قبل أن يُصدّق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على نقل سيادة جزيرتي «تيران وصنافير» من مصر إلى السعودية، كانت الحكومة قد استعدّت قبلها بيومين، ووافقت على مشروع القانون «العاجل» الذي أقرّه البرلمان، ويقضي بتمديد «قانون الطوارئ» ثلاثة أشهر إضافية، والذي يُعطي للدولة الحقَّ في مراقبة الرسائل أيًّا كان نوعها، ومراقبة الصحف وجميع وسائل التعبير والدعاية والإعلان قبل نشرها، وضبطها ومصادرتها وإغلاق أماكن طباعتها، وهو ما تصفه المعارضة بأنه يأتي ضمن قرارات الزيادة الأخيرة في الأسعار التي أقرها البرلمان.
في هذا التقرير نوضح لك أبرز الأزمات التي تنتظر المصريين في شهر يوليو (تموز) الجاري، بداية من الأزمات الدولية، وحتى تطبيق قانون «القيمة المُضافة» الذي أدى إلى ارتفاع الأسعار التي لن تكون الأخيرة، بحسب التصريحات الرسمية.
1- انخفاض منسوب مياه النيل
أعلنت إثيوبيا رسميًّا قبل شهرين نيتها في تخزين مياه النيل خلف سدّ النهضة مع بداية موسم الفيضان، في يونيو (حزيران) القادم، وبالرغم من أنّ هذا لم يحدث حتى الآن، إلا أنّ مراقبين مصريين يؤكدون أنّ أديس أبابا لن تنتظر فوات موسم الفيضان الذي يستمرّ ثلاثة أشهر فقط، لذلك من المتوقع أن تنفِّذ إثيوبيا تهديدها خلال أيام، وهي الخطوة التي تستهدف تخزين 75 مليار متر مكعب من المياه، مقسمة على ثلاث سنوات تبدأ في كل موسم فيضان، وهو مجموع ما تحصل عليه مصر والسودان في حصة النيل، وستؤدي فعليًّا إلى انخفاض منسوب المياه بعد أربعين يومًا من التنفيذ.
وبالرغم من أن أديس أبابا لم تعلن حتى الآن اكتمال مشروع بناء السد، إلا أنّ الأقمار الصناعية تكشف غير ذلك، كما أنَّ الصور المُلتقطة تُفيد بأن القدرة الاستيعابية للسدّ تبلغ 96 مليار متر مكعب وليس 76، بحسب الأرقام المعلنة، والمفاجأة أنها كشفت أيضًا انخفاض منسوب مياه بحيرة ناصر خلال الأعوام السابقة، ويتوقع أن تفقد البحيرة 16 مترًا من منسوبها خلال عملية حجب المياه، إضافة إلى احتمالية خروج السد العالي من الخدمة، وهي المفاجأة التي فجّرها وزير الكهرباء السابق أمام السيسي، قبل أن يُشير إليه الأخير بالصمت.
والخسائر الاقتصادية والكوارث البشرية التي ستنتج من انخفاض منسوب مياه النيل، كفيلة بأن تقود البلاد نحو الأسوأ في ظل الأزمة الاقتصادية المتعثرة، فحسب دراسة أمريكية؛ مصر قد تواجه ندرةً في المياه والكهرباء بحلول عام 2025، كما أنها قد تخسر نحو 60% من أراضيها الزراعية نتيجة الجفاف، أمَّا الـ40% من الأراضي الباقية، فمن المحتمل أن يؤثِّر حجب الطمي والرواسب في إنتاجيتها؛ لكن المؤكد أنّ المساحات الجديدة لن تتكافأ مع تزايد التعداد السكاني، وطبقًا للأرقام الرسمية، فإن السد العالي سيفقد نحو 45% من طاقته الإنتاجية على المدى البعيد.
في المقابل، فإن مشروع السدّ سيساعد إثيوبيا في تحسين عمليات الزراعة التي تمثل لها 50% من اقتصادها، عن طريق التدفق المنظّم للمياه، كما سيقضي السد على ظواهر الجفاف والفيضانات التي تعاني منها، ويعتبر مشروع الطاقة حلمًا قوميًّا للإثيوبيين الذين يفتقر ثلاثة أرباعهم إلى الكهرباء، وستكون الطاقة الإنتاجية للسدّ حوالي ستة آلاف ميجاوات من الطاقة، وهو ما سيجلب لها مبيعات ضخمة من الطاقة الكهربائية إلى الدول الأخرى تقدر بحوالي مليار دولار سنويًّا، ولكي تعرف كيف سيساهم السدّ في تصدير الجفاف للقاهرة، ولماذا لن تتنازل أديس أبابا عن حُلم نهضتها، اقرأ القصة كاملة من هنا: إثيوبيا بدأت تخزين المياه.. 5 مخاطر ستواجه المصريين في «أيّام العطش».
