مقصد الشريعة

رضا البطاوى البطاوى في السبت ٣٠ - أغسطس - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

بسم الله الرحمن الرحيم
مقصد الشريعة
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد :
هذا كتاب يتحدث عن مقصد الشريعة :
قال القوم :إن الشريعة الإسلامية لها مقاصد خمسة هى الحفاظ على النفس والدين والعقل والعرض والمال وأضاف بعضهم سادسا هو الحرية ونادى البعض بإلغاء هذا المقاصد ووضع ثلاثة بدلا منها وهى العقلانية والحرية والعدالة ولم يفكر أحد فى أن الشريعة لها مقصد واحد نعبر عنه بألفاظ عدة هو عبادة الله وفى هذا قال تعالى بسورة الذاريات "و&atilig;ما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون "أى إظهار دين الله على كل الأديان وفى هذا قال بسورة الصف "هو الذى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله "أى طاعة الوحى المنزل على النبى (ص)وفى هذا قال تعالى بسورة النساء "وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله "أى تحمل الأمانة مصداق لقوله بسورة الأحزاب "إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان ".
إن أول الأخطاء فى المقاصد هو اعتبار كل من النفس والعقل والعرض ثلاثة أشياء مختلفة والحق أن العقل جزء من النفس يسمى البصيرة وفى هذا قال تعالى بسورة القيامة "بلى إن الإنسان على نفسه بصيرة "والعرض جزء من النفس يسمى شهوة النساء عند الرجال وشهوة الرجال عند النساء وفى هذا قال تعالى بسورة آل عمران "زين للناس حب الشهوات من النساء "وسمى الله العرض الفرج فقال بسورة النور "ويحفظوا فروجهم "و"ويحفظن فروجهن "ومن هذا يتضح أن الحفاظ على العقل والعرض هو من ضمن الحفاظ على النفس .
ثانى الأخطاء الحفاظ على الدين وبداية لابد من طرح السؤال التالى ما المراد بالحفاظ على الدين هل الحفاظ على الإسلام أم الحفاظ على استمرارية إسلام الفرد ؟إذا كان المراد هو الحفاظ على الإسلام كنصوص فهو أمر جنونى لسبب بسيط هو أن الإسلام محفوظ من قبل الله فى الكعبة الحقيقية مصداق لقوله تعالى بسورة الحجر "إنا أنزلنا الذكر وإنا له لحافظون "وإذا كان المراد هو الحفاظ على استمرارية إسلام الفرد فى اتباعها وإنما الذى يحافظ هو الفرد وفى هذا قال تعالى بسورة الإسراء "من اهتدى فإنما يهتدى لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها "وقال بسورة الكهف "فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر "ومن هذا يتضح أن الفرد وحده هو الذى يحافظ على إسلامه أو لا يحافظ
ثالث الأخطاء هو أن الشريعة تقصد الحفاظ على النفس وهو ما يخالف التالى :
أن الإسلام فرض القتال بقوله تعالى بسورة البقرة "كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم "وأنه أمرنا بقتال المشركين كافة كما يقاتلوننا بقوله "قاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة "وأن الله شجعنا على الحصول على إحدى الحسنيين وهما النصر والشهادة التى هى الموت الذى يدخل الجنة وفى هذا قال تعالى بسورة الأنفال "وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم "وأن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون فى سبيل الله فيقتلون الكفار ويقتلون وفى هذا قال تعالى بسورة التوبة "إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون فى سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا فى التوراة والإنجيل والقرآن " ومن يدرس الوحى يجد أن المسلمين يعرضون أنفسهم للموت فإبراهيم (ص)عرض نفسه للموت حرقا عندما كسر الأصنام لقومه وأصحاب الأخدود عرضوا أنفسهم للموت حرقا أيضا بسبب إسلامهم الذى أعلنوه ولم يتراجعوا عنه ومن هذا يتضح التالى أن الإسلام يريد من الإنسان كسب نفسه بإدخالها الجنة وليس الحفاظ على حياته الدنيا .
رابع الأخطاء هو أن الشريعة تقصد الحفاظ على المال والسؤال الواجب طرحه هو ما المال الذى تقصد الشريعة حفظه ؟إن الشريعة لا تطالب بحفظ كل أنواع المال وإنما تطالبنا بحفظ مال اليتيم والسفيه وأما غيرها فيجب إنفاقه وعدم الحفاظ عليه وفى هذا أتت العديد من الآيات مثل قوله تعالى بسورة الطلاق "لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله "وقوله بسورة البقرة "قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى "وقوله بسورة الفرقان "والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يفتروا "وطبعا الشريعة تطالبنا بتثمير المال وهو استغلاله فى النفع حتى يزيد وأما الحفاظ على المال فهو الكنز المحرم الذى توعد الله أصحابه بالعذاب الشديد فقال بسورة التوبة "والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها فى سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم "وطبعا لم يغب عن بالنا أن المال يجب حمايته من السرقة والربا والرشوة وغيرها من المحرمات وهذه الحماية لا تسمى حفاظا على المال .
خامس الأخطاء هو الحفاظ على الحرية والسؤال الواجب طرحه هو ما هى الحرية الواجب الحفاظ عليها هل حرية الرأى أم حرية اللبس أو حرية الأكل 0000 هل بعض هذا أو كل هذا ؟
إن الله خلق الناس أحرارا ولكن بعض الناس تسول لهم أنفسهم ظلم غيرهم فيعملون على قتال المسلمين وفى القتال يحق للمسلمين أسر من لم يقتل فى الحرب من المقاتلين وهذا الأسير يجب أن تسلب منه حريته إلى حين وهذا الحين هو إنتهاء الحرب وبعد الإنتهاء يكون للمسلمين الحق فى إطلاق سراح الأسير دون مقابل أو أخذ مال مقابل إطلاق سراح الأسير وهو ما يسمى الفدية وفى هذا قال تعالى بسورة محمد "فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا وإما فداء "والحرية بأى معنى غير السابق وهو حرية العمل الوظيفى ليس له أى شرعية فى الإسلام فالعبد أو الأمة يحرمان من حرية العمل الوظيفى فكل منهما يعمل لدى السيد دون أخذ أجر غير الطعام والشراب والكساء والسكن وأما الحر فيعمل بمقابل مالى هو الأجر وكل إنسان هو عبد وليس حر مصداق لقوله بسورة مريم "إن كل من فى السموات والأرض إلا أتى الرحمن عبدا ".
أضف لما سبق أن بعض ما أتى عن الحفظ فى الوحى يعبر عن المقصد الوحيد للشريعة الإسلامية وهو الحفاظ على دين الله أى حدود الله وفى هذا قال تعالى بسورة التوبة "والحافظون لحدود الله "أى الحفاظ على الصلوات وهى الأحكام أى طاعة الأحكام وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "حافظوا على الصلوات "فالحفاظ على الصلاة هو طاعة حكم الله هو عبادة الله هو حمل الأمانة هو إظهار دين الله .
اجمالي القراءات 13735