أدلة الأحكام فى الإسلام

رضا البطاوى البطاوى في السبت ٣٠ - أغسطس - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على عباد الله ،وبعد :
هذا كتاب أدلة الأحكام فى الإسلام وهو يدور حول فكرة واحدة هى أن لا شىء خارج الوحى الإلهى بمعنى أن كل قضية للناس لها حكم فى نص أو أكثر فى الشريعة الإلهية :
أدلة الأحكام :
إن مصادر الحكم وهى أدلة الأحكام هى الوحى الإلهى بقسميه :
القرآن الكريم والذكر وهو بيان الرسول (ص)وهو ما يسمونه الحديث الشريف –وهو ليس الموجود حاليا وإنما هو الموجود فى الكعبة الحقيقية - وفى هذا قال تعالى بسورة &C; النحل "وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم "فالقسم الأول هو المنزل أى القرآن والقسم الثانى هو الذكر المبين للمنزل أى تفسير القرآن للناس بكلام النبى (ص) منزل عليه من الله وهو الحديث الشريف-وهو ليس الموجود حاليا فالحالى كذب - وهو موجود فى الكعبة الحقيقة محفوظا
هل هناك أدلة خارج الوحى لأحكام ؟
لا توجد مصادر للأحكام خارج الوحى الإلهى وأما الأدلة على هذا فكثيرة نكتفى منها بالتالى :
-قوله تعالى بسورة الأنعام "ما فرطنا فى الكتاب من شىء "أى ما تركنا فى الحكم من قضية إلا قلنا حكمنا فيها .
- قوله تعالى بسورة النحل "ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شىء "فالوحى لم يترك قضية إلا وقد بين حكمها .
-قوله تعالى بسورة الكهف "ولقد صرفنا فى هذا القرآن للناس من كل مثل "والمعنى ولقد بينا فى هذا الوحى للخلق كل حكم .
-قوله تعالى بسورة المائدة "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون "وفى آية الظالمون "وفى أخرى الفاسقون وهنا نجد أن الحكم يكون بشىء واحد هو ما أنزل الله وهذا يعنى عدم وجود شىء لم يحكم الله فيه .
-قوله تعالى بسورة يوسف "إن الحكم إلا الله "فالحكم هنا مصدره واحد هو الله وهذا يعنى أنه لم يترك قضية إلا جعل لها حكم .
-قوله تعالى بسورة النساء "فإن تنازعتم فى شىء فردوه إلى الله والرسول "إذا فأى شىء يرد إلى الله أى لوحى الله المنزل على رسوله (ص)فقط .
ولو قلنا أن الإجماع مثلا أو غيره مصدر من مصادر الحكم لأشركنا بالله فجعلنا له شركاء فى الحكم لأن البشر يختلفون مع بعضهم ومن ثم فهم لا يصلحون لتشريع الأحكام ولذا جعل الله فض هذا الإختلاف عن طريق حكمه وحده فقال بسورة الشورى "وما اختلفتم فيه من شىء فحكمه إلى الله "وبناء على ما تقدم نقول :إن الوحى فيه حكم لكل شىء بتعبير القرآن وبألفاظنا فيه حكم لكل موضوع أى قضية أى مسألة ومن ثم يكون قول البعض :نجتهد فيما ليس فيه نص جهل للأتى :
أن كل شىء له نص ولكننا نعلمه أو نجهله وعليه فمن الخطأ أيضا قول البعض :هذا أمر دينى وهذا غير دينى لأن كل شىء دينى بمعنى أن كل شىء له حكم فى الإسلام منصوص عليه ومعنى العبارة التى قالوها طبقا لأحكام الإسلام :هذا أمر إسلامى وهذا أمر كفرى والنص الكامل موجود فى الكعبة الحقيقة حتى يعود إليه الناس إذا حرف الكفار النصوص الأخرى كما هو الحادث الآن .
حكم الله هو الأحسن :
إن حكم الله وهو الوحى الإلهى هو الحكم الحسن أى العادل أى الفاضل ومقابل الوحى الإلهى هو الحكم الكفرى وفى هذا قال تعالى بسورة المائدة "ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون ".
