ثمة عدة أسباب لإلغاء الكونغرس الفيتو الرئاسي المتعلق بمشروع قانون (جاستا)، أبرزها أن هذا التصويت هو أسهل تصويت لأي مشرّع أميركي أي أنه لا يوجد هناك عواقب انتخابية أو سياسية لأي من المشرعين، كما أن التصويت جاء في موسم انتخابي (جميع أعضاء مجلس النواب يسعون لتجديد ولاياتهم، وكذلك ثلث أعضاء مجلس الشيوخ)، إضافة إلى وجود تعاطف عام مع عائلات ضحايا هجمات سبتمبر 2001.
ولكن السبب الأهم والمثير للاستغراب هو لا مبالاة البيت الأبيض، وتحديداً امتناع الرئيس باراك أوباما عن القيام بأي دور قوي بإقناع مجلسي الكونغرس بعدم إلغاء الفيتو الرئاسي، أو حتى محاولة التوصل إلى تسوية تتعلق بالنص لتخفيف وقعه، كما اقترح البعض بمن فيهم السيناتور تشاك شومر (الديمقراطي) الذي حاول ذلك مع البيت الأبيض قبل التصويت الأولي (بالإجماع) على مشروع القرار.
ووفقاً لمصدر مطلع في الكونغرس، فقد حاول شومر ذلك قبل أسبوع من تصويت مجلس الشيوخ على مشروع القرار.
الأسبوع الماضي قالت رئيس الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب نانسي بيلوسي علناً، وللمقربين منها إنها لم تتلق من أوباما أي اتصال هاتفي، كما أن البيت الأبيض لم يقدم لها أي مقترحات حول كيفية التعامل مع التصويت لإلغاء الفيتو الرئاسي.
واكتفى الرئيس أوباما بالسماح لمسؤولين بارزين في حكومته محاولة إقناع الكونغرس بعدم تحدي الفيتو الرئاسي (مثل وزير الدفاع آشتون كارتر ومدير السي آي ايه جون برينان، والمتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض) ولكنه لم يقم بأي جهد شخصي.
وهذا الموقف يذكر بموقف أوباما في ما يتعلق بالحرب في سوريا، حيث أوكل لوزير خارجيته، جون كيري، مهمة متابعة الاتصالات مع روسيا، بينما امتنع هو عن التعامل مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لكي لا يقع عليه اللوم في حال فشلت مساعيه.
أما بالنسبة لجاستا، فالأمر معقد أكثر. ربما اعتقد أوباما أن أي محاولات لإقناع قيادات الكونغرس، بمن فيهم الأعضاء الديمقراطيون بتغيير مواقفهم سوف تنتهي بالفشل، ولكن، كما يتبين من ما قالته نانسي بيلوسي فإن أوباما لم يقم بأي محاولات خاصة وغير علنية لإقناع قادة حزبه بعد إلغاء الفيتو.
أحد المصادر المطلعة على ما يجري في الكونغرس، قال إن أوباما لم يكن متحمساً للتدخل بسبب موقفه السلبي من السعودية، كما يتبين من مقابلته الشهيرة مع مجلة أتلانتك.
في الأسابيع المقبلة قد نرى محاولات من قبل بعض قيادات الكونغرس مثل السيناتور بوب كوركر رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ لتعديل صيغة مشروع القانون قبل التوقيع عليه ويصبح قانوناً ساري المفعول، ولكن ليس من المتوقع أن تنجح هذه المساعي.
بعض المطلعين على الجهود المضادة التي قامت بها السعودية من خلال شركات العلاقات العامة التي يعمل فيها عدد من الشيوخ والنواب المتقاعدين (مثل أعضاء مجلس الشيوخ السابقين جون برو، وترينت لوت) للقيام بأعمال "اللوبي" ضد جاستا، قالوا إن هؤلاء سمعوا شكاوى من بعض أعضاء الكونغرس (من الديمقراطيين تحديداً) بأنهم لم يسمعوا أي موقف أو لم يتلقوا أي تعليمات من البيت الأبيض بشأن جاستا.
بالمناسبة، كانت هناك ملاحظات بشأن تأخر الحكومة السعودية بالتحضير لهذه المعركة، وللتدليل على ذلك قال أحد المصادر إن المملكة وقعت اتفاقيتين جديدتين مع شركتي علاقات عامة في الأسبوعين الماضيين.
ربما تتمحور القصة الحقيقية لجاستا، حول موقف أوباما ورفضه التدخل الفعال لمحاولة وقف تصويت يمكن اعتباره نكسة له، لأنها المرة الأولى التي يقوم بها الكونغرس بإلغاء فيتو استخدمه أوباما خلال حوالي 8 سنوات. يذكر أن أوباما استخدم الفيتو لاثنتي عشرة مرة خلال ولايتيه.