ألغت محكمة النقض، صباح أمس، الحكم الصادر من جنايات القاهرة ببراءة هانى سرور، عضو مجلس الشعب، و٥ آخرين فى قضية توريد أكياس دم فاسدة إلى وزارة الصحة.
وقررت المحكمة إرسال ملف القضية إلى محكمة استئناف القاهرة لتحديد جلسة لإعادة محاكمة المتهمين أمام دائرة جنايات جديدة، فور صدور القرار اتصل المحامون بهانى سرور وأبلغوه بالحكم، فيما غاب المتهمون عن جلسة أمس وترافع دفاعهم لمدة ساعة أمام المحكمة.
كان المستشار عبدالمجيد محمود، النائب العام، قد طعن بالنقض على الحكم الذى أصدرته محكمة الجنايات، بالبراءة فى قضية أكياس الدم الفاسدة، الموردة من شركة هايدلينا، التى يمتلكها سرور إلى وزارة الصحة. للخطأ فى تطبيق القانون ومخالفة الثابت فى الأوراق والتعسف فى الاستنتاج والفساد فى الاستدلال وتناقض أسباب الحكم وعدم صحة إجراءات إصداره.
وقال النائب العام فى طعنه: إن حكم البراءة شابه العديد من أوجه الطعن، منها الخطأ فى تطبيق القانون، إذ استند على قضائه ببراءة المسؤولين فى الشركة، على أساس أن تلك العيوب الثابتة فى قرب الدم تدخل فى نطاق النسب المسموح بها فى قانون المناقصات والمزايدات، على خلاف الحالة الخاصة بالقرب، التى أكدت التقارير الفنية بشأنها أنها لا تصلح للغرض المعدة له ولم تصدر موافقة من الجهة المختصة بقبولها.
ارتكن الحكم على نفى تحقق الغش لما جاء بتقرير لجنة الطب الشرعى، المشكلة بمعرفة النيابة العامة، من سلامة مكونات سائل منع التجلط والتفت عن باقى العيوب الثابتة بالتقارير الفنية الأخرى، ومنهازيادة درجة استطالة الخامة المصنعة منها القرب إلى الضعف، مما قد يؤدى إلى تعرض المتبرعين بالدم للإغماء وزيادة تركيز الكلوريد ونسبة القلوية فى الخامة، ووجود ميكروبات وفطر بها، وانبعاث رائحة فى بعض القرب مما قد يؤدى إلى تسلل البكتيريا إلى دم المريض وإصابته بتسمم بكتيرى، وسهولة إزالة الأرقام الموجودة على «اللى»،
مما قد يؤدى إلى عدم الاهتداء إلى شخص المتبرع بالدم بعد اختبار صلاحيته، فضلاً عن المقرر قانوناً من أن مدلول الغش يشمل كل مخالفة لأصول صناعة الشىء أو المواصفات القياسية المصرية، والتى أثبتت التقارير الفنية عدم مراعاتها فى إنتاج هذه القرب، إلا أن الحكم قصر مدلول الغش فى تنفيذ عقد التوريد على مخالفة بنود المواصفات الفنية للمناقصة فقط.
أضاف النائب العام: أن حكم البراءة خالف الثابت فى الأوراق وأصابه التعسف فى الاستنتاج والفساد فى الاستدلال، إذ ورد بالحكم أن المتهمين الثالث والرابعة لم يتدخلا فى أعمال المناقصة أو التوريد، على خلاف الثابت بالأوراق، من أن المتهم الثالث حضر ٥ اجتماعات مع مسؤولى وزارة الصحة، أنصبت على موضوع المناقصة، ومع مفتشى إدارة الصيدلة بالمصنع، تعلقت بخط إنتاج القرب،
وأن المتهمة الرابعة هى التى تولت إجراءات تقديم عرض الشركة واستيراد ماكينات وخامات الإنتاج، كما نسب الحكم لشاهدتين أن العيوب الواردة بقرب الدم قد تحدث من سوء التداول والتخزين، على عكس ما شهدتا به، من أن هذه العيوب لا تحدث إلا من الإنتاج وسوء الخامات.
