الأصولية
الاصولية في الحركات الاسلامية ،والحل..

زهير قوطرش في السبت ٢٣ - أغسطس - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً




الاصولية في الحركات الاسلامية ،والحل..

يقول الدكتور حامد نصر أبو زيد :"والحقيقة أن الناظر في الفرق بين المعتدل ،والمتطرف من الخطاب الديني لا يجد بينهماً تغايراً أو أختلافاً من حيث المنطلقات الفكرية او الآليات ،ويتجلى التطابق في اعتماد نمطّي الخطاب على عناصر اساسية ثابته في بنية الخطاب الديني بشكل عام،عناصر اساسية غير قابلة للنقاش أو الحوار أو المساومة"
من خبرتي المتواضعة ومعرفتي عن قرب لأشخاص يمثلون الاعتدال حسب قولهم والاصولية  فقد وجدت أن &aهناك الكثير الكثير من المشترك بين الاصولية والاعتدال.مع فارق أن الاصولية أو السلفية تعلن عن مبادئها بشكل علني ،أما من يمثل الاعتدال ،فهم يمثلون الاعتدال علناً ولكنهم يتطابقون مع الاصولية والسلفية عملاً .
والاصولية الحديثة ،هي كسابقتها أيام السلف ، هي ردة فعل على واقع حضاري وثقافي يتصف بتأثير العامل الاجنبي وثقافته من ناحية ،وصفتة العقلانية التي ترتبط بهذا الفكر. والتاريخ يشهد على أن السلف من أمثال أحمد بن حنبل كان أصولياً بامتياز أنذاك .وكانت أصوليته رداً على الثقافة اليونانية وذلك ضد من تمثَّلها من المعتزلة ودخول ثقافة الشعوب الغير عربية وامتزاجها بالثقافة الاسلامية .كذلك الحركات الاصولية اليوم في معظمها ما هي إلا ردة فعل ضد الحضارة الغربية"الغازية" حسب رأيهم .وطابعها العقلاني والتكنولوجي. والمتعارف عليه في علم النفس أن الخائف على وجوده وهويته فأنه ينكمش ويتقوقع في ذاته.ويحاول التمسك بقوة ما ....طلباً للأمان.وإذا ما ترافقت الهجمة الغازية بظروف اقتصادية أجتماعية متأزمة تصبح العودة الى الماضي ايديولوجية هذه الحركات .ويعاد استنتاج الماضي الناصع البياض في نظرهم ليزيدوا عليه من اوهامهم بانه المطلق في كل شيء . يقول الدكتور محمد عابد الجابري "إن التهديد الخارجي وخصوصاً عندما يكتسي شكل التحدي للذات المغلوبة،لمقومات وجودها وشخصيتها،يجعل هذه الأخيرة تحتمي بالماضي تنتكص الى الوراء وتتثبت في مواقع خلفية للدفاع عن نفسها.إنه ميكانزم للدفاع معروف ,تعمل الذات فرداً كانت أم جماعة على الدفاع عن نفسها بواسطته ضد الخطر الخارجي"(اشكاليات الفكر العربي المعاصر)
والمشكلة في الطرح الأصولي ،أنه يعيد التقديس للإسلام الى عصر الوحي ،حتى يكتسب هذا الطرح لدى الاوساط الشعبية والمُسيرة كالقطعان مصداقية ، ويركز الطرح الاصولي بأن الدولة الاسلامية أنذاك كان يديرها الله عز وجل في كل شؤنها الكبيرة والصغيرة،وما علينا إلا إعادة الزمان الى الخلف ،والعيش كما كان يعيش النبي والصحابة. وبذلك نكسب ثواب الدنيا والأخرة.
يقول أبوعلي المودودي"تلقينا هذا القانون من محمد صلوات الله وسلامه عليه،في شكلين أؤلهما القرآن الذي يحوي أحكام إله العالم وقوانينه بألفاظه تعالى مباشرة،وثانيهما أسوة محمد (ص) الحسنة وسنته الطاهرة الشريفة التي توضح القرآن وتشرحه" (الحكومة الاسلامية).
والرأي الأغرب في هذا السياق راي شكري مصطفى زعيم "التكفير والهجرة. بقوله"لا بد من سلوك طريق النبي وأصحابه شبراً شبراً،وذراعاً بذراع لأن الله سبحانه وتعالى يبدأ الخلق ثم يعيده بصورة لاتتغير ولا تتبدل ولا تتحول وهي كما بدأ الاسلام يعاد الاسلام .
