيبهم وحدهم ، لأن أفعال العباد لا يمكن لها أن تضر رب العباد ، وأخيرا فقد أكد جل جلاله سبحانه وتعالى على الجزاء الذي أعده للشاكرين في كل من السراء والضراء
وأخيرا لا ننسى على أن نؤكد أن الآية حملت في طياتها بشارة كونية أن الرسول عليه السلام معصوم من القتل في ساحة الحرب ، ذلك أن الكفار قالوا (قتل محمد) ، فجاء نص الآية متعدي لفظ القتل إلي لفظ الموت ، بل وقد سبق (الموت) على ( القتل) في قوله تعالى(أفإن مات أو قتل) ليؤكد على أن الموت هو نصيب رسول الله عليه الصلاة والسلام عندما يحين أجله وليس القتل
كان هذا الشرح مغنيا لك عن البحث في كتب التفاسير السابقة والاستدلال بأحاديث ما أنزل الله بها من سلطان.
ثامنا: قولكم (هي جملة موضحة كل الوضوح لبشرية النبي محمد ، و"ما" أداة تنفي كل الفضائل التي زعمها أهل الدين الأرضي وألسقوها ( ألصقوها) للنبي محمد ، وكلمة "إلا" تبعيضية) هذه الجملة صحيحة في شقها الأول (بشرية محمد عليه السلام) وخطأ في شقها الثاني (تنفي كل الفضائل للنبي محمد) فكيف عرفت أنها تنفي فضائل النبي عليه السلام؟ أنت يا بني تقصد تنفي (التقديس المبالغ فيه) ، ولكن فضائل الرسول لا ينكرها منكر ، ألم يقل له رب العزة (وانك لتهدي الى صراط مستقيم) ، أليست هذه من فضائله؟ ، ألم يقل له رب العزة (وانك لعلى خلق عظيم) أليست هذه فضيلة؟ ، ألم يقل رب العزة سبحانه وتعالى(هو الذي ارسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون) ، ألم يأمرنا الله بطاعته؟ ، يا بني سوء فهم الجهلة والغوغاء لعقيدة لا يبرر إنكار هذه العقيدة ، وإلا نكون كالمستجير من الرمضاء بالنار ، ويجب أن تكون دقيق في إختيار ألفاظ بحثك ، فالاستثناء في الآية لا ينفي (فضائل) الرسول عليه السلام ، ولكن يؤكد بشريته وينفي تقديسه على غير النحو الذي أراده رب العزة.
تاسعا: قولكم (أي أن محمداً رسول كمن سبقه من الرسل لا أفضلية ولافرق) يؤكد إيمانكم بنتيجة ، ولكن ينفي عنكم أمكانية المناظرة عنها والتنظير لها ، كما أن جمعكم بين (الأفضلية والفرق) يؤكد عدم معرفتكم بالفرق والتباين بين اللفظين ، فأخذتهما كمترادفين ، ولكنهما ليسا كذلك ، فكان يجب عليك كباحث أن تتعرض لهذه العبارة بالنقاش والشرح والتحليل حتى تثبت وجهة نظرك ، وكان يجب عليك كباحث أن تعرض وجهات النظر الأخرى ثم تقوم بمناقشتها وتقديرها ، مع بيان المسالب التي تأخذها عليها ليكون بحثكم كامل.
