صف بأنه «أقوى لوبي سياسي في بريطانيا»، له تنظيمه وانتشاره الكبير الذي مكنه من شراء الساسة، والتغلغل في المنظومة السياسية البريطانية، إنه «اللوبي الصهيوني» في المملكة المتحدة.
لم يأت التحقيق الاستقصائي لقناة الجزيرة حول دور هذا اللوبي في إزاحة أعضاء البرلمان الذين ينتقدون إسرائيل، إلا بالمزيد من الأدلة على مدى توغله في بريطانيا، فما بين تبني الحكومة البريطانية للمفهوم الجديد لـ«اللاسامية»، ومشروع إصدار قانون يمنع مقاطعة إسرائيل، وآخر يمنع صرف المساعدات النقدية للسلطة الفلسطينية، أو يمنع المؤتمرات التي تدعم القضية الفلسطينية، تستمر الاستجابة لضغوط اللوبي الصهيوني في بريطانيا.
هل يدمر اللوبي الصهيوني السياسيين المناوئين لإسرائيل في بريطانيا؟
في سبق إعلامي مميز، تمكن صحافي من شبكة الجزيرة، يعمل في وحدة التحقيقات، من كشف عملية خطيرة هدفها الإطاحة بوزير الدولة للشؤون الخارجية البريطانية «آلان دانكن»، هذه العملية قادها دبلوماسي إسرائيلي، يعمل في سفارة تل أبيب ببريطانيا، يدعى «شاي ماسوت»، بالتعاون مع مساعدة الوزير البريطاني المحافظ «روبرت هالفون». وقد استهدف «دانكن» لكونه دائم الانتقاد لبناء المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية.
ويظهر البرنامج الاستقصائي لقناة الجزيرة «ماسوت» الذي تم تصويره سرًا وهو يتحدث عن رغبته في الإطاحة بدانكن؛ لأنه «يسبب كثيرًا من المشاكل». كما قال للمراسل الذي انتحل صفة ناشط سياسي مؤيد لإسرائيل، ومع هذا لم يكن «دانكن» الوحيد المستهدف من قبل اللوبي الصهيوني ببريطانيا؛ فالتحقيق الاستقصائي الذي استمر العمل عليه مدة ستة أشهر، يكشف سعي هذا اللوبي لإسقاط سياسيين بريطانيين يعارضون مصلحة إسرائيل، حيث اعتبر الدبلوماسي الإسرائيلي رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان البريطاني «كريسبين بلانت» على قائمة المستهدفين؛ بسبب «آرائه التي تعدّ منحازة بشدة لصالح العرب، بدلًا من أن تكون منحازة لصالح إسرائيل»، ولم يتوان «ماسوت»، من خلال التسجيلات، عن وصف وزير الخارجية البريطاني بـ«وريس جونسون» بأنه «معتوه».
وتظهر التسجيلات مدى النفوذ الإسرائيلي في المستويات القيادية داخل «حزب المحافظين» الحاكم في بريطانيا، وقد عجلت سفارة إسرائيل ـ ببريطانيا ـ بالرد في بيان رسمي على هذه القضية، التي يتوقع أن تحدث خلال الأيام القادمة الكثير من المشاكل بين إسرائيل وبريطانيا، وجاء في البيان أن السفارة «ترفض تمامًا الملاحظات المتعلقة بالوزير دنكن، وهي تعليقات صادرةٌ عن موظف صغير في السفارة، وليس دبلوماسيًا، وستنتهي فترة عمله في السفارة قريبًا». وأوضحت السفارة أن «السفير ريجيف تحدث الجمعة مع الوزير دنكن، وقدم اعتذاره، وأكد بوضوح أن السفارة تعتبر التعليقات غير مقبولة تمامًا».