2- السودان تنتظر رفع العقوبات الاقتصادية
بعد وساطة سعودية، قررت الولايات المتحدة أخيرًا رفع الحظر الاقتصادي عن السودان، والذي بدأ منذ عام 2009، والقرار سيسري مفعوله في شهر (يوليو) تموز القادم، لكنّ هذه الخطوة التي سعت إليها الخرطوم عن طريق التقارب العربي الأخير، قد تكون بداية سيئة للجانب المصري الذي سيصبح أكبر المتضررين من نهضة السودان، خاصةً بعدما أصبحت قيمة الجنيه السوداني ضعف قيمة الجنيه المصري مرتين ونصف، فكيف ذلك؟
الخطر الأكبر في قرار رفع الحظر هو أن يتغيّر اتجاه الاستثمارات من مصر إلى السودان، خاصةً بعد تمديد قانون الطوارئ ثلاثة أشهر إضافية، والذي تزامن مع فشل الحكومة المصرية في التصدِّي للتضخم الاقتصادي، وهو ما سيصبح سببًا منطقيًّا لهروب المستثمرين؛ حتى مع إصدار قانون الاستثمار الجديد خلال الشهر الماضي، الذي كان غيابه هو أحد الأسباب الرئيسية لانسحاب بعض الشركات العالمية من السوق المصرية، وعددها 13 شركة، وأبرزها شركة «إيني» الإيطالية التي انسحبت من سوق الغاز، وانسحاب الشركة الصينية من العاصمة الإدارية الجديدة، بينما هددت 11 شركة أخرى بالانسحاب، والخسائر سابقًا قُدرت بنحو 15 مليار دولار.
على الجانب الآخر، فإن السودان بمجرد إعلان رفع الحظر نهائيًّا، ستصبح مطمعًا كبيرًا في السوق الدولية، إضافةً إلى فكّ أرصدتها المُجمدة في البنوك الأوروبية، وعودة حركة التحويلات التي ما تزال محرومة منها، والصين قد سبقت الولايات المتحدة في الاستحواذ على استثمارات الخرطوم بعدما أعلنت أن السودان أهم أهدافها الاستثمارية في إفريقيا، والحكومة السودانية اتجهت مؤخرًا لتحرير عملتها، إضافة إلى اتجاه نظامها لتعديل القوانين التي تسمح بتسهيلات واسعة لجذب المستثمرين الأجانب، ويجب التوضيح أن السعودية تحتكر 50% من النظام الزراعي في السودان، إضافة إلى تمويلها مشاريع إنشاء سبعة سدود على النيل، وهو ما رفضته القاهرة التي رأت أن المشاريع تأتي على حصتها المائية.
اقرأ أيضًا: «إخوة أم أعداء؟»: التفاصيل شبه الكاملة للصراع المحتدم بين مصر والسودان
وتجدر الإشارة إلى الخلافات السياسية التي بين البلدين، وترجع أهم أسبابها إلى النزاع الحدودي حول مثلث «حلايب وشلاتين»، إضافة إلى اتهام الخرطوم للقاهرة بأنها تتجسس عليها لصالح المعارضة السودانية، وأنّ السودان قد استحوذت على آليات وأسلحة مصرية مؤخرًا في قبضة المعارضة السودانية، وهو ما رفضته الخارجية المصرية، ونفت أن يكون لها صلة بالأحداث، ونتيجة للتوتر المحتدم، قامت بمنع استيراد السلع الغذائية، إضافة إلى أنها من الممكن أن توقع على «عنتيبي»، كما أيدت من قبل مشروع بناء سد النهضة.
لمعرفة إلى أي درجة تدهورت العلاقات بين البلدين، اقرأ التقرير التالي: كيف ستتضرر مصر من نهضة السودان؟ 5 أسباب تشرح لك.
3- ارتفاع أسعار الإنترنت
في فبراير (شباط) عام 2014، أطلق النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، ما يُعرف بـ «ثورة الإنترنت»؛ احتجاجًا على تردِّي الخدمة، والمطالبة بأسعار عادلة تتوافق مع الأسعار الدولية، وعادت الاحتجاجات مرة أخرى في يونيو (حزيران) عام 2015، لكنها كانت أكثر قوة في أغسطس (آب) من العام الماضي، عقب إقرار قانون القيمة المضافة، لزيادة أسعار الإنترنت لأول مرة، والتي ستدخل نطاق التنفيذ خلال الأيام القادمة، ومن المقرر أن تصبح الزيادة 14%.
