قام رئيس مجلس النواب بتحويل الأستاذ إبراهيم عيسى إلى النائب العام، وفى نفس اليوم (يبدو أنه بالصدفة) تقدم أحد المحامين ببلاغ ضد إبراهيم عيسى بتهمة تكدير السلم العام. وكان مجلس الشعب قد وافق على اقتراح النائب مصطفى بكرى، المعروف تاريخياً بدفاعه المستميت عن الديمقراطية والحرية والأمانة، بتفويض رئيس المجلس بتقديم بلاغات للنائب العام ضد الصحف التى تمس كرامة المجلس، وقال النائب المحترم مرتضى منصور: «إللى مش حيحترم نفسه هياخد بالجزمة القديمة»، ولا أدرى ما إذا كان رئيس المجلس قد أضاف هذه المقولة إلى المضبطة أم حذفها أم اعترض عليها أم اعتبرها خارجة قد تمس كرامة المجلس أم وافق عليها. عموماً هذا ليس مهماً، لأن التقدير متروك للسيد المحترم رئيس المجلس.
الحقيقة أن الشعب المصرى يتساءل فى رسائله إلى الصحف وعلى الإنترنت والشارع وفى المواصلات العامة عما يحدث فى المجلس الذى يمثله وعما يفعله المجلس فى مراقبة السلطة التنفيذية. يقال إن المراقبة مقصورة على عدد قليل من الوزراء الخدميين، وقد حدث قلق شديد منذ فترة على مشكلة الفساد فى توريد القمح، وشُكلت لجنة تقصى حقائق من نائب مجتهد من المنيا، فقاموا بإجراء زيارات ميدانية وحصلوا على أقصى قدر من المعلومات، وقدموا تقريراً ونُشرت فقرات منه فى الصحف، والتقرير يقول بوضوح إن الفساد كان عظيماً فى قضية القمح، ولا ندرى بدقة ماذا حدث فى هذا الأمر، وعلمنا من الصحف أن البعض يدفع جزءاً مما تم نهبه من أموال الشعب، هل أُغلق الموضوع تماماً؟ لا أدرى.
يعلم الجميع أن البائع الجائل يُقبض عليه بتهمة أنه يبيع السميط فى الشارع بدون تصريح ويدفع غرامة. أريد أن أسأل السيد المحترم رئيس المجلس بعض الأسئلة:
١- هل عُرض على المجلس قرض ضخم تم التوقيع عليه مع صندوق النقد وصُرفت الشريحة الأولى منه؟ أليس من أول واجبات المجلس الموقر مناقشة هذا القرض قبل التوقيع عليه لأن المجلس يمكن أن يرفضه أو يعدله؟ هل توقيع القرض وصرف أموال منه يعتبر دستورياً سليما أم باطلا؟ هذا سؤال إلى أستاذ قانون دستورى كبير يترأس المجلس.
٢- هل إقامة مشروع بضخامة تفريعة قناة السويس يستحق العرض على المجلس؟ هل ناقش المجلس ميزانيته وحسابات المكسب والخسارة وناقش الخبراء فى هذا الأمر؟ هل يعلم السيد رئيس المجلس أو أى عضو فيه تكلفة هذا المشروع بالعملة الصعبة والعملة المحلية؟ هل دستورياً، وأنا أنتظر الإجابة من السيد رئيس المجلس، يمكن أن يتم ذلك بدون معرفة المجلس بغض النظر عن توقيت المشروع؟
٣- يقام الآن مشروع العاصمة الإدارية الضخم، وقال وزير الإسكان فى الصحف إن ميزانية المشروع خارج الموازنة العامة. هل يمكن أن يتساءل السيد رئيس المجلس: «يعنى إيه الكلام ده؟»، يعنى جاى من أى ميزانية؟ هى مصر فيها موازنتان؟ هل يعرف أحد الإجابة؟ ما هى تكلفة المشروع؟ هل يمكن أن يسأل أحد الأعضاء عن معلومات عن المشروع؟ هل يمكن أن يقول أحد من ممثلى الشعب: لماذا لم يُعرض علينا لمناقشته؟
٤- هل يعلم رئيس المجلس الموقر شيئاً عن مشروع المليون ونصف المليون فدان؟
٥- لقد تم تغيير عدد من الوزراء أثناء انعقاد المجلس، باستثناء التغيير الأخير، هل عُرض عليكم تغيير أحد من وزراء العدل الذين تم تغييرهم حسب نص الدستور؟
٦- الشعب المصرى شديد القلق على ما يحدث فى سيناء، وأنها قد تكون على الأقل فى أجزاء منها خارج السيطرة. هل خطر فى بال رئيس المجلس الموقر عمل جلسة سرية لإطلاع السادة الأعضاء على حقيقة الأمر ومناقشته؟ ربما يكون عند أحد الأعضاء فكرة من خارج الصندوق لإنقاذ الموقف.
٧- كان المفروض أن يصدر قانون للجمعيات الأهلية من المجلس، وعكفت وزيرة التضامن على دراسة قانون يرضى الجهات الأمنية وجميع مؤسسات الدولة، وبه الحد الأدنى من المعقولية. وبعد مجهود مضنٍ أعدت مشروعاً لتقديمه لمجلس النواب، وفوجئت الوزيرة والسيد رئيس مجلس الوزراء بأن أحد النواب يقدم مشروعاً جاهزاً، قال بعض المشككين الخونة إن الأمن قد قدمه للسيد النائب. وأنا أقول بوضوح إنه من المستحيل أن يقدم الأمن شيئاً لنائب محترم، لأن الشعب كله يعرف أن رئيس المجلس أستاذ القانون الدستورى من المستحيل أن يسمح للأمن بالتدخل. وقد وافق المجلس بسرعة فائقة على القانون، وأحبطت الوزيرة ورئيس الوزراء والشعب كله، وعلمنا أنه بعد اجتماع سرى عُقد مع الجمعيات الأهلية الكبيرة وممثلى الدولة، تم الاتفاق على بعض التغيير. عموماً، بعد فترة عرفنا أن الرئيس لم يوقع القانون، وهو ما كان يجب أن يتم حسب الدستور فى أربعة أسابيع، ثم قيل لى من عضو برلمانى بارز إن القانون لم يرسل للرئاسة. عموماً، الموضوع يُدرس. لا أحد يعرف كيف يوافق المجلس على قانون بدون مناقشة تقريباً ثم يعاد النظر فيه فجأة! سمعت كلاماً كثيراً عن احتجاج جهات مختلفة خارجية وداخلية، وحيث إننى لا أملك وثائق وأنا أثق بأن المجلس المحترم لا يمكن أن يقبل تدخلا فى عمله، ففى الأغلب أن رئيسه اكتشف فجأة أهمية إعادة المناقشة.
تحية للصحفى الرائع إبراهيم عيسى الذى يدافع عن المصريين،