حكم الرسول (ص):
عندما نقول :هذا حكم الرسول (ص)فالمعنى هذا حكم الله أى هذا حكم الرسول (ص)بما أنزل الله وفى هذا قال تعالى بسورة النساء "فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم "فهنا الرسول (ص)هو الحكم أى الحاكم ولكن هذا الحاكم لا يحكم حسب هواه وإنما حسب ما أنزل الله عليه وفى هذا قال تعالى بسورة المائدة "وأن احكم بينهم بما أنزل الله "وقال "فاحكم بينهم بما أنزل الله "وهكذا كل مسلم يجب عليه الحكم بما أنزل الله أيا كان وهذا يعنى أن حكم الله هو ما أنزل الله على أى رسول من الرسل (ص)سواء كان المطبق له الرسول أو أى مسلم .
استنباط الحكم فى أى موضوع :
لكى يحصل المسلم على حكم الإسلام فى قضية ما عليه بعمل الإستنباط ومعناه استخراج الحكم من النصوص وفيه قال تعالى بسورة النساء "وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الله وإلى الرسول وإلى أولى الأمر لعلمه الذين يستنبطونه منهم "وتتم عملية الإستنباط كالتالى :
-جمع كل الآيات التى ورد فيها اسم أو معنى الشىء المطلوب .
-فرز الآيات بمعنى استبعاد الآيات التى ورد فيها الاسم بمعانى أخرى ويتم استبقاء ما ورد فيها المعنى المطلوب .
-إحداث ترتيب زمنى للآيات المستبقاة إذا ظهر وجود حكمين فى الموضوع المطلوب لا يمكن تطبيقهم فى وقت واحد .
-تفسير الآيات بحيث تتطابق مع بعضها وهو ما يسمى تفسير الوحى بالوحى وعند التفسير يعرف حكم المطلوب .
وهنا نتحدث عما عندنا الآن وأما الوحى الكامل القرآن وتفسيره وهو بيانه فموجود فى الكعبة الحقيقية التى لا نعرف مكانها الآن
معرفة الناسخ من المنسوخ :
إن تحديد الترتيب الزمنى لمعرفة الناسخ من المنسوخ من الأحكام يقوم على التالى :
1-تكرار الناسخ أكثر من المنسوخ فى الوحى وغالبا يذكر المنسوخ مرة.
2-وجود قرينة فى الناسخ تدل على الترتيب الزمنى مثل كلمة من بعد أو الآن أو كنت وعند وجود القرينة لا يتم اللجوء للأساس الأول .
3-أن النواسخ تتميز بأنها تدخل تحت بند المحرمات والمنسوخات غالبها يتميز بأنه من المباحات .
ثبات أحكام الوحى الإلهى :
أن أحكام الوحى كلها من نوع واحد هو النوع الثابت للأسباب التالية :
أن الله سمى الوحى القول الثابت بقوله بسورة إبراهيم "يثبت الله الذين أمنوا بالقول الثابت فى الحياة الدنيا وفى الأخرة ".
أن الله بين أن أحكام أى كلمات الوحى لا تتبدل أى لا تتغير فقال بسورة الأنعام "ولا مبدل لكلمات الله ".
وبناء على ما سبق نقول أن الأحكام الإلهية لا تتغير وإنما هى ثابتة بمعنى باقية مستمرة فكل شىء له حكم لا يتبدل مهما كانت الظروف والأسباب لأن هذا الحكم يراعى كل الظروف والأسباب .
التغير والأحكام :
لقد راعى الله فى أحكام الوحى أن يكون لكل حال ولكل ظرف ولكل مكان حكم خاص به والمراد أن عدد الأحوال والظروف والأماكن محدود ومن ثم فقد وضع لكل واحد منهم حكم ثابت له ولذا بين لنا أنه جعل لكل شىء حكم فقال بسورة النحل "وأنزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شىء "وقال بسورة الأنعام "ما فرطنا فى الكتاب من شىء "ومن ثم صلحت الشريعة لكل زمان ومكان.
