إن مقال الأستاذ ابراهيم دادي (( ألم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم )) رقم 51- العنكبوت - أعتقد أنه ذو أهمية كبرى ، وقد أعددت تعليقا عليه ، وحاولت عبثا تسجيله وإدراجه ولكني لم أوفق بعد مرات عديدة لأني لم أقف على الخطأ المرتكب حتما من طرفي . ولذلك فإني اهتديت إلى هذا الحل وهو إدراجه كمقال جديد لكن محله من الإعراب هو تعليق على مقال الأستاذ دادي
أعتقد أنه موضوع هام بل ويبقى موضوع كل ساعة . أما عن تساؤل الرحمن الرحيم الذي جاء في الآية رقم 51 بسورة العنكبوت ، فالظاهر يقول ولعل الأصخ هو أن حالنا نحن المسلمين الموجودين على هذه الأرض في الوقت الراهن وقبل هذا الوقت بعشرات القرون ، يقول حالنا بما لا شك فيه إن الرد على تساؤل الله العلي القدير هو بالنفي ، وهو أنه فعلا لم يكفنا ما أنزل الله على رسوله من الكتاب الذي يتلى علينا ونتلوه وما زلنا لم نهضم حقا أن لنا في ذلك رحمة وذكرى، ومن يدري ؟ لعلنا ما زلنا لم نرق إلى درجة القوم المؤمنين ؟
ومن يدري لعلنا سنصدم في الأخير- لا قدر الله - بصدمة السراب التي ستصيب أولئك الظمآنين الذين يفاجأون في الأخير أن ما كانوا يحسبونه ماء ليس بالماء ؟
وأما عن أقوالنا ومواقفنا وتصرفاتنا التي تعبر تعبيرا واضحا بأننا لم نكتف بما أنزل الله على رسوله إلينا فهي عديدة ولا تكاد تحصى ويكفي أن نلتفت إلى نعتبره من الصحاح .
وبالمقابل فإن الجن يبدو أنهم أحسن حالا منا وأسلم مصيرا وأنعمه . ويكفي أن نتلو ما جاء في الآيات الأولى من سورة الجن لنلاحظ من تصريحهم أن المؤمنين منهم اكتفوا بما أنزل الله على رسوله من الكتاب الذي يتلى عليهم وأنهم فهموا حق الفهم أنه رحمة وذكرى .
وعليه فمن المفهوم من السورة القرآنية أن الجن أقروا أنهم استمعوا فسمعوا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنوا به ولم يشركوا بربهم أحدا .
ثم أقروا أن منهم مسلمين وهم أولئك الذين كان القرآن كافيا ليأخذ بألبابهم ويقنعهم ويملأهم طمأنينة لا يبغون عنها حولا.
والمهم في الموضوع هو أن القرآن كان بالنسبة للجن كافيا لمن اهتدى وكان واضحا وغير حامل لأي لبس ولا لسوء تأويل . والتساؤل هو :
هل يا ترى حدث للجن أن وقعوا هم كذلك في تلك المطبات التي ذهب ضحيتها الإنس ؟
هل فرق الجن دينهم وكانوا شيعا ؟
هل ذهب الجن الذين تأثروا بالقرآن ، أولئك الذين هداهم إلى الرشد ، هل ذهبوا هم الآخرون كل مذهب فأنشأوا مثلنا نحن الإنس مذاهب متناقضة متنافرة مملوءة غرورا وتزكية للنفس ؟
هل كان القرآن بالنسبة للجن غامضا وحاملا لأوجه وغير كاف ؟
هل فهموا منه أنه فرط في قليل أو كثير من أشياء إلى درجة أن اختلقوا أو اخترعوا ما يقوم اعوجاجه أو يكمل نقصه ؟
هل للجن المسلمين مصادر أخرى غير القرآن ؟
هل للجن المسلمين محدثون ؟ بأحاديث ومواقف وتصرفات نسبوها إلى شخص الرسول ؟
وإذا لم يلتجئ الجن المسلمون إلى كل هذا ، فهل يعني ذلك أنهم نوابغ وأكثر من الإنس ذكاء ورشدا واستيعابا وتفقها وتدبرا ؟ وهل نجت قلوبهم من أقفالها ؟
وشكرا للأستاذ إبراهيم دادي الذي أثار هذا الموضوع الحيوي المصيري .