عاشرا:كانت مقارنتكم بين محمد عليه السلام والمسيح عليه السلام ، مقارنة جميلة وفي وقتها ومكانها ولكن كانت تحتاج لمزيد من الشرح والتفسير ، ولكن جاء قولكم (وهو بيان من الله وتشبيه منه، يذكر لنا مسبقاً بأن مصير محمد في التقديس سيكون كما جرى في عيسى وأمه) فيه خلط للأوراق ومغالطة غير علمية من باحث عن الحقيقة ، فأولا يجب عليك عندما تصرح بفرضية أن تذكر أدلتك عليها ولا تصدم بها القارئ هكذا ، ثانيا كيف جرت سنة عيسى عليه السلام على محمد عليه السلام؟ وقد أعتبر أتباع عيسى عليه السلام نبيهم إله أو أبن إله أو جزء من الله ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ، أما بالنسبة لمحمد فإن عتاة المتصوفة يصرحون بأنه عبد الله ورسوله ، وهذا البوصيري في بردته يقول مخاطبا الرسول عليه السلام (لا نقول فيك ما قالت النصارى في ابن مريم ، ونقول مادون ذلك فمن علمك اللوح والقلم) هذا أيضا تقديس مرفوض ونوع من الشرك والعياذ بالله ، ولكنه رغم ذلك يؤكد على (لا نقول فيك ما قالت النصارى في ابن مريم) فكيف لك تقول أن المصير واحد ؟ ، ومن الناحية اللغوية فإن كلمة مصير (ركيكة) في إستخدامها في هذا الموضع ، وكان من الافضل قولك (تسري عليه في أمته سنة عيسى في أمته) مع تحفظنا التام كما سبق شرحنا.
حادي عشر: في شرح قوله تعالى (محمد رسول الله والذين معه ... الآية) لم تأتي بجديد من عندك ولكنك إستعملت نظام القص واللصق ، ولا يليق بباحث في علوم القرآن ومفرداته أن يفعل ذلك ، فضلا عن إستشهادك بالأحاديث المنسوبة للنبي عليه السلام ، وهذه الآية جمعت عدة نفحات منها أن الله سبحانه وتعالى ذكر النبي بإسمه وصفته مقترنين وهذا على ما فيه من توكيد لمكانة التبي عليه السلام فهو شهادة له بالرسالة من رب العالمين ، كما جائت (و) العطف تعطف الذين معه (المؤمنين برسالته) على الرسول عطف صفات ، يؤكد على أن النبي عليه السلام لم يتأخر أو يتخاذل في تبليغ الرسالة حتى أصبح أتباعه في الصفات مثله متأدبين جميعا بأدب القرآن ، كما سبق الله سبحانه وتعالى (الشدة) على الكفار في اللفظ على (الرحمة) بينهم ونستخلص من ذلك أن المسلمين يجب أن يتحلوا بالعزة والتي تكون لهم قوة ومنعة ضد من يهاجمهم فلو أمنوا الجانب ، فإن حياتهم اليومية بينهم فيها الرحمة والعبادة ، ثم يأتي قوله سبحانه وتعالى(ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ) ليؤكد على المساواة التامة بين الرسل الثلاثة في الصفات هم ومن أتبعهم ، فتكون صفات أتباع كلمة السماء نسخ متكررة في كل عصر اتباع لكل كتاب سماوي ، وأخيرا فإن هذه الآية في القرآن تحمل كل أحرف اللغة العربية كاملة ، فهي من جوامع الكلم.