أنواع الأحكام فى الإسلام :
تنقسم الأحكام لنوعين
الحلال وهو ما أوجب الله علينا عمله أو خيرنا فى عمله .
الحرام وهو ما نهانا الله عنه وقد جاء هذا التقسيم فى قوله تعالى بسورة النحل "ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام "ومما ينبغى قوله أن تقسيم الأحكام لحلال وحرام هو حكم ينطبق على كل الأديان ومنها الإسلام فكل دين لابد فيه من القسمين
أنواع الأحكام الحلال :
تنقسم أحكام الحلال لنوعين :
1- أحكام مفروضة أى واجبة ليس فيها حق الإختيار ومن أمثلته الصلاة والصيام
2-أحكام مفروضة اختيارية بمعنى أن المسلم عليه أن يختار عمل حكم من أحكام المسألة وكل حكم منهم مباح عمله ولكن لا يجب على المسلم أن يتعدى أحكام الله لعمل حكم أخر من عند نفسه ومن أمثلة هذا حكم القتل فالولى له أحكام يختار بينهما هى العفو مع أخذ الدية أو العفو مع ترك الدية أو قتل القاتل وحكم التصدق يخير فيه بين التصدق فى السر أو التصدق فى العلن وأما أحكام الحرام فكلها واحد ولذا يجب تجنبه ما أمكن
فى أنواع الأحكام الإلهية :
تنقسم الأحكام حسب نوع الناس للتالى :
أحكام رجالية ومن أمثلتها حكم القوامة .
أحكام نسائية ومن أمثلتها حكم الحيض والرضاعة .
أحكام طفولية ومن أمثلتها حكم استئذان الأطفال ثلاث مرات قبل الدخول على الأزواج ،كما تنقسم حسب نوع حالة الإنسان بمعنى تنقسم حسب الصحة والمرض إلى أحكام للصحيح وأحكام للمريض وحسب حال المرأة مثلا لأحكام للمطلقة وأحكام للأرملة وأحكام للمتزوجة وأحكام للعزباء وحسب رغبة المرأة إلى أحكام للقواعد من النساء وأحكام للرواغب منهن وهناك تقسيمات أخرى .
صلاحية حكم الله لكل مكان وزمان :
الأدلة على هذا كثيرة منها :
-أن الله لا يقبل دين غير الإسلام والمراد لا يثيب الله على دين سوى الإسلام وفى هذا قال تعالى بسورة آل عمران "ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو فى الأخرة من الخاسرين ".
-أن الدين عند الله والمراد أن الحكم لدى الله هو الإسلام لقوله بسورة آل عمران "إن الدين عند الله الإسلام ".
-أن الله أتم الدين أى أكمل الإسلام ورضاه لنا دينا أى حكما نحكم به أنفسنا فى الدنيا وفى هذا قال بسورة المائدة "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا " .
-أن كل من يحكم بدين غير الإسلام مصيره هو الخسارة كما قال بسورة آل عمران "ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو فى الأخرة من الخاسرين "
وهذه كلها يقبلها المسلم ولا يقبلها الكافر ولكن الله جعل هناك دليل يقبله المسلم والكافر معا وهو دال على صلاحية الإسلام وهو رؤية آيات الله فى الآفاق وفى أنفس الناس وفى هذا قال تعالى بسورة فصلت "سنريهم آياتنا فى الآفاق وفى أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق "ومن ثم فإن الإنسان يقتنع بما يراه من تطابق وحى الله مع حقائق الكون فى الخلق والناس .
الإجماع:
يقولون :إن الإجماع هو أحد مصادر أى أدلة الأحكام وهو خطأ للتالى :
أن الله حدد مصدر الحكم بأنه شىء واحد هو ما أنزل الله فقال مثلا بسورة المائدة "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون "وعليه فقد خرج الإجماع من مصادر الحكم فى الإسلام والسبب أنه إجماع بشرى أى حكم بشرى والبشر ليس لهم فى الشريعة تشريع حكم وإنما الحكم لله كما قال بسورة يوسف "إن الحكم إلا لله "ولو قلنا أن الإجماع مصدر للحكم مع كونه بشرى لجعلنا البشر يشاركون الله فى الحكم والشرك بالله هو الظلم أى الكفر العظيم وعاقبته الخسران وفى هذا قال تعالى بسورة الزمر "ولقد أوحى إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين "وقال بسورة لقمان "إن الشرك لظلم عظيم ".
