الجاهلون المتكبرون

آحمد صبحي منصور في الجمعة ١٨ - يناير - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
ما معنى ( لا تصعر خدك للناس ) فى سورة لقمان ؟
آحمد صبحي منصور

الإنسان المتكبر المغرور المتغطرس الجاهل يبدو واضحا من حركاته وإيماءاته وحديثه ونظراته ، وهو مستحق للسخرية والتحقير.

وقد سبق القرآن الكريم الجميع فى التصوير الحركي الساخر والواقعي للشخصية الجاهلة المتكبرة ..

ونتبع النماذج من الكتاب العزيز :

1 ـ يقول تعالى فى النهى عن التكبر والخيلاء " ولا تصعر خدك للناس " لقمان 18. والتصعر مأخوذ من الصعر وهو داء يأخذ البعير فى رأسه فيقلب رأسه فى جانب ، وتصعير الخد يعنى أن يميل الإنسان بوجهه تكبرا على الناس ، وهذا هو الوصف الواقعي والحركي للمتكبر ،والقرآن استعمل وصف التصعير للسخرية من ذلك الجاهل المتكبر حين يشبهه بالبعير المريض ، أى أنه حين يميل بوجهه تكبرا يكون أقرب للحيوان المريض منه إلى الإنسان القويم ، أى أن كلمة " لا تصعر خدك للناس " حشدت فى داخلها التصوير الحركي مع السخرية المريرة والتشبيه الملائم والموجع لكل جاهل متكبر مغرور .

2 ـ  وذلك الجاهل المتكبر المغرور يزج بنفسه فى مجالات العلم بالدين وهو اجهل من دابة ، ولكنه بسبب غروره يأخذ فى الجدال ليدافع عن الأباطيل وليست له حجة إلا مظهره المتكبر وتعاليه على الناس وهذا الصنف تجده حولك فى كل زمان ومكان ، ولذلك يقول تعالى : " ومن الناس من يجادل فى الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير ، ثاني عطفه ، ليضل عن سبيل الله ، له فى الدنيا خزي ، ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق " الحج 8 ، 9  أى أن ذلك المغرور المتعالم يجادل فى دين الله بغير علم وبغير هدى من الكتاب  المنير ، وكل ذلك ليضل عن سبيل الله ، والله تعالى يتوعده بالخزي فى الدنيا وبعذاب الحريق فى الآخرة ، وما يهمنا هنا هو وصفه بأنه " ثاني عطفه " ، فالعطف ( بكسر العين وسكون الطاء ) هو الجانب من جسد الإنسان والمتكبر المغرور هو الذي " يثنى عطفه " أى يميل بجانبه عن الناس تكبرا واستعلاء فلا يميل بوجهه فقط ، ولكن بجانبه كله أو الجانب الذي يجاور المخاطبين من الناس .

3 ـ وهذا الجاهل المتكبر المتعالم إذا صادف إنسانا مؤمنا عالما بالحق فلن يستطيع الصمود أمامه ، وسيظهر للمستمعين جهله وفساد بضاعته ، وحينئذ سينصرف ولكن مع احتفاظه بسمات الغطرسة والتكبر ، والقرآن هنا لا يتركه يمضى بلا سخرية إذ يقول تعالى يصف ذلك الخزي الذي يلحق بالمتكبر " ومن الناس من يشترى لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب أليم ، وإذا تتلى عليه آياتنا ، ولى مستكبرا كأن لم يسمعها كأن فى أذنيه وقرا، فبشره بعذاب أليم " لقمان : 6، 7 ، أى أنه يستخدم لهو الحديث ليضل به عن كتاب الله فإذا قريء أمامه كتاب الله لم يستطع إلا الفرار ويدارى خزيه بأن يولى وجهه بنفس طريقته فى الاستكبار ، أى يسير متغطرسا منفوخا متجاهلا ما يسمع مدعيا الصمم ، ومستحقا للسخرية والتندر .

4 ـ ويقول جل وعلا ( ومن الناس ) أى هى ظاهرة موجود حيث يوجد الناس ،أى فى أى مجتمع . والويل لأى مجتمع يسيطر عليه هذا الصنف الحقير من الناس بإسم الدين. ولهذا يعيش المحمديون فى ويل ما بعده ويل.

اجمالي القراءات 4983