ردود إضافية في الحوار المفتوح

شريف هادي في الثلاثاء ١٦ - سبتمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

طالعنا حوارا مفتوحا بين الأستاذ أنيس ومحاور من موقع العلمانيين العرب ، هو في الحقيقة نقد للفكر القرآني متمثلا في الأستاذ أنيس بإعتباره يمثل عندهم هذا الفكر ، ولما كان الفكر القرآني أجل من أن يحدد في شخص واحد مهما علا شأنه ، فإن كل المأخذ والنقد الموجهه لهذا الفكر في شخص الأستاذ أنيس يحق لكل منا أن يدلوا بدلوه ويرد ، لذلكح قررت أن أرد في النقاط من وجهة نظري التي أرى أنها لم تستوفى حقها في الرد
أولا: هذا ليس حوار ، لأن الحوار هو سؤال وجواب بين طرفين ، ولكن هو نقد لكلام الأlde;ستاذ أنيس من المسئول عن الموقع سماه أدبا حوار ، ثم أن من شروط الحوار أن المتحاور معه يبدع الإجابة على الإسئلة بعد صدورها ، ولكن ما رأيناه لا يعدوا كونه نقدا لفقرات من كتابات سابقة للسيد أنيس ، ثم بعد هذا النقد اللاذع والحاد ، قام الاستاذ أنيس بالرد عليه.
ثانيا: نأتي لردود الأستاذ أنيس لنرى هل كانت كافية لتوصيل الفكر القرآني من عدمه
1- إقتباس من المقالة (تقولون مشكورين: هذا الكلام جميل علي مستوي الخطابة و لكننا عندما نمتحنه في علاقة بالوقائع نلاحظ افتقاره الي الصدق فالنص القراني لا يقضي بالمساواة الحقوقية بين الناس فالتفاوت بين المراة و الرجل و بين السيد و العبد و بين المسلم و الذمي الخ .....امر واضح المعالم و لست في حاجة للتذكير بالايات التي تنص علي ذلك ، و بالتالي فان القران لا يساعد حقوقيا علي ان يكون اساسا لقيام الدولة المدنية حيث المساواة التامة بين المواطنين في الحقوق ، و لا معني للحديث عن حقوق الانسان في ظل سيطرة التشريع القدسي القراني اذ كيف نتحدث مثلا عن حقوق المراة في ظل عدم المساواة في الارث و الشهادة ، و تعدد الزوجات و تشريع ضرب النساء ؟كيف الحديث عن حقوق الانسان في مجتمع يحكمه تشريع قراني لا يساوي بين المسلم و المسيحي و اليهودي و الملحد؟ الدولة المدنية؟ تقتضي المساوة في الحقوق ، هل يحقق الاسلام ذلك ؟
أقول متواضعا: لو فصلتم دين الملوك الآلهة الأرضية الوضعية ( السُنية والشيعية - دين صحيح البخاري ومسلم والكافي -) وتفسيرات علماؤهم للقرآن الكريم!! وطبقنا الإسلام السماوي ( القرآن الكريم ) والذي يكفل للإنسان حقوقه وقيمته وحريته وكرامته من خلال دساتير وقوانين وضعية أرضية , فأقول :نعم يحقق الإسلام ذلك دونما أدنى ريب أو شك فلا يوجد التفاوت بين المراة و الرجل و بين السيد و العبد و بين المسلم و الذمي .. ولا يوجد في القرآن الكريم عبودية لغير الله وحده لا شريك له فيما إذا لو نحينا تفسيرات علماء الملوك الأرضيين جانبا ( علماء المذاهب والملوك ), والدستور والتشريع القرآني يساوي بين المسلم و المسيحي و اليهودي و الملحد؟ ولا فرق فيه بين حاكم ومحكوم وأبيض وأسود ورجل وإمرأة وعربي وأعجمي والعلاقة العقدية بين العبد وخالقه وهي علاقة خاصة يجب تكريسها من خلال القوانين الأرضية الوضعية إستنادا من الدستور الإلهي ( القرآن الكريم ).