من كل ذلك نستنتج أن هذا الطرح في المحصلة سيؤدي الى أن المجتمعات الاسلامية التي لاتسير على طريق الرسول(ص) وصحبه ،شبرأ شبرا ،فهي مجتمعات لأفراد كفرة ، وبذلك تم تكفير الانظمة وتكفير الشعوب التي تعيش في كنف هذه الانظمة. والغريب أن هذا الشكري مصطفى الذي يريد أن يستنسخ التاريخ السلفي لهذا يطرح مقولة الهجرة ،كون النبي (ص) لم يستطع اقامة دولة الاسلام إلا بعد أن هاجر الى المدينة،لهذا يطلب الى أعوانه هو وغير من قيادات الحركات الأصولية الهجرة لأقامة الدولة الاسلامية ،فكانت الهجرة الى أفغانستان ،او الى الغرب ،لكن بعد فشل هذه المحاولة ،قالوا في الاعادة ومراجعة فكرة الهجرة ،حيث اعتبروا أن الشعوب الاسلامية بأكملها مع حكوماتها شعوب ،لاتعتمد تصوراتهم الايدولوجية الاسلامية ,فهي إذن مجتمعات غير اسلامية ،لهذا طلبوا الى أعوانهم الهجرة الى الإسلام من داخل هذه المجتمعات ،وتحويلها الى مجتمعات اسلامية أصولية حسب معتقداتهم بالقوة ،والقتل الفردي والجماعي ،وهذه مانشهده اليوم على امتداد العالم الاسلامي .
وأصل هذا الفكر في الحقيقة يعود الى مرشدهم الأول سيد قطب ،الذي أعتبر كل المجتمعات الحديثة مجتمعات جاهلية بما في ذلك المجتمعات الاسلامية لأنها في نظره القاصر ،لا تطبق المفهوم الأسلامي للحاكمية لذلك فهي جاهلية .
اما الغلو الأكبر هو ما جاء في ادبيات حزب التحرير الاسلامي عندما قسم العالم الى دارين .دار كفر ودار إسلام .فأما دار الإسلام: لاوجود له حالياً . اما دار الكفر فهو مثل ايام مهبط الوحي ،كل العالم دار كفر. لهذا يجب أن تكون علاقة حزب التحرير الاسلامي مع هذا العالم علاقة حرب ورفض. ،
المشكلة الكبيرة في هذه التخرصات ،هي أن هذه الحركات لايعتبرون سلوكية الافراد ،وتقوى الافراد  الحَكم لمدى اسلام الفرد وإيمانه،بل العبرة في نوع الحكم الذي يعيشون فيه ،ويخضعون لقوانينه.هل يخضع للحاكمية الآلهية الاسلامية أم لا؟
ولهذا نرى أن التاريخ قد توقف عن هذه الجماعات الأصولية ،رغم أن قياداتهم تركب السيارات ،وتنام بأفخر الفنادق،وتأكل أطيب وأشهى الطعام،ويتزوجوا ما طاب لهم من النساء  ،ومع ذلك نراهم في هيئتهم ينسخون الماضي. في لباسهم يتعمدون لبس القلابية القصيرة ،ويحلقون شواربهم ويطيلون شعر ذقونهم . ويحضرني قول لماركس أو أنجلز عند تحليل وقائع الثورة الافرنسية" تراهم يلجئون في وجل وسحر الى استحضار معطيات الماضي لتخدم مقاصدهم ويستعيرون منها الاسماء والازياء والشعارات القتالية كي يمثلوا على مسرح التاريخ مسرحية جديدة في هذا الرداء التنكري الذي أكتسى بجلال القدم بلغة قديمة مستعارة.
الأصولية تأخذ على الحركات الاسلامية المعتدلة ،(المعتدلة) بين قوسين. أنها جعلت الواقع مصدراً لتفكيرهم ،وأنهم يحاولون تأويل الاسلام ويفسروه بما لاتحتمل نصوصه،حتى يتفق مع الواقع القائم الذي هو مناقض بالمطلق لتعاليم الاسلام. وكان عليهم تغير الواقع ليتناسب والاسلام الأول. وأحكامه.أي يقصدون أسلام العهد النبوي.
يقول المودودي "ينبغي علينا كي نفهم نطاق التشريع الإنساني،ومنزلة الاجتهاد في الأسلام أن ننتبه لأمرين: الأول أن الحاكمية في الإسلام خالصة لله وحده ،فالقرآن يشرح العقيدة شرحاُ يبين أن الله وحده لا شريك له ،ليس بالمعنى الديني فحسب ،بل بالمعنى السياسي والقانوني كذلك،فهو الحاكم والمطاع وصاحب الأمر والنهي والمشرع الذي لاشريك له"

هذا القول اعتبر مرجعية لكل الحركات الأصولية ،فمثلاً حزب التحرير ،أضافوا إليه "فإن لمكانة الرسول مكانة خاصة في هذا النظام ،وهو الواجب اتباعه من دون الخلق أجمعين ولا يجوز أن يؤخذ تشريع عن غيره من البشر أو من أديان أو مبادئ أو مشرعين" لماذا "لأنه ناطق بالحق بوحي من لدن الحق".
هذه الايدولوجية الأصولية الى ماذا ترمي في النهاية . في الواقع هي ترمي الى نفي كل حرية أو مساهمة للفعل البشري في تنظيم شؤون الحياة .ورفض كل انواع الحرية والأختيار للبشر. حتى أن حزب التحرير ،أعلن أكثر من مرة بأنه لاوجود لحرية في الاسلام وخاصة لحرية الانسان. وهذا أدى الى مفهوم أن الديمقراطية بدعة ،وهي نظام كفرة. والاشتراكية كفر،والوطنية كفر،ومبدأ المواطنة كفر .
للموضوع بقية

اجمالي القراءات 13627