قال خبراء بترول إن بنود اتفاقيات امتيازات حقول الغاز فى البحر المتوسط تضيع على مصر مبالغ تقترب من 75 مليار دولار بسبب تنازل الحكومة المصرية فى عهد وزير البترول الأسبق سامح فهمي فى 2010 عن حصة مصر بنسبة 100% من إنتاج الحقول لصالح الشريك الأجنبي "بريتش بتروليوم".
وأبرمت مصر الاتفاقية مع الشركة البريطانية عام 1992 وتم الاكتشاف فى 2002، ونتيجة ارتفاع التكلفة إلى 12 مليار دولار بعد أن كانت 2 مليار دولار فى 2002 تنازلت مصر عن 100% من حصتها للشركة البريطانية.
وتتوقع الحكومة ارتفاع إنتاج الغاز الطبيعي مليار قدم مكعب يوميا، ليصل إلى 6.2 مليار قدم مكعب يوميا، مع نهاية السنة المالية الجارية 2017- 2018، وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعى نهاية 2018.
وكانت شركة إيني الإيطالية، اكتشفت حقل "ظهر " في 2015، بالمياه الإقليمية المصرية، وهو أكبر حقل غاز في البحر المتوسط، وتقدر احتياطياته بحوالى 850 مليار متر مكعب واستكملت الشركة الإيطالية إجراءات نيل الموافقة على تطويره في فبراير الماضى، ومن المقرر بدء إنتاج الغاز منه بنهاية العام الحالي.
كما تم اكتشاف حقل أتول بدمياط، ويقدر احتياطي الغاز به 1.5 تريليون قدم مكعب و31 مليون برميل من المتكثفات، وستتم المعالجة البرية للغاز من خلال التسهيلات القائمة في الميناء الغربي، وحقل شمال الإسكندرية وهي حقول تورس وليبرا وفيوم وجيزة وريفن، وحقلا تورس وليبرا المخطط إنتاجهما سيكون بمعدل 600 ألف متر مكعب في اليوم، وحقلا جيزة وفيوم سيكون إنتاجهما 400 مليون مكعب في اليوم.
إضافة إلى آبار شمال شرق الدلتا، وهي "آبار غرب 2" بمعدل إنتاج 100 مليون قدم مكعب من الغاز يومياً، وزيادة إنتاج الحقل نورس التابع للشركة إلى 670 مليون قدم مكعب من الغاز يومياً، بالإضافة إلى آبار البئر نيدوكو شمال غرب 6 بمنطقة شمال شرق الدلتا.
ضياع 75 مليار دولار
وفى هذا الصدد، قال الدكتور إبراهيم زهران وكيل وزارة البترول اﻷسبق، إن مصر تنازلت عن كامل حقوقها وحصتها فى امتيازات حقول الغاز الخاصة بشركة بريتش بتروليوم البريطانية فى 2010 أثناء وزارة سامح فهمى وزير بترول الرئيس الأسبق مبارك ومنها حقول شمال الإسكندرية.
وأضاف زهران فى تصريحات لـ"مصر العربية"، أن هذا الفعل من جانب سامح فهمى يعد اﻷول فى التاريخ، حيث إنه لا توجد دولة فى العالم تتنازل عن كامل حقوقها لشركة تنقب عن الغاز فى أرضها.
وأشار إلى أن الاتفاقية مع الشركة البريطانية تمت عام 1992 وتم الاكتشاف فى 2002 وتكلفته حسبما أعلنت الشركة فى 2012 بلغت 12 مليار دولار بعدما كانت 2 مليار دولار فى 2002.
وأوضح وكيل وزارة البترول اﻷسبق، أن مصر تنازلت عن 100% من حصتها للشركة البريطانية فى 2010 بمجلس الشعب وبذلك لا تملك أى شيء فى الحقول ولكن ستشترى الإنتاج بالكامل بسعر 6.2 دولار للمليون وحدة الحرارية فى حقول شمال الإسكندرية وبـ1.95 دولار للمليون وحدة فى حقل ظهر بدلا من 11 دولارا بالسعر العالمي من الخارج، قائلا "دى اتفاقية ضحكوا علينا فيها من زمان .. ووزير البترول طالع يطبل ويزمر على الخيبة".
ولفت زهران إلى أن تنازل مصر عن حصتها بالكامل فى هذه الحقول يجعلها تخسر 75 مليار دولار كان من الممكن أن تحصل عليها من بيع وتصدير إنتاج هذه الحقول.
وأشار إلى أن مصر حاليا لا تملك تعديل الاتفاقية وستشترى الغاز بالكامل ولكن من الممكن وضع شروط معينة بعيدا عن الاتفاقية يمكن من خلالها تحصيل مليارات إذا أرادت الحكومة ذلك.
