الاتجار بالنساء في بيروت قصة حقيقية في عمل مسرحي
مسرحية عن حادثة واقعية تتمثل في استغلال لاجئات سوريات في الدعارة، تطمح أن تقاوم هذه الظاهرة الخطيرة.
سحر عساف: أريد تعرية الواقع
بيروت - على مسرح واقعي كان يُسمى “شي موريس” في قلب مدينة جونية بشمال بيروت حدثت قبل عام واحد قصة 75 امرأة غالبيتهن سوريات، استدرجن إلى قفص جنسي واحتجزن في أكبر فضيحة هزت لبنان، وأدرجت ضمن قضايا الاتجار بالبشر.
وقد تحولت هذه القضية إلى المسرح الدرامي في عرض وثائقي قدم أخيرا على مسرح الجامعة الأميركية في بيروت بعنوان “لا طلب لا عرض” للكاتبة والمخرجة اللبنانية سحر عساف.
وينضم ستة ممثلين، خمس نساء ورجل واحد، إلى سحر التي ابتدعت فكرة العرض الوثائقي مستندة إلى مقابلات مسجلة مع لاجئات سوريات، ناجيات من شبكة لتجارة الجنس، بالإضافة إلى الصحافية الاستقصائية ساندي عيسى، التي كشفت القضية والضابط مصطفى بدران الذي أمر بمداهمة بيوت الدعارة حيث تُحتجز النساء وغادة جبور مسؤولة قسم الاتجار بالنساء في “منظمة كفى” اللبنانية المعنية بدعم النساء المعنّفات.
تكشف المخرجة سحر عساف عن هذه التجربة قائلة إن هناك أطرافاً كثيرة استفادت من شبكة الدعارة، وهذا ما يبرر السماح لها بالعمل عشر سنوات متواصلة في بلد صغير.
وقالت “لا أعرف إذا كان الجمهور جاهزا أو لا لتقبل هذه الحكاية، لكنني أعرف مدى أهمية الكلام في هذا الموضوع، رغم أنني لا أدري إلى أين يمكن أن يصل هذا العرض، وما إذا كان سيساعد هؤلاء النساء”.
واستعانت المخرجة في عرضها بنص الاتهام الصادر في 28 نوفمبر 2016 وبالدراسة التي أعدتها غادة جبور من “منظمة كفى” بعنوان “استكشاف الطلب على الدعارة.. ما يقوله مشترو الجنس حول دوافعهم وممارساتهم وتصوراتهم”.
ويلعب رافي فغالي دور المقدم مصطفى بدران على المسرح. وتؤدي الممثلة سيرينا شامي دور إحدى الناجيات على المسرح، فنسمع حوارات مبنية على أحداث حقيقية حول كيفية إجبار النساء على العمل في الدعارة، واحتجازهن وتهديدهن وإرغامهن على ذلك.
ولدى إثارة قضية شبكة الدعارة الجنسية في لبنان تحركت مجموعات كثيرة من المجتمع المدني وبينها “منظمة كفى”.
وعلى المسرح تقول إحدى الممثلات التي تتقمص دور واحدة من الضحايا “مشترو الجنس هم فئة من الناس من الصعب الوصول إليهم، لأنهم لا يملكون ‘بروفايل‘ معينا”.
وكانت فضيحة شي موريس قد عرفت العام الماضي في بيروت باسم “غوانتانامو الدعارة”، وأبطالها عصابة اتجار بالنساء السوريات، حيث كانوا يخطفون النسوة ويحتجزونهن في شاليهات وفنادق في جونية والبوار ويجبرونهن على ممارسة الدعارة ويضربونهن بطرق وحشية، كما يعرضونهن للإجهاض بعد الحمل.
وقد عاشت نحو خمس وسبعين امرأة في ما يشبه القفص الجنسي بإدارة رجل سوري وشريك لبناني، لكن القوى الأمنية أوقفت العصابة بعد أن ذاع صيتها في وسائل إعلام محلية.
وقال بيان قوى الأمن الداخلي في حينه إن النساء تعرضن للضرب وأجبرن على ممارسة الفحشاء تحت التهديد بنشر صورهن عاريات، وغير ذلك من الأساليب.
ولعبت الممثلة سيرينا الشامي دور واحدة من النساء المرغمات على ممارسة الدعارة.
وقالت إنها غير محظوظة لوجودها في بلد تحصل فيه مثل هذه الأحداث، لكنها تعتبر نفسها محظوظة لكونها قادرة على الحديث عن الموضوع والمساهمة شخصيًا بدعم القضية.
بدورها علّقت غادة جبور من “منظمة كفى” على عمل “لا طلب لا عرض” بالقول إن “هذا العمل يناقش وجهة نظر مشتري الجنس. إن عدت إلى جميع الأعمال التي غطت مسألة شي موريس، لن تجد من تطرّق إلى هذا المعيار. أما هذا العمل فقد ركز على هذا الجانب تحديدًا. لأنه ما كان للدعارة والاتجار بالبشر الذي يليها أن يكونا لولا وجود مشتري الجنس”.
وشاهد الممثل والمخرج اللبناني كارلوس شاهين العمل في الجامعة الأميركية وعلّق عليه قائلا “إن مثل هذه الأعمال مهمة جدا، لكن يجب أن تنطلق إلى خارج المؤسسات الأكاديمية لكي يعلم اللبنانيون ماذا يحصل قربهم لا بل أمامهم”.