ثاني عشر: قولكم (إلا أن أصحاب الدين الأرضي، عملوا على تحويل وتبديل الدعوى الى شخص النبي ،وقالوا بأن من لم يحب شخص محمد أكثر من أهله وماله ونفسه لم يؤمن!) يؤكد على تشبعكم بفكرة نقد أصحاب الدين الأرضي فملكت عليك حياتك وكأنك تريد أن تثبت لنفسك صحة موقفك ، مما يعكس حالة الشك لديك ، يا بني البحث عن إسم الرسول محمد عليه السلام وليس عن نقد أتباع الدين الأرضي فكان يجب عليك التعرض لهم بما تملية عليك شروط بحثك ، لا أن تعتبر أن كل الآيات تدور في فلك الطعن فيهم ، يجب أن تنساهم قليلا عند كتابة بحثك وإلا ستوصف بعدم الموضوعية ، أما قوله تعالى (وَالَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ) ففيه تكريم للرسول عليه السلام ، ذلك أنه لم يقل (آمنوا بالكتاب) أو (بالقرآن) بل قال (بما نزل على محمد) ، ففيه تأكيد على كونه رسول عليه السلام ، وبربط هذه الآية بالآية التي تقول (أسمه أحمد) تجعلنا نعرف أن الاسمين لشخص واحد هو الرسول عليه السلام ، بل وجعل إتباع (محمد) عليه السلام فيه تكفير للسيئات وراحة للبال ، ثم عدم ذكر (ما نزل) والإشارة إليه بـ (ما) والتي هي أسم موصول بمعنى (الذي) يؤكد على حقيقتين ثقة الرحمن سبحانه وتعالى في نبيه وفيما بلغ عنه سبحانه ، ثم أن الكتاب معلوم بالضرورة حتى ولو لم يذكر أسمه وهذه تؤكد على أن الذي نزل على محمد (شيء) واحد فقط وهو القرآن ولا دخل للسنة هنا ، وهذه الآية تخالف الحديث الذي نسبوه للنبي (أتيت بالقرآن ومثله معه) لأن لو أن النبي نزل عليه شيئان وليس شيئ واحد لعرف رب العزة سبحانه وتعالى المشار إليه في هذه الآية حتى يتحدد مقصود رب العالمين ، وأنت يا بني لم تشر لذلك على ما فيه من بليغ رد على (أصحاب الأديان الأرضية) كما تقول.
ثالث عشر : يا بني قوله تعالى"مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً" الأحزاب 40 ، أنت قلت فيه (في هذه الآية الكريمة يخبر الله مسبقاً بأن النبي محمد ( محمداً) لن يكون له أبناء، ومن جاء له فسوف لن يبقوا ليكبروا، طبعاً لهذا الأمر سبب قوي، فكثير من الأنبياء خلفهم من بعدهم أبناء لهم) ولكنك لم تذكر السبب الذي قدر الله سبحانه وتعالى ألا يعطي للرسول خلفة ذكورا تعيش ليصبحوا رجالا ، وكان يجب عليك ذكر السبب من وجهة نظرك ، أما من وجهة نظري فإن السبب ، هو أن الله سبحانه وتعالى أراد التأكيد على إنقطاع ذرية النبوة لإنتهاءها بمحمد عليه السلام كخاتم للأنبياء ، والتي وإن بقيت للرسول عليه السلام ذرية ، تعطي الشبهات والذرائع لضعاف النفوس لاعتناق فكرة وجود نبي بعد النبي عليه السلام ، فكان إنقطاع ذريته عليه السلام لسد الذرائع كما أنقطعت فرعه فقد إنقطع فرع أبيه (عبد الله) أيضا لأنه عليه السلام ليس له أشقاء.
رابع عشر: كلامكم عن الأمام علي رضي الله عنه كان جميل جدا لبيان أن الشيعة غالوا فيه مع أنه ليس ابن الرسول بل ابن عمه وأبو سبطيه ، ولكن كان يحتاج منك زيادة في الشرح والربط بين حالة المغالاة في علي ونسله وما يمكن أن يكون عليه الجهلاء لو أن النبي عقب ولدا.
خامس عشر: في الرد على السؤال الذي طرحة الأستاذ أنيس محمد صالح بالتعليق على البحث (وهل هناك أنواع متعددة وكثيرة للإسلام ؟؟؟) .