من جهته، يؤكد وزير بريطاني سابق أنه «على مدى السنين، لم يتوقف أصدقاء إسرائيل في حزب المحافظين، وأصدقاؤها في حزب العمال عن العمل مع الحكومة الإسرائيلية، ومع سفارتها في لندن، بل حتى العمل لهما، في سبيل الترويج للسياسة الإسرائيلية، وإعاقة سياسة الحكومة البريطانية، وتقويض إجراءات الوزراء الذين يحاولون الدفاع عن الحقوق الفلسطينية»، ويضيف الوزير في مقال نشرته صحيفة «ميل أون صانداي» قبل يومين »أن السياسة الخارجية البريطانية مرتهنة للنفوذ الإسرائيلي في قلب العملية السياسية في بلدنا، والذين يمسكون بمقاليد الأمور ما فتئوا يتجاهلون ما يجري»، وتابع الوزير الذي قال: إنه لم يكشف هويته؛ حتى لا يتعرض لحملة شرسة من الإساءات والقدح والتنديد، «نحن بحاجة إلى تحقيق شامل وكامل في سلوكيات السفارة الإسرائيلية، وفي ارتباطاتها، وفي علاقات وتمويل أصدقاء إسرائيل في حزب المحافظين، وأصدقاء إسرائيل في حزب العمال، ونحتاج إلى تعهد من كافة الأحزاب السياسية بأنهم يرحبون بالدعم المالي والسياسي الذي تقدمه الجالية اليهودية في بريطانيا، ولكنهم لا يقبلون أي نشاط يرتبط بإسرائيل، إلى أن تتوقف تمامًا عن البناء غير القانوني في الأرض الفلسطينية.«
كيف يؤثر اللوبي الصهيوني في الانتخابات البريطانية؟
في مايو (أيار) العام 2015، لم تخف منظمات اللوبي الصهيوني في بريطانيا موقفها المؤيد لحزب المحافظين على حساب حزب العمال، وهو أمر غير معهود؛ فقد كان الولاء لحزب العمال البريطاني الداعم لإسرائيل.
تغير ذلك مباشرة بعد تصوّيت مجلس النواب البريطاني بأغلبية من حزب العمال لصالح الاعتراف بدولة فلسطين في تشرين الأول (أكتوبر) العام 2014، فبعدها سارع الكثير من الشخصيات وجماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل بسحب تأييدها لحزب العمال، بقيادة «إيد ميليباند»؛ وذلك عقابًا لحزب العمال على مواقفه المؤيدة للفلسطينيين، ومنذ هذا الوقت أخذت منظمات اللوبي الصهيوني في حشد الجمهور اليهودي البريطاني، والمقدر عددهم بنحو 350 ألف شخص؛ لدعم مرشحي حزب المحافظين بقيادة «ديفيد كاميرون».
يقول المحلل البريطاني «روبرت فيلبوت»: إن «الناخب اليهودي دعم حزب العمال في التسعينات من القرن الماضي، عندما تبنّى الحزب بقيادة «توني بلير» سياسات واضحة وداعمة لإسرائيل». ويوضح الكاتب أن «الكثير من اليهود تخلوا عن حزب المحافظين آنذاك لصالح دعم العمال، عندما اتجه بلير بالحزب بعيدًا عن التيار المعادي لإسرائيل». معتبرًا أن «توجهات الناخب اليهودي تغيرت كليًا عندما تقلد «إيد ميليباند» قيادة الحزب في عام 2010، وسارع في أيامه الأولى إلى انتقاد إسرائيل، والعودة بالحزب إلى مربع اليسار المناهض للصهيونية».
وبالعودة لأيام دعم اللوبي الصهيوني لحزب العمال، نستشهد بما ورد في سجلات البرلمان البريطاني، عندما قام المقاول العقاري المتقاعد «ديفيد جيرارد» في العام 2013 بإعطاء 60 ألف جنيه إسترليني للحملة الانتخابية للحزب العمال البريطاني للعام 2015، يضاف إلى ذلك حوالي مبلغ نصف مليون جنيه قام بالتبرع به منذ 2003، حتى وصف جيرارد بـ«المتبرع دومًا بسخاء لحزب العمال البريطاني»، يقول الصحفي البريطاني «آلاستير سلون» «إسرائيل ليست كمثل أية دولة أخرى بالنسبة لبريطانيا، لا توجد دولة تتدخل في الانتخابات بهذا الشكل، سوى إسرائيل، وبهذا المال الذي تدفعه إسرائيل تنتهي جرائم الحرب، وتتشوه ديمقراطيتنا التي حصلنا عليها بشق الأنفس من قبل بعض ذوي المصالح الأجانب».