كل هذه الإجابة رغم طولها فإنها كلام مرسل وكان الأولى أن تطالبه بأمثلة حتى يمكن الرد عليها ، لأنه يتكلم عن (النص القرآني) ولا يتكلم عن البخاري والمسلم والكافي ، ومع ذلك دعنا نجيب لأن الأمر يعنينا كما يعنيك
نقول وبالله التوفيق (كنا نرجوا من السيد الكريم إعضاء أمثله عن النصوص القرآنية التي تخالف مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة مثلا ، ومع ذلك نقوم بالرد على شبهتي الميراث والشهادة على النحو التالي:
إن النصوص القرآنية في مجملها تساوي بين الرجل والمرأة ولا تجعل أي فرق بينهما ، ذلك مع الوضع في الاعتبار أن النصوص القرآنية مثلها مثل باقي النصوص القانونية تنقسم إلي قوانين أساسية (دساتير) وقد سماها الله (المحكم) وقوانين مفسره وشارحة أو متغييره وسماها الله سبحانه وتعالى (المتشابه) ، والدساتير أو الآيات المحكمة هي التي يعول عليها في المساواة فمثلا الدستور الوضعي يقول (حق النشر مكفول) ، فأيتي قانون تنظيم المطبوعات والنشر يقول يحق للجمعيات الأهلية إصدار صحف بشرط .... و.... و... فيضع عدة شروط لتنظيم عملية النشر ، فهل نقول أن هذه الشروط التنظيمية مخالفة لحق النشر؟ وثانيا هل يكون لنا تغيير هذه الشروط التنظيمية لمصلحة المجتمع من عدمه؟ طبعا التنظييم لا يعني التقييد ، كما يجوز إعادة التنظييم وفقا لمصلحة المجتمع
نأتي للقرآن في مسألة المساواة بين الرجل والمرأة قال تعالى"ان المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات اعد الله لهم مغفرة واجرا عظيما" الأحزاب 35 ، وقال تعالى"يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ان الله عليم خبير"الحجرات13 ، هذه هي الآيات المحكمات (دستور) الأحكام القرآنية الأصل المساواة ولا نخرج عن الأصل إلا لعلة ، يظهر فيها تغليب مصلحة المجتمع على الفرد ، وقد حدث في موضوع الشهادة أن الله سبحانه وتعالى جعل الشهادة عند الدين رجلين أو رجل وامرآتان فقال سبحانه وتعالى "...فان كان الذي عليه الحق سفيها او ضعيفا او لا يستطيع ان يمل هو فليملل وليه بالعدل واستشهدوا شهيدين من رجالكم فان لم يكونا رجلين فرجل وامراتان ممن ترضون من الشهداء ان تضل احداهما فتذكر احداهما الاخرى ...الآية " البقرة282 ، والله سبحانه وتعالى يضع المقاصد خلف الأحكام والقصد هنا متعلق بحقوق العباد وعدم ضياع الحقوق فقال سبحانه ان تضل احداهما ، فالقصد الخوف من ضلال أحدهما ونسيانها فتذكرها الأخرى ، فلو انتفى القصد انتفت العلة وعاد الوضع للإصل وهو المساواة ، ثم أن القانون القرآني جعل الإثبات في الحقوق المالية يكون بالكتابة أو الشهادة دون حد أقصى للدين ، ولكن القوانيين الوضعية قصرت الأثبات بالشهادة على حد أقصى من مبالغ الدين فلو تعدى الحد فلا يجوز الأثبات إلا بالكتابة ، وهذه الآية من القواعد التفسيرية (المتشابهات) التي يجوز الاتفاق على ما يخالفها ، ويبقى القرآن صالحا لكل زمان ومكان ، هذا والله أعلم