والإجماع هو اتفاق البشر أو جماعة منهم قلت أو كثرت على رأى واحد سواء كان هذا الرأى صواب أو خطأ وقد بين القرآن الآتى عن الإجماع :
أن الإجماع شىء يقع فى أى زمان بدليل وقوعه من إخوة يوسف وفى هذا قال تعالى بسورة يوسف "فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه فى غيابت الجب "وبدليل أن نوح(ص)طلب من قومه أن يجمعوا أمرهم فيه وفى هذا قال تعالى بسورة يونس "واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامى وتذكيرى بآيات الله فعلى الله توكلت فأجمعوا أمركم وشركائكم ".
أن الإجماع على نوعين هما :
أ- إجماع الباطل ومثاله فى القرآن إجماع إخوة يوسف (ص)على باطل ممثل فى رمى أخيهم فى ظلمات البئر وفى هذا قال تعالى بسورة يوسف "وأجمعوا أن يجعلوه فى غيابت الجب "وقال "وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون "وقد وقع هذا الإجماع على الباطل من المسلمين وهم أولاد يعقوب الذين كفروا ساعة إجماعهم على الباطل ،صحيح أنهم كانوا كفرة خاطئين أثناء ارتكابهم هذا الإجماع وفى هذا قال تعالى بسورة يوسف "تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين "والدليل على كونهم مسلمين قوله بسورة البقرة "أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدى قالوا نعبد إلهك وإله أبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون ".
إذا فالإجماع لا يصلح لأن يكون مصدر للحكم لأن المسلمين قد يجمعون على الباطل فى أحيان وقد حدث فى عهد الرسول (ص)من المسلمين ورسولهم (ص)إجماع على باطل هو إتهام برىء بتهمة زور لوجود شهود زور بيتوا الشهادة الزور وقد زاد الرسول (ص)على ذلك أنه كان يجادل عن شهود الزور حتى نهاه الله فقال بسورة النساء "ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم "كما نهى المسلمين عن ذلك فقال "ها أنتم جادلتم عنهم فى الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة "فإذا كان الرسول (ص)والمسلمون أجمعوا على خطأ فكيف يكون الإجماع مصدر للحكم والخطأ فيه وارد حتى من النبى (ص)كما بين لنا القرآن وقد حدث إجماع ثانى خاطىء فى أمر أسرى بدر حيث أجمعوا على أخذ الفداء والمفروض كان الإثخان فى الأرض مصداق لقوله تعالى بسورة الأنفال "ما كان لنبى أن يكون له أسرى حتى يثخن فى الأرض ".
القياس :
القياس عند القوم هو إلحاق ما لم يرد فيه نص على حكمه بما ورد فيه نص على حكمه فى الحكم لإشتراكهما فى علة الحكم وهو مخالف للوحى فى التالى :
-زعم القوم أن هناك أمور لم يرد فيها نص وهذا يخالف قوله تعالى بسورة النحل "ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شىء "وهذا يعنى أن فى الوحى حكم لكل أمر من الأمور كما يخالف قوله بسورة الأنعام "ما فرطنا فى الكتاب من شىء "فبناء على تعريف القياس يكون الله قد فرط فى بعض الأشياء وهذا يظهر مخالفته للقرآن .
