صالون الفكر والتدبر(الجزء الثاني)

شريف هادي في السبت ٠٦ - سبتمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

الحمد لله خلقنا وجعل لنا عقولا تفكر ، تعي وتتدبر ، كنت قد فتحت هذا الصالون في شهر فبراير من هذا العام على غرار صالونات الفكر التي كان يعقدها بعض المفكرين والأدباء والعلماء في بيوتهم بداية القرن الماضي لمناقشة أي قضايا ساخنة على الساحة المصرية إجتماعية أو سياسية أو أدبية أو علمية ، والحقيقة فان هذه الصالونات كانت مؤثرة جدا ليس فقط على صانع القرار أو على طبقة المثقفين والأغنياء بل أيضا كانت مؤثرة على رجل الشارع ، وقد ناقشت فيه ثلاث قضايا من قبل.
ولما استجدت بÚcute;ض القضايا الهامة على الساحة الإنسانية وجدت من الأفضل إفتتاح الصالون ودعوتكم جميعا لمناقشة هذه القضايا الهامة.
القضية الأولى: قيمة المرأة والألمبياد
أبدعت ريشة عظمة الخالق في رسم الإنسان على أحسن تقويم وصوره فأحسن صورته ، وقد شائت قدرته وتجلت عظمته تصوير الإنسان على صورتين فخلقه من ذكر وأنثى ، ليبقى النوع ويكثر فيصبح شعوبا كثيرا وقبائل ، ولولا وجود المرأة لانهارت المعادلة وانقرض النوع.
ولكن يحلوا لكثير ممن ينتسبون للإسلام أن يعتبروا المرأة كم مهمل بل هي حرام كلها حرام جسدها حرام ما ظهر من زينتها وما لم يظهر حتى باطن كعبها ووجنات وجهها ، فتبقى في بيت أبيها لا يراها أحد ، ثم تباع عبدة في بيت زوجها ثم تسجي جيفة في قبرها ، لا دخل لها بعلم أو سياسة ولا وزن لمشاعرها ولا قيمة لأحلامها ، فكلها عيب وحرام وعورة.
وهذه المجتعات التي قامت بتهميش دو المرأة وتحريمها إنهارت وأصبحت غثاءا كغثاء السيل ، وهلاما لا قيمة له ، فمثلا مجتمعاتنا العربية مجتمعة لا دخل لها في الناتج الإنساني العالمي إلا بما منحها الله من خبيئة ومعادن ، ولكنها أكبر مستهلك وبنهم شديد وأكبر ملوث للبيئة وعدوا لها ، ومازالت المرأة عورة وحرام لحين اشعار آخر.
وبنظرة للوجه الآخر المشرق في تاريخ الإنسانية ، فنجد دولة كالصين كانت إلي وقت قريب دولة نامية (متخلفة) أول ذهبية حصلت عليها في الأولمبياد سنة 1984 ، وفي أولمبياد سيول حصلت على خمس مدليات كتلك التي حصلنا عليها في أثينا ، ولكنهم أكتشفوا أهمية المرأة ومكانتها ، فكانت المرأة هي العامل الأساسي لحصول الصين على المركز الأول في الأولمبياد بمجموع مائة وواحد ميدالية متنوعة منهم إحدى وخمسين ميدالية ذهبية ، حصلت النساء على سبعة وعشرين منهم (27) بنسبة 53% تقريبا ، وحصلت الصين على إحدى وعشرين فضية منهم إحدى عشر(11) للنساء بنسبة 52.5% تقريبا ، وحصلت على ثمانية وعشرين برونزية منهم تسعة عشر(19) للنساء بنسبة 68% ، من إجمالي الميداليات حصلت النساء على سبعة وخمسين (57) ميدالية متنوعة بنسبة 56.5%
ونجد أن المرأة أكثر من نصف المجتمع ، فتقدم المجتمع كله متعلق بحجم مشاركة المرأة ، فمثلا الثاني في الأولمبياد وهي الولايات المتحدة الأمريكية ، تجد أن المرأة الأمريكية حصلت على ثلاثة وخمسين (53) ميدالية متنوعة من أصل مائة وعشرة ميداليات بنسبة 48% ، وروسيا الثالث في الألمبياد حصلت المرأة على اثنين وثلاثين(32) ميدالية متنوعة من أصل اثنين وسبعين (72) ميدالية متنوعة بنسبة 44.4% تقريبا.
