ثلاجة الخير.. أطعمة ومشروبات لأي عابر مجانا في المعادي

في الإثنين ٢٨ - أغسطس - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

في ظهيرة يوم الخميس الماضي، كان يلوذ المارة بشارع 9 بحي المعادي بالقاهرة، بالسير على جانبي الطريق هربا من حرارة الشمس المرتفعة، بينما أسرع شاب يرتدي بنطال جينز و "تي شيرت" ناحية ثلاجة مكتوب عليها "خذ ما يكفيك واترك لغيرك .. المال مال الله".

فتح الشاب العشريني باب الثلاجة وقبض بيديه على علبة عصيرة شربها بنهم، ثم جفف بمنديل حبات العرق المنسدلة على جبينه وأكمل طريقه.

لم يكن الشاب في حاجة إلى دفع ثمن ما روى ظمأه في هذا الحار القاسي، فهي "ثلاجة للخير"، ما فيها ليس فقط للفقراء والمحتاجين، ولكنها لكل مار من هنا غلب عليه الظمأ أو اشتاهت نفسه شيئا ممن تحتوي.

تقول "ريم" المكلفة برعاية "ثلاجة الخير" بشارع رقم 9 بحي المعادي، إن الكثير من المارة يستفيدون من "ثلاجة الخير" التي أنشاءها رجل أعمال مصري -يقيم حاليا في الإمارات- في شهر رمضان الماضي، بهدف نشر الخير بين الناس دون تمييز بين غني أو فقير.

توضح "ريم" أن أشخاص عديدة يبدو عليهم من ملابسهم أنهم ليسوا فقراء، ومع ذلك يقبلون على "ثلاجة الخير" لتناول العصائر أو زجاجات المياه المعدنية، وتضيف :"لا يمكن أن نمنع أحد من الاستفادة من الثلاجة، فربما لم يبدو عليه الفقر ولكنه في حاجة إلى الماء أو العصير أو الطعام".

ثلاجة الخير" تعود فكرتها إلى نحو 3 سنوات حين دعا لها عدد من الشباب على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، واستجابت لها بعض المحافظات مثل دمنهور والمنوفية، ولكنها مع تزايد أعداد الفقراء وهبوط أعداد كبيرة من شرائح الطبقة المتوسطة إلى خط الفقر بفعل ارتفاع الأسعار، انتشرت الفكرة حتى في أحياء القاهرة الراقية.

فوفقا لإحصائية صادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فإن نسبة السكان تحت خط الفقر على مستوى الجمهورية بلغت 28.7٪ نهاية 2015، بينما قدرت دراسات أخرى نسبة الفقر عام 2017 بما يزيد على 40%، وأن غالبية أبناء الطبقة الوسطى انضموا إلى فئة الفقراء نتيجة ارتفاع الأسعار.

 وتشهد البلاد ارتفاع كبير في أسعار السلع والخدمات، نتيجة السياسات التقشفية التي تتبعها الحكومة، بداية من تخفيض دعم المواد البترولية، وتحرير سعر الصرف أو ما يعرف بـ"تعويم الجنيه"، وفرض قانون ضريبة القيمة المضافة، ورفع أسعار الكهرباء للاستخدام المنزلي بنسبة 42.1%، وأسعار المياه بنسبة 70% ، فضلا عن رفع سعر تذكرة المترو وأتوبيسات النقل العام.

 

وتشير "ريم" صاحبة محل الأحذية الذي يمد "ثلاجة الخير" بالكهرباء، إلى أن هذه الفكرة بدأت تنتشر في بقية شوارع حي المعادي، فمؤخرا أنشأ رجل آخر ثلاجة فارغة في شارع 151، ليضع فيها الناس ما يزيد عن حاجاتهم من أغذية ومشروبات بدلا من إلقائها في صناديق القمامة، وبذلك يستفيد منها كل عابر وفقير وذي حاجة .

في صباح كل يوم تضع "ريم" نحو 20 علبة عصير في "ثلاجة الخير" يتبرع بها بعض أهل الخير بالحي، وتحتفظ ببعض العلب وقطع الفاكهة لتكون من نصيب عمال النظافة بالشارع.

ورغم أن الثلاجة تبدو ممتلئة في ساعات الصباح بما لذ وطاب من قطع فراخ ولحم وفاكهة وطماطم وبطاطس وعصائر ومياه معدنية، إلا أنها تبيت خالية من أي شيء، بحسب "ريم".

وتضيف ريم :"هذه الثلاجة ساعدت أناس كثيرة محتاجين وغير ذلك كما أنها نشرت الخير بين أبناء الحي الذين يتنافسون على تقديم الأطعمة والمشروبات لمساعدة الناس"، معربة عن أملها في أن تعم الفكرة بقية أحياء القاهرة.

ومع اقتراب عيد الأضحى المبارك بات إقبال الناس أكثر على "ثلاجة الخير"، ويقول جمال حمدي، أحد الأهالي، إنهم بدأوا ينشروا الفكرة عبر صفحة "المعادي" على الفيس بوك، لدعوة كل مقتدر لأن يتبرع بما يزيد عن حاجته للثلاجة بدلا من إلقائها في القمامة.

 

 

 

وبدأ جمال  للترويج بنفسه لـ"ثلاجة الخير"بنشر صور له على صفحته على الفيسوك وهو يضع بعض الأطعمة المغلفة بشكل جمالي في الثلاجة، ويقول" لابد أن أمر كل يوم على الثلاجة حتى إن وضعت فيها القليل، وأكون بذلك قدمت عمل مفيد ينتفع من ورائه ولو شخص واحد".

ويستطر د:"أجمل شيء على الإطلاق أن تساعد شخص فقير، وأتمنى أن يشارك في الثلاجة كل أهل المعادي، لأن هناك أناس كثيرة تبيت يومها من غير عشاء، فبدلا من البحث عن طعماهم بين صناديق القمامة يجدونه نظيفا في ثلاجة الخير".

اجمالي القراءات 4338