-زعم القوم أن سبب إلحاق الأحكام ببعضها هو علة الحكم المنصوص عليه والعلة وهى السبب قد تكون واحدة ومع ذلك ينتج عنها حكمين أو أكثر وهذا يعنى أن الإشتراك فى العلة لا يؤدى لوحدة الحكم ومن أمثلة العلة المشتركة التى أدت لإختلاف الحكم الشهادة على الزنى أى رمى المحصنة بالزنى فشهادة الأربع توجب الحد على الزناة وشهادة الزوج لا توجب مع تكرارها الحد إذا نفتها الزوجة وفى هذا قال تعالى بسورة النور "ويدرؤا عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين "ومن الأمثلة أيضا علة الطلاق أدت لإختلاف الحكم فى النساء فالمرأة التى تحيض عدتها ثلاث قروء أى حيضات لقوله تعالى بسورة البقرة "والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء "والمرأة التى لا تحيض عدتها ثلاثة شهور وفى هذا قال تعالى بسورة الطلاق "واللائى يئسن من المحيض إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر "والمرأة الحامل عدتها أن تضع حملها وفى هذا قال تعالى بسورة الطلاق "وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ".
إذا الإشتراك فى العلة لا يؤدى لوحدة الحكم وهو أصل القياس والقياس الصالح هو الحكم بما أنزل الله بمعنى أن يقيس الحال على حكم الله أى يطبق حكم الله فى الحال الموجودة .
عمل الرسول (ص)
يقصد به ما قام به من أفعال فى حياته وعمل الرسول (ص)ليس مصدرا للحكم للتالى :
أن الوحى الإلهى المنزل هو المصدر الوحيد للحكم لقوله تعالى بسورة المائدة "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون "فالحكم حسب القول يكون بما أنزل الله فقط وهو كلام وعمل الرسول(ص)ليس كلاما .
-أن عمل الرسول (ص)ليس صالحا كله فكيف يكون مصدرا للحكم وفيه أعمال فاسدة أى ذنوب بدليل قوله تعالى بسورة الفتح "إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر "وقوله بسورة محمد"فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك "ولو سلمنا بأن عمل الرسول (ص)مصدر للحكم لوجب علينا أن نفعل ما فعله من الذنوب التى عملها اقتداء بما فعل وهو جنون ومن أفعال الرسول (ص)الفاسدة التى أذنب بها سماحه للمنافقين بالإنصراف من الميدان رغم تحذير الله له من ذلك وفى هذا الذنب قال تعالى بسورة التوبة "عفا الله عنك لما أذنت لهم "وخوفه من الناس فى أمر زيد وطليقته وعدم إعلانه الأمر والذى قال فيه تعالى بسورة الأحزاب "وإذ تقول للذى أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفى فى نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه " فهل يجب أن نقتدى به فى فعله الخاطىء ؟كلا لأن الطاعة هى لحكم الله وحده .
عمل الصحابة :
هى أفعالهم التى فعلوها فى حياتهم وهى ليست مصدرا للحكم للتالى :
-أن عمل الصحابة ينقسم لنوعين الصالح والفاسد وهو الذنوب أى السيئات وقد سجل الله بعض ذنوبهم فى القرآن فقال مثلا بسورة التوبة "وأخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وأخر سيئا" وقوله بسورة النور "إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امرىء منهم ما اكتسب من الإثم "وقوله بنفس السورة "ولولا فضل الله عليكم ورحمته فى الدنيا والأخرة لمسكم فيما أفضتم فيه عذاب أليم إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم "فهذا ذنب الإفك ونشره وتصديقه وقوله بسورة آل عمران "إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا "فهذا ذنب الفشل وهو الخلاف وقوله تعالى بنفس السورة "ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه حتى إذا فشلتم وتنازعتم فى الأمر وعصيتم "فهذا ذنب الفشل وهو التنازع فى الحكم أى عصيان الله والرسول (ص)وهذه النصوص كافية لكى نعرف أن وجود العمل السييء فى عمل الصحابة يجعل هذا العمل غير صالح كمصدر للأحكام لأنه سيدخل أحكام فاسدة فى الشريعة بناء على هذه الأعمال الفاسدة .
