تقول منظمة حقوق الإنسان، هيومن رايتس ووتش، إن السجناء في أكثر السجون المصرية المعروفة بسوء السمعة يعاملون معاملة سيئة ويعذبون بانتظام.
ووصف السجناء في سجن العقرب وهو أكثر جزء يحظى بتشديد أمني من سجن طرة في تقرير جديد كيف أنهم يضربون، ويحرمون من الطعام، ويحتجزون في زنازين بلا نوافذ لا يسمح حجمها الصغير بالنوم، ويحرمون من الأدوية.
ورفضت الخارجية المصرية التعليق على التقرير، وقال أحمد أبو زيد المتحدث باسم الخارجية لبي بي سي "لا تعليق لدينا حول هذا التقرير".
وقالت المنظمة إن سلطات السجن تمارس انتهاكات بشكل معتاد قد تكون أسهمت في وفاة بعض النزلاء.
ونقلت المنظمة روايات عن أهالي 3 من نزلاء لقوا حتفهم داخل السجن. وقال الأهالي إن السلطات منعت السجناء من تسلم أدوية ضرورية ورفضت النظر في أمر إفراج صحي مشروط ولم تحقق في وفاتهم.
وقالت هيومن رايتس ووتش في التقرير إن السلطات في سجن العقرب الشديد الحراسة في القاهرة، الذي يحوي العديد من المعتقلين السياسيين، تمارس انتهاكات معتادة قد تكون أسهمت في وفاة ستة معتقلين على الأقل العام الماضي.
ونقل موقع أصوات مصرية عن مصدر أمني بمصلحة السجون قوله إن ما يتردد عن وجود انتهاكات داخل السجن "ما هى إلاّ شائعات من أهالي السجناء السياسيين"، نافيا وجود أي حالات وفاة بين النزلاء بسبب "الانتهاكات".
وأضاف المصدر أن هناك مشاكل تواجه إدارة السجن خلال فترات الزيارة بسب التكدس "لكن سوف يتم حلها عن قريب". ونفى المصدر وجود أى انتهاكات أو تعذيب للسجناء داخل سجن العقرب.
لكن المنظمة الحقوقية أفادت بأن السلطات المصرية رفضت الرد على ما جاء في التقرير.
وأفاد التقرير - الذي صدر في 58 صفحة تحت عنوان "حياة القبور: انتهاكات سجن العقرب في مصر" - بأن موظفي سجن العقرب يضربون النزلاء ضربا مبرحا، ويعزلونهم في زنازين "تأديبية" ضيقة، دون أسرة أو مستلزمات نظافة شخصية أساسية، مع منع زيارات الأهالي والمحامين، وعرقلة رعايتهم الطبية.
وقال جو ستورك، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "سجن العقرب هو المحطة الأخيرة للمعتقلين في مسار القمع الحكومي، ويضمن إسكات الخصوم السياسيين وقتل آمالهم. ويبدو أن الغرض منه أن يبقى مكانا ترمي فيه الحكومة منتقديها ثم تنساهم."
والتقت المنظمة 20 من أهالي النزلاء المحتجزين بسجن العقرب، ومحاميَين اثنين وسجينا سابقا، واطلعت على سجلات طبية وصور للسجناء المرضى والمتوفين.
وكانت السلطات المصرية قد شنت في يوليو/تموز 2013 حملة اعتقالات في أعقاب عزل الجيش، بقيادة عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع آنذاك، محمد مرسي أول رئيس منتخب بعد انتفاضة 25 يناير/كانون الثاني عقب مظاهرات شعبية حاشدة.
ونقل التقرير عن أقارب سجناء قولهم إن الظروف في سجن العقرب تدهورت كثيرا في مارس/آذار 2015، عندما عيّن السيسي - الذي انتُخب رئيسا في 2014 - اللواء مجدي عبد الغفار وزيرا للداخلية. فقد حظر مسؤولو وزارة الداخلية بين مارس/آذار وأغسطس/آب 2015، جميع زيارات الأهالي والمحامين، بحيث أصبح السجن عمليا معزولا تماما عن العالم الخارجي.
ومات في الفترة بين مايو/أيار وأكتوبر/تشرين الأول 2015، ستة من نزلاء العقرب على الأقل، شُخِّص اثنان منهم بالسرطان وشخص ثالث بالسكري، بحسب التقرير.
وقال الأهالي إن السلطات منعت البعض من تلقي العلاج أو تسلم الدواء في الوقت المناسب، ورفضت النظر في أمر الإفراج المشروط عنهم لأسباب طبية، ولم تحقق في وفاتهم.
ورفضت وزارة الداخلية - بحسب التقرير - في إحدى الحالات إمداد عصام دربالة - العضو القيادي في "الجماعة الإسلامية" الذي كان مصابا بالسكري - بالدواء الموصوف له، رغم أوامر من قاضٍ ومن النيابة بتوفيره، بحسب ما ذكره شقيق دربالة وأحد المحامين.
ورفضت السلطات ذلك حتى بعد مثول دربالة في أغسطس/آب 2015 أمام المحكمة، وكان يرجف وشبه فاقد للوعي وغير قادر على وقف التبول، وفقا للتقرير.
وقد مات دربالة بعد ساعات من الجلسة.
واعتقلت السلطات، أو وجهت اتهامات إلى 41 ألف شخص في الفترة بين عزل مرسي ومايو/أيار 2014، طبقا لإحصاء موثوق به، واعتقلت 26 ألفا آخرين منذ بداية 2015، على حد قول محامين وباحثين في مجال حقوق الإنسان. وأقرت الحكومة باعتقال نحو 34 ألفا.
وشيد هذا السجن عام 1993 ويُعرف رسميا باسم "سجن طرة الشديد الحراسة"، وكان الهدف منه احتواء "المعتقلين وقائيا في قضايا أمن الدولة"، بحسب قرار إنشاء السجن.
وقال اللواء إبراهيم عبد الغفار، المأمور السابق لسجن العقرب، في مقابلة تلفزيونية عام 2012: "صمموه بحيث إن من يدخله لا يخرج منه حيا. صمموه للمعتقلين السياسيين".
ويضم السجن حاليا - بحسب تقدير الأهالي - نحو 1000 سجين، من بينهم معظم القيادات العليا للإخوان المسلمين، وأعضاء قيل إنهم ينتسبون إلى جماعة "الدولة الإسلامية" المتطرفة، ومنتقدون عدة لحكومة السيسي، بينهم صحفيون وأطباء.