وباستقراء هذه النسب نجد أن هناك علاقة طردية بين زيادة نسبة مشاركة المرأة وتقدم البلد ، فكلما زادت نسبة مشاركة المرأة تقدم مركز البلد في الترتيب ، الصين الأولى ونسبة المشاركة 56.5% ، وأميركا الثانية بنسبة 48% وروسيا الثالثة بنسبة 44.4%
والسؤال: هل فعلا الإسلام ضد المرأة؟ أم أن العرب أخذوا من عاداتهم القبلية والبدوية وأحاطوها بسياج زائف من القدسية بإختراع نصوص التحريم والعورة ورموا بها المرأة فكان ذلك إذانا بضعف شوكتهم وهوانهم على الناس
ثم ألم يقل الله سبحانه وتعالى " يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ان الله عليم خبير" الحجرات13 ، أليس في ذلك مساواة بين الأثنين في تقدم الشعوب والقبائل؟ (موضوع للمناقشة)
الموضوع الثاني: الوحشية والغباء
محسن السكري عميد أمن الدولة ، والذي تدرج في مناصب حهاز الشرطة ووزارة الداخلية المصرية ، والمفروض أنه يتمتع بالرأفة المغلفة بالحزم في تطبيق القانون ، وكجل أمن يتمتع بالذكاء والمهارة خاصة في تخصصه ومنه قطعا تتبع المجرمين وملاحقة مرتكبي الجرائم ، فهل هو فعلا يتمتع بالرأفة الحازمة كخادم للشعب (الشرطة في خدمة الشعب) والذكاء بإعتباره من صفوة رجال الأمن المصري؟
التحقيقات تقول أن محسن السكري اشترى سلاحا أبيضا (سكين)أعده لقتل سوزان تميم و توجه الى مسكنها وطرق بابها، زاعما انه مندوب عن الشركة مالكة العقار الذى تقيم فيه لتسليمها هدية وخطاب شكر من الشركة ففتحت له باب شقتها إثر ذلك، وإنهال عليها ضربا بالسكين (سبعين طعنة) محدثا اصابات شلت مقاومتها وقام بذبحها قاطعا الاوعية الدموية الرئيسية والقصبة الهوائية والمرئ مما أودى بحياتها
ما هذه الوحشية التي أصابت هذا الرجل فجعلته حيوانا مفترسا بل أسوأ من الحيوان ، لأن الأخير يقتل ليأكل أما هذا الرجل يقتل ليتلذذ ، وليس فقط من أجل المال وإلا لما طعنها كل هذا الطعن ، فهو منزوع الرحمة والرأفة وحش كاسر ، ولم يكتفي بطعنها كل هذه الطعنات ، ولكنه قام بذبحها كما تذبح الشاة من الوريد إلي الوريد ، لا قلب لا عاطفة لا احساس بل عاد سريعا لمصر لكي يستجم في حمام السباحة ويتذكر لحظات نشوته وهو يقطع أوصال المسكينة بسكين اشتراها الغبي بكارت الفيزا الذي يخصه وكأنه لم يتعلم شيء من دراسته بكلية الشرطة أو دراساته الحقوقية ، أو خبراته الميدانية ، وكأنهم استخدموه في جهاز أمن الدولة لكي يكون أداة قتل وتعذيب تتمتع بالغباء وقصر النظر في أن يشتري سلح الجريمة بالفيزا التي تخصه ثم يترك ملابس الجريمة في شقة القتيلة وكأنه يترك أدلة التلبس في مسرح الجريمة ومكان الحدث ، فجمع هذا المسكين بين الوحشية التي لا رحمة فيها والغباء الذي لا أمل منه ، ولو كنت القاضي الذي يحاكمه لحكمت عليه بالإعدام مرات عديدة الإعدام لوحشيته والإعدام لغباءه والإعدام لإرتكابه جريمة القتل المقترن بسبق الإصرار والترصد.