كما تعد واحدة من أهم القضايا التي أظهرت حجم تأثير اللوبي الصهيوني في سياسات حكومة المحافظين، هو ما كشفته صحيفة «الجارديان» بتاريخ (16/11/2009) عن حصول زعيم حزب المحافظين آنذاك «ديفيد كاميرون» منحة قدرها 15 ألف جنيه من البليونير الفنلندي «بوج زابلودوفيتش»، الذي يرأس مجلس إدارة «المركز البريطاني الإسرائيلي للاتصالات والأبحاث» (بيكوم)، وذكرت الصحفية أن «زابلودوفيتش»، يملك مصالح وأعمالًا في إحدى المستوطنات الإسرائيلية غير الشرعية في الضفة الغربية المحتلة، كما أنه منح المكتب المركزي لحزب المحافظين مبلغ 50 ألف جنيه .
ماهي أبرز الشخصيات التي لاحقها اللوبي الصهيوني في بريطانيا
في مايو (أيار) الماضي، فازت برئاسة الاتحاد الوطني لطلبة بريطانيا، ولأول مرة في تاريخ بريطانيا، المسلمة من أصل جزائري «ماليا بوعطية»، هذا الفوز كان محطة جديدة في سلسلة هجمات اللوبي الصهيوني في بريطانيا ضد شخصيات لا تروق له.
فقد اعتبر «بوعطية» من نشطاء حركة المقاطعة ضد إسرائيل، التي يجب أن تمنع من هذا المنصب؛ فدعا الطلبة لمقاطعتها، وهي أيضًا تدعو إلى سحب الاستثمارات وفرض العقوبات عليها، كما أنها تميل للكراهية والعنف والعداء للسامية، كما ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت».
ومن بين أبرز معارك اللوبي الصهيوني في بريطانيا مع الشخصيات البريطانية، هو ما حصل مع البرلماني البريطاني «ديفيد وارد» العام 2003، الذي لاقى حربًا لا هوادة فيها من قبل هذا اللوبي، لمجرد أنه كتب قبيل يوم من إحياء ذكرى المحرقة اليهودية «الهولوكوست» على موقعه الإلكتروني بأنه ملتزم باحترام الذين قتلوا في «الهولوكوست»، لكنه يتهم اليهود في إسرائيل «بالتسبب في بشاعات بحق الفلسطينيين…بصورة يومية»، وقد اضطر «ديفيد وارد» تحت وطأة النقد الشديد، حتى من الحزب الذي ينتمي إليه، إلى التوضيح في رسالة آخرى، يقول فيها: «لم أقصد للحظة أن أنتقد أو أسب اليهود كلهم، سواء كانوا سلالة أو أصحاب ديانة»، معتذرًا عما أسماه «إساءتي غير المقصودة التي يمكن أن تكون كلماتي قد سببتها، وأتفهم بالطبع الحساسيات العميقة لهذه القضايا طوال الوقت، خصوصًا في مناسبة إحياء ذكرى مثل هذه خلال عطلة نهاية الأسبوع».
ولا يمكن إخراج قضية اعتقال مسؤول الحركة الإسلامية في الداخل المحتل سابقًَا الشيخ «رائد صلاح» في يونيو (حزيران) العام 2011 من دائرة تحركات اللوبي الصهيوني في بريطانيا، وأكدت حينها صحيفة «الجارديان» أنه « لا وجود لما يبرر الاعتقال، وأن الشيخ لم يقل أكثر مما يقوله نشطاء ويساريون إسرائيليون»، وذكرت الصحيفة أن «بريطانيا وقعت في فخ إسرائيلي، وخضعت لضغوط اللوبي الصهيوني، الذي يحاول منع انتقاد السياسات الإسرائيلية وتأمين اعتراف العالم بإسرائيل كدولة يهودية على حساب المواطنين الفلسطينيين».
كيف يدفن اللوبي المبادرات المناصرة لفلسطينيين؟
في المقام الأول عمل اللوبي الصهيوني في بريطانيا ضد مصالح الفلسطينيين على جميع الأصعدة، وفي محاولة لاستحضار ما يؤكد على ذلك، يمكن البدء في تحركات اللوبي ضد «انتفاضة السكاكين»؛ إذ كشفت صحيفة «الجارديان» في فبراير (شباط) الماضي عن أن غالبية الشكاوي التي تصل الصحيفة هي قادمة من المؤيدين لإسرائيل، الذين شكلوا سيلًا دائمًا من الاعتراض، كأفراد ومجموعات ومن السفارة الإسرائيلية نفسها في لندن، على التغطية الإعلامية للصحيفة لهذه الانتفاضة.
