تسبب مشروع القانون الإسرائيلي الرامي إلى تقييد الأذان بظهور صورة "إبداعية" تعبر عن الاحتجاج على المشروع ورفضه عبر العالم العربي من قبل المسلمين والمسيحيين على السواء.
ويرمي مشروع القانون الإسرائيلي الأخير إلى تقييد استخدام مكبرات الصوت في رفع الأذان بمدينة القدس وضواحيها، الأمر الذي تسبب بظهور صورة غير تقليدية من أشكال التضامن ورفض المشروع، تسارع إلى رسمها كل من المسلمين والمسيحيين.
هذا وقد برزت أصوات ترفع الأذان في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، وفي البرلمانات العربية والملاعب الرياضية وفي الميادين وعلى أسطح المنازل، وأيضا على شاشات التلفاز، كمظهر من مظاهر التضامن ورفض المشروع.
وفي حدث لافت ارتفع صوت "الأذان" الجمعة الماضية في مدرجات أحد ملاعب الأردن، بدلا من أن ترتفع صيحات التشجيع والهتافات باسم اللاعبين، كما هو الحال في أغلب مباريات كرة القدم.
وصدحت الجماهير بالأذان في الدقائق الأخيرة من مباراة نادي "الوحدات" ونظيره "الجزيرة" على ملعب "عبد الله الثاني" في العاصمة عمان ضمن الدوري الأردني لكرة القدم، وأظهر فيديو جرى تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، وقوف الجماهير وهي تُردد "الأذان" بصوت واحد.
ولاقت هذه الحادثة استحسان وإعجاب رواد مواقع التواصل الاجتماعي، فدعوا إلى تكرارها في كافة الملاعب العربية ردا على القرار الإسرائيلي.
وكانت اللجنة الوزارية لشؤون التشريع صادقت في 13 نوفمبر/تشرين أول الجاري على مشروع قانون يفرض قيودا على استخدام مكبرات الصوت في الأذان.
ولكن تحفُّظ "يعقوب لتسمان" وزير الصحة وزعيم حزب "يهودوت هتوراه" على مشروع القانون، تخوفا من استخدامه ضد بعض الشعائر اليهودية، حال دون تقديمه للتصويت عليه.
غير أن مراقبين يعتقدون أن الحكومة الإسرائيلية سوف تطرح المشروع على التصويت مجددا، عقب إجراء تعديلات عليه.
وفي مشهد آخر، رفع النائب العربي في الكنيست أحمد الطيبي، الاثنين الماضي، أذان المغرب من على منصة الكنيست احتجاجا على قانون منع الأذان.
وهتف الطيبي، عقب رفع الأذان، "المؤذن سيؤذن أيها المارّون بين الكلمات العابرة (كلمات مقتبسة من قصيدة للشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش كناية عن زوالهم).. الله أكبر عليكم". وعلى خطى الطيبي رفع النائب العربي طلب أبو عرار الأذان خلال كلمته داخل مبنى الكنيست.
وتعبيرا عن رفضه لمشروع القانون الإسرائيلي، رفع النائب الأردني نبيل الشيشاني في ختام جلسة النواب التي عُقدت الأربعاء الماضي الأذان.
بالإضافة إلى مسيرات جابت شوارع قطاع غزة والضفة الغربية مؤخرا رفضا للقرار الإسرائيلي، حيث رفع المشاركون "الأذان" وصدحت أصواتهم بالتكبير.
وقام مواطنون فلسطينيون برفع أذان العشاء من على أسطح منازلهم في البلدة القديمة بالقدس، حسبما أظهر فيديو جرى تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي. وأظهر الفيديو رفع الأذان وترديده في وقت واحد، وسط هتافات تندد بالقرار الإسرائيلي من بينها "أذان بلال لن يسكت".
وتداول نشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي ترديد عدد من الإعلاميين المصريين، مثل جابر القرموطي، الأذان عقب عرضه لمقطع فيديو لرفع الأذان في الكنيست.
ولم ينته الأمر عند هذا وحسب، فقد أطلق نشطاء حملة إلكترونية على موقعي فيسبوك وتويتر، تعبيرا عن رفضهم للقانون الإسرائيلي، عبر هاشتاغ "#لن_تسكت_المآذن".
ونشر النشطاء العديد من المنشورات ومقاطع الفيديو والصور التي تعبر عن رفضهم للقرار، وتطالب برفع الأذان في كل مكان.
وفي تصريح ناري لحنين الزعبي، النائبة العربية في الكنيست، كتبت على حسابها في تويتر: "من يزعجه صوت الأذان فليعد إلى أوروبا، أصوات المآذن جزء من ثقافة الوطن وسكانه الأصليين وهذا ما تريدون اقتلاعه".
ولم تقتصر الاحتجاجات على المسلمين، فخلال وقفة احتجاجية نُظمت في مدينة نابلس، رفع علماء دين مسلمون ورجال دين مسيحيون وسامريون الأذان بشكل مشترك احتجاجا على مشروع القانون.
وقال يوسف سعادة راعي كنيسة الروم الكاثوليك في نابلس: "هذا التفاف إيماني لأن المسلم والمسيحي والسامري يتفق على وحدانية الله".
وبحسب المدير السابق للمسجد الأقصى، ناجح بكيرات، فإن الأذان لم يتوقف في فلسطين ومدينة القدس منذ 1400 عام.
وكان لفت ناجح بكيرات في وقت سابق إلى أن أول من صدح بالأذان في القدس هو الصحابي بلال بن رباح، مؤذن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، بعد أن فتحها الخليفة عمر بن الخطاب في العام الخامس عشر للهجرة واستمر حتى الآن دون انقطاع.
وبالنسبة للمسلمين فإن "الأذان" ليس مجرد كلمات بل هو شَعيرة من شعائر الإسلام، وعرفها العلماء بكونها:" كلمات مخصوصة في أوقات مخصوصة للصلاة".