بائعة_التين العراقية.. ما أقبح الفقر وما أجمل الفقراء
-
لم يكن أحد المصورين العراقيين يظن أنه أثناء جولة روتينية في شمال البلاد، سيصادف طفلة تسحر بعينيها كل من يراها. إذ أخذ المصور صورة لبائعة التين الصغيرة، ونشرها على حسابه في تويتر، ما شدّ أنظار المتابعين الذين نظموا أشعارا تغزلت بالفتاة الصغيرة.
جمال الفقراء
بغداد - تتصدر صورة بائعة التين الصغيرة (8 سنوات) منذ أيام موقع التواصل الاجتماعي تويتر، آسرة كل من يراها.
“سوريا أو زوريا” (بحسب اللفظ الكردي) الفتاة الكردية العراقية، التي جسدت بعينيها الخضراوين جمالية الفقر والشقاء، وخجل عيون الفقراء، وانكسارهم وفرحهم في آن. سحرت مواقع التواصل لا سيما الحسابات العراقية على مدى أيام.
وقال معلقون إن عيني تلك الفتاة اختزلتا كل أحلام الدنيا وخيباتها أيضا.
وبدأت القصة قبل أيام قليلة حين لم يستطع الشاب سامان ميسوري (22 عاما)، الذي يعيش في أربيل، ويزور بين الحين والآخر قريته في شمال العراق، أن يقاوم سحر تلك الفتاة التي تبيع التين والفواكه عند حدود كردستان، وروعة عينيها، فما كان منه إلا أن التقط لها بعض الصور السريعة ونشرها على حسابه في تويتر.
ومن ثم عاد في اليوم التالي أيضا والتقط صورا أخرى، ليفاجأ لاحقا بأن وجه بائعة التين انتشر كالنار في الهشيم. وحازت الصورة حوالي 45 ألف إعادة تغريد.
وغرد ميسوري أنه أخبر الفتاة أن ترفع شعرها قليلا ليرى الجميع جمال عينيها.
وحازت تغريدته على 6 آلاف إعجاب وقرابة 5 آلاف إعادة تغريد. وشارك في التعليقات مشاهير منهم إعلاميون غربيون.
وقال في تصريحات إعلامية بعد أن تداول اسمه على نطاق واسع في الأيام الماضية إنه لم يستطع أن يقاوم عينيها، ففيهما شيء من الغموض الذي يقف سدا أمامك، يكبلك، يمنعك من إكمال سيرك وكأن شيئا لم يكن.
أما لدى سؤاله إن كان أفاد الفتاة بعمله هذا أم هي التي جلبت له الشهرة، أكد الشاب الجامعي أن الإفادة كانت لصالحهما معا، فبحسب قوله، كلاهما كان نكرة قبل انتشار الصور.
لعل تلك الفتاة “مجرد نكرة” أو مجرد طفلة صغيرة سعيدة بشقائها، إلا أنها دون أدنى شك تحمل في عينيها كل جمال الفقراء.
سوريا أو زوريا لم تعِ شيئا بعد “شهرتها”، إلا أن كل الأمل ألا تكون تلك الحمى التي اجتاحت مواقع التواصل، كما العادة مجرد سحابة، بل أن تأتي صرخة لكل المؤسسات العراقية لتلتفت إلى كل هذا الكم من الفقر في العراق!
في المقابل حاول كل طرف نسب الطفلة إلى بلد عربي بعينه، فمرة تنشر صورها على أنها من فلسطين وتحديدا من غزة ومرة على أنها من سوريا.
وقال معلق “في بعض الصفحات العربية كل واحد يجنّس الطفلة على كيفه.. من يذهب في سياحة إلى شمال العراق سيرى هؤلاء الأطفال على الطرقات الجبلية وهم يبيعون صحون الفواكه بكثرة”.
وقال معلق في تدوينة على فيسبوك “زمن الجاهل يسرق روح الأجسام الطيبة ويحقن أحلامها بكوابيس العوز والحاجة ويهدم أكواخها الرثة التي تلم حنانها إلى العراء القاسي الذي لا يرحم ولا يكترث رغم جورك أيها الزمن الجاهل ورغم قساوة مقصلتك، لن تموت ملاح الأمل وحب الجمال”.
وكتب مغرد باسم زيد الحمداني “صورة بائعة التين الفقيرة تجتاح مواقع التواصل وكأن عمالة الأطفال أمر جديد. في الواقع جمال البنت قد أثار كل تلك الضجة. المادية معيار هذا العصر”.
ونظم مستخدمو الشبكات الاجتماعية أشعارا في “زوريا” ضمن هاشتاغ #بائعة_التين الذي انتشر على نطاق واسع في تويتر وفيسبوك.فكتب مغرد “يا بائعة التين بربك هل أنت ملاك؟ عن جمال عينيك يتعلثم اللسان”.
وغرد عبدالعزيز الخالد “أبيع التين..! يتساقط ثمر عيني من الأحزان أبيع التين..! من يشري مع تيني “معاناتي”.
وتساءل آخر “يا بائعة التين، أين التين فـي يديكِ أم عينيكِ؟”.
واعتبر آخر “بائعة التين، في عيونها يسطر الفقر والجمال لا تناقض مع الحياة”.
وقالت معلقة “الفقر يأخذ منك المال فقط”. ووصفها بعضهم “وردة تبيع التّين”.
وتفاعل معلق “ملامحك كردية بامتياز يا صغيرتي الجميلة (فائقو الجمال رغم قسوة القدر)”.
وأكد مغرد “سمعنا عن بائعة الكبريت وقصتها لكن لم يحك لنا أحد عن بائعة التين وجمالها”.
وكان أكثر تعليق متداول من مستخدمي الشبكات الاجتماعية “ما أبشع الفقر وما أجمل الفقراء”.
في المقابل انتقد مغردون الضجة حول الفتاة الصغيرة. وقال معلق “لأن البنت حلوة نشروا عنها وخبصونا بها أنا متأكد مئة بالمئة إذا كانت ‘بشعة’ ما كان عبّرها أحد”.