يقول الكاتب في الصحيفة «كريس إليوت» «منذ بدء الهجمات الفلسطينية بالسكاكين والأسلحة النارية والسيارات، تحول التركيز في هذه الشكاوى، فلم تعد حول محتوى نص الخبر، بل أصبح التركيز والتدقيق على عنوان الخبر»، وأكد الكاتب على أن «الشكاوى حول تغطية «الجارديان» هي جزء من حملة تقوم بها إسرائيل ضد تغطية الإعلام، خاصة الإعلام الأجنبي، للهجمات». ويعتاد اللوبي الصهيوني في بريطانيا الضغط على وسائل الإعلام البريطانية، إذ كشف النقاب عن قيام منظمات بحشد التأييد لإسرائيل من خلال دعوة الصحافيين البريطانيين إلى زيارات لإسرائيل في رحلات لاستكشاف الحقائق، وهناك توفر لهم مقابلة كبار الشخصيات الحكومية، وهي حملة كلفت بليونير يهودي ما يقرب من 4 .1 مليون جنيه إسترليني خلال سنتين.
أما في أكتوبر(تشرين الأول) الماضي، فقد نجحت ضغوطات اللوبي الصهيوني في بريطانيا، بتوجيه وزيرة التنمية الدولية «ريتي باتل» نحو تجميد المساعدات المالية المُخصصة للسلطة الفلسطينية، والتحقيق في كيفية صرف المساعدات التي تقدمها بريطانيا للفلسطينيين. وذلك بعد أن خاض هذا اللوبي عبر شخصياته البريطانية حملة تستهدف ربط هذه الأموال بتمويل «الإرهاب والتحريض»، حتى إن رئيسة مجموعة «أصدقاء إسرائيل» في كتلة «حزب العمال» في مجلس العموم البريطاني «جوان ريان»، تقدمت بطلب لتشكيل لجنة مستقلة تضم نوابًا من جميع الأحزاب؛ لمراجعة كيفية صرف السلطة الفلسطينية للمساعدات النقدية، وزعمت بأن «بعض هذه الأموال تُصرف كرواتب لإرهابيين في قطاع غزة، ولأسر وعائلات إرهابيين محكومين بجرائم قتل إسرائيليين»، حسب صحيفة «ذا صن» البريطانية.
ووصل الأمر بضغط اللوبي الصهيوني في بريطانيا إلى طرح مشروع قانون ضد مقاطعة إسرائيل، يمنع بموجبه كافة الجمعيات والسلطات ومنظمات المجتمع المدني البريطاني من مقاطعة إسرائيل، وحسب ما جاء في موقع القناة السابعة الإسرائيلية، فإن «مشروع القانون الجديد المنوي طرحه من الحكومة البريطانية يمنع كافة المنظمات والجمعيات، بما فيها البلديات في بريطانيا، والتي تتلقى دعمًا ماليًا حكوميًا، من اتخاذ قرار بمقاطعة إسرائيل، والذي يشمل مقاطعة منتجات المستوطنات والشركات الإسرائيلية التي تنشط في المناطق المحتلة عام 1967».
كما يمكن الاستشهاد بما حدث في نوفمبر (تشرين الثاني)، عندما استنكر المنتدى الفلسطيني في بريطانيا إعلان الحكومة البريطانية عن نيتها الاحتفاء بالذكرى المئوية لـ«وعد بلفور»، وقال المنتدى إنه «إمعانًا في الظلم واستهتارًا بالمشاعر الفلسطينية، يرسل رسالة في غاية السلبية عن موقف الحكومة البريطانية اليمينية الحالية التي تتماهى في مواقفها من القضية الفلسطينية مع اللوبي الإسرائيلي وتخضع لضغوطه»، أما رئيسة الوزراء البريطانية «تيريزا ماي»، وفي أول خطاب لها أمام منتدى «أصدقاء إسرائيل في حزب المحافظين»، فقد تعهدت بإصدار قرار حكومي جديد؛ يقضي بتوسيع مفهوم «اللاسامية»؛ ليتضمن التعبيرات الموجّهة ضد إسرائيل نفسها، وليس فقط ضد اليهود واليهودية، ويأتي ذلك حسب مكتب رئاسة الوزراء البريطانية بهدف «ضمان عدم تملّص ونجاة المسيئين لليهود ومجتمعاتهم ومؤسساتهم».
