إعداد أحمد الليثي - بعد ساعات من نشر جريدة مصرية الثلاثاء رأيا لمفتي مصر الدكتور علي جمعة يجيز فيه ترك المسلم لدينه، نفت دار الافتاء المصرية التقرير الذي استند الي مقابلة للمفتي مع جريدة امريكية.
وجاء في بيان دار الافتاء الذي أصدرته الثلاثاء أن ما نشر بهذا الصدد لم يأت على لسان المفتي وأن المفتي أكد في المقابلة ان الاسلام يحرم على المسلمين أن يرتدوا عن دينهم أو يكفروا ولو أن إنساناً ترك الاسلام وذهب لدين آخر يكون بذلك قد ارتكب اثماً عظيماً في نظر الإسلام.
وأشارت دار الافتاء الى أن الدكتور علي جمعة ذكر أن الارتداد عن الدين يمثل نوعاً من الخروج عن النظام العام ولوناً من الجرائم التي تستوجب العقاب، مبيناً أن قضية الاعتقاد مكفولة في الاسلام لقول الله تعالى فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر وأن هذه الحرية مرتبطة بعدم مخالفة النظام العام واستقرار المجتمع.
وكانت ردود متباينة اعقبت ما نشر على لسان المفتي جمعة، خصوصاً أنه جاء في وقت ينظر القضاء المصري في دعوى رفعها أقباط يطالبون بالعودة إلى دينهم بعدما اعتنقوا الإسلام.
وكان قد نسب الى جمعة في مقال نشره منتدى يهتم بشؤون الأديان، ترعاه صحيفة واشنطن بوست ومجلة نيوزويك وجامعة جورج تاون الأميركية ونقلته صحيفة المصري اليوم الثلاثاء إن الإسلام يكفل لأتباعه حق اختيار دين غيره من دون عقاب دنيوي، مستشهداً بآيات قرآنية تناقش حقاً منحه الله لكل البشر، وهو حرية الاعتقاد.
لكنه أضاف، بحسب ما جاء في المقال، أن وجهة النظر الدينية ترى أن ترك المرء لدينه خطيئة تستوجب عقاباً إلهياً يوم القيامة وإذا كان السؤال عن رفض الإنسان دينه، فلا عقاب دنيويا أما إذا ارتبطت بمحاولة لتقويض أسس المجتمع، فيجب أن تحال القضية على جهاز قضائي يقوم بدوره في حماية المجتمع وبخلاف ذلك، يترك الأمر حتى يوم القيامة، ولا يتم التعامل معه في الحياة الدنيا، إنها مسألة ضمير، وهي بين المرء وربه.
ورحب الناطق باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية أسقف شبرا الخيمة الأنبا مرقص بما جاء في المقال.
وقال: هذا هو الإسلام الذي نعرفه من يحاسب هو الله وليس البشر، هذا رأي راجح بلا شك، حسبما ذكرت جريدة الحياة.
واعتبر حقوقيون هذا الرأي بمثابة ثورة، حيث قال الأمين العام للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان حافظ أبو سعدة إن جمعة سيحل بذلك مشاكل كثيرة في الوطن العربي تتعلق بحرية الاعتقاد فمسألة الانتقال من الدين الإسلامي إلى دين آخر كانت أمراً مرفوضاً وحديث جمعة بالنظر إلى مكانته، هو بمثابة ثورة، خصوصاً أن المحاكم المصرية كانت تعتمد على الرأي الديني في مسألة الارتداد مع غياب نص قانوني يعاقب المرتد أو يجرم فعلته، فكان الأمر يترك لرأي الدين، ما يكسب كلام المفتي أهمية كبيرة.
وكانت المحكمة الإدارية العليا قد وافقت مطلع يوليو الحالي على النظر في طعن قدمه 14 قبطياً يطالبون بحق العودة إلى دينهم الأصلي بعد اعتناقهم الإسلام، بعدما رفضت محكمة القضاء الإداري في أبريل الماضي إلزام وزير الداخلية باستخراج بطاقات هوية جديدة لهم، على اعتبار أن هذا مخالف للشريعة الإسلامية ويعد تلاعبا بالإسلام.
وقررت المحكمة بدء نظر الطعن والاستماع الى الطرفين في الاول من سبتمبر المقبل بعد انتهاء الاجازة الصيفية للقضاة.
واعتبر محامي الاقباط رمسيس النجار آنذاك ان قرار المحكمة الادارية العليا بالموافقة على نظر الطعن يعد إيجابيا للغاية ويثبت انه ما زالت هناك نافذة للحرية في مصر.
وردا على سؤال لوكالة الصحافة الفرنسية امس قال نائب رئيس محكمة النقض المصرية المستشار احمد مكي انه ليس هناك نص في القانون المصري يجرم الردة او يشير اليها مضيفا ان حد الردة ذاته مختلف عليه بين الفقهاء.
وتابع يذهب عدد من الفقهاء الى انه ليس هناك حد اسمه حد الردة، لانه لم يرد نص بهذا الخصوص في القرآن، ويفسرون الحديث النبوي الذي يشير الى قتل المرتد بأن المقصود منه هو عقاب سياسي على الخيانة وليس عقابا على المعتقد.
غير أن الترحيب الحقوقي والقبطي لما نسب إلى المفتي قوبل برفض من أعضاء في مجمع البحوث الإسلامية- وهو أعلى سلطة دينية في الأزهر - وكذلك برفض من جماعة الإخوان المسلمين.
ففي حين رفض المرشد العام للجماعة محمد مهدي عاكف التعليق على كلام جمعة معتبراً أنه خوض في مهاترات من جانب البعض، اكتفى نائبه الدكتور محمد حبيب بالقول إن هذا كلام غير صحيح.
ورأى عضو مجمع البحوث الإسلامية الدكتور عبدالمعطي بيومي أن المفتي لم يأت بجديد، وهو مقلد في هذا الأمر، فهناك توصيات في هذا الشأن مطروحة منذ اربعة أعوام ويبدو أنه (المفتي) يريد أن يزيل آثار فتاواه الأخيرة المثيرة للجدل.