في الوقت الذي تمثل فيه الصادرات النفطية 85% من إجمالي صادرات المملكة العربية السعودية، قال مصدر في قطاع النفط السعودي إن المملكة ستخفض شحنات الخام لزبائنها في أغسطس/ آب بأكثر من 600 ألف برميل يوميًّا. وعزا المصدر خفض صادرات النفط، إلى إحداث توازن في ظل ارتفاع الاستهلاك المحلي خلال فصل الصيف مع الاستمرار في الالتزام بمستويات الإنتاج التي تعهدت بها داخل منظمة «أوبك».
وأضاف في تصريحات المصدر أن صادرات الخام لشهر أغسطس/ آب ستهبط إلى أدنى مستوى هذا العام عند نحو 6.6 ملايين برميل يوميًّا. وسيتم تخفيض مخصصات الخام إلى آسيا في أغسطس/ آب بنحو 200 ألف برميل يوميًّا إلى 3.5 ملايين برميل يوميًّا، بينما سيجري تقليص المخصصات المتجهة إلى أوروبا بنحو 70 ألف برميل يوميًّا إلى 520 ألف برميل يوميًّا. وستقل صادرات الخام للولايات المتحدة عن 800 ألف برميل يوميًّا في أغسطس/ آب حسبما قال المصدر.
يأتي ذلك في ظل تذبذب أسعار النفط العالمية المائلة إلى الهبوط، وانخفاض الأسعار إلى ما بين 40 و45 دولارًا للبرميل، على الرغم من أن السعودية ربطت سعر النفط في الموازنة العامة للدولة للعام الحالي عند 50 دولارًا للبرميل.
وأكد خبراء اقتصاد لـ «عربي21» أن تخفيض صادرات السعودية من النفط، وتراجع أسعاره إلى مستويات أقل بكثير من التقديرات المستهدفة إلى جانب تزايد الإنفاق العسكري، وعدم وجود بدائل تنموية واستثمارية حقيقية سيضاعف من عجز الموازنة العامة للمملكة، وسيؤثر بالسلب في كافة القطاعات الاقتصادية بالسعودية.
وقال المحلل الاقتصادي، أحمد مصبح، إن القرارات الاقتصادية في السعودية يتم اتخاذها بناءً على تقديرات وحسابات خاطئة، موضحًا أن غالبية هذه الحسابات والتقديرات سياسية أكثر منها اقتصادية، وهو ما يضر بالاقتصاد السعودي بشكل كبير.
وأضاف: «متخذ القرار الاقتصادي السعودي يستهدف تقليل الإيرادات النفطية في 2017 بناءً على توقعات 50 دولارًا لسعر برميل النفط في 2018، في حين أن التقييم الدولي المتوقع لسعر النفط أقل من 40 دولارًا للبرميل، وهناك تقديرات تشير إلى انخفاض الأسعار إلى مستويات 30 دولارًا للبرميل».
وأكد مصبح في تصريحات لـ «عربي21»، أن قرار خفض صادرات النفط غير منطقي وغير واقعي، في ظل عدم وجود إصلاحات اقتصادية ملموسة، وبيئة استثمارية سلبية، خاصةً مع تصاعد الأزمات الجيوسياسية في المنطقة، وتزايد الإنفاق العسكري بسبب الحروب التي تخوضها المملكة في عدد من الدول المجاورة، وخاصة اليمن وسوريا.
وقالت وكالة بلومبيرغ الأمريكية المتخصصة في الاقتصاد، إن إنفاق السعودية في عام 2015 على الدفاع بلغ 13.5% من ناتجها المحلي الإجمالي (87 مليار دولار)، وشكلت تكاليف الدفاع أغلب عجز الموازنة بالمملكة في ذلك العام. في حين أن نفقات الدفاع لمنافستها الأكبر، إيران، بلغت 3% فقط.
وأوضح أن مختلف القطاعات الاقتصادية في السعودية تعاني بشكل كبير، وتتعرض لخسائر باهظة، أدت إلى توقف الإنتاج، وتسريح العمالة، وزيادة نسبة البطالةن خاصة في قطاع الإنشاءات والمقاولات، لافتًا إلى أن تقليص الإنفاق الحكومي على هذه القطاعات أثر بالسلب فيها، وهو ما يؤكد خلل التقديرات في اتخاذ القرارات الاقتصادية.
وأشار إلى أن متخذ القرار الاقتصادي يواجه الأزمات بقرارات تفاقم من تلك الأزمات ولا تعالجها، مؤكدًا أن الحكومة السعودية تنتهج أساليب تفاقم من سوء الأوضاع الاقتصادية، ومنها التوسع في سياسة الاقتراض الخارجي، وتقليص الإنفاق الحكومي، ورفع الدعم عن السلع الأساسية وتحديدًا المياه والكهرباء، وفرض رسوم وغرامات جديدة على الحجاج والمغتربين، إلى جانب زيادة الضرائب على السلع بنسب وصلت إلى 100% في بعض السلع.
وبحسب بيانات مؤسسة النقد العربي السعودي، انخفضت الاحتياطات السعودية بنهاية شهر أبريل/ نيسان 2017 بقيمة 302 مليار ريال، وبنسبة 14% مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي 2016.
وقال التقرير السنوي التفصيلي لمنظمة الأونكتاد الخاص بالاستثمار العالمي 2017، إن قيمة الاحتياطات السعودية بنهاية أبريل/ نيسان 2017 بلغت 1.875 تريليون ريال، متراجعة من 2.177 تريليون ريال، كما انخفضت الاحتياطات مقارنة بشهر مارس/ آذار 2017، بقيمة 32 مليار ريال، وبنسبة 1.65%.
كما تراجعت قيمة الاستثمار الأجنبي المباشر، المتدفق إلى السعودية خلال العام الماضي 2016 (العام الذي طُرحت فيه رؤية 2030)، إلى 7.453 مليارات دولار، مقارنة بـ 8.141 مليارات دولار في 2015.