كما تسببت تحركات اللوبي الصهيوني في بريطانيا في مارس ( آذار) 2015 باعتذار عدد من الجامعات البريطانية عن استضافته المؤتمر السنوي الذي كان من المفترض أن يتناول «دور بريطانيا والصهيونية في تأسيس دولة إسرائيل»؛ وهو ما دفع الطلبة العرب إلى عقده في أحد الفنادق، ونقل موقع «الجزيرة نت» عن رئيس المؤتمر قوله إن اللوبي الإسرائيلي قام بالتشويش على المؤتمر وعرقلته، وذلك عبر إعطاء معلومات مضللة للجامعة التي كان يفترض أن يقام فيها المؤتمر.
ما هو تاريخ التأثير السياسي للوبي الصهيوني في بريطانيا؟
يستعرض كتاب «اللوبي الصهيوني والرأي العام في بريطانيا» للمؤلف الدكتور «نواف التميمي»، تاريخ اليهود في بريطانيا منذ العام 1066، فقد شهدت بريطانيا موجات هجرة يهودية متتالية من اللاجئين اليهود الفارين قبل وأثناء الحرب العالمية الثانية.
ويعرف التميمي «اللوبي الصهيوني»، أو «اللوبي المؤيد لإسرائيل» بأنه «ائتلاف فضفاض من الأفراد والمنظمات تمثل مصالح متنوعة، وتقوم بأنشطة مختلفة، ولكنها تتقاطع عند هدف التأثير على السياسة الخارجية والرأي العام، وتوجيهما نحو تأييد إسرائيل والتعاطف معها والدفاع عنها».
ويؤكد التميمي أن هذه الجالية اليهودية اهتمت بإنشاء مؤسساتها ومنظماتها من معابد، ومدارس، وجمعيات خيرية؛ لتشكل بذلك اللبنات الأولى لظهور المنظمات الصهيونية ذات النشاط السياسي، ويوضح المؤلف أن نواة اللوبي الصهيوني في بريطانيا تكونت قبل صدور «وعد بلفور» في عام 1917، حيث «بدأ زعماء الحركة الصهيونية يتحرَّكون في الأوساط العامة والسياسية والأكاديمية والنقابية البريطانية لحشد التأييد لتنفيذ مضمون «وعد بلفور»، وصولًا إلى فترة السبعينات التي شهدت البدايات الأولى لِتَشَكُّلِ منظمات محلية للوبي الصهيوني في بريطانيا»، فقد اتحدت «الفيدرالية الصهيونية» و«المجلس اليهودي البريطاني» لتتأسس أول منظمة علاقات عامة بريطانية داعمة لإسرائيل، عُرِفَت باسم «لجنة الشؤون العامة البريطانية -الإسرائيلية»، حسب التميمي.
ويبين الكتاب الصادر عن «مركز الجزيرة للدراسات» أن السنوات العشر الأولى من الألفية الجديدة شهدت بروز عدد لافت من المنظمات والمؤسسات المؤيدة لإسرائيل في بريطانيا، وكلها تنشط في الدفاع عن إسرائيل، وتحسين صورتها، وكسب الرأي العام البريطاني لجهة تأييد إسرائيل، وإقصاء الآراء المعارضة لإسرائيل وتهميشها. ويضيف المؤلف «يمتد نشاط المنظمات وجماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل أفقيًا وعموديًّا في المجتمع البريطاني، ويُوظِّف أساليب وأدوات ضغط متنوعة، منها ما هو ناعم، ومنها ما هو خشن، بما في ذلك الدعاية والدعاية المضادة، الإعلان المباشر، والإعلان التحريري، والعلاقات العامة، إضافة للتمويل، وصولًا إلى الضغط السياسي والمعنوي على المؤسسات والأفراد».