2- وتقولون في مقالتكم (( هذه رؤية تبسيطية للامور ، كل الناس مسلمون ، الطبيعة مسلمة ، الكون يسبح بحمد الله ، هذا كلام ايماني دعوي لا يصلح لحوار في هذا المنبر ، قد يصلح لمخاطبة المسلمين في مساجدهم ، اما منابر التفكير مثل منبر العلمانيين العرب فالحجج العقلية هي ما يصلح لها ، هل الزلازل و العواصف و الفياضانات التي تفتك بملايين الناس مسلمة ؟ ما معني عقليا ان ابانا واحد و هو ابراهيم ؟ و هل هناك برهان علمي يؤكد ذلك ؟؟؟ ان هذه الاحكام لا تساعد علي الحوار بالتاكيد .) أنتهى
أقول متواضعا: نعم الزلازل و العواصف و الفياضانات التي تفتك بملايين الناس مسلمة ... لقوله تعالى قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ ( 65 ) الأنعام
وكلها تأتمر بأوامر الله خالقها ونواهيه, واللهم لا إعتراض على حكمه جل وعلا))
وأقول أنه قد جانبكم الصواب في ردكم وتفسيركم ، لأنه هناك فرق بين الإسلام والتسخير ، فالإسلام مناطه (التوحيد ، والتكليف) أما التسخير فمناطه (الإزعان) ، والتكليف لا يكون إلا لعاقل ، فلا يجوز أن نصف غير العاقل بالاسلام الذي هو من ضرورياته العقل لأن مناطه التكليف ، ويحق لمحاورك أن يقول لك (كلام إيماني دعوي لا يصلح للحوار) ، أما الطبيعة من جبال ووديان وبحار وسماء وأرض وفيضانات وعواصف وزلازل فهي مسخرة لأمر الله طوعا أو كرها لقوله تعالى"ثم استوى الى السماء وهي دخان فقال لها وللارض ائتيا طوعا او كرها قالتا اتينا طائعين"فصلت 11
3- وجاء في مقالكم ما نصه (( يؤسلم السيد انيس الكون كله بشرا و حجرا ، كل الاتجاهات الفكرية و السياسية مسلمة و لو كرهت ذلك ، و هو يورد هنا ايات تشير الي حرية المعتقد و يتغافل عن ايات اخري تبيح قتل الكفار بل و قتل اطفالهم و سبي بناتهم و حرق املاكهم ، و هذه بعض الايات : (وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين) التوبة 36، "يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين وإغلظ عليهم" التحريم 9. (فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداءا حتى تضع الحرب أوزارها) محمد 4. (قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين) التوبة 14.) أنتهى أقول متواضعا: كل الآيات التي دللتم عليها من القرآن الكريم فيها بعض الغموض من جانبكم , فكما أسلفت إن القرآن الكريم هو لكل زمان ومكان حتى تقوم الساعة بإذن الله, فقط أسألكم متواضعا هل يوجد في الأرض من له الحق اليوم أن يكفر أحدا في الأرض؟؟ وهي علاقة خاصة بين العبد وخالقه, بمعنى آخر إن من يمتلك هذه الحقيقة المُطلقة هو الله وحده لا شريك له, أو أن يوحي الله لرسوله ليعرفه بماهية هؤلاء المشركون !! فهل منا اليوم رسول أو نبي يستطيع أن يفتي ما إذا كان أنيس محمد صالح أو ( 1917 ) أو غيرهم مؤمنا أو كافرا ...