-أن عمل الصحابة لو أصبح مصدر للأحكام لكان معنى هذا مشاركة البشر لله فى الحكم وهذا ما يخالف قوله تعالى بسورة يوسف "إن الحكم إلا لله "فهنا الحكم لله وحده وليس لأى إنسان أو مخلوق :
عمل أهل المدينة :
هو أفعال ساكنى مدينة الرسول (ص)التى فعلوها فى حياتهم وهو لا يصلح كمصدر للأحكام للتالى :
أن عمل أهل المدينة ينقسم لعمل صالح وعمل سيىء ومنه طلب بعضهم الإذن من الرسول (ص)أثناء غزوة الأحزاب كى يفروا من القتال وفى هذا قال تعالى بسورة الأحزاب "وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا ويستئذن فريق منهم النبى يقولون إن بيوتنا عورة وما هى بعورة إن يريدون إلا فرارا "إذا لا يمكن الإستدلال بالعمل كمصدر للحكم لأننا سوف ندخل أحكام فاسدة فى الشرع بناء على عملهم الفاسد .
-أن أهل المدينة لم يكونوا كلهم مسلمين فمنهم المسلمون والكفار والمنافقون والدليل قوله بسورة التوبة "وممن حولكم منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم "فكيف نستدل بأعمال أناس منهم كفار خفوا على النبى (ص)؟لو استدللنا بأعمالهم لكان الحادث هو إدخال الفساد فى الشرع لأن المنافقين كانوا مجهولين ومن ثم كانوا فى زمرة الصحابة .
-أن الله أخبرنا أن المصدر الوحيد هو ما أنزل مصداق لقوله بسورة المائدة "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون ".
-أن عمل أهل المدينة لو جعلناه مصدرا للحكم لأشركناهم مع الله فى الحكم وقد حرم الله الشرك فقال بسورة لقمان "إن الشرك لظلم عظيم ".
العرف :
هو التقليد الذى درج عليه الناس أى الحكم الذى توارثه الخلف عن السلف فعملوا به أى ما كان عليه الأباء والعرف ليس مصدرا للحكم للتالى :
-أن الله نهانا عن إتباع ما كان عليه الأباء الذين كانوا لا يعقلون ولا يهتدون وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه أباءنا "إذا فاتباع ما كان عليه الأباء الكفرة لا يصلح مصدرا للحكم لأن ما كانوا عليه ليس إسلاما .
-أن العرف منه المباح ومنه المحرم وما دام مقسم على أساس الوحى الإلهى فكيف يكون مصدرا للحكم وهو يستمد شرعيته من مصدر أخر .
-لو سلمنا بأنه مصدر لأشركنا الناس الذين عملوه مع الله فى الحكم وقد حرم الله الشرك بقوله بسورة النساء "إن الله لا يغفر أن يشرك به ".
-أن الحكم لله وحده مصداق لقوله بسورة يوسف "إن الحكم إلا لله ".
والوحى الإلهى يبيح بعض الأعراف وقد ورد تقليد أباحه الله للمسلمين الذين كتابهم الإنجيل وهو الرهبانية لأنهم طلبوا إباحته رغبة فى رضوان الله وفى هذا قال تعالى بسورة الحديد "وقفينا على آثارهم بعيسى ابن مريم وأتيناه الإنجيل وجعلنا فى قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها "وهذا التقليد ليس مباحا للمسلمين فى الوحى المنزل على خاتم النبيين(ص)وكان لبنى إسرائيل تقليد أخر أباحه الله لهم وهو اتباعهم إسرائيل (ص)فيما حرم على نفسه من أصناف الطعام وفى هذا قال تعالى بسورة آل عمران "كل الطعام كان حلا لبنى إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة " .
الإستحسان :
هو تفضيل شىء على شىء أو أكثر وهو عند القوم إباحة الشىء لإستحسان النفس إياه لفوائده وهو لا يصلح كمصدر للحكم للتالى :
-أن النفس منها العقل استحسانها على نوعين مباح ومحرم وهو مبنى على أساس الوحى الإلهى وليس معقولا أن يكون هناك أساس فوق الأساس لأن الأساس واحد .
-أن الفائدة لا تصلح كأساس للإستحسان لأن الفائدة فى الإسلام قد تكون خيرا للمسلم أو أذى له فى الدنيا فأساس الإستحسان هو جلب الخير والإسلام فيه أحكام تجلب الأذى ومنه الجهاد وتحريم حج الكفار ومن ثم فالفائدة فى الإسلام ليست هى فائدة الإستحسان .
