تتجه الحكومة المصرية خلال الأيام القليلة المقبلة الى “تعويم” الجنيه المصري، طبقا لما ذكره محافظ البنك المركزي طارق عامر فى آخر تصريحاته، مما يؤدي إلى رفع قيمة الدولار مقابل الجنيه المصري، الأمر الذي يترتب عليه ارتفاع في الأسعار وغلاء للمعيشة، وهو ما تخشى عواقبه الحكومة خاصة في ظل الوضع الاقتصادي المتدهور الذي تعاني منه البلاد خلال الفترة الراهنة.
واضطرت الحكومة المصرية في الأونة الأخيرة إلى الاتجاه لتعويم الجنيه بعد طلبها قرض من صندوق النقد الدولي قدره 12 مليار دولار, ويعتبر قرار التعويم أحد الشروط التي فرضها الصندوق الدولي على مصر ضمن الإصلاحات الاقتصادية من أجل الحصول على القرض. وبالفعل بدأت مصر باستلام أولى دفعات القرض ويعتبر ذلك بمثابة إعلان بمواقتها على شروط الصندوق الدولي، لذا اتجهت للبدء في تنفيذ الشروط المتفق عليها مع الصندوق الدولي.
ومن المتوقع أن يبتعد البنك المركزي المصري عن فكرة التعويم الكلي للجنية والاتجاه إلى التعويم الجزئي أولا، وذلك بترك سعره يتحدد وفقا للعرض والطلب ومن ثم تبدأ مرحلة التعويم الكلي في غضون أسبوعين أو ثلاثة على الأكثر؛ وهو الأمر الذي سيكون له انعكاسات كبيرة على الاقتصاد المصري، وقد يكبده خسائر واسعة. وستبدأ الخطة بتخفيض للجنيه إلى ما يتراوح بين 11.5 و12.5 للدولار وهو ما يمثل 30 إلى 40% من قيمته الحالية بالسعر الرسمي الذي يبلغ 8.88.
وبتطبيق خطة تعويم الجنية سيدفع المواطنون ضريبة باهظة، لا سيما فيما يتعلق بأسعار السلع الاستهلاكية والأصول المجمدة نتيجة ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه، فضلا عن ارتفاع كافة المنتجات المستوردة، خاصة أسعار الأدوية وبعض الإليكترونيات والأجهزة التقنية، خاصة في ظل توقعات كابيتال إيكونوميكس بأن يستمر تباطؤ الاقتصاد المصري ليصل معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 2٪ فقط خلال العام المقبل.
وتعتبر خطوة تعويم الجنية محفوفة بالمخاطر نظرا لارتداداتها على الاقتصاد والمواطنين، خاصة وأن البلاد تعاني من عدة اضطرابات أمنية وسياسية، فضلا عن تراجع مصادر الدخل خلال الأشهر الأخيرة نتيجة الصدمات المتتالية التي تعرض لها قطاع السياحة عقب إسقاط الطائرة الروسية خلال العام الماضي، وحادث مقتل طالب الدكتوراة الإيطالي جوليو ريجيني، وما ترتب عليه من اضطراب في العلاقات بين روما والقاهرة.