يا أخي الكريم التعامُل مع الرسالة السماوية هو تعامُل مع العقل والفكر الإنساني وحتى تقوم الساعة ( حاضرا ومستقبلا ) وجعل الله الإنسان مُكرما ومُفضلا ( المُخيَر ) بين العلم والجهل وبين الخير والشر والهدى والضلال وبين النور والظلمات وكرمه على باقي خلقه ( المُسيرة ) في السموات والأرض .. كل ذلك يجب أثناء تعامُلنا مع القرآن الكريم أن نتعامل بتدبُر وعقلانية ولا يحق لكائن من كان أن يتدخل بما أعتقده شخصيا أو أن يتدخل بما تعتقده شخصيا أو أن يطلق أحد عليَ أم على غيري بالإيمان أو الكُفر من خلال الدساتير الأرضية الوضعية ( لا إكراه بالدَين قد تبيَن الرشد من الغي ) و ( من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) والله هو من يحاسبه فقط يوم يقوم الحساب ( يوم القيامة ) ... فقط أرجو عدم الربط بين الأديان الأرضية الوضعية المذهبية ( السُنية والشيعية ) بينها وبين القرآن الكريم. فالله وحده هو من يحاسب ( المؤمن والكافر ) والله وحده لا شريك له وهو يسأل ويحكم كيفما يشاء وهو الله الذي يسأل ولا يُسأل جل جلاله) ، واقول لكم متواضعا أيضا ،إجابه غير صحيحة ، بل وتظهر قصور خطير في الفكر القرآني نبرأه منه ، لأنه يتكلم عن آيات قتال ، ليس لتحديد من المسلم ومن الكافر ، ولكن تحرض على قتال الكافر والمشرك ، وهي ضد آيات حرية المعتقد في رأي المتحاور ، ونقول هنا أن كلام المتحاور يكون صحيحا إذا كانت العلة من قتال الكافر أو المشرك كونه كافر أو مشرك ، ولكن العلة من قتاله هنا ليس كونه كافر أو مشرك ، ولكن علة القتال العدوان إبتداء من الكافر أو المشرك ، والدليل من الآيات التي أوردها الطرف الآخر قوله (كما يقاتلونكم كافة) التوبة36 ، فالعدوان إبتداء منهم ، والتوبة 14 (حتى تضع الحرب أوزارها) ، يعود على قوله (إذا لقيتم الذين كفروا) فاللقاء هنا هو القتال والنزال ، ولكن الأصل ألا نقاتل من سالمنا لقوله تعالى"لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (9)[سورة الممتحنة] ، بل نبرهم ونقسط إليهم .
4- وجاء في مقالتكم ما نصه (اذا كان الدين ثابتا و الواقع متغيرا فكيف نزعم التوافق بين احكام الثابت مع وقائع المتغير ؟ القول ان الانسان مخير قرانيا قول احادي الجانب فايات التسيير لا تقل حضورا عن ايات التخيير ) أنتهى أقول متواضعا: أدعوكم لقراءة دراستي بعنوان ( هل الإنسان مُسيَر أم مُخيَر ) ، والإجابة الصحيحة هي أن نعرف أولا مفهوم الدين ونضع له ماهية ، فلو أن الدين هو مجموعة القواعد الفقهية التي وضعها الإنسان وفقا لفهمه للنصوص القرآنية ، فأقول أن هذا لا يمكن أن يكون ثابت بأي حال من الأحوال ، ولكنه متغيير يتغيير فهم الإنسان للنصوص ، أما الثابت فهو النصوص القرآنية ، والعظيم أنها لا تخضع لسقف معرفي واحد بل هي تستغرق وتشمل في طياتها جميع الأسقف المعرفية لكل البشر في كل الإزمنة والأمكنه ، فيبقى مدلول كلماتها واحد لثبات أدواتها وهي اللغة العربية ، ويتغير تفسير معانيها بتغيير المكان والزمان فتبقى صالحة رغم تغيير الواقع ، والله تعالى أعلم