وأوضح أن هذه الشروط تتمثل فى ضرورة الاتفاق مع الشركة على فرض ضرائب 20% من اﻹنتاج السنوى للحقول وكذلك فرض إتاوة 10% من الإنتاج، فضلا عن إجبار الشركة على تعيين 5 آلاف شخص كما أعلنوا وفى حالة رفضهم تقوم الدولة بالتعيين.
وتابع "هذه الشروط عرضتها من قبل على الرئيس اﻷسبق محمد مرسى وتلقيت ردا منه ولكن لم نستكمل اﻷمر بسبب ثورة 30 يونيو كما عرضتها أيضا على الرئيس عبدالفتاح السيسي ولكن لم أتلق ردا حتى الآن".
ووفقا للاتفاقية التى وقعت فى 1992 فإن الشريك الأجنبى يحصل إضافة على الـ40% التى يسترد بها المصاريف، على نسبة 12% كربح عائد على استثماراته تخصم من الإنتاج، أى أن إجمالى حصة الشريك بوجه عام فى هذا الاتفاق يعادل 52% مقابل 48% للهيئة.
وتعد أول مخالفة لهذا الاتفاق كانت فى الفترة ما بين 2001 حتى 2003، ممثلة فى استمرار بقاء المنطقة فى حوزة شركة "بريتش بتروليوم" رغم انتهاء التعاقد بالقانون 15 لسنة 1992 فى مايو عام 2001 لمرور 9 سنوات هى مدة سريان العقد لكن المنطقة ظلت تابعة للشركة البريطانية بالمخالفة لهذا القانون، ما يعنى عمليا منح الشركة حق استغلال المنطقة بالأمر المباشر، دون سحبها وطرحها فى مزايدة جديدة.
وكانت المخالفة الثانية فى 2003، عندما حاولت الهيئة تجاوز الخطأ القانونى، بما يبقى المنطقة خاضعة لسيطرة الشركة البريطانية؛ فتم تحويل منطقة امتياز شمال الإسكندرية بشكل شبه كامل إلى منطقة تنمية، بما فى ذلك المساحات التى لم يتحقق بها أى اكتشافات، بالمخالفة لقاعدة "لا عقود تنمية إلا بعد تحقيق اكتشافات".
وكان يمكن استبعاد تلك المناطق وإعادة طرحها فى مزايدات بحث واستكشاف أخرى بما يدر عائدا على الدولة بدلا من ضمها إلى مناطق تنمية الشركة البريطانية دون مقابل بل لمدة طويلة، وبصفة عامة تصل مدد التنمية إلى 35 عاما كحد أقصى فى حالات الغاز و30 عاما فى حالات الزيت.
الشراء بأقل من السعر العالمي
الدكتور رمضان أبوالعلا، الخبير البترولي، قال إن العقود المبرومة بين مصر والشركاء الأجانب فى حقول الغاز المكتشفة حديثا تنص على تنازل مصر عن كامل حصتها من الحقول مقابل شراء الإنتاج.
وأضاف أبوالعلا، فى تصريحات لـ"مصر العربية"، أن الفائدة الوحيدة التى ستعود على مصر من هذه الاكتشافات أنها ستشترى الإنتاج بتكلفة أقل من السعر العالمي، فمثلا إذا كان السعر العالمي 12 دولار للمليون وحدة حرارية ستحصل عليه مصر بـ4 دولارات من الشريك الأجنبي ما يؤدى إلى توفير مبالغ كبيرة من العملة الصعبة ولكن ذلك لا ينفى خسارة مصر مبالغ أخرى بسبب التنازل عن حصتها.
وأوضح الخبير البترولي، أن طبيعة العقود فى قطاع الغاز والبترول تختلف وتتنوع حسب المخاطرة، فقد تكون النسبة 50% و50% لكلا الطرفين وقد تكون 70% للشريك الأجنبي و30% للحكومة، أو 60% للشريك الأجنبي و40% للحكومة، كما أن ثمن بيع المليون وحدة حرارية يتغير من وقت لآخر.
ماذا تبقى لنا؟
فيما علق الدكتور نائل الشافعى، مؤسس موسوعة المعرفة والخبير الاقتصادى، على هذه العقود والامتيازات قائلا "إذا أعطينا الشريك الأجنبي 100% من الغاز معفى من الضرائب، فماذا يبقى لنا؟".
وأضاف الشافعي، على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك"، أن شركة "بريتش بتروليوم" تملك 100% من كل حقول امتيازاتها المصرية في البحر المتوسط، معفاة من الضرائب والرسوم، ومن تلك الحقول، شمال الإسكندرية، مشروع غرب دلتا النيل، ومشروع دنيس وكروان "شبه السري"، الذي لا يتكلم عنه أحدا رغم ضخامته.
وتابع "أما المشاريع التي لا يملك الشريك الأجنبي 100% منها، مثل حقل ظهر، فله 100% من الإنتاج حتى يسترد تكاليف الإنتاج، اللي هي عشرميت دشليون دولار.. وسلم لي على المستخلصات".