-أن الله قرر أن مصدر الحكم هو ما أنزل الله أى ما أوحى الله وحده وفى هذا قال تعالى بسورة المائدة "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ".
-أننا لو جعلنا الإستحسان مصدرا للحكم لأشركنا فاعليه مع الله وهو ما حرمه بقوله بسورة لقمان "لا تشرك بالله ".
ومما ينبغى ذكره أن الإستحسان بمعنى تفضيل بعض الأشياء على بعض أتت فيه نصوص منها قوله تعالى بسورة الرعد "وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض فى الأكل "فهذا النص يبيح لنا أن نستحسن أكل أطعمة على أخرى وقوله بسورة البقرة "واذكروا الله فى أيام معدودات فمن تعجل فى يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه "فهذا النص يبيح للمسلم أن يستحسن ذكر الله فى عدد الأيام التى يريد شرط ألا يقل عددها عن اثنين والإستحسان مواضعه أى التفضيل مواضعه محددة فى النصوص فمنها ما فى الأكل ومنها ما فى القتل ومنا ما فى الطلاق وغيره .
سد الذرائع :
يقصد بها منع الأسباب المؤدية لإرتكاب الذنوب وهو لا يصلح للتالى :
-أننا لو طبقنا القاعدة لوجب على الإنسان أن يميت نفسه فى أسوأ الأحوال وفى أحسنها لا يتحرك من مكانه أبدا والسبب أن كل شىء حول الإنسان سبب لإرتكاب الذنوب فمثلا الحجر أمامه قد يعبده بالطواف حوله أو يزنى به بقذف المنى فيه ومثلا البحر قد يلوثه بالبراز فيه والتبول ومثلا المرأة حتى ولو أمه قد يزنى بها أو يغتصبها ،أضف لهذا أن السبب الداخلى موجود داخل النفس الإنسانية وهو الشهوات وحتى يمنعها الإنسان من ممارسة عملها المؤدى لإرتكاب الذنوب لابد من قتل نفسه وحتى هذا الفعل محرم إذا قصد به الكفر .
-أن الحكم مصدره الله وحده مصداق لقوله تعالى بسورة يوسف "إن الحكم إلا لله ".
-أن تطبيق القاعدة يؤدى لمخالفة الوحى لأنه يحرم ما أباحه الله فى النصوص وعلى هذا يكون مشاركة لله فى حكمه وأكثر من ذلك اعتراض على حكمه والشرك محرم لقوله تعالى بسورة النساء "إن الله لا يغفر أن يشرك به "ومما ينبغى قوله أن الله أعطى الناس الحق أن يمنعوا ما يحتمل وقوعه من الذنوب فى بعض الأحوال ومن أمثلة هذا أن الرجل الصالح طلب من موسى (ص)أن يتزوج إحدى ابنتيه منعا لقيام علاقة محرمة فى المستقبل بينه وبين إحداهن نتيجة سكنه معهم فى البيت وفى هذا قال تعالى بسورة القصص "قال إنى أريد أن أنكحك إحدى ابنتى هاتين ".
-أن ابنتى الرجل الصالح وقفتا بعيدا عن الرعاة وحيواناتهم وذلك منعا للتشاجر ومنعا لهم من القيام بالتغزل فيهن ومنعا لتعبهما فى إدخال حيواناتهم وإخراجها وسط الحيوانات الأخرى وفى هذا قال تعالى بسورة القصص " فلما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقى حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير ".
-أن لوط(ص)قدم بناته لرجال قومه حتى يتزوجوهن منعا من قيامهم بارتكاب الفاحشة مع ضيوفه فى البيت وفى هذا قال تعالى بسورة هود"قال يا قوم هؤلاء بناتى هن أطهر لكم فاتقوا الله ولا تخزون فى ضيفى أليس منكم رجل رشيد ".