5- وجاء في مقالتكم (بالاضافة الي ما قلناه فوق من ان النص القراني اضيق نطاقا من ان يشمل حقوق الانسان ، نشير هنا الي ان السيد انيس يبدو مدافعا عن وجهة النظر الليبرالية بخصوص الديمقراطية حيث يختصر المسالة في التداول السلمي علي السلطة و اختيار الحاكم و المساواة الحقوقية بين المواطنين ، و هذا الحل مطبق اليوم اوربيا و امريكيا و لكن من يمتلكون الثروة هم من يحددون مسار العملية الانتخابية و يتلاعبون بالقوانين ، و كما اشار كارل ماركس في نقده للديمقراطية البرجوازية فان البرلمانات تتحول الي اماكن للثرثرة و من يحدد السياسات ليس البرلمان و انما البورصات ،،،، اي ان ما سكت عنه السيد انيس هو المساواة الاجتماعية ، اي الاشتراكية التي لم يتسع تفكيره لكي يطرحها علي جدول الحلول الممكنة بالنسبة الي الامة العربية التي يبحث جياعها عن رغيف الخبز .) أقول متواضعا: هذه وجهة نظركم الشخصية ونحترمها ونقدرها كثيرا, فقط أرجو عدم الخلط بين أوامر الله ونواهيه في الرسالة السماوية وبين سلوكات البشر والذين هم مُخيرون بين العلم والجهل والخير والشر) ، وأقول متواضعا أن إجابتكم جائت قاصرة عن الإيفاء بالمعنى المطلوب ، لأن وضع مسلمة (أن النص القرآني أضيق نطاقا من أن يشمل حقوق الإنسان) هو من قبيل العبث الفكري ، لأن هذه المسلمة قامت على طعنكم على ما جاء بكلام السيد أنيس ، ولم تأتي على أدلة قرآنية ، أو حتى جائت على مجرد فهمكم للنصوص دون عرضها للنقاش ، وقد قمنا بالرد على ما جاء بأسئلتكم في النقاط السابقة مما يبرأ النص القرآني من هذه الفرية ، والأصل في القرآن الشورى ، وهو أصل دستوري (محكم) ثم يكون لنا أن نختار نظام الحكم الذي يتوافق وطبيعة كل شعب وكل مكان بدخل في ذلك الديمقراطية الغربية والاشتراكية والشيوعية وأي نظرية في الحكم يمكن من خلالها تطبيق المبدأ السامي العام (الشورى)
6- أما عن الجزء الخاص بكون الأستاذ أنيس هو مبتكر الفكر القرآني والتي جاء بها (وتقولون مشكورين: ( و هذا مجاف للحقيقة فالسيد انيس يربط الدعوة بشخصه و كانها اكتشاف لم يسبقه اليه احد بينما لو عدنا الي كتاب الرصافي : الشخصية المحمدية علي سبيل المثال فقط للاحظنا تشكيكا في السنة التي لم تدون الا بعد مرور قرن تقريبا عن وفاة محمد و الدعوة الي التحرر من سيطرتها ، كما اذكر ان شخصا مثل القذافي دعا قبل ثلاثين عاما الي ترك السنة جانبا و التقيد بالقران و ذلك في خطاب رسمي .) أنتهى أقول متواضعا: هذا رأيكم الشخصي نحترمه ونقدره كثيرا) ، طبعا من الظلم والجحاف أن تكون الدعوى القرآنية إكتشاف خاص بالاستاذ أنيس ، وهو ظلم للدكتور أحمد منصور والذي ضحى كثيرا من أجل هذه الدعوى ، بل وظلم لمفكرين كثيرين مثل الدكتور شحرور والأستاذ إيهاب وغيرهم ، ثم رد الأستاذ أنيس يثبت إدعائه ولا ينفيه وكنت أربأ به ألا يفعل بل يثبت الحق لأهله.