أورد الحكم أنه لم ترد أى شكاوى من الجهات المستعملة للقرب من أى عيوب بها، على خلاف الثابت بالأوراق، من ورود عدة شكاوى فى هذ الشأن، عن حدوث الآلام للمتبرعين، وعدم إتمام بعض عمليات التبرع، وحدوث تجلطات فى بعض القرب، فضلاً عما قرره أحد الشهود، عن شعوره بالألم أثناء عملية التبرع، بالإضافة لإصابته بإغماء وتورم فى الذراع، ووصف الحكم التقارير الفنية العديدة، سواء الواردة من الجامعات المختلفة أو اللجنة المنتدبة بمعرفة النيابة العامة، فيما أوردته من عيوب فى هذه القرب، بأنها متناقضة على أساس أن كلاً منها أضاف عيوباً أخرى لم يوردها غيره دون أن يخالف أحدهما الآخر،
وذلك بدلاً من أن يصفها بأنها تقارير متكاملة، بل وصفها بأنها متناقضة وبالتالى لم يعول عليها، وافترض أيضاً تناقض تقرير اللجنتين المنتدبتين من النيابة العامة لفحص القرب الموردة والدم المجمع داخلها دون الفطنة إلى أن اللجنة الأولى انتدبت لفحص القرب ذاتها وليس الدم المجمع داخلها، الذى انتدبت له اللجنة الثانية.
وأشار النائب العام إلى التناقض بين أسباب الحكم وعدم صحة إجراءاته، إذ نفى الحكم جريمة التربح فى موضع منه على أساس سلامة الإجراءات التى اتبعت، وتوافقها مع أحكام قانون المناقصات والمزايدات، بينما انتهى فى ذات المقام لنفى ذات التهمة وأن إجراءات المناقصة برمتها شابتها أخطاء ومخالفات لأحكام قانون المناقصات والمزايدات ولائحته التنفيذية، ونفى جريمة الغش التجارى، على أساس أنها لا تتوافر إلا فى حق مدير المصنع والمحلل الصيدلى، ثم انتهى فى ذات الوقت إلى تبرئة المتهمتين الخامسة والسابعة اللتين أقرتا بتوليهما هذه المسؤولية، مما يعيب الحكم على نحو يناقض بعضه وما يثبته البعض الآخر، فلا يعرف أى الأمرين قصد.
وتبين أيضاً عدم صحة إجراءات الحكم، إذ صدر من محكمة الجنايات بتشكيل مغاير لتشكيل الدائرة التى استمعت إلى مرافعة النيابة العامة، كما أن المحكمة قبلت مذكرة للدفاع عقب قفل باب المرافعة وعولت فى حكمها على بعض ما أوردته هذه المذكرة دون فتح باب المرافعة وتمكين النيابة العامة من التعليق على ما ورد بها. وبناء على ما تقدم أعد عماد عبدالله، رئيس نيابة الأموال العامة العليا، مذكرة أسباب الطعن بالنقض تحت إشراف المستشار على الهوارى، المحامى العام الأول لنيابة الأموال العامة، وتم إيداعها والتقرير بالطعن.
وطلب ممثل نيابة النقض، أمس، من هيئة المحكمة، قبول الطعن وإعادة محاكمة المتهمين من جديد. بينما ترافع دفاع المتهمين وردوا على الأسباب التى جاءت فى مذكرة طعن النائب العام. قال دفاع هانى سرور، إن موكله لم يتدخل فى عمل الإدارة المركزية بوزارة الصحة ولم يضغط للحصول على المناقصة، لكن شركته تقدمت بأفضل العروض.
ولم تكن تلك المناقصة الأولى التى تحصل عليها الشركة من الوزارة. ورد الدفاع أيضاً على عدم إيداع الجنايات أسباب البراءة، كما جاء فى مذكرة الطعن، مؤكداً أن المحكمة غير ملزمة بإيداع جميع الأسباب وبالرغم من ذلك وضعت ٣١ سبباً للبراءة. وأضافوا أن التقارير التى قدمتها ٥ جامعات مصرية فى القضية أكد سلامة موقف الشركة.
وبعد مداولة استمرت نصف ساعة، قررت المحكمة إلغاء حكم البراءة، وإعادة محاكمة المتهمين من جديد أمام «الجنايات». صدر الحكم برئاسة المستشار وفيق الدهشان وعضوية المستشارين ناير عثمان وفتحى جودة، وقال مصدر أمنى - طلب عدم نشر اسمه - إن المتهمين ستتم محاكمتهم على نفس الحالة التى كانوا يحاكمون بها. وسيذهب المتهمون فى أول جلسة من منازلهم وخلال الجلسة ستقرر المحكمة حبسهم أو إخلاء سبيلهم على ذمة القضية.
كانت محكمة جنايات القاهرة قد برأت كلاً من هانى سرور، عضو مجلس الشعب، صاحب مصنع هايدلينا، ووفاء عبدالرحيم الزرقانى، مدير المصنع، وأشرف إسحاق، مدير الإنتاج بالمصنع، وفتحية أحمد عبدالرحيم، مديرة الجودة بالمصنع، والدكتور حلمى صلاح الدين، مدير الإدارة العامة لشؤون الدم بوزارة الصحة، والدكتور محمد وجدان شكرى، رئيس قسم التوجيه الفنى بإدارة شؤون الدم.