باتت أفغانستان تؤمِّن الآن أكثر من 75% من مخدر الهيروين في العالم، وتستضيف المنطقة أكبر مركز للجماعات الإرهابية.
لا يزال الخطاب الذي ألقاه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الإثنين الماضي، وكشف فيه عن تغييرات جوهرية كثيرة في الاستراتيجية الأمريكية في أفغانستان، لا يزال محط اهتمام الكثير من المعلقين والمحللين. لم لا والحرب على أفغانستان هي الأطول بين الحروب الأمريكية في العقود الأخيرة، حيث اندلعت هذه الحرب منذ 16 عامًا.
الكاتب الأمريكي جيفري جيمس هيجينز، المتخصص في مجال إنفاذ القانون والخبير في مكافحة الإرهاب، قال إن الولايات المتحدة لا يمكنها تحقيق الفوز في أطول حرب فى تاريخ الولايات المتحدة دون مواجهة إرهاب المخدرات.
وأضاف الكاتب في مقال نشره موقع «The American Conservative»، أنه بعد 16 عامًا وإنفاق مليارات الدولارات الأمريكية، باتت أفغانستان تؤمن الآن أكثر من 75% من مخدر الهيروين في العالم، وتستضيف المنطقة أكبر مركز للجماعات الإرهابية. وليس ذلك فحسب، بل إن أفغانستان تشكل مركزًا رئيسيًا تدعم فيه أكبر جماعات الاتجار بالمخدرات في العالم التنظيمات المتطرفة بشكل مباشر. لن يتم إنفاذ أي وعد من وعود ترامب بالنصر دون مواجهة هذه الحقائق المظلمة.
بحسب الكاتب، يصف إرهاب المخدرات العلاقة بين تجار المخدرات والإرهابيين. وهو يتجلى في أربعة أشكال أساسية:
- مهربي المخدرات الذين يشاركون في أنشطة إرهابية لزيادة تجارتهم في المخدرات.
- الإرهابيين الذين يبيعون المخدرات لتمويل عملياتهم.
-
المنظمات ذات المصالح المتساوية في الاتجار بالمخدرات والإرهاب.
- مهربي المخدرات والإرهابيين الذين يدعمون بعضهم بعضًا.
وقال الكاتب: «أصبحت مقاطعة ننكرهار الأفغانية مركزًا لهذه السوق السوداء. تشهد هذه المقاطعة علاقة تكافلية قوية بين تجار الهيروين والجماعات الإرهابية، مثل شبكة حقاني وحركة طالبان. يقدم مهربو المخدرات نسبة من عائداتهم من المخدرات إلى حركة طالبان باعتبارها شكلًا من أشكال الزكاة. كما يطلب قادة طالبان من تجار الهيروين شراء الأسلحة والمعدات لصالحهم، والسماح لمقاتليهم بالمرور فى مختبرات الهيروين قبل الهجمات».
وفي مقابل هذا الدعم، توافق حركة طالبان على حماية مختبرات الهيروين في مواجهة قوات الشرطة والجيش الأفغانيين. وتقوم حركة طالبان بترهيب أو قتل المواطنين الأفغان الذين يتعاونون مع السلطات، وتشن عمليات عسكرية نشطة ضد حكومة أفغانستان، مما يهيئ بيئة غير قانونية يزدهر فيها الاتجار بالمخدرات والإرهاب.
ووفقًا لإدارة مكافحة المخدرات، فإن ما يقرب من 37% من جميع الجماعات الإرهابية المصنفة ترتبط بالاتجار غير المشروع بالمخدرات. وفي السنوات الأخيرة، استهدفت إدارة مكافحة المخدرات والشرطة الأفغانية تجار المخدرات البارزين باستخدام تشريعات اتحادية جديدة نسبيًا. وفي عام 2006، سنّت الولايات المتحدة قانونًا اتحاديًا لمكافحة الإرهاب، بموجب قانون الولايات المتحدة رقم 960 (أ). ويجرم هذا التشريع الاتجار بالمخدرات، ويشمل ذلك تقديم أي دعم لمنظمة إرهابية أو لمن يقومون بأنشطة إرهابية.
أنتجت أفغانستان 77% من الهيروين في العالم، وفقًا لتقرير أعده مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لعام 2015، ومقاطعة ننكرهار واحدة من أكبر المقاطعات المنتجة للهيروين في أفغانستان.