نقول لسيادته وبالله التوفيق ، يجب أن نفرق بين مدلول الكلمة اللغوي ومعناها الشرعي ، فمدلول كلمة (الإسلام) اللغوي هو التسليم والإذعان دون أدنى قيد أو شرط ، لأنها من الأصل (سلم) وهذا المدلول يمتد ليشمل في طياته المعاني الشرعية لكلمة الإسلام والتي هي معنيين لا معنى واحد مستمد من قوله تعالى"قل ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين(162)لاشريك له وبذلك أمرت وانا اول المسلمين(163) [سورة الأنعام] ، ومن قوله تعالى"انما امرت ان اعبد رب هذه البلدة الذي حرمها وله كل شيء وامرت ان اكون من المسلمين" النمل91 ، فبستقراء الآيتين نتبين أن النبي عليه السلام أمر أن يقول أنه (اول المسلمين) كما أمر أن يقول أنه (من المسلمين) ، ونحن على يقين أن النبي لا يكذب كما أن القرآن لا يهذل فعلمنا أن للإسلام معنيين شرعيين ، أحدهما يكون النبي من المسلمين والآخر يكون أول المسلمين
المعنى الأول: النبي من المسلمين في قوله تعالى"قل امنا بالله وما انزل علينا وما انزل على ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب والاسباط وما اوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين احد منهم ونحن له مسلمون" آل عمران 84 ، وهي كما قلت عماد رسالة كل الرسل والانبياء من لدن آدم إلي محمد عليهم جميعا السلام ، قول (لا إله إلا الله) رسالة التوحيد ، لقوله سبحانه وتعالى"لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم" البقرة256 ، وهذا الإسلام بدأت جذوره من آدم عليه السلام وأمتدت عبر التاريخ الإنساني كله حتى أنتهت وارفة برسالة محمد عليه السلام ، فيكون الرسول محمد عليه السلام (من المسلمين)
المعنى الثاني: النبي أول المسلمين في قوله تعالى "حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما اهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما اكل السبع الا ما ذكيتم وما ذبح على النصب وان تستقسموا بالازلام ذلكم فسق اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لاثم فان الله غفور رحيم" المائدة 3 ، وهنا نجد أن الله سبحانه وتعالى ذكر المحرمات من الطعام ثم أرفها بإكتمال الدين وتمام النعمة والرضا بالاسلام دين ، ثم بعد ذلك وضع قاعدة شرعية في ديننا أن الضرورات تبيح المحظورات ، فكان رضاه سبحانه للإسلام لنا كدين واقع بين تكليف شرعي وقاعدة أصولية ، يؤكد أن المعنى الثاني للإسلام هو مجموعة التكاليف الشرعية والمقاصد الربانية في كتاب القرآن ، وبما أن القرآن نزل على محمد عليه الصلاة والسلام لقوله سبحانه (وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ) فيكون محمد عليه السلام أول متلقي ، وهو أيضا أول مأمور بالاتباع فيكون هو (أول المسلمين)
والمعنيين يشملهم المدلول العام للكلمة وهو التسليم والأذعان الغير مشروط أو مقيد ، برجاء مراجعة بحثنا (الإسلام والإيمان) وقد نشر منه الجزئين الأول والثاني وبصدد نشر الثالث بإذن الله.
سادس عشر: أراك يابني تقول (محمد) دون أن تقول عليه السلام ، وقد قال الله تعالى" لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا فليحذر الذين يخالفون عن امره ان تصيبهم فتنة او يصيبهم عذاب اليم" النور 63 ، واني لأعيذك ونفسي من الفتنة ومن العذاب الاليم
سابع عشر: تعليقي على هذا البحث ليس فقط لإبني الأستاذ / أيمن اللمع ، ولكنه أيضا لكل أبنائنا وإخواننا الباحثين جميعا ، كنوع من التدريب العملي على كيفية إنشاء بحث ، وأعلن أنني في خدمتهم جميعا إذا أراد أي منهم السؤال والنصيحة لنتدارس سويا لكي تصبح بحوث أبناء أهل القرآن في جامعتهم الوليدة (قاعة البحث القرآني) نماذج تحتذى ، ولا يفوتني أن أقرر حقيقة انني أتعلم منكم جميعا وإننا يعلم بعضنا بعضا ، وأخيرا فإنه لطول التعليق آثرت أن أنشره كمقالة لزيادة الفائدة وعدم نشرها مقطعة ومجزءة
وشكرا للجميع شريف هاديِ

اجمالي القراءات 21034