القرآنيون وأمن الدولة
القرآنيون وأمن الدولة

في السبت ٢١ - يوليو - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

القرآنيون وأمن الدولة
بقلم خالد صلاح ٢١/٧/٢٠٠٧

إذا كانت مباحث أمن الدولة هي الجهة الرسمية الوحيدة التي تعاملت مع تيار القرآنيين بالمطاردة والملاحقة والاعتقال، فما الذي يفعله الأزهر، وما الذي تفعله مؤسسات الإعلام، وما الدور المنوط بهيئات العلم والدراسة، وما قيمة الحوار الفكري أو الثقافي أو المذهبي؟ والأهم من ذلك: ما فائدة الدعوة لحرية الرأي والاعتقاد في المجتمع؟

الأزهر الشريف ورجاله قبلوا طوعًا بأن ينخرطوا في حوار الأديان وجلسوا علي طاولة واحدة مع قساوسة وحاخامات من مختلف ربوع الأرض وصولاً إلي قاعدة سلام وتفاهم عالمية مشتركة، لكنهم وافقوا علي ذبح عدد قليل من المسلمين يحاولون التفكير بطريقة مختلفة، وساندوا الضربات الأمنية المتلاحقة ضد جماعة لم تطلق رصاصة، أو تختطف رهينة، أو تفجر سوقاً شعبية.

والأزهر ورجاله حاوروا أيضا أصحاب المذاهب الإسلامية المختلفة عن مذهب أهل السنة والجماعة، واستقبلوا الملالي وآيات الله الشيعة في رحاب الأزهر تحت مظلة حوار مذهبي رفيع وحيوي ومهم للأمة الإسلامية، لكننا لم نسمع من الأزهر من يدعو للحوار مع القرآنيين، أو مناقشة أفكارهم، أو حتي تفنيد دعاواهم، فالأمر بكامله صار مسؤولية أمن الدولة بدعم كامل من مشايخ الحيض والنفاس والختان.

الأمن لم يضبط في حوزة أي من أصحاب هذه الفكرة رشاش عوزي إسرائيلي الصنع، أو متفجرات تصلح لصناعة حزام ناسف، أو خريطة بالمواقع الاستراتيجية المصرية استعدادًا لخطة انقلاب مسلح، كل ما عثرت عليه قوات المداهمات هو أجهزة كمبيوتر ومواقع للإنترنت وكتب غير محظورة صادرة عن دور نشر مصرية.

إنني شخصيا أعتقد أن الإيمان بسنة النبي صلي الله عليه وسلم أساس لاكتمال بناء الشخصية المسلمة، بل أساس للفهم والاعتقاد الصحيح في الإسلام، لكنني في الوقت نفسه لا أقبل بالعدوان علي جماعة تعتمد منهج التفكير العلمي في تدقيق الأحاديث وتنقية التراث،

وتتحرك نحو هذه الغاية بدافع من الغيرة علي الإسلام، وليس بأهواء لضرب الإسلام من الداخل كما يروج أعداء الفكر والحرية داخل وخارج الأزهر، فمن يقرأ أدبيات القرآنيين يدرك أنهم ضحية لحالة الشتات في تقييم الأحاديث النبوية بين الصحة والضعف والغرابة، وفوضي الفتاوي التي تستند إلي روايات متعارضة لبعض الأحاديث النبوية، أو تفسيرات متناقضة لهذه الأحاديث بين البخاري ومسلم وابن ماجة والترمذي، أو بين الرواة المعتمدين لدي المذهب الشيعي.

فالقضية بكاملها لا علاقة لها بالأمن، ولا ينبغي أن تكون، فالقرآنيون يطرحون إشكاليات فكرية، وشبهات علمية، ولكنهم لا يمثلون تحدياً أمنياً بأي حال، ومن ثم فإن دور أمن الدولة ينعدم في هذه القضية، لصالح أدوار أخري يتحملها الأزهر، ورجال العلم دفاعًا عن سنة النبي،

ودفاعا عن تراث الإسلام، التراث الذي يقدس كلمات النبي وحده باعتباره ما ينطق عن الهوي إن هو إلا وحي يوحي، التراث اليقيني المثبت، لا التراث المتناقض الذي تتداخل فيه الأحاديث الموضوعة مع أحاديث الآحاد أو مع غرائب الموروثات من الفتاوي والاجتهادات بدءًا من عصر الدولة الأموية، وحتي عصور الانحطاط السياسي والفكري في تاريخ المسلمين.

اجمالي القراءات 7608