وسبق أن طالبت شركات الإنترنت الخاصة وزارة الاتصالات بالإعفاء من مصاريف القيمة المضافة؛ خوفًا من لجوء المستخدمين إلى تخفيض السرعات، أو التراجع عن طلب الخدمة، وتجدر الإشارة إلى أنّ الشركات الخاصة تستحوذ على أقل من ربع السوق أمام الشركة المصرية للاتصالات الحكومية التي تحتكر سوق الإنترنت في مصر، وتواجه تهمًا بتعمّد سوء الخدمة، وعدم السماح بتوفير سوق عادلة للتنافس، ويبلغ حجم المتضررين من الزيادات نحو 4.5 ملايين، وهو رقم الاشتراكات فقط، بينما عدد المستخدمين الحقيقي أكبر بكثير.
4- ارتفاع أسعار الكهرباء
ارتفاع أسعار الكهرباء كانت ضرورة حتمية لسياسات الحكومة لتعويم الجنيه؛ مما أدى إلى زيادة تكلفة الوقود، وارتفاع سعر الدولار، وبحسب الأرقام الرسمية، فإن الحكومة تحمَّلت 82 مليار جنيه خسائر، نتيجة عدم تعديل الأسعار، ورغم أن وزير الكهرباء صرَّح بأن الزيادة الجديدة لن تمسّ محدودي الدخل، وأن الـ 30 % الزيادة ستكون موجهة لأصحاب الاستهلاك العالي، نجد أن هذا يتنافى مع خريطة الزيادات المُعلنة، وهي:
1- الشريحة الأولى: من 51 كيلو وات إلى 100 كيلو وات، سعر الكيلو وات كهرباء (ك و ك) 11 قرشًا، دون زيادة.
2- الشريحة الثانية من 51 كيلو وات إلى 100 كيلو وات سعر الكيلو وات 19 قرشًا، دون زيادة.
3- الشريحة الثالثة من 101 كيلو وات إلى 200 كيلو وات 21 قرشًا دون زيادة.
ويجب التوضيح أن شريحة الطبقة الوسطى يبدأ استهلاكها بين (150: 220) كيلو وات؛ أي أن جزءًا كبيرًا من شريحة محدودي الدخل قد تقع تحت طائلة الزيادات، ومن المؤكد أن عددًا كبيرًا سيتفاجأ في شهر أغسطس (تشرين الأول) القادم، حين يأتي موعد سداد الفواتير.
4- الشريحة الرابعة من 201 كيلو وات إلى 350 كيلو وات 54.6 قروش بدلًا من 42 قرشًا 30% زيادة.
5- الشريحة الخامسة من 351 كيلو وات إلى 650 كيلو وات 75.35 قرش بدلًا من 55 قرشًا.
6- الشريحة السادسة من 651 كيلو وات إلى 1000 كيلو وات 133 قرشًا بدلًا من 71 قرشًا.
7- الشريحة السابعة، وهي الأعلى من صفر إلى أكثر من 1000 كيلو وات 133 قرشًا بدلًا من 81 قرشًا.
5- زيادة أسعار مياه الشرب
قانون القيمة المضافة طال أيضًا مياه الشرب، ففي الوقت الذي ستبدأ فيه إثيوبيا تشغيل مياه السد، وهو الذي سينعكس سلبًا على منسوب النيل، اعتمدت الحكومة المصرية أسعار المياه الجديدة، والتي ستكون كالتالي:
1- الاستهلاك من صفر إلى 10 أمتار، بسعر 45 قرشًا بدلًا من 30 قرشًا، بزيادة 50%.
2- الاستهلاك من 11 إلى 20 مترًا، بسعر 120 قرشًا بدلًا من 70 قرشًا، بزيادة 70%.
3- الاستهلاك من 21 إلى 30 مترًا، بسعر 165 قرشًا بدلًا من 120 قرشًا، بزيادة 50%.
وقد أجلت الحكومة المصرية إعلان تطبيق الأسعار، بعدما سربت خريطة الزيادة، وبحسب تصريحات صحافية، فإن مجلس الوزراء قد يؤجل تطبيق الزيادة إلى شهر سبتمبر (أيلول) القادم، بدلًا من يوليو (تموز) الجاري.