وكان أول شخص أدين من قبل بموجب هذا القانون الجديد هو خان محمد، وهو مواطن أفغاني من مقاطعة ننكرهار، والذي كان مهربًا للهيروين وعضوًا في حركة طالبان الأفغانية. اعتقل محمد في عام 2006، بعد تحقيق مشترك من قبل وكالة مكافحة المخدرات والشرطة الأفغانية لمكافحة المخدرات. وقد أُحضر إلى الولايات المتحدة وأُدين في المحكمة المحلية الأمريكية في مقاطعة كولومبيا بتهم تتعلق بالإرهاب والمخدرات. وحكم عليه بالسجن مدى الحياة.
وكان حاجي باجشو، وهو أكبر تجار المخدرات في العالم، يقوم على العديد من مختبرات الهيروين في مقاطعة ننكرهار. وكانت منظمة تهريب المخدرات التابعة له تتولى المسئولية عن حوالى 20% من توزيع الهيروين في العالم، وفقًا لتقديرات مكتب الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة حول إنتاج الهيروين فى جميع أنحاء العالم. وخلال فترة مدتها 12 شهرًا، وزع حاجي باجشو أكثر من 132 ألف كيلوجرام من الهيروين، بلغت قيمتها التسويقية مليارات الدولارات.
وقدم حاجي باجشو أموالًا وأسلحة لقيادات طالبان وحثهم على طرد «الكفار» من أفغانستان، وطلب من المزارعين زراعة المزيد من الأفيون «حتى نتمكن من صنع الهيروين لقتل الكفار». أدين الحاج باجشو بتهمة تهريب المخدرات في المحكمة الجزئية الأمريكية لمقاطعة كولومبيا، وحكم عليه بالسجن مدى الحياة، وفرضت عليه غرامة بقيمة 254 مليون دولار.
ووفقًا لما نقله الكاتب استنادًا إلى تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لعام 2016، فإن أفغانستان لديها حوالي ثلثي الأراضي الصالحة للزراعة في العالم، والمخصصة لزراعة الخشخاش، وهي المحطة المستخدمة لإنتاج المواد الأفيونية. أنتجت أفغانستان 77% من الهيروين في العالم، وفقًا لتقرير أعده مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لعام 2015، ومقاطعة ننكرهار واحدة من أكبر المقاطعات المنتجة للهيروين في أفغانستان. ويذكر تقرير أعده مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لعام 2017، أن ما يقرب من نصف دخل حركة طالبان الأفغانية ربما يأتي من المخدرات.
الكاتب أشار إلى أن المزارعين يقومون بزراعة الخشخاش في جبال هندو كوش في مقاطعة ننكرهار، حيث يستخرجون الأفيون لبيعه للسماسرة. ثم يبيع الوسطاء الأفيون إلى مجموعات إنتاج المخدرات التي تدير مختبرات سرية في الجبال. هناك، يتم تحويل الأفيون إلى المورفين والهيروين. ويتم بيع هذا الهيروين عالي النقاء والحقن في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة.
يقدم مهربو المخدرات نسبة من عائداتهم من المخدرات إلى حركة طالبان باعتبارها شكلًا من أشكال الزكاة. كما يطلب قادة طالبان من تجار الهيروين شراء الأسلحة والمعدات لصالحهم، والسماح لمقاتليهم بالمرور فى مختبرات الهيروين قبل الهجمات.
وتابع الكاتب بقوله: «هناك مستويات عالية من الفساد بين شرطة المنطقة وشرطة الحدود والسياسيين في هذه المقاطعة. ويجري العديد من المسؤولين الأفغان اتصالات بحركة طالبان الأفغانية، وطالبان الباكستانية، وشبكة حقاني. ويسهم هذا الفساد العام في ازدهار الإرهابيين والتجار على حد سواء».
لسنوات، قامت قوات التحالف العسكرية باستهداف إرهابيين في جميع أنحاء المنطقة – تورا بورا، وهي المنطقة التي لجأ إليها أسامة بن لادن بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول)، وتقع في سلسلة جبال سبين غار في جنوب ننكرهار. في أبريل (نيسان) الماضي، أسقطت الولايات المتحدة «أم القنابل»، على مجمع لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في نانغارهار.
واختتم الكاتب بقوله إن استراتيجية الرئيس ترامب الجديدة في جنوب آسيا لا يجب أن تطلق العنان للقوة الكاملة للجيش الأمريكي ضد الجماعات الإرهابية هناك، ولكن يجب أن تستهدف إرهاب المخدرات. ولن ينجح أي جهد عسكري لهزيمة تنظيم داعش وشبكة حقاني وحركة طالبان وغيرها من الجماعات الإرهابية إلا إذا استهدفت الولايات المتحدة تجار المخدرات في إقليم نانغارهار وفي جميع أنحاء المنطقة.