برلين تسهل أنشطة الإسلام السياسي ثم تتساءل من أين يأتي التطرف
الاستخبارات الألمانية تتهم مؤسسات خليجية بدعم التيار السلفي وسط ارتفاع أعداد المحسوبين على التيار السلفي إلى 9700 في ألمانيا.
كيف تتم حماية الداخل الالماني
برلين - بعد أن فتحت أبوابها بشكل غير محدود لجماعات الإسلام السياسي المختلفة، بدأت ألمانيا الآن تتساءل عن أسباب التطرف التي باتت تهدد أمنها في ظل وجود الآلاف من المتشددين الذين لا أحد يضمن أن يخرج من بينهم من يهاجم مراكز سيادية وتجارية أو تجمعات مزدحمة لمواطنين.
يأتي هذا في ظل تقارير متناقضة عن أعداد هؤلاء المتشددين والجهات التي يمكن أن تكون وراءهم.
واستبعد هانزجورج ماسن، رئيس هيئة حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية) في ألمانيا دعم دول مثل السعودية للتيار السلفي.
وقال “لا نرى أن السعودية أو دولا أخرى من منطقة الخليج تدعم التيار السلفي في ألمانيا، لكننا نرى بشكل واضح أيضا أن أفرادا أو مؤسسات من هذه المنطقة تدعم هذا التيار ماليا أو فكريا“.
ودافع ماسن عن سلطات الأمن الألمانية في ظل الاتهامات الموجهة إليها بالتقصير أو الفشل في منع هجوم الدهس الذي وقع في برلين الشهر الماضي.
لكن متابعين للشأن الألماني قالوا إن برلين لم تستمع إلى تحذيرات سابقة بعضها صادر عن دول شرق أوسطية بخصوص مخاطر فتح الباب أمام أنشطة الجماعات الإسلامية المختلفة، خاصة تلك التي تصرح بأنها تحترم القانون الألماني، لكنها في الوقت نفسه تربي عناصرها على كراهية الغرب وتكفيره وضرورة تغيير الواقع بالقوة لأجل إقامة دولة إسلامية.
ويرى المتابعون أن التساهل الذي أبدته السلطات منذ ثمانينات القرن الماضي وإلى الآن مع الجماعات المتعددة دفعها إلى أن تتحرك بحرية وأن تعمل على توسيع دائرة الاستقطاب بين الشباب، وأن تبني شبكات من الصعب السيطرة عليها ومراقبتها.
وأشاروا إلى أن هذا التساهل فتح الباب أمام شبكات تمويل مختلفة المصادر بعضها من أوروبا، والبعض الآخر من خارجها، ومن الصعب الاكتفاء باتهام جهات خليجية والإيحاء بأن التشدد يأتي من منطقة معينة، مع أن ألمانيا وفرت له ظروف النمو والانتشار.
وكشف ماسن عن وجود تعليقات داعمة لهجوم برلين الأخير، الذي أودى بحياة 12 شخصا، من مستخدمين سلفيين على الإنترنت، مشيرا إلى أنه تم الترحيب بالهجوم، وستتم الدعوة إلى شن هجمات أخرى ضد الغرب، وأن مستوى التهديد لا يزال مرتفعا دون تغيير.
وفي رده على سؤال، هل تعتبر برلين نقطة ساخنة بالنسبة للتيار السلفي، قال ماسن إن جزءا كبيرا من المسلمين في برلين إسلاميون، كما أن هناك عددا كبيرا من المساجد الإسلامية، وذكر أن هذه المنشآت تجري مراقبتها بشكل جزئي.
أعلنت هيئة حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية) في ألمانيا أن المشهد السلفي في البلاد شهد تغيرا جذريا خلال الفترة الأخيرة.
ووفقا لبيانات الهيئة، فإن ألمانيا بها في الوقت الراهن أكثر من 9700 شخص محسوبين على التيار السلفي، وكانت تقديراتها نهاية أكتوبر تشير إلى أن هذا العدد يبلغ 9200 شخص.
وذكر ماسن أن هناك الكثير من الجماعات السلفية التي تتشكل وتتواصل مع بعضها البعض عن طريق الإنترنت أو الواتس آب “وهذا الأمر لم نعرفه أبدا قبل بضع سنوات”.
ومنذ أسابيع، داهمت الشرطة الألمانية العشرات من المساجد والشقق السكنية ومكاتب على صلة بجماعة إسلامية كانت الحكومة اتهمتها بالعمل على توجيه الشبان نحو الفكر المتشدد، وإقناع الشباب بالانضمام إلى المقاتلين في بؤر التوتر مثل العراق وسوريا.
وينظر إلى أكثر من 43 ألف شخص بوصفهم جزءا من المشهد الإسلامي في ألمانيا، طبقا لتقديرات صادرة عن جهاز الأمن الداخلي في البلاد بحلول نهاية عام 2016، وتزايد العدد بشكل مطرد خلال الأعوام القليلة الماضية.
وينظر إلى حوالي 11 ألفا بأن لديهم “نزعات إرهابية”، طبقا لجهاز الأمن الداخلي وهيئات أمنية أخرى. ويعتقد أن 548 منهم قادرون على ارتكاب عمل إرهابي.
وسافر أكثر من 800 من الإسلاميين المتشددين من ألمانيا إلى مناطق القتال في سوريا والعراق. وعاد حوالي ثلثهم.