شرع من قبلنا :
هو كتب أهل الكتاب وهى لا تصلح للتالى :
أن هذا الشرع قد حرفه أهل الكتاب السابقين فزادوا فيه ونقصوا منه حسبما تراءى لهم وفى هذا قال تعالى بسورة الأنعام "قل من أنزل الكتاب الذى جاء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا "فهنا أخفوا أى أنقصوا بعض الكتاب وقال بسورة المائدة "فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه "فهنا حرفوا الوحى أى زادوا فيه وبعد كيف يمكن أن نستدل بشىء لم نعد نعرف ما فيه من كلام الله من كلام البشر إلا ما ظهر من أباطيل البشر ؟إن شرع من قبلنا محرف ومخفى منقوص منه ولذا لا يصلح لنا كمصدر للحكم .
أن النصوص الموجودة الدالة على شرع ما قبلنا فى القرآن تنقسم لنوعين هما :
نصوص لا تصلح لتطبيقها علينا لوجود حكم قرآنى ناسخ لها ومنها حكم السرقة فقد كان فى شريعة يعقوب (ص)استعباد المسروق ولكنه فى شرعنا قطع يد السارق .
نصوص تصلح للتطبيق علينا لأن القرآن أكدها ومنها حكم القصاص فى القتلى فقد ورد فى شريعة بنى إسرائيل وأكده الله فى القرآن.
وما دامت الشرائع القبلية فيها ما يصلح وما لا يصلح لنا فهى لا تنفع كمصدر للحكم لعدم قدرة أحد على تمييز قول الله فيها من قول البشر فيها ما لم يكن ظاهر البطلان .
-أن الله أن أمرنا ألا نطيع أهل الكتاب فقال بسورة آل عمران "يا أيها الذين أمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين "وقال بسورة البقرة "ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا "وعليه لا يحل لنا طاعة كتبهم التى حرفوها حتى لا نرتد عن ديننا .
المصالح المرسلة:
هى الفوائد التى تأتى من وراء إحداث حكم محدد وهى لا تصلح كمصدر للحكم للتالى :
-أن المصالح فى الإسلام ليس أساسها نفع المسلمين أو درأ الضرر عنهم كليا وإنما المصلحة هى ما أدت لإكساب المسلم الحسنات فى الدنيا والجنة فى الأخرة حتى لو أدت إلى إضراره دنيويا والدليل وجود أحكام تجلب الضرر الدنيوى مثل منع المشركين من الحج فهذا الحكم منع الرزق الأتى من الكفار ومثل الجهاد فهو يجلب الضرر الممثل فى القتلى والجرحى واهلاك المال،إذا المصلحة إسلاميا لا يحددها الإنسان وإنما يحددها الله .
-أن كل الوقائع المروية التى استشهد بها القوم على وجود المصالح المرسلة لا توجد فيها واقعة واحدة حدثت وإنما هى حكايات كاذبة للتالى
مخالفتها لوحى الله .
وجود واضعين كاذبين فى أسانيدها ونكتفى بإيراد مثالين هما :
(1)حكاية جمع القرآن فى عهد أبو بكر وفى عهد عثمان هى حكايات كاذبة تخالف قوله تعالى بسورة القيامة "إنا علينا جمعه وقرآنه "فالله هو جامع القرآن بنص الآية وليس البشر .
(2)حكاية استخلاف أبو بكر لعمر وعمر لستة من بعده وهى حكايات تبين لنا جهل الخلفاء وهم من أعلم الناس بالشريعة ومن ثم فهم لا يعرفون قوله تعالى بسورة الشورى "وأمرهم شورى بينهم "أى وحكمهم مشترك بينهم ومن ثم فالمسلمون كلهم يشتركون فى اختيار حاكمهم .
-أن الله أعلن أن المصدر الوحيد للحكم هو ما أنزل واعتبر من لم يحكم به كافرا فقال بسورة المائدة "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ".
-أن المصالح المرسلة يصنعها البشر ولو جعلناها مصدرا للحكم لكان ذلك هو الشرك المحرم فى قوله بسورة لقمان"لا تشرك بالله ".
والحمد لله أولا وأخرا .
اجمالي القراءات 14533