7- أما عن الفقرة التالية (و اجاب السيد انيس عن السؤال التالي :ومادليلك على انه كتاب سماوي؟ اليس من الممكن ان يكون كتاب من تاليف البشر؟ بما يلي : اقتباس:
تقولون ذلك ربما لبعدكم عن حب وتدبُر هذا ( القرآن الكريم ) الإعجاز الرباني العظيم الذي أُنزل رحمة للعالمين ولكافة الناس بشيرا ونذيرا ( قل لئن إجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ) صدق الله العلي العظيم
و هذه اجابة ايمانية اخري يغيب فيها التفكير و التعقل و التدبير فعندما لا يقدر احدهم ان ياتي بمثل القران فذلك لا يعني انه مقدس و انما لان كل النصوص الفنية : رواية / شعر / كما اللوحات الفنية الخ لا تقبل ان ياتي احدهم بما يماثلها و التحدي قائم هنا ايضا فمن بامكانه ان ياتي بما يماثل لوحة الجوكندا) ، اتفق مع الأستاذ أنيس أنهم ربما لم يتدبروا القرآن بشكل صحيح ، ولكن الإجابة فيها قصور لأنه أراد أن يثبت أن القرآن كتاب سماوي من نص القرآن للذي لا يؤمن بسماويته أصلا فيكون حوار طرشان من جانب واحد ، والحقيقة أن الرد على هذا السؤال يحتاج لأكثر من سطور قليلة وعلى عجل ، ولكن رغم ذلك ، نقول أن الأدلة العقلية على كون القرآن كتاب سماوي أنه ظل محتفظا بقدسيته ونسخته الوحيدة رغم حجم الاختلاف الهائل بين المسلمين عبر العصور ، إلا أن جميع الفرقاء أحتفظوا به على نفس النحو وذلك إعجاز في حد ذاته يثبت أن حفظه فوق طجاقة البشر ، وثانيا القرآن رغم أنه كتاب هداية إلا أنه تحدث عن غيبات ستحدث وحدد لها أزمنة وحدثت ، ثم أنه تكلم في بعض القضايا العلمية (رغم أنه ليس كتاب علوم) وثبت صحتها ، والقرآن أيضا به إعجاز بنائي يثبت أنه ليس من صنع البشر ، كما أنه نفسه تحدى أن يأتوى بمثله ، وأقول أن كلمة بمثله فيها رد على قول المحاور(انما لان كل النصوص الفنية : رواية / شعر / كما اللوحات الفنية الخ لا تقبل ان ياتي احدهم بما يماثلها) لأن مقدمته خاطئة فنتيجته خاطئة ، الأعمال الفنية لا يمكن تكرارها ولكن يمكن الإتيان بمثلها أو بأحسن منها ، أما القرآن لا يمكن تكراره أو الإتيان بمثله وهذا إعجازه ، فمهما حاول المتنبي أن يكتب فلم يكتب قرآنا أو شيء شبيه ، ولكنه كتب الشعر والنثر ، وهو مختلف في بناءه وتركيباته الجملية عن القرآن شكلا وموضوعا ، أنا لا أقول لم يكرر القرآن أحد فقط ، ولكن أقول ولم يحاكيه أو يماثله أحد ، وفي النهاية من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر
8- وأتفق مع الأستاذ أنيس تماما في قوله (الجهل هو أبشع عدو لله وللإنسان وبالجهل يسلك إبليس الشيطان الرجيم ويعيث في الأرض الفساد ويستشري كالسرطان في جسد الأمة) نعم الجهل هو سبب كل بلاء ، ولا يوجد جاهل ويشهد شهادة حق بالتوحيد لقوله تعالى " شهد الله انه لا اله الا هو والملائكة واولوا العلم قائما بالقسط لا اله الا هو العزيز الحكيم" آل عمران 18 ، فنفهم من هذه الآية أن العلم من مقتضيات الشهادة والجهل نقيض العلم فيصبح نقيض الشهادة والله أعلم.
وأخيرا نشكر الأستاذ أنيس على هذا الحوار الممتع ، وقد أدلينا بدلونا وقلنا رأينا ، نحتسبه عند الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شريف هادي

اجمالي القراءات 17657