وردت في القرءان العظيم تركيبات مختلفة محورها اللفظ القرءاني ’الكتاب’ مثل:
1.أهل الكتاب
2.الذين آتيناهم الكتاب
3.(الذين أوتوا الكتاب) و (الذين أوتوا الكتاب من قبلكم) و(الذين أوتوا الكتاب من قبل) و(الذين أوتوا نصيباً من الكتاب)
4.الذين يقرؤون الكتاب من قبلك
5.الذين أورثوا الكتاب
هذه هي بعض التراكيب التي وردت مقترنة بالكتاب وقد فُسِّرت في التراث أنها تعني أهل الكتب التوحيدية السابقة على القرءان العظيم من غير تفريق بينها وهذا في حدِّه الأدنى غفلة عن التراكيب المختلفة في كتاب الله التي تحوي دلالات مختلفة لتنطبق على مجموعات مختلفة من (أهل الكتاب).
الذين آتيناهم الكتاب
ودعونا نرى ماذا قال القرءان العظيم عن هذه المجموعة أو ما هي خصائص مجموعة (الذين آتيناهم الكتاب) لنرى كيف أن هذه المجموعة تختلف عن بقية المجموعات. وأول ما نلاحظه أن الفعل هو آتينا وليس أنزلنا أو أوحينا وهذا الفعل المتصل بضمير الجمع المتكلم والمقترن بالكتاب جاء في تركيب آخر مع موسى عليه السلام عشر مرات في القرءان العظيم وذلك التركيب هو (آتينا موسى الكتاب) والكتاب هنا هو الكتاب نفسه المشترك بين موسى وهذه المجموعة. ونلاحظ ثانياً أن الفاعل معلوم ، عكس مجموعة (الذين أوتوا الكتاب) ذات الفاعل المجهول ، وهذا الفاعل المعلوم ليس فرداً بل مجموعة بدلالة الضمير في (آتينا) وهؤلاء هم الملائكة الذين آتوا هذه المجموعة الكتابَ بإذن الله كما نَزَّل جبريل الكتاب على قلب محمد بإذن الله في آية البقرة 97 < قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ >.
وخصائص مجموعة (الذين آتيناهم الكتاب) هي:
1.يتلون الكتاب حق تلاوته ويؤمنون به كما في البقرة 121 < الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ >والعنكبوت 47 < وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلاء مَن يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلاَّ الْكَافِرُونَ >.
2.يعرفون الكتاب كما يعرفون أبناءهم كما في البقرة 146 < الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ > والأنعام 20 < الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ >.
3.يعلمون أنه منزَّل من ربك بالحق كما في الأنعام 114 < فَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ >.
4.يفرحون بما أنزل إليك كما في الرعد 36 < وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الأَحْزَابِ مَن يُنكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ >.
ومجموعة (هؤلاء الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة )كما في الأنعام 89 < أُوْلَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاء فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ > فهؤلاء هم الأنبياء {نوح} و{إبراهيم وإسحاق ويعقوب} و{داوود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون} و{زكريا ويحيى وعيسى وإلياس} و{إسماعيل واليسع ويونس ولوط} و< أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ >.
أما مجموعة (الذين آتيناهم الكتاب من قبله) فهم < الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ. وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ. أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ. وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ > القصص 52 ـ 55.
والله أعلم.