قبل شهور صدمتنا جميعا قضية التوربيني ، والذي كان يهت عرض ضحاياه فوق القطارات المسرعة ثم يلقيهم من فوقها بعد إغتصابهم ، وقد تبارى الجميع في تبرير وجود هذا النموذج الوحشي أنه لم يحصل على أي قسط من التعليم أو الرعاية وأنه عاش متشردا لا أب يعلمه ولا أم تحنوا عليه ، فماذا يقولون عن محسن السكري؟ الذي نال قسطا وافرا من التعليم وعاش وتربى في أسرة مصرية وبين أقران يتفاعل معهم وقد إحتضنه المجتمع واحترمه ومنحه المال والسلطة.
والسؤال الذي يؤرقني ، كيف أصبحت إفرازات المجتمع المصري بهذه القسوة والوحشية والغباء؟ مصر التي أنجبت الفلاح الفصيح وأخنآتون وذا النون المصري والأنبا مقار ، بل ومصر التي أنجبت أحمد شوقي وحافظ ابراهيم وأم كلثوم وعبد الوهاب وفريد وعبد الحليم ، مصر بلد العباد والزهاد والتصوف ، أصبحت تنتج الآن نماذج من عينة التوربيني ومحسن السكري ، فماذا حدث؟ (موضوع للمناقشة)
الموضوع الثالث: الحرام
منحوه أرضا من أملاك الشعب المقهور ، ولم يدفع فيها قرشا واحدا ، وهرولت إليه البنوك بعروضها لبناء الأرض ومشاركته أرباحها ، وبدأ يجمع ثورة طائلة ، ثم أختاروه عضوا بالمجلس النيابي دون أن يرشح نفسه أو يلجأ لاستعطاف الرعاع من أبناء دائرته ، لم تكن له أي مؤهلات أو إمكانيات تؤهله لذلك اللهم إلا كونه قريب أو نسيب للكبير.
ولن على قاعدة أن الحرام لا ينفع (قاعدة مصرية) فقد مات في حادث تصادم أليم (رحمه الله) ، وخلفه أبنه الكبي وسار على منواله ، وتضخمت ثروته فأصبحت هائله ، وتخطت ملاينه حاجز البلايين (المليارات) ، وكذلك فتحت له المجالس النيابية أبوابها وعلى طريقة والده التعيين والاختيار ، ولكن الفرق بينه وبين والده أنه مولود وفي فمه ملعقة من ذهب ، وقد تربى على الأنانية المفرطة وحب الذات ، فلم يقبل أن تعامله إمرأة بنفس الطريقة التي تعامل بها هو وعائلته مع شعب مصر ، يظن أنها سقته وضحكت عليه ، فما كان منه إلا أن صور له عقله المريض أن يستأجر قاتل محترف ويدفع له ملايين الجنهيات فقط لكي ينتقم ممن يظن أنها خدعته وضحكت عليه ، ويعرض أمبراطوريته للخطر بل وإقتصاد وطنه كله ، وطبعا القاتل الوحش الغبي لم يتوانى في تنفيذ رغبة سيده دون أن يطرف له رمش ، وينتظر هذا الأرعن مصير أشد قسوة وسودوية من مصير والده رحمة الله عليه.
والسؤال: ماذا يجب أن يعمل الشعب المصري حتى لا تتكرر هذه النماذج؟ والسؤال الثاني هل أصبحت البيئة المصرية مفرخة لل ما هو شاذ؟
الإخوة الكرام رواد هذا الصالون ، أتمنى لكم صياما مقبولا وإفطارا شهيا في شهر رمضان المبارك ، أمامكم خيارين أولهما التمتع بالتليفزيون وبرامجه الشيقه في رمضان بعد إفطار شهي سمين في إنتظار سحور مشبع ، أو الدخول لهذا الصالون وقراءة موضوعاته والتفكير العميق لعلكم تجدون معي إجابات على أسئلتي الحائرة وبالتالي حل لبعض المشكلات المستعصية بمصرنا الحبيبة ، وأشكركم مقدما على أي أختيار لكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شريف هادي

اجمالي القراءات 12278