اقرأ أيضًا: كان آخرها زيادة أسعار المترو.. 9 قرارت اقتصادية خطيرة صدرت يوم الخميس
6- ارتفاع أسعار مواد البناء
بالرغم من أن الحكومة المصرية قد أعلنت أن ارتفاع أسعار الوقود لن يؤثر في مواد البناء، إلا أن سوق الحديد والأسمنت شهدت ارتفاعًا لن يكون الأخير، بحسب الخبراء، خاصةً بعدما ارتفعت أسعار مواد البناء 1% لتصل قيمة الزيادات إلى 14% بداية الشهر المقبل، ومن المتوقع أن تصل الزيادة في سعر الأسمنت نحو 50 جنيهًا، بينما ستصل الزيادات في الحديد نحو 200 جنيه للطن الواحد، وهو ما سيؤدي بالضرورة إلى ارتفاع أسعار الشقق السكنية، وقد يؤثر في نسب الزواج المنخفضة بالضرورة.
وكان مجلس الوزراء قد أقر زيادة في أسعار المنتجات البترولية والغاز الطبيعي أمس، إذ وصل سعر بنزين 80 من 2.35 إلى 3.65 جنيه للّتر، وبنزين 92 من 3.5 إلى 5 جنيهات للّتر الواحد، بينما وصل السولار من 2.35 إلى 3.65 جنيه لّلتر، وارتفعت أسطوانة غاز البوتاجاز من 15 إلى 30 جنيهًا.
7- السيارات
ارتفعت أسعار السيارات العام الماضي بنسبة 4%، لكنّ القرارات الجديدة قد تطرقت إلى التراخيص والرسوم؛ إذ أصبحت تكلفة استخراج بدل فاقد أو تالف 100جنيه، بينما الزيادة في أسعار تراخيص السيارات الجديدة طبقًا للمُحرك، فقد تفاوت الزيادات:
1- السيارات التي لا تزيد السعة اللترية لمحركها على 1330 سم مكعب ستزيد بنسبة 15%.
2- السيارات التي تزيد سعة محركها اللترية على 1330، ولا تتجاوز 1630 سم مكعب ستزيد بنسبة 2%.
3- بينما السيارات التي تزيد سعة محركها اللترية على 1630 ولا تتجاوز 2030 سم مكعب ستزيد بين 2.5 : 3%.
4- أما السيارات التي تزيد سعتها اللترية على 2030 سم مكعب فستزيد نحو 4%.
الحكومة أيضًا وضعت شروطًا جديدة لتراخيص القيادة، حيث ستتكلف رخصة القيادة المؤقتة للتعليم نحو 100 جنيه، بينما ستزيد تكلفة رخصة القيادة بدرجاتها الثلاثة لتصبح رسوم استخراجها 200 جنيه، بينما سيتكلف استخراج رخصة خاصة لمدة 10 سنوات مبلغ 300 جنيه.
8- زيادة أسعار 27 سلعة
استحدثت الحكومة المصرية العام المالي الماضي قانون «القيمة المضافة» بنسبة 13% على جميع المنتجات باستثناء السلع الأساسية، وهو الحل السحري الذي يضمن لها الخروج الآمن من سوء الخطط الاقتصادية، إذ حصلت الحكومة على 172 مليار جنيه، لكنها قررت هذا العام زيادة جديدة بنحو 1% آخر لتصبح الزيادات التي لن تكون الأخيرة 14%، لتستطيع الحكومة توفير 220 مليار جنيه، بحسب تصريحات مستشار وزير المالية.
وسبق أن وافق البرلمان على ارتفاع أسعار 27 سلعة، بنسبة 14%، ومنها كروت الشحن، والعطور، ومواد التجميل، والمياه المعدنية، والمصوغات الذهبية، وبعض الأجهزة الكهربائية؛ فالثلاجات فوق 16 قدمًا ستخضع للزيادة فقط، إضافة إلى التليفزيونات فوق 32 بوصة.
ولكن كيف ستواجه الحكومة أزمة ارتفاع الأسعار؟
بالإضافة إلى تمديد قانون الطوارئ كما ذكرنا، فإن الحكومة قامت برفع حصة الفرد التموينية إلى 50 جنيهًا بدلًا من 25 جنيهًا، كما قامت بزيادة معاشات تأمين التضامن الاجتماعي بنسبة 15%، إضافة إلى زيادة قيمة الدعم النقدي لـ 100 جنيه كاملة شهريًّا لمستحقي برنامج «تكافل وكرامة».
الحكومة أيضًا خصصت علاوة 7% للمخاطبين بقانون الخدمة المدنية، وعلاوة أخرى لغير المخاطبين بنسبة 15%.